الوسطية منهج وقيمة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         في آخر الزمان تصبح السنة بدعة والبدعة سنة (اخر مشاركة : عبد العليم عثماني - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4961 - عددالزوار : 2066785 )           »          شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 606 - عددالزوار : 339503 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4537 - عددالزوار : 1335715 )           »          فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 379 - عددالزوار : 156415 )           »          {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ}ا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 394 - عددالزوار : 92460 )           »          السَّدَاد فيما اتفقا عليه البخاري ومسلم في المتن والإسناد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 64 - عددالزوار : 14120 )           »          الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 68 - عددالزوار : 53340 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 84 - عددالزوار : 46998 )           »          درر وفوائـد من كــلام السلف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 15453 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-08-2025, 06:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,002
الدولة : Egypt
افتراضي الوسطية منهج وقيمة

الوسطية: منهج وقيمة




دكتور: حسام العيسوي سنيد[1]

المقدمة:
قال الله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ [البقرة: 143] جاءت هذه الآية في سورة البقرة: هذه القصة التي تبيِّن جانبًا من صفات بني إسرائيل: التشدد والتعنت؛ فالله أمرهم أن يذبحوا أيَّ بقرة، لكنهم شدَّدوا على أنفسهم، فشدَّد الله عليهم. جاءت هذه الآية ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ [البقرة: 143]؛ لتبين أنَّ من صفات الأمة المختارة المصطفاة: التوسط في أمورها كلها.

1- القرآن يدعونا إلى التوسُّط:
في أكثر من موضع يدعونا القرآن إلى خلق التوسُّط، ويوصينا أن نجعل الوسطية منهجًا لحياتنا، ومن هذه الآيات:
قال تعالى: ﴿ يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31]. ومعنى: ﴿ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾: "البسوا أفخر ثيابكم وأطهرها عند كل صلاة أو طواف"[2]. والضابط في تصرفات الإنسان كلها: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾؛ أي: "لا تسرفوا في الزينة والأكل والشرب بما يضر بالنفس والمال"[3]. والعلة في ذلك: ﴿ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾؛ أي: "المتعدين حدود الله فيما أحلَّ وحرَّم"[4].

في آية أخرى: يبيِّن الله (عزَّ وجلَّ) أن من صفات عباد الرحمن التوسط: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ [الفرقان: 67]. ومعنى الآية: أنهم ليسوا مبذرين في إنفاقهم في المطاعم والمشارب والملابس، ولا مضيِّقين بحيث يصبحون بخلاء، ولكن كان إنفاقهم وسطًا معتدلًا بين الإسراف والتقتير[5].

ليس التوسط في المأكل والمشرب والملبس فقط، بل يكون في كل المعاملات، سواء مع النفس أو مع الناس؛ قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾ [النساء: 135]. ومعنى ﴿ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ ﴾: قائمون بالعدل في كل أموركم، فلا يكن منكم جورٌ أبدًا، وهذا يفيده التعبير بصيغة المبالغة ﴿ قَوَّامِينَ ﴾[6].

والتوسُّط يكون أيضًا في معاملة الأعداء: فقد أخبرنا الحق (تبارك وتعالى) وأوصانا بذلك، قال تعالى: ﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [البقرة: 190]؛ أي: "فإنه تعالى لا يحب من ظلم أو اعتدى"[7]. ويقول تعالى: ﴿ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ﴾ [النحل: 126]. قال المفسرون: نزلت في شأن "حمزة بن عبدالمطلب": لما بقر المشركون بطنه يوم أُحُد، فقال (صلى الله عليه وسلم): "لئن أظفرني الله بهم لأمثلن بسبعين منهم"[8].

هكذا: القرآن يجعل الوسطية منهجًا لحياة المسلم، في كل تصرفاته الشخصية، ومعاملاته الحياتية.

2- النبي (صلى الله عليه وسلم) والوسطية:
راعى النبي (صلى الله عليه وسلم) الوسطية في تربيته لأصحابه، فكانت نهجًا دائمًا، ومنهجًا رئيسًا، لم يحد عنه (صلى الله عليه وسلم).

في الحديث الذي رواه البخاري عن أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) قالت: "ما خُيِّرَ رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) بَيْنَ أَمْرَيْنِ قَطُّ إلا أَخَذَ (وفي روايةٍ: اختار) أَيسَرَهُمَا؛ مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، فَإِنْ كانَ إِثْمًا؛ كانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ".

وفي الحديث الذي رواه عبدالرزاق في مصنفه عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء أنه بلغه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: "إِنِّي لَأُخَفِّفُ الصَّلَاةَ إِذْ أَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ خَشْيَةَ أَنْ تَفْتَتِنَ أُمُّهُ".

