|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الحديث الثاني: عفاف السمع والبصر والقلب والفرج الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري ولذا من السنة الاستعاذة من شرِّ السمع والبصر والقلب والفرج. عن شَكَلِ بْنِ حُمَيْدٍ رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، عَلِّمْنِي دعاء، قال: «قل: اللهم إني أعوذ بك من شرِّ سمعي، ومن شرِّ بصري، ومن شرِّ لساني، ومن شرِّ قلبي، ومن شرِّ مَنِيِّي» [صحيح][1]. الشرح: في هذا الحديث يذهب شَكَلُ بن حميد رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم باحثًا عن خيري الدنيا والآخرة، إنه لم يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم دنيا فانية، ولا حفنة من مال، ولا صاعًا من طعام، ولكنه ذهب يطلب الدعاء، يريد من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلِّمه دعاء ينتفع به في دينه ودنياه، فهذه هي حقيقة الصحابة، يبتغون فضلًا من الله ورضوانًا، فأرشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا الدعاء العظيم الجليل، فقال له: (قل: اللهم إني): دعا الله تعالى وتوجَّه إليه باسمه الجامع لكل أسماء الله الحسنى (الله). (أعوذ بك من شرِّ سمعي): أعوذ أي: أَحتمي بالله تعالى من شر السمع، وهو ما يقع فيه سمع الإنسان من المحرمات؛ كشهادة الزور، وكلام بالكفر والبهتان، والانتقاص من الدين، وسائر ما يصل إلى سمع الإنسان من المحرمات. (ومن شرِّ بصري): وهو أن يستعمله في النظر إلى المحرمات من الأفلام الخليعة، والمناظر القبيحة. (ومن شرِّ لساني): أي ومن كل محرَّم قد يخرج من اللسان؛ كشهادة الزور، والسب، واللعن، والانتقاص من الدين وأهله، أو التكلُّم فيما لا يعني الإنسان، أو ترك الكلام فيما يعنيه. (ومن شرِّ قلبي): وهو أن يُعمَّر القلبُ بغير ذكر الله تعالى، أو أن يُتَوَجَّه إلى غير الله تعالى بالعبادات القلبيَّة؛ من الرجاء والخوف، والرهبة، والتعظيم، أو يترك ما يجب عليه من صرف العبادات القلبية للرب سبحانه وتعالى. (ومن شر منيِّي): أي ومن شر الفرج، وهو أن يقع فيما حرَّم الله عليه، أو يوقعني في مقدمات الزنا؛ من النظر، واللمس، والمشي، والعزم، وأمثال ذلك، فهذا الدعاء المبارك فيه حفظ الجوارح التي هي من نعم الله تعالى، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما أمره هنا أن يستعيذ بالله من شر هذه النعم، ولم يأمُره أن يستعيذ من هذه النعم، كأن يقول: "أعوذ بالله من سمعي"؛ لأن هذه نعم، وبها يعبد الله تعالى، فليست هي شرٌّ محض حتى يستعاذ منها، ولكن يستعاذ من الشرِّ الذي قد يتولد عنها، وحفظها يكون برعاية ما خُلقت له، وألا يُباشر بها معصية، ولا ينشر بها رذيلة؛ لأنه مسؤول يوم القيامة عن هذه النعم؛ مصداقًا لقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36]. معاني الكلمات: اللَّهُمَّ: يا ألله، أعوذ: ألتجئ وأحتمي. شر سمعي: أي: بأن أسمع كلام الزور والبهتان والغيبة، وسائر ما حرم الله تعالى سمعَه، أو ألا أسمع الحق. شر بصري: وذلك بالنظر إلى عورات الناس أو إلى ما حرم الله تعالى. شر قلبي: بأن أشغله بغير ذكر الله تعالى. شر لساني: هو التكلم بالباطل، أو ما لا يعنيني، أو السكوت عن الحق. شر منيِّي: المني: ما يخرج من الرجل من ماء بشهوة ولذة، والمراد هنا الفرج كما ورد عند الترمذي، ويكون شرُّه إذا وضعه في غير محله المشروع. من فوائد الحديث: • الحث على حفظ السمع والبصر واللسان والقلب والفرج، وذلك باستعمالها فيما يرضي الله تعالى. • التنويه بمسؤولية الإنسان عن حواسه؛ كما أخبر سبحانه وتعالى: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36]. • حواس الإنسان وأعضاؤه نعمٌ ينبغي على العبد شكر الله تعالى عليها بوضعها فيما خُلقت له، وبذلك يحقق العبودية لله سبحانه وتعالى. • قول شكل بن حميد رضي الله عنه: (قلت: يا رسول الله، علِّمني دعاءً)، يدل على حرص الصحابة على كل ما ينفعهم في الدنيا والآخرة، ويبيِّن أنهم أصحاب همة عالية، لمحافظتهم على ما ينفعهم في العاجل والآجل. • خصَّ النبي صلى الله عليه وسلم هذه الجوارحَ بالدعاء؛ لأنها مناط الشهوة ومثار اللذة. [1] رواه أبو داود (2-92)، برقم (1551). والترمذي،(5- 523) برقم (3492). والنسائي، برقم (5444).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |