تذكير الجماعة بفضل صلاة الجماعة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4518 - عددالزوار : 1311343 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4943 - عددالزوار : 2041925 )           »          تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1174 - عددالزوار : 131956 )           »          3 مراحل لانفصام الشخصية وأهم أعراضها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          متلازمة الشاشات الإلكترونية: كل ما تود معرفته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          ما هي أسباب التعرق الزائد؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          أضرار الوجبات السريعة على الأطفال: عواقب يُمكنك تجنبها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          الوقاية من القمل بالقرنفل: أهم الخطوات والنصائح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          علاج جفاف المهبل: حلول طبيّة وطبيعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          الوقاية من القمل في المدارس: دليل شامل للأهل والمعلم! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26-08-2024, 07:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,857
الدولة : Egypt
افتراضي تذكير الجماعة بفضل صلاة الجماعة

تذكير الجماعة بفضل صلاة الجماعة

جمال علي يوسف فياض

الحمد لله رب الأرض والسموات، أمر عباده بالمحافظة على الصلوات، وبيَّن أن أهلها هم الوارثون لأعالي الجنات، والصلاة والسلام على نبيه المصطفى، ورسوله المرتضى، سيد المرسلين، وحبيب ربِّ العالمين، حَثَّ الأمَّة على حضور الجُمَع والجماعات، وبشَّر المشائين إليها بالثواب العظيم، والخير العميم، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
عباد الله، أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله والاستعداد للُقْياه، فلقد أمرنا الله بذلك، فقال جل ذكره: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحشر: 18].

ثم أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى عَظَّم قدر الصلاة، ورفع من شأنها، وبيَّن رسولنا صلى الله عليه وسلم أنها الحدُّ بين الإيمان والكفر، فالصلاة عماد الدين، من أقامها فقد أقام الدين، ومن هَدَمَها فقد هدم الدين، ألا وإن من أهم الأسباب للحرص على الصلاة أداءها في جماعة، ولقد فرَّط كثير من الناس في صلاة الجماعة، يسمعون النداء (حي على الصلاة، حي على الفلاح)، فلا يلبون نداء الله، ولا يقيمون للأذان وزنًا، فيصلون في آخر الوقت فُرادى، بل قد يتركونها بالكلية وإنا لله وإنا إليه راجعون، فأحببت أن أُذكِّر نفسي وإياكم بفضل صلاة الجماعة وأجر من حافظ عليها، والترهيب من التهاون فيها؛ لذا فأعيروني القلوب والأسماع؛ لعل الله أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

أولًا: فضل المحافظة على صلاة الجماعة:
- صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد:
فعن أبي هُرَيْرَةَ-رضي الله عنه – قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "صَلاةُ الرَّجُلِ فِي الجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ عَلَى صَلاتِهِ فِي بَيْتِهِ، وَفِي سُوقِهِ، خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ: إِذَا تَوَضَّأَ، فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى المَسْجِدِ، لا يُخْرِجُهُ إِلَّا الصَّلاةُ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً، إِلَّا رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ، وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ، فَإِذَا صَلَّى، لَمْ تَزَلِ المَلاَئِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ، مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، وَلا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلاةَ "[1].

وعن ابن عمر -رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفَذِّ بسبع وعشرين درجة»[2]، وهذا التضعيف والتفضيل يختلف بحسب كمال الصلاة ومحافظة هيئتها وخشوعها وكثرة جماعتها وشرف البقعة ونحو ذلك[3].

- صلاة الجماعة من سنن الهدى:
فعن عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه - قال: «مَنْ سَرَّه أن يلقى الله غدًا مسلمًا، فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث يُنادى بهن، فإن الله شرع لنبيِّكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المُتخلِّف في بيته، لتركتم سنة نبيِّكم، ولو تركتم سنة نبيِّكم لضللتم، وما من رجل يتطهر فيُحسِن الطهور، ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد، إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة، ويحطّ عنه بها سيئة، ولقد رأيتنا وما يتخلَّف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف»[4]، فالمحافظة على صلاة الجماعة من أسباب حسن الخاتمة وطريق من طرق الهدى والخيرية، وفيها الاجتماع على الخير والاعتصام بحبل الله تعالى ونبذ الفرقة.

- المحافظة على الجماعة سبب لمغفرة الذنوب:
فعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ-رضي الله عنه - أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ مَشَى إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَصَلَّاهَا مَعَ الْإِمَامِ، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ» [5].

- براءتان للمحافظة على صلاة الجماعة:
فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ-رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى لِلَّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الأُولَى كُتِبَ لَهُ بَرَاءَتَانِ: بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ، وَبَرَاءَةٌ مِنَ النِّفَاقِ"[6].

- صلاة العشاء والفجر في جماعة كقيام الليل كله:
فعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ-رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ، كَانَ كَقِيَامِ نِصْفِ لَيْلَةٍ، وَمَنْ صَلَّى الْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ»[7].

ثانيًا: الترهيب من التخلُّف عن صلاة الجماعة:
- التخلُّف عن الجماعة من علامات النفاق:
فعن أبي هريرة -رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَثْقَلَ صَلاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلاةُ الْعِشَاءِ، وَصَلاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلاةِ، فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِق مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لا يَشْهَدُونَ الصَّلاةَ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ»[8].

فالمنافقون يتكاسلون عن أداء الفجر والعشاء في جماعة إيثارًا منهم لتقديم النوم، وركونًا إلى الكسل، وكرهًا للمشي في الظُّلمة، ولقد أخبر الله تعالى عن حالهم فقال: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا [النساء: 142].

- التخلف عن الجماعة ضلال وجفاء:
وتقدم حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ وَفِيه: "وَلَو أَنكُمْ صليتم فِي بُيُوتكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا المتخلف فِي بَيته لتركتم سنة نَبِيِّكُم، وَلَو تركْتُم سنة نَبِيِّكُم لَضَلَلْتُمْ..." الحَدِيث.

- لا صلاة للمتخلف إلا من عذر:
فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يُجِبْ، فَلَا صَلَاةَ لَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ»[9].

- من سمع الأذان ولم يجب طبع على قلبه!
فعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ قَالَ: سَمِعْتُ عَمِّيَ يُحَدِّثُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلَمْ يَأْتِ، أَوْ لَمْ يُجِبْ، ثُمَّ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِ، أَوْ فَلَمْ يُجِبْ، ثُمَّ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِ، أَوْ لَمْ يُجِبْ، طَبَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى قَلْبِهِ، فَجُعِلَ قَلْبَ مُنَافِقٍ» [10].

- لم يرخِّص النبي صلى الله عليه وسلم للأعمى في التخلف عن الجماعة:
فعن أبي هريرة، قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، فقال: يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له، فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولَّى، دعاه، فقال: «هل تسمع النداء بالصلاة؟»، قال: نعم، قال: «فأجِبْ»[11]، فالنبي صلى الله عليه وسلم ما عذر هذا الأعمى، فما عذرك أيها البصير الصحيح؟! أين شكر نعمة الله عليك؟ أنعم عليك الصحة والعافية، أنعم عليك بالقرب من المسجد ثم تتخلَّف عن الجماعة! قال عطاء بن أبي رباح: ليس لأحد من خلق الله في الحضر والقرية رخصة إذا سمع النداء في أن يدع الصلاة.

وقال الحسن: إن منعته أمه عن العشاء في جماعة شفقة، لم يُطِعْها.

أخي الكريم، إن المحافظة على الجماعة من هدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فعن ابن عباس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: من سمع "حَيّ على الْفَلاح" فَلم يجب، فقد ترك سُنَّة مُحَمَّد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم [12].

ثالثًا: حرص السلف على صلاة الجماعة:
أيها الكرام، لقد كان سلفنا الصالح أشدَّ الناس حرصًا على صلاة الجماعة حتى وهم في حال مرضهم وشغلهم، وإليك أخي الكريم طرفًا من أخبارهم وقصصهم في المحافظة على صلاة الجماعة.

هذا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في حال مرضه كان حريصًا على صلاة الجماعة، فعن عبيدالله بن عبدالله، قال: دخلت على عائشة -رضي الله عنها- فقلت لها: ألا تحدثيني عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: بلى، ثقل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أصَلَّى الناس؟» قلنا: لا، وهم ينتظرونك يا رسول الله، قال: «ضعوا لي ماء في المِخْضَب» ففعلنا فاغتسل، ثم ذهب لينوء، فأغمي عليه، ثم أفاق فقال: «أصَلَّى الناس؟»، قلنا: لا، وهم ينتظرونك يا رسول الله، فقال: «ضعوا لي ماء في المِخْضَب» ففعلنا فاغتسل، ثم ذهب لينوء فأغمي عليه، ثم أفاق فقال: «أصَلَّى الناس؟» قلنا: لا، وهم ينتظرونك يا رسول الله، فقال: «ضعوا لي ماء في المِخْضَب» ففعلنا فاغتسل، ثم ذهب لينوء فأغمي عليه، ثم أفاق فقال: «أصَلَّى الناس؟» فقلنا: لا، وهم ينتظرونك يا رسول الله، قالت: والناس عكوف في المسجد ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء الآخرة، قالت: فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر أن يصلي بالناس، فأتاه الرسول فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تصلي بالناس، فقال أبو بكر وكان رجلًا رقيقًا: يا عمر صَلِّ بالناس، قال: فقال عمر: أنت أحَقُّ بذلك، قالت: فصَلَّى بهم أبو بكر تلك الأيام، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد من نفسه خِفَّة فخرج بين رجلين أحدهما العباس، لصلاة الظهر وأبو بكر يصلي بالناس، فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم ألَّا يتأخر وقال لهما: «أجلساني إلى جنبه» فأجلساه إلى جنب أبي بكر، وكان أبو بكر يصلي وهو قائم بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم والناس يصلون بصلاة أبي بكر، والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد[13].

وها هو أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه - يحرص على الصلاة وهو ينزف دمًا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ احْتَمَلْتُهُ أَنَا وَنَفَرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، حَتَّى أَدْخَلْنَاهُ مَنْزِلَهُ فَلَمْ يَزَلْ فِي غَشْيَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى أَسْفَرَ، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّكُمْ لَنْ تُفْزِعُوهُ بِشَيْءٍ إِلَّا بِالصَّلَاةِ قَالَ: فَقُلْنَا: الصَّلَاةَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: فَفَتَحَ عَيْنَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَصَلَّى النَّاسُ؟» قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: «أَمَا إِنَّهُ لَا حَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لِأَحَدٍ تَرَكَ الصَّلَاةَ»، فَصَلَّى وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دَمًا [14].

وقال ابن عمر رضي الله عنهما: خرج عمر -رضي الله عنه - يومًا إلى حائط له، فرجع وقد صلى الناس العصر، فقال عمر: "إنا لله وإنا إليه راجعون؛ فاتتني صلاة العصر في الجماعة، أشهدكم أن حائطي على المساكين صدقة".

ومن شدة حرص السلف رضوان الله عليهم على الجماعة قال إبراهيم التيمي: «إذا رأيت الرجل يتهاون بالتكبيرة الأولى فاغسل يديك منه».

بل كان الواحد منهم يحافظ على تكبيرة الإحرام سنين عددًا، قال سعيد بن المسيب: «ما فاتتني التكبيرة الأولى منذ خمسين سنة».

وعن ربيعة بن يزيد الدمشقي قال: «ما أذن المؤذن لصلاة الظهر منذ أربعين سنة إلا وأنا في المسجد، إلا أن أكون مريضًا أو مسافرًا».

وقال عبدالله بن مسعود: «عليكم بحد الصلاة: التكبيرة الأولى».

بل من العجيب أنهم كانوا يعدون فوت تكبيرة الإحرام مصيبة، فقد كانوا يعزون أنفسهم إذا فاتتهم التكبيرة الأولى، ويعزون سبعًا إذا فاتتهم صلاة الجماعة[15].

وفقنا الله وإياكم لمرضاته، وأعاننا على طاعته، وغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه غفور رحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أصحابه الغُرِّ الميامين، وبعد:
أيها الإخوة الفضلاء،
- رابعًا: حكم صلاة الجماعة:
عباد الله، لقد سمعنا من آيات ربنا وكلام نبينا صلى الله عليه وسلم ما يدل على تأكد المحافظة على صلاة الجماعة؛ ولذلك قال جماعة من أهل العلم بوجوب المحافظة عليها، وأنه لا يجوز للإنسان أن يتخلَّف عنها إلا من عذر، قال الإمام أبو سليمان الخطابي بعد حديث ابن أم مكتوم -رضي الله عنه - أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني رجل ضرير البصر، شاسع الدار، ولي قائد لا يلاومني، فهل من رخصة أن أُصلِّي في بيتي، قال: فهل تسمع النداء؟ قال: نعم. قال: لا أجد لك رخصة. فقال الإمام: وَفِي هَذَا دَلِيل على أَن حُضُور الْجَمَاعَة وَاجِب وَلَو كَانَ ذَلِك ندبًا لَكَانَ أولى من يَسعهُ التَّخَلُّف عَنْهَا أهل الضَّرُورَة والضعف وَمن كَانَ فِي مثل حَال ابْن أم مَكْتُوم، وَكَانَ عَطاء بن أبي رَبَاح يَقُول: لَيْسَ لأحَدٍ من خلق الله فِي الْحَضَر وبالقرية رخصَة إِذا سمع النداء فِي أَن يدع الصَّلَاة، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: لَا طَاعَة للوالد فِي ترك الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَات [16].

ولقد أمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين وهو في حال الخوف في الجهاد أن يصلوا في جماعة، قال تعالى: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا [النساء: 102]، ووجه الاستدلال بالآية من وجوه: أحدها أمره سبحانه لهم بالصلاة في الجماعة، ثم أعاد هذا الأمر سبحانه مرة ثانية في حق الطائفة الثانية بقول: ﴿وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وفي هذا دليل على أن الجماعة فرض على الأعيان إذ لم يسقطها سبحانه عن الطائفة الثانية بفعل الأولى، ولو كانت الجماعة سنة لكان أولى الأعذار بسقوطها عذر الخوف، ولو كانت فرض كفاية لسقطت بفعل الطائفة الأولى، ففي الآية دليل على وجوبها على الأعيان، فهذه على ثلاثة أوجه: أمره بها أولًا، ثم أمره بها ثانيًا، وأنه لم يرخص لهم في تركها حال الخوف [17].

أرأيت أخي الكريم،أمرهم الله سبحانه وتعالى بصلاة الجماعة في حال الخوف، فكيف بحال الأمن؟! ولقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف عشر مرات في أكثر من معركة وكُلُّها كانت في جماعة، فصلاة الجماعة في المسجد سبب لتنزُّل الرحمات والبركات من رب الأرض والسماوات، وبها تُرفع الدرجات وتُحط الخطيئات، وفي المسجد يلتقي أهل الإيمان يتواصون بالحق والخير، فصلاة الجماعة خير وبركة في الدنيا والآخرة.

جعلني الله وإياكم من أهلها المحافظين دومًا عليها، إنه ولي ذلك ومولاه.

[1] - أخرجه البخاري (ح647) ومسلم (ح649).

[2] - أخرجه البخاري (ح645) ومسلم (ح650)

[3] - دليل الفالحين: 6/ 548.

[4] - أخرجه مسلم (ح654).

[5] - أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (ح1489).

[6] - أخرجه الترمذي (ح241) وحسنه الألباني.

[7] - أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (ح1473).

[8] - أخرجه مسلم (ح 651).

[9] - أخرجه ابن حبان في صحيحه (ح2064).

[10] - أخرجه أبو يعلى في مسنده (ح7167) وقال محققه: إسناده حسن.

[11] - أخرجه مسلم (ح653).

[12] - الترغيب والترهيب للمنذري، وقال: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِإِسْنَاد حسن.

[13] - أخرجه مسلم (ح 418).

[14] - مصنف عبدالرزاق (581).

[15] - البدر المنير: 4/ 402.

[16] - معالم السنن: 1/ 160.

[17] - الصلاة وحكم تاركها ص 138.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 62.35 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 60.67 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.68%)]