حقوق الحيوان - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         نباتات منزلية تمتص رطوبة الصيف من البيت.. الصبار أبرزها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          طريقة عمل برجر الفول الصويا.. وجبة سريعة وصحية للنباتيين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          4 وسائل علمية لتكون أكثر لطفًا فى حياتك اليومية.. ابدأ بتحسين طاقتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          وصفة طبيعية بالقهوة والزبادى لبشرة صافية ومشرقة قبل المناسبات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          3 عادات يومية تزيد من تساقط الشعر مع ارتفاع درجات الحرارة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          6 خطوات فى روتين الإنقاذ السريع للبشرة قبل الخروج من المنزل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          تريندات ألوان الطلاء فى صيف 2025.. الأحمر مع الأصفر موضة ساخنة جدًا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          طريقة عمل كرات اللحم بالبطاطس والمشروم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          وصفات طبيعية لتقشير اليدين بانتظام.. من السكر لزيت جوز الهند (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          أبرز 5 تريندات ديكور منزلى في صيف 2025.. لو بتفكر تجدد بيتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى الحوارات والنقاشات العامة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30-07-2025, 11:15 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,655
الدولة : Egypt
افتراضي حقوق الحيوان

حقوق الحيوان

د. أمير بن محمد المدري

الحمد لله الواحد القهار، الكريم الغفّار، مُكور الليل على النهار، الواحد الباقي على تبدل الأحوال، وتعاقب الأعصار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خالق الكون ومدبر الأقدار، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، خير من حمد الله وبالغ في الاستغفار صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن اتبع سنته واقتفى أثره إلى يوم الدين..

وبعد:
لا زلنا في ظلال سلسلة الحقوق الإسلامية، واليوم حديثنا في هذه الدقائق المباركة عن حقوق الحيوان في الإسلام.

إن الله تبارك وتعالى أوجب علينا حقوقاً تجاه هذه الحيوانات، نعم أوجب حقوقاً لهم علينا، وقد تستنكر عليّ أخي المسلم أن أُحدثك عن حقوق الحيوان في زمن أهدرت فيه حقوق الإنسان، وأُهينت فيه كرامة الإنسان، بل وأُريقت فيه دم هذا الإنسان بشكل عام ودماء المسلمين بشكل خاص، في أماكن كثيرة من بقاع الأرض، لقد أُزهقت أرواح، وأُبيدت أمم، ودُمرت حضارات، ورُمّلت نساء، وشُرّد أطفال، كل ذلك مع الأسف تحت عنوان - حماية حقوق الإنسان، ورعاية حقوق الإنسان، وصيانة روحه ودمه وعرضه، والدفاع عن فكره وثقافته ومعتقده – لا أدري هؤلاء يريدون أن يضحكوا على من؟ لقد أصبحت أوراق منظمات حقوق الإنسان -إلا من رحم الله - مكشوفة حتى للحيوانات، وهو أن المقصود به هو الإنسان النصراني، والإنسان اليهودي، أما الإنسان المسلم فالواقع يشهد لحاله، أصبح الإنسان المسلم يلاحق في كل مكان، وأصبح الإنسان المسلم يُنازع حتى في اللقمة التي يضعها في فم أولاده، صار الإنسان المسلم يخاف في بيته الذي يسكن فيه وفي فراشه الذي ينام عليه.

لا بأس أخي المسلم أن أُحدثك الآن عن بعض حقوق الحيوان في الإسلام، لتدرك أن هذه الشريعة حفظت حقوق الحيوانات والبهائم، فما بالكم بالإنسان.

والمتأمل في كتاب الله الكريم يجد أنه قد تعرّض لذكر الحيوانات، إما مُذكّراً ببديع خلقه سبحانه، أو منوهاً بواسع منّه وكرمه على الإنسان بتسخير هذه الحيوانات له، أو مشيراً إلى سابغ نعمه وآلائه عليه بجعلها غذاءً له وكساءً ومالاً ومتاعاً، إلى غير ذلك، ويكفي أن نشير إلى أن هناك سُوراً في القرآن سُميت بأسماء بعض الحيوانات، كسورة البقرة والأنعام والعنكبوت والفيل والنحل والنمل.

إن الحيوانات أُممٌ شتى، وأجناس مختلفة، تأكل وتشرب وتتناسل، تصح وتمرض، تنمو وتهرم، وأيضاً تموت وتبعث ثم تحشر، إلاّ أنها لم تُكلّف لأنها لم تُمنح نعمة التفكير كالإنسان، فها هو أبو بكر رضي الله عنه يدخل مزرعة أحد الأنصار ويرى طائر يطير من شجرة إلى أخرى فيتأمل ويقول: «هنيئاً لك يا طائر ترد الشجر وتأكل وتشرب وتموت ولا حساب ولا عقاب يا ليتني كنت شعرة في صدر عبدٍ مؤمن». قال الله تعالى: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴾ [الأنعام: 38].

ثم إن لهذه الحيوانات حظّها في سُكْنى الأرض والتنقل فيها والتمتع بخيراتها من ماء ومرعى كما قال تعالى: ﴿ وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ﴾ [النازعات: 30 - 33]. وقال تعالى: ﴿ وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ﴾ [عبس: 31، 32].

وما دام للحيوان الحق في سُكْنى الأرض والتمتع بنعم الله وخيراته، فلا يجوز التضييق عليه ولا يجوز كذلك حرمانه من نعم الله في أرضه. ثم أظنك تعلم أخي المسلم ولا يخفاك أن الحيوانات تُسبّح الله وتسجد له كسائر المخلوقات من إِنسٍ وجانّ، ونبات وجماد، قال الله تعالى: ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾ [الإسراء: 44].

وقال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ﴾ [الرعد: 15] وقال جل شأنه: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾ [الحج: 18].

أيها الأحباب:
إن الحيوانات فيما يظهر لنا أنها عجماء لا تتكلم ولكنها في الحقيقة تتكلم وتخاطب بعضها بعضا، وقد تخاطب غيرها، والله جل وعز قد يطلع أحد خلقه على ذلك معجزة له أو كرامة، ومن ذلك ما حصل لنبي الله سليمان عليه السلام وغيره، قال تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [النمل: 18] الهدهد تكلّم وقال: ﴿ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ ﴾ [النمل: 22]، وحديث البقرة التي تكلمت في البخاري ومسلم وكذلك الذئب الذي تكلم، والحديث في الصحيحين.

إن الله تبارك وتعالى جعل في الحيوانات عظة وعبرة للناس ليتفكروا وليتدبروا في عظيم خلق الله، وفي عظيم قدرة الله ليزداد بذلك إيمانهم، والمشكلة أن أكثر الناس لا يعلمون ولا يخطر ببالهم ذلك، قال الله تعالى: ﴿ وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴾ [المؤمنون: 21].

وقال تعالى: ﴿ وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ ﴾ [النحل: 66].

وقال تعالى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ ﴾ [غافر: 79، 80].

إن الله تعالى أعطى الحيوانات قدرة رؤية ما لا يراه الإنسان، وسماع ما لا يسمع الإنسان، لحكمة هو يعلمها سبحانه، فبعض الحيوانات ترى الملائكة وبعضها يرى الشياطين، بل إنها لتسمع أصوات المعذبين في قبورهم، بل وقبل ذلك وبعده تشفق الحيوانات وتخاف من يوم الجمعة لعلمها أن القيامة لا تقوم إلا يوم الجمعة، أخرج الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله، فإنها رأت ملكاً، وذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان فإنه رأى شيطاناً»، وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سمعتم نباح الكلاب ونهيق الحمير بالليل فتعوذوا بالله منهن فإنهن يرين مالا ترون»[ رواه الإمام أحمد وأبو داود]. وقال صلى الله عليه وسلم: «إن الموتى ليعذبون في قبورهم حتى أن البهائم لتسمع أصواتهم»[ أخرجه الطبراني (10/200، رقم 10459)، قال المنذري (4/192)، والهيثمي (3/56): إسناده حسن. وأورده الدارقطني فى العلل (5/109، رقم 756)]. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تطلع الشمس ولا تغرب على أفضل من يوم الجمعة، وما من دابة ألا وهي تفزع يوم الجمعة، إلا هذين الثقلين: الجن والإنس» [رواه ابن خزيمة وابن حبان]، وفي رواية أبي داود: «وما من دابة إلا وهي مشفقة يوم الجمعة من حين تصبح حتى تطلع الشمس، شفقاً من الساعة إلا الإنس والجن».

إن بعض الحيوانات فضّلها الله على كثيرٍ من البشر، ممن عطّلوا عقولهم واتبعوا شهواتهم، ولم يمتثلوا ما أمروا به، ولم يتبعوا ما خلقوا من أجله، فهبطوا مع كل أسف إلى مستوى متدن من البهيمية ومن الحيوانية، فأصبحت حياتهم أكل وشرب ولهو ولعب وسهر، واتباع للغرائز، وانغماس في الرذائل، ففضّلت البهائم عليها بتسبيحها وسجودها وخضوعها لربها، قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ ﴾ [محمد: 12]، وقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الأعراف: 179].

انظر إلى رجاحة عقل الهدهد، ذلك الطائر الصغير عندما رأى القوم يسجدون لغير الله، فأنكر ذلك الشرك فقال لسليمان عليه السلام مستنكراً غواية الشيطان لهم: ﴿ وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ * أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ﴾ [النمل: 24، 25].

أن الإحسان إلى الحيوان والرفق به في الإسلام عبادة من العبادات التي قد تصل في بعض الأحيان إلى أعلى درجات الأجر وأقوى أسباب المغفرة، ومن ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه الحر، فوجد بئرا ًفنزل فيها فشرب، ثم خرج، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ماء، ثم أمسكه بفيه حتى رقي، فسقى الكلب، فشكر الله له، فغُفر له، قالوا: يا رسول الله إن لنا في البهائم أجرًا؟ فقال: في كل كبد رطبة أجر»[ رواه مالك، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، وابن حبان في صحيحه] إلا أنه قال: «فشَكَر الله له فأدخله الجنة».

وأخرج مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة بسنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن امرأة بغيا رأت كلبا ًفي يوم حار يطيف ببئر قد أدلع لسانه من العطش فنزعت له بموقها _أي استقت له بخفها _ فغفر لها »، فقد غفر الله لهذه البغي ذنوبها بسبب ما فعلته من سقي هذا الكلب.

حقوق الحيوان في الإسلام:
لقد أهتم فقهاء المسلمين بحقوق الحيوان وسبقوا الغرب في الدعوة إلى الرفق بالحيوان والدفاع عنه وقد جاء في الأثر: «للدابة على صاحبها خصال: يبدأ بعلفها إذا نزل، ويعرض عليها الماء إذا مر به، ولا يضرب وجهها، فإنها تسبح بحمد ربها، ولا يقف على ظهرها إلا في سبيل الله، ولا يحملها فوق طاقتها ولا يكلفها من الشيء إلا ما تطيق».

بل جاء في كتب بعض الفقهاء انه: «لا ينبغي لمالك البهيمة أن لا يستقصي في الحلب، بل يبقي شيئاً في الضرع، لأنها تتأذى به، كما يجب أن يبقي للنحل شيئاً من العسل في الكورة، وكذلك الحال بالنسبة إلى ديدان القز التي تعيش على ورق التوت، فعلى مالكها توفير كفايتها منه، وحفظها من التلف [الموجز في الحقوق في الإسلام. -المجمع الملكي لبحوث الحضارات الإسلامية، 1995م].

ومن حقوق الحيوان في الإسلام:
أولاً: الإحسان إليه حتى حال ذبحه، فعن شدّاد بن أوس رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته» [ رواه مسلم]. وقال ربيعة الرأي: "من الإحسان أن لا تذبح ذبيحة وأخرى تنظر إليها".

وقرر الفقهاء أنه على الذابح أن لا يحد شفرته أمام الذبيحة، وأن لا يصرعها بعنف، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً أضجع شاة وهو يحد شفرته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم «أتريد أن تميتها موتتين هلا أحددتك شفرتك قبل أن تضجعها»[ رواه الطبراني في الكبير والأوسط، والحاكم واللفظ له وقال: صحيح على شرط البخاري]. وعن معاوية بن مرة عن أبيه أن رجلاً قال: يا رسول الله، إني لأرحم الشاة أن أذبحها، فقال: «إن رحمتها رحمك الله» [أخرجه أحمد 3/436 (15677) و5/34 (20634) قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم. و"البخاري"، في "الأدب المفرد"373].

وروي أن جزارا ًفتح بابا على شاة ليذبحها، فانفلتت منه فاتبعها، فأخذ يسحبها برجلها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يا جزار سُقها سوقاً رفيقا»[ رواه عبد الرزاق في مصنفه].

ثانياً: حُرمة دم الحيوان، فدم الحيوان مصان إلا ما أحل الله ذبحه لأكله و قتله لأذيته.

ثالثاً: لا يجوز تعذيب الحيوان، أخرج الشيخان عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنه مر بفتيان من قريش قد نصبوا طيراً وهم يرمونه، وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبلهم، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا، فقال ابن عمر: «من فعل هذا؟ لعن الله من فعل هذا، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذ شيئاً فيه الروح غرضاً».

وأظن أنه لا يخفاك أخي المسلم ما يفعله دعاة الحرية وحقوق الحيوان يوم أن يتلذذون بمشاهدة مصارعة الثيران، ففي استراليا يُقتل كل عام ألاف الثيران وغيرهم يستمتعون بمصارعة الديكة، ومثله أكلة دماغ القردة في الفلبين، وغيرها من الأمثلة.

ومن حقوق الحيوان في الإسلام رابعاً: انه يحرم حبس الحيوان والتضييق عليه، ففي الصحيحين: «أن امرأة عُذّبت ودخلت النار في هرة حبستها لاهي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض». قال النووي في شرح هذا الحديث عن مسلم (9/89): "إن المرأة كانت مسلمة وإنها دخلت النار بسببها، وهذه المعصية ليست صغيرة بل صارت بإصرارها كبيرة".

وقد حرم الإسلام تعذيب الحيوان ولعن المخالفين على مخالفتهم، فقد روى مسلم بسنده إلى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ على حمار قد وسم في وجهه فقال: «لعن الله الذي وسمه» وفي رواية له: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضرب في الوجه وعن الوسم في الوجه»، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: مرّ حمار برسول الله صلى الله عليه وسلم قد كوي وجهه يفور منخراه من دم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعن الله من فعل هذا»، ثم نهى عن الكي في الوجه والضرب في الوجه"[رواه الترمذي مختصرا ًوصححه]، وعن الشريد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من قتل عصفورا عبثا ًعجّ إلى الله يوم القيامة يقول: يا رب إن فلانا قتلني عبثا ًولم يقتلني منفعة»[ رواه النسائي وابن حبان في صحيحه].

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى قرية نمل قد حرقناها فقال: «من حرق هذه؟ » قلنا: نحن، قال: «إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب العالمين» [أخرجه البخاري في الأدب المفرد [382]، وأبو داود في الجهاد [2675] من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه رضي الله عنه. وصححه الحاكم (4/239)، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في صحيح الترغيب [2268]، وأخرجه أحمد [3835، 3836] من طريق عبد الرحمن بن عبد الله مرسلاً. ]، وقد روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: « نزل نبي من الأنبياء تحت شجرة فلدغته نملة فأخرج متاعه من تحتها ثم أمر ببيتها فأحرق بالنار فأوحى الله إليه فهلا نملة واحدة». وفي هذا الحديث حماية لبيت النمل من الهلاك فلو أهلك نملة واحدة أي النملة التي لدغته وحدها لما عاتبه الله على ذلك.

ومن حقوق الحيوان في الإسلام خامساً: عدم إرهاقه في العمل، فهذا حق للحيوان سوف تحاسب عنه يوم القيامة إذا حمّلته مالا يطيق، تأمل معي قصة الجمل الذي اشتكى ما يلاقيه من تعب وجوع إلى المبعوث رحمة للعالمين صلوات ربي وسلامه عليه، فعن عبدالله بن جعفر رضي الله عنهما قال: أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم خلفه، فدخل يوماً حائطاً من حيطان الأنصار فإذا جمل قد أتاه، فجرجر وذرفت عيناه فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم سراته وذفراه (ذفري البعير: أصل أذنه)، وهو الموضع الذي يعرق منه الإبل خلف الأذن - فسكن فقال: «من صاحب الجمل؟ فجاء فتىً من الأنصار فقال: هو لي يا رسول الله فقال: «أما تتقي الله في هذه البهيمة التي ملككها الله! إنه اشتكى إلي أنك تجيعه وتدئبه - أي تتعبه -»[ أخرجه الحاكم (2/109، رقم 2485) وقال: صحيح الإسناد] ألا فليسمع هذا دعاة حقوق الإنسان وأولئك الذين يظلمون الناس ويأكلون حقوقهم.

سادسًا حقوق الحيوان الذي أوجبه الإسلام:استخدامه فيما خُلق له، وعدم استخدامه في غير ما سخّر له، وفي الصحيحين: أن رجلاً كان يسوق بقرةً قد حمل عليها، فالتفتت إليه البقرة فقالت: إني لم أُخلق لهذا، ولكني إنما خُلقت للحرث، فقال الناس: سبحان الله، أبقرة تكلّم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وإني أومن به وأبو بكر وعمر».

سابعاً: احترام مشاعر الحيوان، نعم احترام مشاعره، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يحد السكين بحضرة الحيوان الذي يُذبح، فمرة مر على رجل واضع رجله على صفحة شاة وهو يحد شفرته وهي تلحظ إليه ببصرها، فقال: «أفلا قبل هذا! أتريد أن تميتها موتتين؟ » [رواه الطبراني وغيره]. بل إن الإسلام راعى حق الأمومة عند الحيوان، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فانطلق لحاجته، فرأينا حمرةً معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة فجعلت تعرّش، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها!».

حرّم الإسلام لعن البهيمة فقد روى الإمام مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كأنا في سفر فلعنت امرأة ناقة فقال: «خذوا ما عليها ودعوها فإنها ملعونة»، قال الراوي: فكأني أراها الآن تمشي في الناس ما يعرض لها أحد»، وفي هذا حماية للحيوان من السب واللعن.

أيها الأخوة:
هذه بعض حقوق الحيوان في الإسلام، ولقد أدرك الرعيل الأول من سلف هذه الأمة حقوق الحيوان وحرمتها وأنها مسؤولية وأمانة، ولذا لمّا ولاّهم الله حقوق الإنسان رعوها حق رعايتها، تأمل في كلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما قال: « لو أن بغلةً في العراق تعثرت لخشيت أن يسألني الله عنها لمَ لمْ أسوي لها الطريق». (عمر يخشى المحاسبة أمام الله عز وجل يوم القيامة لعدم تسوية الطريق لبغلة، وأين في العراق وليست عنده، لذلك لمّا تولى أمثال عمر الخلافة لم يحتاجوا إلى إنشاء منظمات لحفظ حقوق الإنسان لأن كرامة الإنسان محفوظة ابتداءً عندهم، ولم يحتاجوا إلى أن يتبجحوا في وسائل إعلامهم أنهم قد أعطوا الإنسان كامل حقوقه).

وأبو هريرة نفسه رضي الله عنه ما سمي كذلك إلا لحفاوته بهرة صغيرة كان يحملها في كمه وقد قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «يا أبا هر».

وإنه من المناسب أيها الأحبة أن أختم بهذه القصة وما فيها من عبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد: يحدث الإمام الزمخشري عن نفسه أن إحدى رجليه كانت ساقطة، وكان يمشي في بعكاز خشب، فلما دخل بغداد سُئل عن سبب قطع رجله - وكان يظن أن ذلك بسبب برد خوارزم الشديد لكنه قال: دعاء الوالدة: وذلك أني كنت في صباي أمسكت عصفوراً وربطته بخيط من رجله، فأفلت من يدي، فأدركته وقد دخل في خرق، فجذبته فانقطعت رجله في الخيط، فتألمت والدتي لذلك وقالت: قطع الله رجل الأبعد كما قطعت رجله، يقول فلما وصلت إلى سن الطلب، رحلت إلى بخارى أطلب العلم، فسقطت عن الدابة فانكسرت رجلي، وعملت عليّ عملاً أوجب قطعها.

ألا فليتق الله أولئك الذين يقطعون حقوق الناس ويقطعون أرزاق الناس، أن تصيبهم دعوة مظلوم في ثلث الليل الآخر تكون بذلك نهايتهم.

إن الله عز وجل عاقب هذا الإمام وجعله عبرة لغيره بسبب قطع رجل عصفور، فكيف بمن يتعرض ويعرّض نفسه لقطع وهضم وإعاقة طرق يسترزق من خلالها أُسر و بيوتات الله أعلم بحالهم وحال من ورائهم - رحماك ثم رحماك يارب.

ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.

ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 63.19 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 61.52 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.64%)]