وروى أبو داود في سننه عن جابر قال: خَرَجنا في سَفَرٍ فأصابَ رجلًا معنا حَجَرٌ فشَجَّهُ في رأسِهِ، ثمَّ احتَلَمَ، فسألَ أصحابَه، فقال: هل تَجِدُونَ لي رُخصةً في التيمُّمِ؟ قالوا: ما نَجِدُ لكَ رُخصةً وأنتَ تَقدِرُ على الماء، فاغتَسَلَ فماتَ، فلمَّا قَدِمْنا على النبيِّ (صلى الله عليه وسلم) أُخبِرَ بذلك، فقال: "قَتَلوهُ قَتَلَهُمُ اللهُ، ألا سألوا إذْ لم يَعلَموا، فإنما شِفاءُ العِيّ السُّؤالُ، إنما كانَ يكفيهِ أن يَتَيَمَّم ويَعصِرَ- أو يَعصِبَ، شكَّ موسى- على جُرحِهِ خِرقةً، ثمَّ يَمسَحَ عليها ويَغسِلَ سائِرَ جَسَدِه".

وروى أبو داود أيضًا عن ابن عباس (رضي الله عنهما)قال: بينما النبيُّ (صلَّى الله عليه وسلم) يخطُب إذا هو برجلٍ قائمٍ في الشَّمس، فسأل عنه؟ قالوا: هذا أبو إسرائيلَ، نذر أن يقومَ ولا يقعدَ، ولا يَستظلَّ، ولا يتكلمَ، ويصومَ. قال: "مُرُوهُ فَلْيتكلمْ وليستظلَّ وليقعدْ، وليتمَّ صومه".

جاء في حلية الأولياء للأصبهاني عن عائشة (رضي الله عنها) قَالَتْ: كَانَتْ عِنْدِي امْرَأَةٌ، فَلَمَّا قَامَتْ، قَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "مَنْ هَذِهِ يَا عَائِشَةُ؟" فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَمَا تَعْرِفُهَا هَذِهِ فُلَانَة لَا تَنَامُ اللَّيْلَ، وَهِيَ أَعْبدُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "مَهْ مَهْ"، ثُمَّ قَالَ: "عَلَيْكُمْ مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ؛ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا".

هكذا: علَّمنا النبي (صلى الله عليه وسلم) الوسطية في أمورنا كلها، فهي سمة المسلمين، ومنهج حياة لا تستقيم إلا به، ولا تثمر بدونه.

3- الزلازل من آيات الله:
ليلة الأربعاء الماضي سمع أكثرنا عن زلزال هزَّ بلدنا الحبيبة مصر، وأحس به آخرون، ولنا في هذا الزلزال عبرة ودرس وموعظة:
إن الزلازل والبراكين والظواهر الكونية آيات من آيات الله، أُتِي بها للتذكرة والعبرة، والانخلاع من الغفلة. ففي سنن ابن ماجهعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَقُومُوا فَصَلُّوا". فهذه الآيات ينبغي أن تذكرنا بالله، وتجعلنا نسارع إلى طاعته.

كذلك فإن هذه الآيات تذكرنا بيوم القيامة، قال تعالى: ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 1 - 7]. في مسند البزار عن أبي بكر قال: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ شِبْت، قَالَ: "شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَأَخَوَاتُهَا".

كذلك نتذكر هذه الآية في سورة الزمر: ﴿ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الزمر: 42]. فتذكر: أن أكثرنا كانوا نائمين، فلم يشعروا بشيء، لم نعلم إلا بعد الاستيقاظ، ألا نتذكر هذه الآية؟!

أخيرًا: حال الإنسان يتغير في أقل من لحظة، فعليك أن تهتم بحال غيرك، ممن يبتلون ويصبرون، اهتمَّ بأمرهم، ادْعُ لهم، فإن أهملت، فالحال يتغير، وتكون في أحوج الحاجة إليهم.

اللهم سلمنا، واغفر لنا، وارحمنا، ووفقنا، واجعلنا من عبادك الصالحين.

[1] إمام وخطيب ومدرس – مديرية أوقاف الغربية.

[2] الصابوني، صفوة التفاسير، (1/ 443).

[3] المرجع السابق، (1/ 443).

[4] المرجع السابق، (1/ 443).

[5] انظر: المرجع السابق، (2/ 370).

[6] انظر: المرجع السابق، (1/ 310).

[7] المرجع السابق، (1/ 126).

[8] انظر: المرجع السابق، (2/ 149).






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 53.54 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 51.88 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.12%)]