|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() أحكام الرضاع والظهار والإيلاء والخلع د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]. ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله عز وجل، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النارِ، أما بعدُ: فحَدِيثُنَا معَ حضراتِكم في هذه الدقائقِ المعدوداتِ عنْ موضوع بعنوان: «أحكام الرضاع، والظهار، والإيلاء، والخُلْعِ». وسوف ينتظم حديثنا مع حضراتكم حول أربعة محاور: المحور الأول:أحكام الرضاع. المحور الثاني:أحكام الظهار. المحور الثالث:أحكام الإيلاء. المحور الرابع:أحكام الخُلْعِ. واللهَ أسألُ أن يجعلنا مِمَّنْ يستمعونَ القولَ، فَيتبعونَ أَحسنَهُ، أُولئك الذينَ هداهمُ اللهُ، وأولئك هم أُولو الألبابِ. المحور الأول: أحكام الرضاع: اعلموا أَيُّها الإخوةُ المؤمنون أنَّهُ إِذَا أَرْضَعَتِ امرَأَةٌ طِفْلًا أَقل منْ عَامينِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ، صَارَتْ أُمَّهُ، وَهُوَ وَلَدُهَا مِنَ الرَّضَاعِ، وَصَارَتْ أُمَّهَاتُهَا جَدَّاتِهِ، وَآبَاؤُهَا أَجْدَادَهُ، وَأَوْلَادُهَا إِخْوَتَهُ، وَأَخَوَاتِهِ وَإِخْوَتُهَا أَخْوَالَهُ، وَأَخَوَاتُهَا خَالَاتِهِ، وَجَازَ لهُ أَنْ يَخلو بِهِنَّ، ويُسافرنْ معَهُ، ولم يجُزْ لَهُ الزَّواجُ منْهُنَّ. لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ ﴾ [النساء: 23]، نَصَّ عَلَى هَاتَيْنِ فِي المُحَرَّمَاتِ، فَدَلَّ عَلَى مَا سِوَاهُمَا. وَرَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الرَّضَاعَةُ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الوِلَادَةُ»[1]. وَرَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الرَّحِمِ»[2]. وَصَارَ الطِّفْلُ وَلَدًا لِزَوْجِ المَرْأَةِ الَّتِي أَرْضَعَتْهُ، وَأَوْلَادُهُ أَوْلَادَ وَلَدِهِ، وَصَارَ الرَّجُلُ أَبًا لَهُ، وَآبَاؤُهُ أَجْدَادَهُ، وَأُمَّهَاتُهُ جَدَّاتِهِ، وَأَوْلَادُهُ إِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ، وَإِخْوَتُهُ وَأَخَوَاتُهُ أَعْمَامَهُ وَعَمَّاتِهِ. رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: إِنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي القُعَيْسِ اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ بَعْدَ مَا نَزَلَ الحِجَابُ، فَقُلْتُ: وَاللهِ لَا آذَنُ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ أَخَا أَبِي القُعَيْسِ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي القُعَيْسِ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَتُهُ، قَالَ: «ائْذَنِي لَهُ، فَإِنَّهُ عَمُّكِ تَرِبَتْ يَمِينُكِ»، قَالَ عُرْوَةُ: فَبِذَلِكَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: «حَرِّمُوا مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَب»[3]. وَلَا يَثْبُتُ الرَّضَاعُ إِلَّا بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ. رَوَى مُسْلِمٌ عنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: «كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنَ القُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنَ القُرْآنِ»[4]، وَهَذَا الخَبَرُ يُفَسِّرُ الرَّضَاعَةَ المُحَرِّمَةَ فِي الآيَةِ. وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أُمِّ الفَضْلِ ڤ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ، أَوِ الرَّضْعَتَانِ، أَوِ المَصَّةُ، أَوِ المَصَّتَانِ»[5]. وَلَا تَثْبُتِ الحُرْمَةُ بِالرَّضَاعِ بَعْدَ العَامَيْنِ، فَلَوِ ارْتَضَعَ بَعْدَهُمَا بِلَحْظَةٍ، لَمْ تَثْبُتِ الحُرْمَةُ. لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ﴾ [البقرة: 233]، فَجَعَلَ تَمَامَهَا فِي الحَوْلَيْنِ، فَدَّلَ عَلَى أَنَّهُ لَا حُكْمَ لِلْرَضَاعِ بَعْدَهُمَا. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يُحَرِّمُ مِنَ الرِّضَاعَةِ إِلَّا مَا فَتَقَ الأَمْعَاءَ فِي الثَّدْيِ، وَكَانَ قَبْلَ الفِطَامِ»[6]. وَإِنْ شَهِدَ بِالرَّضَاعِ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ مَرْضِيَّةٌ عَلَى أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُ خَمْسًا فِي الحَوْلَيْنِ، أَوْ شَهِدَتْ أَنَّ فُلَانَةً أَرْضَعَتْهُ خَمْسًا فِي الحَوْلَيْنِ ثَبَتَ الرَّضَاعُ بِذَلِكَ. رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الحَارِثِ رضي الله عنه قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «وَكَيْفَ وَقَدْ قِيلَ؟ دَعْهَا عَنْكَ»[7]. المحور الثاني: أحكام الظهار: اعلموا أَيُّها الإخوةُ المؤمنون أنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الزَّوجِ أَنْ يَقُولَ لِزَوجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، أَوْ: ظَهْرِ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ، كَجَدَّتِهِ، وَسَائِرِ مَحَارِمِهِ مِنَ النَّسَبِ، أَوِ الرَّضَاعِ، أَوِ المُصَاهَرَةِ. لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿ الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ﴾ [المجادلة: 2]. وَلَا يَجُوزُ لِلمُظَاهِرِ أَنْ يُجَامِعَ زَوْجَتَهُ قَبْلَ إِخْرَاجِ الكَفَّارَةِ. لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [المجادلة: 3، 4]، وَالعَوْدُ هُوَ الوَطْءُ. فَإِنْ جَامَعَ قَبلَ أَنْ يُكَفِّرَ أَثِمَ، وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنَ الكَفَّارةِ التي وَجَبَتْ عَلَيهِ. رَوَى أَبُو دَاودَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَجُلًا ظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ، ثُمَّ وَاقَعَهَا قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: «مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟»، قَالَ: رَأَيْتُ بَيَاضَ سَاقَيْهَا فِي الْقَمَرِ، قَالَ: «فَاعْتَزِلْهَا حَتَّى تُكَفِّرَ عَنْكَ»[8]. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ الْبَيَاضِيِّ رضي الله عنهعَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي المظَاهِرِ يُوَاقِعُ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ، قَالَ: «كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ»[9]. وكَفَّارَةُ الظِّهَارِ: تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ، فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، فَإِنْ أَفْطَرَ فِيهِمَا لِغَيْرِ عُذْرٍ، اسْتَأْنَفَ الصِّيَامَ، فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعِ الصِّيامَ، فَعَلَيهِ إِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا. لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [المجادلة: 3، 4]. وَرَوَى أَبُو دَاودَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ خُوَيْلَةَ بِنْتِ مَالِكِ بْنِ ثَعْلَبَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: ظَاهَرَ مِنِّي زَوْجِي أَوْسُ بْنُ الصَّامِتِ، فَجِئْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَشْكُو إِلَيْهِ، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُجَادِلُنِي فِيهِ، وَيَقُولُ: «اتَّقِي اللهَ، فَإِنَّهُ ابْنُ عَمِّكِ»، فَمَا بَرِحْتُ حَتَّى نَزَلَ الْقُرْآنُ: ﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ * الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ * وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [المجادلة: 1 - 4]. فَقَالَ: «يُعْتِقُ رَقَبَةً». قَالَتْ: لَا يَجِدُ. قَالَ: «فَيَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ». قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّهُ شَيْخٌ كَبِيرٌ مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ. قَالَ: «فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا». قَالَتْ: مَا عِنْدَهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَصَدَّقُ بِهِ. قَالَتْ: فَأُتِيَ سَاعَتَئِذٍ بِعَرَقٍ مِنْ تَمْرٍ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ فَإِنِّي أُعِينُهُ بِعَرَقٍ آخَرَ. قَالَ: «قَدْ أَحْسَنْتِ، اذْهَبِي، فَأَطْعِمِي بِهَا عَنْهُ سِتِّينَ مِسْكِينًا، وَارْجِعِي إِلَى ابْنِ عَمِّكِ». وَالْعَرَقُ: سِتُّونَ صَاعًا[10]. أقولُ قولي هذا، وأَستغفرُ اللهَ لي، ولكُم. الخطبة الثانية الحمدُ لله وكفى، وصلاةً وَسَلامًا على عبدِه الذي اصطفى، وآلهِ المستكملين الشُّرفا، أما بعد:فالمحور الثالث: أحكام الإيلاء: اعلموا أَيُّها الإخوةُ المؤمنون أنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الزَّوجِ أَنْ يَحْلِفَ أَلَّا يُجَامِعَ زَوجَتهُ أَكثرَ منْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّ هَذَا يَمِينٌ عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ، كَالظِّهَارِ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى:﴿ الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ﴾ [المجادلة: 2]. فَمَنْ حلفَ باللهِ أَلا يُجَامِعَ زَوجَتهُ أَكثرَ منْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وكَانَ قَادِرًا على الجماعِ فَإِنَّهُ يكُونُ مُؤْليًا. فَإِذا مرَّتْ علَيهِ أَربَعَةُ أَشهُرٍ، فَإِمَّا أَنْ يُجَامِعَ زَوْجَتَهُ الَّتِي آلَى مِنْهَا، وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقَ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 226، 227]. وَروى البُخَاريُّ عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ يَقُولُ فِي الإِيلَاءِ الَّذِي سَمَّى اللهُ عز وجل: «لَا يَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدَ الأَجَلِ إِلَّا أَنْ يُمْسِكَ بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يَعْزِمَ بِالطَّلَاقِ كَمَا أَمَرَ اللهُ عز وجل»[11]. فَإِنِ امْتَنَعَ عَنِ الطَّلَاقِ طَلَّقَ القَاضي عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لِلْقَاضي أَنْ يُطَلِّقَ إِلَّا إِذَا طَلَبَتِ المَرْأَةُ الطَّلَاقَ[12]. المحور الرابع: أحكام الخُلْعِ: اعلموا أَيُّها الإخوةُ المؤمنون أنَّ الزَّوجَةَ إِذَا لَمْ تَستَطِعْ أَنْ تَعِيشَ مَعَ زَوجِهَا جَازَ لَهَا أَنْ تَطلُبَ الخُلعَ منْهُ. وَالفَائِدَةُ منَ الخُلْعِ: أَنْ تَتَخَلَّصَ الزَّوْجَةُ مِنَ الزَّوْجِ عَلَى وَجْهٍ لَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا إِلَّا بِرِضَاهَا، وَعَقْدٍ جَدِيدٍ[13]. وَلَابُدَّ أَنْ يَكُونَ الخُلعُ فِي نَظِيرِ مَالٍ تَدْفَعُهُ المَرْأَةُ لِزَوْجِهَا. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [البقرة: 229]. وَرَوَى البُخَارِيُّ عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا أَنْقِمُ عَلَى ثَابِتٍ فِي دِينٍ، وَلَا خُلُقٍ إِلَّا أَنِّي أَخَافُ الكُفْرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «فَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟»، فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَرَدَّتْ عَلَيْهِ، وَأَمَرَهُ فَفَارَقَهَا[14]. الدعـاء... • اللهم ارحمنا، واغفر لنا وتبْ علينا، إنك أنت التواب. •اللهم ألِّفْ بين قلوبِنا. •اللهم ثبِّت قلوبَنا على الإيمان. •اللهم حبِّب إلينا الإيمان، وزيِّنه في قلوبِنا. •اللهم اهدِنا وسددنا. •اللهم لا تُزغْ قلوبَنا بعد إذ هديتنا. أقول قولي هذا، وأقم الصلاة. [1] متفق عليه: رواه البخاري (3105)، ومسلم (1444). [2] متفق عليه: رواه البخاري (5100)، مسلم (1447). [3] متفق عليه: رواه البخاري (6156)، ومسلم (1445). [4] صحيح: رواه مسلم (1452). [5] صحيح: رواه مسلم (1451). [6] صحيح: رواه الترمذي (1152)، وقال: حديث صحيح، والنسائي في «الكبرى» (5465)، وابن ماجه (1946)، وصححه الألباني. [7] صحيح: رواه البخاري (2660). [8] صحيح: رواه أبو داود (2221)، والنسائي (3457)، وصححه الألباني. [9] صحيح: رواه الترمذي (1198)، وابن ماجه (2064)، وصححه الألباني. [10] صحيح: رواه أبو داود (2216)، وأحمد (6/ 410)، وحسنه الألباني، وأصله عند البخاري (9/ 144). [11] صحيح: رواه البخاري (5290). [12] انظر: «الكافي» (4/ 543). [13] انظر: «الكافي» (4/ 410). [14] صحيح: رواه البخاري (5276).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |