|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() عندما يكون الشاب نرجسيًّا عدنان بن سلمان الدريويش إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد: فأوصيكم - أيها المؤمنون - ونفسي بتقوى الله؛ فهي العصمة من البلايا، والمَنَعة من الرزايا؛ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 2، 3]. يا عباد الله: الشخصية النرجسية هي الشخصية التي تشعر بالعظمة والكِبر، وهي دائمًا تتمحور حول ذاتها ونفسها؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((ما نقصت صدقةٌ من مال، وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله))؛ [رواه مسلم]. والنرجسية – يا عباد الله - من القضايا التي يمكن علاجها والتعامل معها، خاصة إذا تم اكتشاف علاماتها مبكرًا عند الأطفال، ومن علاماتها: حسد الآخرين، أو اعتقاد أن الآخرين يحسدونهم، والشعور بالاستحقاق، والسلوك المتغطرس، والميل إلى التقليل من شأن الآخرين، والتفاخر والمبالغة في تقييم النجاح، والحاجة المفرطة إلى الاهتمام والإعجاب، والصعوبة في التعاطف مع غيرهم. تقول إحدى الأمهات: ابنتي تبلغ من العمر 16 سنة، تحب المدح والثناء بطريقة مشمئزة، وتغضب كثيرًا إذا عمِلت شيئًا ولم نمدحها، وهي متكبرة علينا جميعًا، ترى أنها محسودة من الجميع، وتقلل من شأن الآخرين، تعبِت معها كثيرًا، نصحتها وذكَّرتها بصفات النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح، كيف أتعامل معها؟ أيها المسلمون، على الآباء والأمهات قبل الحكم على أولادهم بالنرجسية أن يعلموا أن الثقة المفرطة بالنفس، وبعض السلوكيات السلبية المزعجة، لا تعني بالضرورة أن المراهق مصابٌ بالنرجسية، أو أنه سيكون في المستقبل نرجسيًّا، بل علينا كمربِّين أن نركز على تربيته وتعليمه السلوكياتِ الإيجابية، وتوجيه المشاعر السلبية لديه إلى مشاعر إيجابية. علينا – يا عباد الله - كمربين أن نحذر من تنشئة مراهقين يحملون صفاتٍ نرجسيةً بسبب سلوكياتنا معهم؛ كإهمال التربية الإيجابية أو الإساءة إليهم، أو إيهامهم بتوقعاتٍ غير حقيقية عن أنفسهم في المستقبل، أو تضخيم الإنجازات الصغيرة والعادية لديهم، أو تربيتهم على عدم تحمُّل المشاعر السلبية تجاه أنفسهم؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته؛ فالأمير الذي على الناس راعٍ عليهم وهو مسؤول عنهم، والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم، وعبدُ الرجل راعٍ على بيت سيده وهو مسؤول عنه، ألَا فكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته))؛ [أخرجه البخاري]. أيها المسلمون، وللتعامل مع المراهق النرجسي أنصحكم بالآتي: أولًا: توقُّع ردود الأفعال السلبية من المراهق؛ إذ إنه من الطبيعي أن تكون هناك ردات سلبية بسبب تعامل المقابل معه، أو بسبب سوء التربية، أو يكون خطأ منه؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((كل ابن آدم خطَّاء، وخير الخطَّائين التوَّابون))؛ [أخرجه الترمذي]. ثانيًا: تقدير المراهق واحترام شخصيته، وعدم الإساءة إليه أو الدفاع عن أخطائه، وإنما توجيهه بطريقة تربوية وإيجابية. ثالثًا: الاهتمام بعاطفته، وعدم التفرقة بينه وبين إخوانه وأخواته، وإشباعه من لغة الحب؛ باللمسة والقُبلة، والكلمة والإشارة. رابعًا: بناء العلاقات الإيجابية مع الآخرين، وتعليمه كيفيةَ التعامل معهم، وطريقة كسب القلوب، وتفسير ما يشعر به الآخرون من آثار الردود السلبية منه. خامسًا: تربيته على عدم الاتِّكال على أهله في مختلِف الأمور، بل عليه تحمل المسؤولية وعواقبها، سواء كانت إيجابية أو سلبية. سادسًا: القدوة الحسنة من المربين تجاه المراهق من الأمور المهمة في تغيير شخصيته، فمن طبيعة المراهق تقليدُ مَن يحبهم. سابعًا: مساعدته في البحث عن صحبة صالحة ناصحة، تساعده في تغيير السلوكيات السلبية. نفعني الله وإياكم بهديِ نبيِّه، وبسُنة نبيه صلى الله عليه وسلم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، ولسائر المسلمين والمسلمات، من كل خطيئة وإثمٍ، فاستغفروه وتوبوا إليه؛ إن ربي لَغفور رحيم. الخطبة الثانية الحمد لله، خلق فسوَّى، وقدَّر فهدى، وصلى الله وسلم على نبي الرحمة والهدى، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى؛ قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ﴾ [النساء: 1]؛ أما بعد عباد الله:فإن العمل التطوعيَّ ومساعدة الآخرين، والتخفيف من معاناتهم، يجعل الشاب يخرج من التركيز على ذاته إلى التركيز على مساعدة الآخرين، وهو من أهم العلاجات في تغيير الصفات السلبية عند المراهق، وعلينا وضع حدود واضحة مع المراهق النرجسي، ورفض الوقاحة، والكلمات البذيئة والشتائم الصادرة منه. أيها المسلمون، علينا التحلي بالصبر مع الشاب، وتحمُّل تقلبات شخصيته ونفسيته؛ إذ إن التغيير يحتاج إلى وقت طويل، وعلينا استشارة المتخصصين في علاج مثل هذه السلوكيات، وطلب المساندة والمساعدة ممن حول المراهق، وتكوين علاقات إيجابية وصحية معه. أخيرًا، علينا تذكير المراهق بالآيات والأحاديث، وقصص السلف الصالح، والأجر المترتب على احترام وتقدير الآخرين؛ كما قال تعالى: ﴿ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ﴾ [البقرة: 83]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه))؛ [أخرجه البخاري]. هذا، وصلُّوا وسلِّموا - عباد الله - على نبيكم؛ استجابة لأمر ربكم: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، اللهم صلِّ وسلم على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم. اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، واخذل أعداءك أعداء الدين، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، وألِّف بين قلوبهم، واجمع على الحق كلمتهم، ربنا آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقِنا ووالدينا عذاب القبر والنار. عباد الله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90]؛ فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |