|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() القراءة مفتاح النهوض وأساس الحضارة د. خالد بن حسن المالكي الخطبة الأولى الحمد لله الذي أنزل الكتاب هدايةً ورحمةً للعالمين، وأمر عباده بالعلم والعمل، فقال جل جلاله: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ [العلق: 1]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه، الذي قال: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة"، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومَن تَبِعَهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:فيا أيها الإخوة، أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فهي وصية الله لعباده في كل زمان ومكان، قال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [النساء: 131]. حديثنا اليوم عن أمر عظيم، عن وسيلة النهوض وشعلة التقدم، حديثنا عن القراءة، تلك العبادة المهملة التي كانت حجر الأساس في بناء الحضارات وقيام الأمم، فما من أمة نهضت وارتقت إلا بالعلم والقراءة. وتأملوا أول كلمة أوحى بها الله تعالى إلى نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-: ﴿ اقْرَأْ ﴾ [العلق: 1]، كلمة جامعة تحمل رسالة ربانية إلى كل البشر بأن المعرفة هي البداية الحقيقية لأي تغيير. أهمية القراءة في الإسلام: أيها المسلمون، إذا نظرنا في كتاب الله، نجد إشارات واضحة إلى ارتباط الإيمان بالعلم، والعمل بالمعرفة، قال الله تعالى: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾ [المجادلة: 11]، فالقراءة ليست رفاهية أو عادة يمكن الاستغناء عنها؛ بل هي مهمة شرعية تجعل صاحبها أكثر وعيًا بدينه وحياته. وها هو النبي -صلى الله عليه وسلم- كان حريصًا على نشر العلم حتى في أصعب الظروف؛ ففي غزوة بدر، جعل فداء الأسرى أن يُعَلِّم كل واحد منهم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة، وهذا دليل على أن الإسلام جعل التعليم ركيزةً أساسيةً في بناء الأمة. القراءة وأثرها في بناء الشخصية: أيها الإخوة، القراءة ليست فقط وسيلة لتحصيل المعرفة؛ بل هي طريق لصقل الشخصية وتوسيع الأفق. القارئ يكتسب الحكمة، ويتعلم من تجارب الآخرين دون أن يقع في الأخطاء نفسها، كما أن القراءة تساعد الإنسان على فهم نفسه والعالم من حوله، وتفتح له آفاقًا جديدة من التفكير والابتكار. وقد قال أحد الحكماء: "من يقرأ يعِشْ ألف حياة، ومن لا يقرأ يعِشْ حياة واحدة". القراءة تزيد من خبرات الإنسان، وتجعله أكثر قدرة على مواجهة تحديات الحياة، كما أن القارئ يصبح أكثر وعيًا ومهارة وإدراكًا؛ لأنه يمتلك من المعرفة ما يؤهله للحوار والتأثير. القراءة في عصر التكنولوجيا: أيها الإخوة الكرام، ومع التقدم التكنولوجي الهائل في عصرنا، أصبح الوصول إلى المعرفة أسهلَ من أي وقت مضى. لم تعد القراءة مقتصرة على الكتب الورقية؛ بل ظهرت وسائل أخرى تسهل التعلم؛ مثل: الكتب الإلكترونية والكتب الصوتية، والمحاضرات المرئية التي تُبَثُّ عبر الإنترنت. هذه الوسائل هي نعمة عظيمة من الله، وينبغي أن نستفيد منها. يمكننا الاستماع إلى كتاب صوتي أثناء القيادة، أو مشاهدة محاضرة تعليمية على منصات الفيديو، أو قراءة مُلَخَّصات الكتب على التطبيقات المختلفة، ومع ذلك ينبغي ألا تغنينا هذه الوسائل عن القراءة العميقة والمتأنية التي تمنحنا فهمًا أعمق وأشمل. دور الأسرة والمجتمع في تشجيع القراءة: أيها الإخوة، إذا أردنا أن نعيد للأمة مجدها، فعلينا أن نبدأ من بيوتنا. فالبيت هو المدرسة الأولى التي يتعلم فيها الأطفال. شجعوا أبناءكم على القراءة منذ نعومة أظافرهم. اجعلوا الكتاب هدية مميزة تقدمونها لهم في المناسبات، واصطحبوهم إلى المكتبات، واقرأوا لهم القصص التي تناسب أعمارهم. كما ينبغي على المدارس أن تقوم بدورها في تعزيز ثقافة القراءة، فالمكتبات المدرسية ينبغي أن تكون مكانًا نشطًا يزوره الطلاب بانتظام، وليس مكانًا مغلقًا لا تُفتح أبوابه إلا نادرًا، وعلى المجتمع أن ينشر ثقافة القراءة من خلال تنظيم الفعاليات والمسابقات التي تحفز الشباب على المطالعة. مقارنة بين القراءة والمحتوى السطحي: أيها الإخوة الكرام، في عصرنا الحالي، يعاني كثير من الناس من هوس مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يقضون ساعات طويلة في تصفح المنشورات السطحية التي لا تقدم معرفة حقيقية. نعم، الإنترنت يمكن أن يكون وسيلة مفيدة إذا استخدمناه بحكمة، لكنه لا يغني عن الكتاب. فالقراءة المتعمقة تمنحنا فهمًا أعمق، وتجربة أكثر شمولًا من مجرد قراءة منشورات قصيرة أو تغريدات محدودة الكلمات. قال أحد الكتاب: "المحتوى السطحي يشبه الطعام السريع، يشبعك للحظة لكنه لا يغذيك، أما الكتب فهي غذاء حقيقي للعقل والروح"؛ لذلك ينبغي أن نوازن بين استخدامنا للتكنولوجيا والعودة إلى القراءة الجادة. القراءة المستمرة مدى الحياة: أيها الأحِبَّة، إن العلم لا يتوقف عند عمر معين، ولا ينحصر في مرحلة من مراحل الحياة، فالإنسان الذي يقرأ باستمرار يظل يتعَلَّم وينمو فكريًّا وروحيًّا حتى آخر يوم في حياته، وقد قال الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله-: "مع المحبرة إلى المقبرة"؛ أي: إن طلب العلم لا يتوقف إلا بالموت. ولا يقتصر التعلم على مجال معين؛ بل ينبغي أن يقرأ الإنسان في مجالات متعددة: في الدين، والتاريخ، والتربية، والعلاقات، فكل مجال يضيف إلى رصيدنا المعرفي، ويجعلنا أكثر وعيًا بما يدور حولنا. فوائد القراءة على الفرد والمجتمع: أيها المسلمون، إن القراءة تنعكس إيجابيًّا على الفرد والمجتمع، فهي تساعد الفرد على فهم دينه بشكل أفضل، وتجعله أكثر قدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة، كما أنها تنمي الأخلاق والقيم، وتزرع في القارئ روح التسامح واحترام الآخرين. أما على مستوى المجتمع، فإن القراءة تسهم في بناء أجيال واعية ومثقفة، قادرة على مواجهة التحديات وبناء مستقبل أفضل، والمجتمعات التي تهتم بالقراءة هي مجتمعات متقدمة فكريًّا وثقافيًّا وعلميًّا. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية الحمد لله الذي علَّم الإنسان ما لم يعلم، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:فيا عباد الله، أوصيكم ونفسي المقصرة بتقوى الله، واعلموا أن القراءة مفتاح العلم، والعلم نور يهدي إلى الخير. وفي هذا العصر، تتوفر لنا فرص عظيمة للتعَلُّم، سواء عبر الكتب الورقية أو الإلكترونية أو الصوتية. لا عذر لمن يتذرَّع بضيق الوقت، فبإمكانه استغلال أوقات الانتظار أو القيادة بالاستماع إلى كتاب صوتي، أو مشاهدة محاضرة تعليمية قصيرة، المهم أن يبقى التعَلُّم عادة يومية مستمرة. اللهم اجعلنا من أهل العلم والعمل، ووفقنا لما تحبه وترضاه. هذا، وصلوا وسلموا على نبيِّكم الكريم، فقد أمركم الله بذلك فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]. اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |