|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() آيات وأحاديث صحيحة في السياسة محمد بن علي بن جميل المطري الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فلا يخفى على المتدبر لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وجود آيات وأحاديث كثيرة في السياسة بما يصلح العباد والبلاد، وبما يجلب المصالح ويكملها ويدفع المفاسد ويقللها، فالشريعة الإسلامية كاملة شاملة لجميع نواحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغير ذلك، حتى أن أطول آية في كتاب الله آية المداينة في سورة البقرة تتكلم عن الديون وتوثيقها بالكتابة والشهود، وصدق الله إذ يقول: {{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}} . فالإسلام دين ودولة، وكل ما يصدر من المكلفين له حكم في الشريعة: إما بالوجوب أو الندب أو الحرمة أو الكراهة أو الإباحة {{مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}} . ومن أعظم الأشياء التي لم تغفل عنها الشريعة: السياسة، سواء في السلم والحرب، وفي حال القوة ووفي حال الضعف، وفي حال الاستقرار وفي وقت الفتن، وفيما يتعلق بالحكام وما يتعلق بالرعية. ففي القرآن الكريم آيات سياسية كثيرة منها: قوله تعالى: {{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}} ، وقوله سبحانه: {{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا }} ، وقوله عز وجل: {{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}} ، وقوله عز وجل: {{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}} ، وقوله عز وجل: {{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }} . وفي السنة أحاديث سياسية كثيرة جدا، لا سيما ما يتعلق بالفتن من أجل الملك والسلطان، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بكل ما سيكون بعده من الفتن ففي صحيح مسلم (2892) عن عمرو بن أخطب رضي الله عنه قال: «صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر، وصعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر، فنزل فصلى، ثم صعد المنبر، فخطبنا حتى حضرت العصر، ثم نزل فصلى، ثم صعد المنبر، فخطبنا حتى غربت الشمس، فأخبرنا بما كان وبما هو كائن» فأعلمنا أحفظنا. وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ستكون فتن، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، من تشرف لها تستشرفه، فمن وجد منها ملجأ، أو معاذا، فليعذ به»» . ومن أعظم الأحاديث في الفتن حديث حذيفة رضي الله عنه، وهو حديث نبوي عظيم في السياسة من أخذ به اهتدى، ومن تركه ضل {{وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}} . روى هذا الحديث عن حذيفة خمسة من التابعين: أبو إدريس الخولاني وأبو سلَّام الحبشي وسُبيع بن خالد اليشكري وعبد الرحمن بن قُرط وزيد بن وهب. وهذا أحد أسانيده يرويه يمني عن يمني عن حذيفة بن اليمان العبسي اليماني. قال البخاري (7084) ومسلم (1847): «حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا ابن جابر، حدثني بسر بن عبيد الله الحضرمي، أنه سمع أبا إدريس الخولاني، أنه سمع حذيفة بن اليمان، يقول: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: «نعم» قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: «نعم، وفيه دخن» قلت: وما دخنه؟ قال: «قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر» قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: «نعم، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها» قلت: يا رسول الله صفهم لنا، قال: «هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا» قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم» قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: «فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك» ». وفي رواية أحمد (23282) وأبي داود (4246) في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى حذيفة عند الفتن بتعلم القرآن واتباعه تسع مرات، كان يقول لحذيفة: "يا حذيفة، تعلم كتاب الله واتبع ما فيه " ثلاث مرار ثم قالها له ثلاث مرار ثم قالها له ثلاث مرار وهو يسأله عن تلك الأسئلة العظيمة. وهذا الحديث السياسي عظيم الشأن جدا، ما أحوج المسلمين إليه للخلاص من الفرقة والحزبية التي فرقت جمعهم، وشتت شملهم، وأذهبت شوكتهم، فكان ذلك من أسباب تمكن العدو منهم، مصداق قوله تبارك وتعالى: {{وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}} ، فطريق النجاة أن نعتصم جميعا بكتاب الله وسنة رسوله كما قال الله سبحانه: {{ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}} وقال سبحانه: { { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا }} . قال العلامة ابن بطال في شرح صحيح البخاري (10/ 33): "هذا الحديث من أعلام النبوة، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم أخبر حذيفة بأمور مختلفة من الغيب لا يعلمها إلا من أوحي إليه بذلك من أنبيائه الذين هم صفوة خلقه، وفيه حجة لجماعة الفقهاء في وجوب لزوم جماعة المسلمين وترك القيام على أئمة الجور، ألا ترى أنه صلى الله عليه وسلم وصف أئمة زمان الشر فقال: (دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها) فوصفهم بالجور والباطل والخلاف لسنته؛ لأنهم لا يكونون دُعاةً على أبواب جهنم إلا وهم على ضلال، ولم يقل فيهم: تعرف منهم وتنكر، كما قال في الأولين، وأمر مع ذلك بلزوم جماعة المسلمين وإمامهم، ولم يأمر بتفريق كلمتهم وشق عصاهم". وقد جاء هذا التوجيه النبوي الحكيم في أحاديث كثيرة منها ما رواه البخاري ومسلم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان فيما أخذ علينا «أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةً عَلَيْنَا، وَأَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا، عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ». وفي صحيحِ مسلم عن أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: ««إِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ, فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ؛ فَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ بَرِئَ, وَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ سَلِمَ؛ وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ», قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا نُقَاتِلُهُمْ؟ قَالَ: «لَا! مَا صَلَّوْا»» . وروى مسلم في صحيحه عن عوف بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ««خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، ويصلون عليكم وتصلون عليهم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم»، قيل: يا رسول الله، أفلا ننابذهم بالسيف؟ فقال: «لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، وإذا رأيتم من ولاتكم شيئا تكرهونه، فاكرهوا عمله، ولا تنزعوا يدا من طاعة»» ولا يعني لزوم جماعة المسلمين وإمامهم وإن كانوا من الدعاة على أبواب جهنم أن يجابوا إلى ما يدعون إليه من الضلال، فإن النبي صلى الله عليه وسلم حذر من إجابتهم إلى الضلال وأخبر أن من أجابهم قذفوه في النار، وفي صحيح البخاري ومسلم عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا طاعة في معصية، إنما الطاعة في المعروف». وقد أخذ بهذا التوجيه النبوي أئمة السنة ولهذا لما كان بعض الخلفاء العباسيين يدعون الناس إلى القول بخلق القرآن وهي دعوة إلى ضلالة، لزم الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله جماعة المسلمين وإمامهم الذي كان يدعو إلى الضلالة والكفر متأولا، ولم يكفِّره ولم يفت الناس بالخروج عليه، وأيضا لم يجبه إلى تلك الضلالة، وصبر على الضرب والحبس وتعرض للقتل، وصدع بالحق وأبى أن يقول الباطل. هذا والشريعة الإسلامية توجب على المسلم أن ينصح لولاة الأمر بقدر استطاعته ففي صحيح مسلم عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ««الدين النصيحة» قلنا: لمن؟ قال: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»» . وروى البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «« ما استُخلف خليفة إلا له بطانتان: بطانة تأمره بالخير وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه، والمعصوم من عصم الله »» . وروى أبو داود بسند صحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أراد الله بالأمير خيرا جعل له وزير صدق، إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه، وإذا أراد الله به غير ذلك جعل له وزير سوء، إن نسي لم يذكره، وإن ذكر لم يعنه». وروى النسائي وصححه الألباني عن طارق بن شهاب رضي الله عنه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الجهاد أفضل؟ قال: «كلمة حق عند سلطان جائر». هذا ومن لم يستطع من العلماء أن يقول الحق فعليه أن لا يقول الباطل، فالعلماء يختلفون في القوة والضعف، وقد يعجز بعض العلماء عن قول الحق أو يخاف من الطغاة فيسكت، وقد يكون آثما بسكوته وربما يكون معذورا عند الله، ولكن لا يجوز له أن يتكلم بالباطل إرضاء للولاة، روى أحمد في مسنده (14441) وصححه الأرناؤط والألباني عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عجرة: " أعاذك الله من إمارة السفهاء "، قال: وما إمارة السفهاء؟، قال: " أمراء يكونون بعدي، لا يقتدون بهديي، ولا يستنون بسنتي، فمن صدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، فأولئك ليسوا مني، ولست منهم، ولا يردوا علي حوضي، ومن لم يصدقهم بكذبهم، ولم يعنهم على ظلمهم، فأولئك مني وأنا منهم، وسيردوا علي حوضي" وهذا الحديث مشهور جاء عن عدة من الصحابة منهم: كعب بن عجرة وعبد الله بن عمر والنعمان بن بشير وحذيفة وخباب بن الأرت رضي الله عنهم وكلها في مسند أحمد. هذا؛ وقد كان بعض السلف يتكلم عند الولاة الظلمة بكل جرأة ويبيع نفسه لله ولا يخاف في الله لومة لائم، وكان بعضهم لا يقوى على ذلك، وفي الحديث الصحيح: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير »، وإليكم بعض الأخبار السياسية المتنوعة من سير السلف رضي الله عنهم وهي نافعة جدا لمن تأملها:
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |