|
استراحة الشفاء , وملتقى الإخاء والترحيب والمناسبات هنا نلتقي بالأعضاء الجدد ونرحب بهم , وهنا يتواصل الأعضاء مع بعضهم لمعرفة أخبارهم وتقديم التهاني أو المواساة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الشباب والإصابات الروحية د. عبدالله بن يوسف الأحمد • الإصابة الروحية بمعنى: (الإصابة بالعين أو الحسد أو المس أو السحر). كثير من المسلمين من الآباء والأمهات والأبناء والبنات- ولا سيما من كان متميزًا أو له نشاط بارز، أو أعمال صالحة ظاهرة من طلاب العلم والدعاة إلى الله، والفاعلين في المجتمع- يصيبهم تبلُّد أو نكسة تجاه نشاطه وعبادته، فتتأبد عليه نفسه بعد أن كانت نشيطة، وربما يقلب فهمه وعقله بعد أن كان لامعًا حاذقًا، وقد ينحرف سلوكه أو يتغير منهجه، أو يكره شيخه، أو لا يحب مقر دراسته أو عمله، وقد يصاب بالخوف أو تنتكس تجارته، أو يعاف بيته وأهله، وكذلك الأب أو الأم قد تنفر من بعض أبنائها أو بناتها، وقد تصد عن زوجها، وغير ذلك من الاحتمالات الكثيرة، والحالات العجيبة؛ فيظن الظانُّ أن ذلك مما يدخل ضمن قوله صلى الله عليه وسلم: «لكل عمل شِرة، ولكل شِرة فترة»، أو يظن بالله سوءًا أنه كرِه انبعاثه فثبطه، أو أن هذا المحال لا يصلح له، وغير هذا من سيئ الظنون. والواقع يدل على وجود أسباب مادية ونفسية قد تصرف الإنسان عن طاعته، وتزعزع ثباته، أو ربما نكسته، وثبطت طلبه للعلم، إلا أن هناك سببًا قويًّا غائبًا عن الألسنة، ولا يُنظر إليه، وهو ما أتحدث عنه الآن من واقع خبرة وتكرار نظر؛ وهو السبب الروحي (الإصابة الروحية)، وتأتي هذه الإصابة على مستويات؛ فمنها: ما تعطل على طالب العلم طلبه للعلم وتثقله، فمثلًا: يهبط عليه النعاس، وتتعاقب عليه الأمراض والأدواء، أو يصاب بعسر الفهم، وبطء الاستيعاب، أو السرحان والتشتت، أو الضيقة، أو كلما أراد طلب العلم تذكر أمرًا مهمًّا يجعله ينقض قعوده لطلب العلم، وغير ذلك مما قد يُنظر إليه كسبب مادي أو نفسي. وهناك مستوى آخر وهو مستوى المنع الكلي، فلا يقدر على الطلب والعمل أصلًا أو الاستمرار فيه، ولا العبادة والغوص فيها، وهذا مستوى أعلى يعتمد على قوة الإصابة ووقوعها. فإصابة العين معلوم أنها قد تقتل الإنسان؛ بل تبلغ به إلى حد الانتحار كما في الحديث: «إن العين لتولع بالرجل حتى يصعد حالقًا فيتردى منه»؛ بمعنى: أن يصعد إلى جبل شاهق فيرمي نفسه منه. فكيف بما هو دون ذلك، فإذا كانت تسلب الإنسان حياته، فمن باب أولى أنها قد تسلب المسلم طاعة من طاعاته. ومما يدل على هذا قصة سحر النبي صلى الله عليه وسلم، فقد مُنع عن جِماع زوجاته، وإتيان الزوجة طاعةً كما في الحديث عندما سئل النبي صلى الله عليه وسلم: هل يؤجر المرء بجماع زوجته؟ فقال: «أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر». والغموض في الإصابات الروحية من جنس ما في الروح من الغموض لدينا؛ فلا يلزم أن يُعرف مصدر الإصابة الروحية؛ بل قد تكون من الجن، فيصاب الإنسان بالعين من جني لا يراه، ولا يحس بوجوده، فيفقد نعمة، ويتعرقل رزقه بسبب عين جان، ففي الحديث عن أم سلمة: أن النبي صلى الله عليه وسلم، رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة، فقال: «استرقوا لها، فإن بها النظرة». قال الحسين بن مسعود: وقوله «سفعة»؛ أي: نظرة؛ يعني: من الجن، يقول: بها عين أصابتها من نظر الجن، أنفذ من أسنة الرماح. فلا يُعترض على الكلام أعلاه بقول: "لا أحد يحسدني"، أو "ليس فيَّ ما يثير العجب"؛ فإن لعالم الجن معايير أخرى تختلف عن معايير الإنس، فيكون الجميل عندك قبيحًا عندهم، والقبيح عندك جميلًا عندهم، وقد رأينا من ذلك كثيرًا. والأمر ليس بالهين، وليس كما يُظن أن احتمال وقوعه بسيط، ولا يلتفت إليه، فكيف يكون هينًا وقليل الوقوع ومُستبعدًا وقد أنزل الله لك سورة الفلق تتعوَّذ بها من السحر والعين فيها في اليوم ١٤ مرة؟ 1- فقوله تعالى: ﴿ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ﴾ [الفلق: 4]، يدل على السحر، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من عَقَد ونفث فقد سحر»، فالنفث في العقد الذي في الآية: السحر. 2- وقوله تعالى: ﴿ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴾ [الفلق: 5] يدل على العين، فقد رقى جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "... ومن شر كل نفسٍ أو عينِ حاسِدٍ الله يَشفيك"، فأعاد الحسد إلى العين، والحسد نوع من أنواع العين. وأنت تتعوَّذ في اليوم من السحر والعين دبر كل صلاة مرة، ومع أذكار الصباح ٣ مرات، وأذكار المساء ٣ مرات، وإذا أخذ مضجعه ٣ مرات، ويكون هذا الأمر هينًا ولا يلتفت له المسلم- فضلًا عن طالب العلم المحسود-، التفاتة جادة؟ ليس "يا رجال نتوكل على الله وخلاص" وكأن رسول الله لما أصيب بالعين فرقاه جبريل، وسُحر ما كان متوكلًا! ولم يضع الله عز وجل التعوُّذ به من السحر والعين في أي تعويذة، فلم يرد ذلك في السنة فقط، بل ورد ذلك في كتابه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها: «أفضل ما تعوَّذ به المتعوِّذون»، وفي حديث آخر قال: «ما تُعوذ بمثلهما»، وفي حديث آخر ثالث قال: «يَا عُقْبَةُ، أَلَا أُعَلِّمُكَ خَيْرَ سُورَتَيْنِ قُرِئَتَا؟»، ثم أخبره بالفلق والناس. فانظر إلى خيرهن، وفضلهن في التعوُّذ، ومع ذلك جعل الله فيهن التعوُّذ به من السحر والعين! وهذا إن دل على شيء فهو يدل على أمرين: 1- كثرة وقوع السحر والعين. 2- أهمية علاجهما. لأن التعوّذ كان 14 مرة في اليوم، وعلى أوقات مختلفة وأحوال مختلفة، وهذا يدل على تكرار الوقوع، وأهمية إزالته أو التحصين منه. ومما يدل على كثرة وقوع الإصابة بالعين تحديدًا بأنواعها، قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكثر موتى أمتي بعد قضاء الله وقدرته بالأنفس»؛ بمعنى: "أكثر موتى هذه الأمة بعد القضاء والقدر بالعين". هل تصورت يا من تقرأ؟ أعد قراءة الحديث مرة أخرى، أوعيته؟ الموت هو أقصى ما يمكن أن يُصاب به الإنسان من حيث القوة، فهو سلب الحياة، وقد قال رسول الله: إن أكثر الموتى بعد القضاء والقدر من العين، فكيف بما هو دون الموت؟ ما أكثره! من أمراض وتعطيل أرزاق، ومشاكل وأتعاب وغيره؟ سيكون أكثر بلا شك. ولا يُعترض على هذا بثبوت السبب المادي أو المرض العضوي أو النفسي، فإن الإصابة الروحية تسبب تغييرًا ماديًّا معروفًا كان أو غير معروف، ومن تأمل ما أوردنا من الأحاديث عَلِم ذلك، ومنه قصة سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان يخيل إليه أن يأتي نساءه وهو لا يأتيهن. وبعض أنواع السحر تصنف اليوم في المدرسة الطبية الحديثة على أنها نوع من أنواع الوسواس القهري (OCD syptom). ومما يدل على أهمية الأمر أيضًا أن جبريل سيد الملائكة عليه السلام ينزل من السماء ليرقي محمدًا صلى الله عليه وسلم سيد الخلق. ففي الحديث أنه رقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك". وأن الله تعالى أمره بالاستعاذة من همزاتهم، فقال: ﴿ وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ ﴾ [المؤمنون: 97، 98]. فمن ذا الذي يُهمل ويسفه ما أنزله الله لك حصنًا مرات عديدة في اليوم الواحد؟ ومن ذا الذي يُهمل ما همَّ محمدًا وجبريل عليهما السلام، وكان سببًا في موت الأكثرية بعد القضاء والقدر؟ ويكون سببًا في الانتحار أيضًا؟ فهو من جهة كم وكيف عظيم؟ على المؤمن- في ظل اجتهاد شياطين الإنس والجن وسهولة التواصل المعلوماتي- أن يلتفت التفاتة جادة إلى هذا، ولا يهمل تحصينه بأذكار الصباح والمساء، ولا يترك رقية نفسه بشكل دوري حتى تكون الرقية من عادته بسورة البقرة أو بآيات الرقية التي وردت في الآثار كالمعوِّذات، والفاتحة سبعًا، وآية: ﴿ وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ ﴾ [القلم: 51]، وآية: ﴿ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 163]، وآية الكرسي، وأواخر الحشر، وسورة الكافرون، وغيرها مما جمعه بعض من تخصص في ذلك، وليس البحث عنها بعسير. وقد جرَّب ذلك من أعرفه، فوجد فرقًا لم يكن يتصوره، وقد كان يظن أنه ليس بمصاب وليس به شيء، فلما نشط مما أصابه كأنما نشط من عقال. والله الشافي والكافي والهادي والمستعان. أخيرًا: هذه الأيام فرصة لضعف الشياطين، فلا تغفل عن نفسك بعلاجها بالرقية وتحصينها، فأعرف من تحسَّن حالها في رمضان بالرقية، ووجدت أثر ذلك وهي من محارمي بعد أن أعددت لها برنامجًا سارت عليه. والشفاء بيد الله والدعاء أعظم سلاح، كما قال إبراهيم عليه السلام: ﴿ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ﴾ [الشعراء: 80]؛ حيث نسب المرض إلى نفسه، والشفاء إلى الله، وأما أيوب عليه السلام فإنه نسبه إلى الشيطان في قوله: ﴿ مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ﴾ [ص: 41]، وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة التي تشتكي: «إنها ركضة شيطان»، وروى ابن إسحاق بسند فيه متهم عن عائشة قالت: تمادى على رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه وهو يدور على نسائه في بيت ميمونة، فاجتمع إليه أهله فقالوا: عمك العباس تخوف أن يكون بك ذات الجنب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنها من الشيطان». وحدثني الشيخ العراقي هاشم الرفاعي أبو عبدالله في مسجد الأنصار بحي الروضة في حارة الكويتيين بالمدينة ببحث توصل فيه إلى أن كثيرًا من الأورام والأمراض المنتشرة اليوم هي من عمل الشيطان وتلبسه، وهو يعالج منها؛ قال ابن عثيمين: "ولما غفل الناس عن الأوراد الشرعية كثرت فيهم الجن الآن وتلاعبت بهم"؛ انتهى من لقاء الباب المفتوح: (197). والحمد الله رب العالمين، خالق الداء، ومنزل الدواء.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |