كتاب الحج والعمرة للشيخ فيصل مولوي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         أسباب انقطاع الرزق - أكل المال الحرام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          خطاب إلى الدعاة: رؤية دعوية إصلاحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          مشروبات دافئة بالقرفة والتفاح لمواجهة تقلب الطقس فى الخريف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          5 طرق لتعطير حمامك ومنحه رائحة منعشة.. منها استخدام صودا الخبز (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          مع بداية الخريف.. وصفات طبيعية تحافظ على نضارة وجمال بشرتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          5 خطوات بسيطة تساعد الأمهات على إدارة التوتر قبل عودة المدارس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          مقارنات الأطفال فى السابلايز والأدوات المدرسية.. إزاى تتعاملى معاها بحكمة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          5 تسريحات شعر تزيد التقصف ابعدى عنها.. أولها الكحكة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          4 مشروبات ديتوكس تعزز نضارة البشرة وتحافظ على ترطيبها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          طريقة عمل تارت الشوكولاتة بمكونات خفيفة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > ملتقى الحج والعمرة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 26-06-2023, 01:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,307
الدولة : Egypt
افتراضي كتاب الحج والعمرة للشيخ فيصل مولوي

كتاب الحج والعمرة للشيخ فيصل مولوي



الفصل الأول: الحج في القرآن الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم {وأَتِمُّوا الحَجَّ والعُمْرَةَ للَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُؤوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أو بِهِ أذًى مِن رأَسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أوْ صَدَقَةٍ أو نُسُكٍ فَإذَا أَمِنتُم فَمَن تَمَتَّعَ بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ فَمَا استَيْسَرَ مِنَ الهَدْي فَمَن لم يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ في الحَجِّ وسَبْعَةٍ إذَا رَجَعْتُم تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لم يَكُن أهْلُهُ حَاضِرِي المَسْجِدِ الحَرَامِ واتَّقُوا اللَّهَ واعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ * الحَجُّ أشْهُرٌ معلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وتَزَوَّدُوا فَإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى واتَّقُونِ يَا أُولِي الألْبَابِ * لَيْسَ عَلَيْكُم جُنَاحٌ أن تَبتَغُوا فَضْلاً مِّن رَّبِّكُم فَإذَا أفَضْتُم مِّنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ المَشْعَرِ الحَرَامِ واذْكُرُوهُ كما هَدَاكُم وإن كُنتمُ من قَبْله لِمَنَ الضَّالِّينَ * ثُمَّ أَفِيضُوا مِن حَيْثُ أفَاضَ النَّاسُ واسْتَغفِرُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيم * فَإذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّه كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُم أو أشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ من يَقُولُ رَبَّنا آتِنَا فِي الدُّنْيَا ومَا لَهُ في الآخِرَةِ مِن خَلاق * وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنةً وفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُوْلَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا واللَّهُ سَرِيعُ الحِسَابِ * واذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ معْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ في يَومَيْنِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى واتَّقُوا اللَّهَ واعْلَمُوا أنَّكُم إِلَيْهِ تُحْشَرُون}. (البقرة: 195- 203).
شرح المفردات:
وأتموا الحج والعمرة لله: أي إذا بَدأتم مناسِكها وجَب عليكم إتمامها، وإذا فاتكم ذلك وجب القضاء.
أحْصِرتُم: الإِحصار هو المنع من إتمام المناسِك بسبب عَدو أو غيره.
استَيْسَر: تيسَّر.
الهَدْي: ما يُهدى من الأنعام تقرُّباً إلى الله، وعند الإِحصار ذَبح شاة على الأقل.
مَحِلّه: أي المكان الذي يُذبح فيه، وهو مِنى للحاج، والمروة للمعتمر.
صيام أو صَدقة أو نُسك: من كان لا يستطيع الحلق لمرض أو أذى فعليه الفِدية صِيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة.
فإذا أمِنتم: من الأمان أي إذا استَطعتم إتمام المناسك.
فمن تمتَّع بالعمرة إلى الحج: التَّمتع هو الإِحرام من الميقات بالعمرة، فيدخل مكة ويعتمر، ثم يتحلل من الإِحرام ويَعود إلى الحياة العاديَّة منتظراً يوم الثامن من ذي الحجة، حيث يحرم بالحج ويتابع المناسك. فهو في فَترة انتظار مَوعد الحج يتمتع بكل شيء، ولذلك يَجب عليه ذَبح شاة، فإن لم يجد فَصِيام عشرة أيام، ثلاثة في الحج، وسبعة بعد الرجوع إلى بلده. وهذا التمتع لمن ليس من أهل مكة أو المقيمين فيها.
أشهر معلومات هي: شوال، وذو القعدة، وعشرة أيام من ذي الحجة.
فرض فيهنَّ الحج: أوجب على نفسه إتمامه بالإِحرام.
فلا رَفث: الرفث هو ذِكر الجماع ودَواعيه، ويأتي كناية عن الجِماع.
ولا فُسوق: إتيان المعاصي.
ولا جِدال: المناقشة والمشادة حتى يُغضب الرجل صاحبه.
وتزودوا: زاد السفر وزاد التقوى، فقد كان بعض العرب في الجاهلية يخرجون للحج بغير زاد، ويقولون: نحجّ بيت الله ولا يطعمنا؟؟.
أن تَبْتَغوا فضلاً: تحرَّج المسلمون من التجارة في الحج، فنزلت هذه الآية تبيح ذلك كما روى البخاري.
فإذا أفَضْتُم: أي نزلتم.
المَشْعَر الحرام: هو المزدَلِفة.
ثم أفيضوا من حيثُ أفاض الناس: كانت قُريش تَقف بالمزدَلفة وسائِر العَرب في عَرفات، فأُمرت قريش أن تقف مع الناس، وتفيض من حيث أفاض الناس.
أيام مَعدودات: هي أيام التشريق 11- 12- 13 من ذي الحجة.
حول مناسك الحج
قال تعالى : {إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ويَصُدُّونَ عَن سَبِيل اللَّهِ والمَسْجِدِ الحَرَامِ الذي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً العَاكِفُ فِيهِ والبَادِ ومَن يُرِدْ فِيهِ بإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ البَيْتِ أن لا تُشْرِكْ بِي شَيئاً وطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ والقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وأَذِّن فِي النَّاسِ بِالحَجِّ يَأتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ، لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ ويَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى ما رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأنْعَامِ فَكُلُوا مِنْها وأَطْعِمُوا البَائسَ الفَقِيرَ * ثُمَّ ليَقْضُوا تَفَثَهُمْ ولْيُوفُوا نُذُورَهُمْ ولْيَطَّوَّفُوا بِالبَيْتِ العَتِيقِ * ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وأُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعَامُ إلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأوْثَانِ واجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ، حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأنَّما خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ * ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّم شَعَائر اللَّهِ فَإنَّها مِن تَقْوَى القُلُوبِ * لَكُم فِيهَا مَنَافِعُ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إلى البَيْتِ العَتِيقِ، ولِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنَسكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فإلهُكُم إلهٌ واحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ المُخبِتينَ * الَّذِينَ إذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ والصَّابِرِينَ عَلَى مَا أصَابَهُم والمُقِيمي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُم يُنفِقُونَ * والبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم من شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُم فِيهَا خَيرٌ فاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وأَطْعِمُوا القَانِعَ والمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرنَاها لَكُم لَعَلَّكُم تَشْكُرُون * لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُها ولَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُم كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُم لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ المُحْسِنِينَ}. (الحج: 24- 37).
شرح المفردات:
العاكُف فيه: المقيم.
الباد: الظّاهر: من بدا أي ظهر، والمقصود هنا الزائر.
بإلحاد: من يُرد فيه إلحاداً، أي عَملاً مخالفاً للدين وطاعناً فيه، والباء زائدة أي (من يرد فيه إلحاداً بظلم)
بَوَّأنا: هَيأنا.
رجالاً: أي على أَرجلهم.
وعلى كل ضامر: أي ركوباً على كل دابة ضمرت من التَّعب والجوع بسبب السفر.
فج: الفج هو الطريق الواسع بين جبلين.
ويذكروا اسمَ الله في أيام معلوماتٍ على ما رَزقهم من بهيمة الأنعام: كناية عن نَحر الذبائح يوم النَّحر وأيام التشريق.
حنفاء لله: الحنيف هو المستقيم.
حُرمات الله: جمع حُرمة، وهي ما لا يحل انتهاكه.
شعائر الله: ذبائح الحج.
لكم فيها منافع: يَجوز الانتفاع بها بالركوب إلى أن تبلغ مكان نحرها.
محلها: أي مكان حلها.
منسكاً: الموضوع الذي تُذبح فيه النسك.
المُخبِتين: الخاشِعين- الخاضعين.
البُدْن: جمع بُدْنة، وهي الناقة.
صوافَّ: أي صفت أَقدامها إعداداً للنَّحر، والإِبل تنحر وهي قائمة على ثلاثة أرجل.
وجبت جنوبها: اطمأنَّت على الأرض بموتها.
القانع: الذي لا يَسأل.
المعترّ: الذي يَتعرَّض للسُّؤال.
وجوب الحج
قال تعالى : {إنَّ أوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ للَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلعَالَمِينَ، فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إبْرَاهِيمَ ومَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً ولِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ومَن كَفَرَ فَإنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ}. (آل عمران: 96- 97)
شرح المفردات
مقام إبراهيم: هو الحجر الذي وَقف إبراهيم عَليه عند بناء الكعبة، وكان ملتصقًا بها فأخَره الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، حتى لا يقع تشويش بين الطائفين والمصلين عند المقام؛ إذ من السنّة صلاة رَكعتي الطواف عنده {واتخِذوا مِن مقامِ إبراهيم مُصَلى…}.
المواقيت: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالحَجِّ وَلَيْسَ البِرُّ بِأن تَأْتُوا البُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا ولَكِنَّ البِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا البُيُوتَ مِنْ أبْوَابِهَا واتَّقُوا الله لَعَلَّكُم تُفْلِحُونَ}. (البقرة: 189).
شرح المفردات
الأهِلَّة: جمع هِلال، وهو القمر في لياليه الثلاث الأولى. وقد سأل المسلمون عن القمر وتغيّر إهلاله، فأجيبوا أن ذلك لتحديد مواقيت الناس في عِبادتهم وأعمالهم.
السعي: {إنَّ الصَّفَا والمَرْوَة مِن شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}. (البقرة: 158)
شرح المفردات
فلا جُناح: لا إثم، وذلك أن المسلمين تحرَّجوا من السَّعي بين الصفا والمروة؛ لأنه كان من فِعل الجاهلية، فبيَّن الله تعالى أن السعي مِن شعائره، وقد أخذه العَرب عن جدِّهم إبراهيم إلّا أنهم وضَعوا صنمًا على الصفا وآخر على المروة، فلما أزالهما الإِسلام لم يكن هناك حَرج في السَّعي إحياء لشعائر الله.
الفصْل الثاني : الحج في السنّة المطهرة
في هذا الفَصل حِجة النبي (صلى الله عليه وسلم) كما ذَكرها جابر بن عَبد الله (رضي الله عنه)، وكان يقود راحِلَة النبي (صلى الله عليه وسلم)، وقد رواها مسلم، وأبو داود بهذا اللفظ، كما روى البخاري والنسائي والترمذي بعضها، وهي المسماة حِجة الوَداع، وهي الحِجة الوحيدة لرسول الله (صلى الله عليه وسلم).
أما سائر ما وَرد في السنّة مما يتعلق بالحج فتَجد كثيراً منه في سِياق الحديث عن أحكام الحج ومناسِكه.
حديث حِجة الوداع
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: “… أن رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم) مكثَ تسع سنين لم يحجّ، ثم أذّن في الناس في العاشِرة أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حاجٌّ، فقدِم المدينة بشر كثير كلُّهم يلتمس أن يأتمَّ برسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ويعمل مثل عمله؛ فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحُلَيفة، فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر، فأَرسلت إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم): كَيف أصنع؟ قال: اغتَسلِي واستثفِري بثوبٍ وأَحرمي، فصلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في المسجد ثم ركب القَصواء حتى إذا استَوت به ناقته على البَيداء، نظرت إلى مدِّ بصري بَين يديهِ من راكب وماشٍ، وعن يمينه مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك؛ ورسول الله بين أَظهرنا، وعليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله، وما عَمل به من شيء عملنا به، فأهلَّ بالتوحيد: “لَبَّيك اللهمَّ لبيك، لَبَّيك لا شَريك لك لَبيك، إن الحمدَ والنِّعمة لَكَ والملك، لا شَريك لك”. وأهلَّ الناس بهذا الذي يُهلُّون به، فلم يرد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عليهم شيئاً منه، ولزم رسول الله تلبيتَه.
قال جابر: لسنا نَنوي إلّا الحج، لسنا نَعرف العُمرة، حتى إذا أَتينا البيت معه استَلم الركن، فرَمل ثلاثاً ومَشى أربعاً ثم نَفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام فقرأ: {واتَّخذوا من مَقام إبراهيم مُصلَّى}، فجَعل المقام بينه وبين البَيت، وكان يقرأ في الركعتين {قُلْ هُوَ الله أَحد} و{قُلْ يَا أيُّها الكَافِرُون}، ثم رجع إلى الركن فاستَلمه، ثم خرج من الباب إلى الصفا.
فلما دنا من الصفا قرأ: {إنَّ الصَّفا والمَروة من شَعائِرِ الله} أَبدأ بما بدأ الله به، فبدأ بالصفا، فرقيَ(1) عليه حتى رأى البيت، فاستقبل القِبلة فوحَّد الله وكبّره، وقال: “لا إله إلا الله وحده لا شَريك له، له المُلك وله الحَمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونَصر عبده، وهَزم الأحزاب وحده” ثم دعا بين ذلك، قال مثل هذا ثلاث مرات، ثم نزل إلى المروة، حتى إذا انْصبَّت قدماه في بطن الوادي سعى، حتى إذا صَعدَتا مشى حتى أتى المروة فَفَعل على المروة كما فعَل على الصَّفا.
حتى إذا كان آخر طوافه على المروة، فقال: “لو أني استقبلت من أمري ما استدبَرت لم أَسُقِ الهَديَ، وجَعلتُها عُمرة، فمن كان مِنكم ليسَ معه هديٌ فليحلّ، وليَجعلها عُمرة”، فقام سُراقة بن مالك فقال: يا رسول الله ألِعامنا هذا أم لأبد؟ فشبَّك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أصابعه واحدة في الأخرى، وقال: “دخلت العمرة في الحج مرتين، لا بل لأبد أبد”.
وقدم عليٌّ من اليمن ببدن النبي (صلى الله عليه وسلم)، فوجد فاطمة (رضي الله عنها) ممن حلَّ، ولبست ثياباً صبيغاً ؟ واكتحلت، فأنكر ذلك عليها، فقالت: إن أبي أمرني بهذا.
قال: فكان عليٌّ يقول بالعراق: فذهبت إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مُحَرِّشاً على فاطمة للذي صنعَت، مستفتياً لِرسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيما ذكرَت عنه، فأخبرتُه أني أنكرت ذلك عليها. فقال: صدقتْ صدقتْ. ماذا قُلتَ حين فرضتَّ الحج؟ قال: قلت: اللهمّ إني أُهلُّ بما أهلّ به رسولك، قال: فإن معي الهدي فلا تحلَّ. قال: فكان جماعة الهدي الذي قدِم به عليّ من اليمن، والذي أتى به النبي (صلى الله عليه وسلم) مائة.
قال: فحلَّ الناس كلهم وقصَّروا، إلَّا النبيَّ (صلى الله عليه وسلم) ومَن كان معه هدي. فلما كان يوم التَّروية توجَّهوا إلى مِنى فأهلّوا بالحج ورَكب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فصلّى بها الظهر والعصر والمغرب والعِشاء والفجر، ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس، وأمر بقُبَّة من شَعر تُضرب له بنمرة، فسار رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ولا تشك قريش إلّا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية. فأجاز رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضُربت له بنمِرة، فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس، أمر بالقَصواء فرُحِّلت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس، وقال: “إن دماءَكم وأموالَكم حرامٌ عليكم كحرمة يَومكم هذا في شَهرِكم هذا في بلدكم هذا. ألا كل شَيء من أمر الجاهلية تَحت قدميَّ موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أوّل دم أَضع من دمائنا دم ابن رَبيعة بن الحارث، كان مسترضعاً في بني سَعد فقتلته هُذيل. وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع ربانا، ربا عباس بن عبد المطلب، فإنه موضوع كله. فاتَّقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألا يوطِئن فرشَكم أحداً تَكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهنَّ ضرباً غير مُبَرِّح. ولهنَّ عليكم رزقهنَّ وكسوتهنَّ بالمعروف. وقد تركت فيكم ما لن تَضِلّوا بعده إن اعتصمتُم به: كتاب الله. وأنتم تُسألون عني فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهدُ أنك قد بلّغت وأدَّيت ونَصَحْت، فقال بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: اللهمَّ فاشهد، اللهمَّ فاشهد، اللهمّ فاشهد ثلاث مرات”.
ثم أذن، ثم أقام فصلّى الظهر، ثم أَقام فصلّى العصر، ولم يصلِّ بينهما شيئًا، ثم ركِب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى أتى الموقف، فَجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة، فلم يزل واقفاً حتى غربت الشمس وذهبت الصّفرة قليلاً حتى غاب القُرص، وأردف أسامة خلفه، ودفع (صلى الله عليه وسلم) وقد شنق للقصواء الزمام، حتى أن رأسها ليصيب مورك رحله، ويقول بيده اليمنى: “أيها الناس، السَّكينة، السَّكينة” كلما أتى حبلاً من الحبال أرخى لها قليلاً حتى تصعد، حتى أتى المزدلفة، فصلّى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ولم يسبِّح بينهما شيئًا.
ثم اضطجع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى طلع الفجر، وصلّى الفجر حين تبيَّن له الصبح بأذان وإقامة، ثم ركب القَصواء حتى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة فدعاه، وكبَّره، وهلَّله، ووحده، فلم يزل واقفًا حتى أسفر جدًا.
فدفع قبل أن تطلع الشمس، وأردف الفضلَ بن عباس، وكان رجلاً حسن الشعر أبيض وسيماً، فلما دفع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مرت به ظُعُن يجرين فطفق الفضل ينظر إليهن، فوضع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يَده على وجه الفضل، فحوّل الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر، فحوّل رسول الله يده من الشق الآخر على وجه الفضل، يصرف وجهه من الشق الآخر ينظر حتى أتى بطن محسِّر فحرك قليلاً، ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى، حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة، فرماها بسبع حصيات -يكبِّر مع كل حصاة منها- مثل حصى الخذف، رمى من بطن الوادي.
ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثًا وستين بيده، ثم أعطى عليًّا فنحر ما غبر وأشركه في هديه، ثم أمر من كل بدنة ببضعة، فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها.
ثم ركب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأفاض إلى البيت، فصلّى بمكة الظهر، فأتى بني عبد المطلب يسقون على زمزم، فقال: “انزعوا بني عبد المطلب، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم، فناولوه دلوًا فشرب منه”.
الفصْل الثالث : الحج : حكمه – فضله – شروطه ومسائل أخرى
قال الله تعالى: {إنَّ أوَّلَ بيتٍ وُضع للناسِ لَلَّذي ببكَّةَ مباركاً وهُدى للعالمين، فيه آياتٌ بيناتٌ مقامُ إبراهيمَ ومَن دخله كان آمنًا، ولِلَّه على النَّاس حِجُّ البيتِ من استَطاعَ إليه سَبيلاً ومن كَفرَ فإنّ الله غَني عن العالَمين} [آل عمران: 97[.
أولاً : تعريفه :
قصد مكة لأداء المناسك. وهو أحد أركان الإِسلام الخمسة، للحديث الصحيح المشهور، ومِن الفرائض المعلومة من الدين بالضرورة، فيكفر منكره ويعتبر مرتدًّا عن الإِسلام. وقد فُرض الحج في السنة السادسة للهِجرة على رأي الجمهور.
ثانياً : حكمه:
والحج فَرض على كل مسلم مَرة في العمر، وما زاد فهو تَطوّع. وقد ثبتت فرضيته بالآية المذكورة وغيرها من الآيات وبكثير من الأحاديث الصحيحة. أما أنه مرة في العمر فلحديث أبي هريرة، قال: خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: “يا أيها الناس، إن الله كتبَ عليكم الحج فحُجوا”، فقال رجل: أكلَّ عام يا رسول الله؟ فسكتَ حتى قالها ثلاثًا، ثم قال (صلى الله عليه وسلم): “لو قلتُ نَعم لوجبتْ ولما استطعتم…” رواه البخاري ومسلم.
وذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد وجمهور العلماء إلى أن الحج فرض على الفور، أي يجب على المسلم أداؤه فور تمكنه من ذلك، وتحقق شروط الوجوب والاستطاعة، فإن أخَّره أثم. وذهب الشافعي إلى أن الحج فرض على التراخي، فلا يأثم من أخَّره ولو كان مستطيعًا إذا أدَّاه قبل الوفاة، أما إذا أَدركته الوفاة قبل أداء الحج فهو آثم، كما يقول الإِمام الغزالي في كتابه “إحياء علوم الدين”.
ثالثًا: فضله:
وقد ورد في ذلك كثير من الأحاديث، نذكر منها:
-عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سُئل رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم): أيُّ العمل أفضل؟ قال: “إيمانٌ بالله ورسوله”، قيل: ثم ماذا؟ قال: “الجهاد في سبيل الله”، قيل: ثم ماذا؟ قال؛ “حج مبرور” متفق عليه.
-عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “من حجَّ فلم يَرفُث ولم يَفسُق، رَجع كيوم ولدته أمه” متفق عليه. الرفَث: هو الكلام البذيء، ويأتي بمعنى الجماع.
-عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “العمرة إلى العمرة كَفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلّا الجنة” رواه الشيخان.
يتبع






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 162.68 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 160.95 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.06%)]