|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() من عيون التراث العلمي: كتاب عجائب المخلوقات للقزويني فاطمة حافظ ![]() زكريا القزويني: سيرته ومصنفاته هو أبو يحيى عماد الدين زكريا بن محمد بن محمود القاضي، وينتهي نسبه إلى الإمام مالك بن أنس، نزحت أسرته من المدينة المنورة واستوطنت قزوين، ولد عام 600 ه وقيل بعدها بخمس سنوات، وتلقى علومه فيها، عرف الترحال منذ وقت مبكر ففي صدر شبابه رحل إلى دمشق وتعرف بها على ابن عربي، ثم استقر في العراق وعين قاضيا لمدينتي واسط والحلة في عهد الخليفة المستعصم آخر خلفاء بني العباس، بعد سقوط الدولة العباسية (656 ه) انصرف للكتابة والتأليف، واتصل بعطاء الملك الجويني حاكم العراق أيام المغول، وتوفي بمدينة واسط (682 ه) ونقل جثمانه إلى بغداد ودفن بها[1]. خلف القزويني بضع مصنفات تدل على تضلعه في العلوم الطبيعية والتاريخ والجغرافيا، وهي:
كتاب عجائب المخلوقات هو “أول عرض منظم للكونيات في المصنفات الإسلامية” كما يصفه عزيز العزي، وكان مصدرا لكثير من المصنفين التراثيين الذين أتوا بعد القزويني: مثل الدميري ونقل عنه في كتابه (حياة الحيوان) والدمشقي في (نخبة الدهر)، حقق الكتاب شهرة واسعة في العالم الإسلامي حيث ترجم إلى الفارسية والتركية، كما ترجم اللاتينية والألمانية والفرنسية، وحققه المستشرقون: فلوجل، وستنفلد، رسكا. وأقدم طبعة عربية للكتاب هي طبعة وستنفلد الصادرة عام 1848 في لايبزيك، ثم طبع بالقاهرة عام 1887 على هامش كتاب (حياة الحيوان الكبري) ثم توالت طبعاته بعد ذلك[2]. انتهج القزويني في كتابه منهجا محكما بينه في المقدمة المعمقة التي استهل بها الكتاب، ويمكن إيجازه في العناصر التالية:
يتألف الكتاب من مقدمة وقسمين كبيرين أو مقالتين حسب وصف القزويني: أما المقدمة فيبدو أن صاحبها كان مولعا بالمقدمات المطولة الوافية حيث جعل لكتابه أربع مقدمات، استهلها بشرح غاية الكتاب، وحول ذلك يقول إنه لما كان بعيد عن وطنه فإنه ألِف المطالعة والقراءة والنظر في عجائب صنع الله تعالى كما أرشد الله تعالى عباده قائلا (أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها)، “وليس المراد من النظر كما يقول تقليب الحدقة ونحوها؛ فإن البهائم تشارك الإنسان فيه… والمراد هو التفكر في المعقولات والنظر في المحسوسات والبحث عن حكمتها وتصاريفها ليظهر لك حقائقها”[7] وهذه العبارة على وجازتها تبين أن القزويني-وغيره من علماء الإسلام-إنما كانوا ينطلقون من فكرة الاتصال الوثيق بين الدين والعلم، وأن الأول يحض على الثاني ويدعو إليه. وأما دعوى الانفصال التي شاعت في الغرب فليست إلا تنكبا عن المسار الذي سار فيه المسلمون وغيرهم من أهل الحضارات السابقة. تطرقت المقدمة كذلك إلى بيان سبب تأليف الكتاب إذ يقول القزويني “ولقد حصل لي بطريق السمع والبصر والفكر والنظر حكم غريبة، فأحببت أن أقيدها لتثبت، وكرهت الذهول عنها مخافة أن تفلت” وفي هذه العبارة فائدة لطلاب العلم وهي ضرورة تقييد الفكرة أو المعرفة خشية أن تفلت من العقل، ويبدو أنها جعلت بعض الباحثين يعتقد أن تدوين الكتاب مر بأطوار عدة حيث كان القزويني ينقح ويراجع ما كتب، وهي الفكرة التي ذهب إليها المستشرق وستنفلد والأستاذ باقر علوان[8]. ![]() المقالة الأولى، تسمى “العلويات” أي ما يتعلق بالسماء من كواكب وبروج ومدارات ومجرات والشمس والقمر والكواكب (الزهرة، المريخ، المشترى، عطارد، وزحل) وقد أسهب في الكلام عنها جميعا كما تحدث عن المجرة وأن العرب تسميها أم النجوم، وتحدث عن أثر الشمس على الأحياء عموما والإنسان خصوصا، وعن تأثر حركة النبات بالشمس، وتحدث عن دورات أفلاكها وهو دائم الإشارة في ذلك إلى أرصاد بطليموس. واختتم حديثه عن العلويات بالزمان، وذكر أنهم عرفوه بأنه مقدار حركة الفلك كما ذهب أرسطوطاليس، وعند غيره مرور الأيام والليالي، ثم ساق تعريفه للزمن قائلا ” وزمانك عمرك وهو معلوم القدر عند الله تعالى، وإن لم يكن معلوما عندك، وما مثله كمسافة ساع يسعى في قطعها قوي على السير لا يفتر طرفة عين، فما أعجل انقطاعها ولو كانت بعيدة” [9]ثم واصل حديثه عن الأيام والشهور وأيام العرب وأيام الأمم الأخرى. المقالة الثانية، وتسمى السفليات، وبدأها بالحديث عن الشهب وانقضاض الكواكب، وتحدث عن الهواء والرياح والمطر وما يتعلق بهم، ثم انتقل للحديث حول الرياح والرعد والبرق، ومما ذكره في ذلك قوله “اعلم أن البرق والرعد يحدثان معا لكن البرق يرى قبل الرعد”،[10] ثم ذكر ما يفيد أن الصوت أسرع من الضوء، ثم تطرق إلى الهالة وقوس قزح وذكر سبب تكونه وتعدد ألوانه، ثم انتقل للحديث عما أسماه (كرة الماء) وفيه تحدث تفصيلا عن البحار مثل بحر القلزم وبحر الصين وبحر فارس وبحر الخزر وغيرها وعدد الحيوانات البحرية والبرمائية التي تعيش في كل منها. وتطرق بعدها إلى الحديث عن (كرة الأرض) وتحدث فيه عن أقوال القدماء في هيئة الأرض، وعن العوارض التي تعترضها مثل الزلازل والهزات، ثم عالج التضاريس الجغرافية للأرض كالجبال والأنهار والعيون والآبار ومنها انتقل إلى دراسة المعادن في جوف الأرض، والأحجار والنباتات وأنواعها، والحيوانات وفصائلها ثم درس الإنسان وتشريحه وذكر حقيقة الأنوثة والذكورة وكيفية الحمل والولادة وما إلى ذلك من موضوعات تتصل بالعلوم البيولوجية. وتشير هذه الطائفة الموسعة من الموضوعات وكيفية معالجته لها أن صاحبها يتمتع بعقل موسوعي، جعله قادرا على مقاربة علوم مختلفة بذات الكفاءة، ورغم هذا فإن هناك ملحوظتين بهذا الخصوص. الأولى، إن في الكتاب من الملاحظات والتعليلات ما أثبته العلم الحديث، وبرهن على صحته مثل: ملاحظته حول كثرة نسل الحيوانات والحشرات التي تتعرض لمخاطر الفناء، وهي منحة إلهية حتى لا تفنى وتنقرض، كذلك تتبعه لدورة حياة الضفدع وذكره تأثير الكحول في تخديره الذي يمكن أن يبلغ حد الموت. والثانية، إن الكتاب في الجهة المقابلة حوى بعض الترهات والخرافات التي لا يمكن إثباتها والبرهنة عليها عقلا، ومن ذلك قوله: إن الأربعاء الأخير من الشهر يوم نحس مستمر[11]“، ومثل هذه الأقوال يمكن عزوها إلى النقل من المصادر، أو تأثره بالثقافة الشفهية السائدة في عصره. وفي الأخير يمكن القول إن عجائب المخلوقات للقزويني موسوعة إسلامية تشهد أن العلم كان موصولا بالدين، وأن غايته لم تكن سوى التفكر في المعقولات والمحسوسات لأجل تحقيق الهداية والطمأنينة للإنسان، وليس السيطرة والاستحواذ وإعلان سيطرة الإنسان على الموجودات كما هو الحال في العلم الحداثي. قائمة المصادر والهوامش [1] عبد الحليم منتصر، عجائب المخلوقات، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، ص 5. [2] عزيز العلي العزي، علم الحيوان في العراق في القرن السابع الهجري، بغداد: المورد، 2000، مج 28، ع 3، ص 47. [3] القزويني، عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات، بيروت: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، 2000، ص 9. [4] القزويني، المرجع السابق، ص 13. [5] نفس المرجع السابق، ص 10. [6] عزيز العلي العزي، المرجع السابق، ص 48. [7] القزويني، ص8. [8] محمد باقر علوان، كتب عجائب المخلوقات في الأدب العربي، بغداد: المورد، مج 3, ع2، 1974، ص 339. [9] القزويني، المرجع السابق، 61. [10] القزويني، المرجع السابق، ص94. [11] القزويني، المرجع السابق، ص 66.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |