قلب من زجاج - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 65 - عددالزوار : 52045 )           »          الحرص على الائتلاف والجماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 80 - عددالزوار : 45834 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 196 - عددالزوار : 64225 )           »          فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 374 - عددالزوار : 155253 )           »          6 مميزات جديدة فى تطبيق الهاتف الخاص بنظام iOS 18 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          إيه الفرق؟.. تعرف على أبرز الاختلافات بين هاتف iPhone 12 و Google Pixel 9 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          برنامج الدردشة Gemini متاح الآن على Gmail لمستخدمى أندرويد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          كيفية حذف صفحة Word فى 3 خطوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          خطوات.. كيفية إعادة ترتيب الأزرار وتغيير حجمها في مركز التحكم بـiOS 18 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصور والغرائب والقصص > ملتقى القصة والعبرة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-12-2022, 03:11 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,565
الدولة : Egypt
افتراضي قلب من زجاج

قلب من زجاج
عبدالغني حوبة

استيقظ الطفل الصغير على صراخ يصخُّ الأذان ويقض المضاجع، فتلفت يَمنةً فوجد أباه متأففاً متضجراً، وقد تأخر عن عمله، واستدار يسرةً فإذا بأمه قد رمت بالمكنسة على الأرض، وهي تغمغم وتتمتم: ألا تقدر الظروف يا رجل! فأنا أنظف لكم المنزل!! ارحموني يرحمكم الرحمن!

إنها مشاهد يومية متكررة لشجارات مختلفة الأسباب والدواعي، متباينة الحدة والآثار، والتي تحدث بمرور الزمن تنافراً بين القلوب، وتخلق سدوداً وهمية بين الأرواح، فتضعف جسور التواصل بين الأحبة، ويصير عود البغضاء وتداً في الفؤاد، مما ينتج لنا أفتك الأمراض التي ابتليت بها مجتمعاتنا المسلمة المعاصرة والمتمثلة في الجفاف العاطفي، والتصحر الوجداني، فكيف نواجهه ونقلل من آثاره المدمرة؟؟

إن الجفاف العاطفي هو مشكلة معقدة ومركبة نمت وتطورت في أوضاع نفسية واجتماعية وثقافية معينة متداخلة.

إن الجفاف العاطفي يعني ضمور الحب وغياب الود ونكران الجميل، وتقلص التواصل اللفظي وغير اللفظي بين الأزواج فيما بينهم، وبين الأبناء مع بعضهم البعض، مما يؤدي بالضرورة إلى ظهور عدم الاحترام وتنامي الأنانية وروح اللامبالاة، فيغيب معنى الأبوة والأمومة والبنوة، وتصير روابط الأخوة رثة بالية، قد تتمزق في أي لحظة، وكل هذا مؤذن بخراب الأسرة وضياع الأبناء، والنتيجة الحتمية التي لا مفر منها هي العزلة الأسرية، والفرقة الأخوية؛ فالأب والأم والأبناء موجودون في البيت على طاولة واحدة، لكنهم جماعات وأشتات! فرقت شملهم الصراعات، ونخرت عظمهم آكلة العداوات، كل حزب بما لديهم فرحون! ولا حول ولا قوة إلا بالله!!

وهكذا تنمو هذه الأفة الخطيرة في جسم الفرد والمجتمع، حتى تحيلنا في النهاية على ضريبة باهظة الثمن لا نستطيع تسديدها، ولا التخلص منها، ألا وهي البيوت أيله للسقوط، والأسر المتصدعة وشيكة الانهيار!!

إن تشخيصنا لمشكلاتنا الأسرية يبين لنا أن علتنا إيمانية بالدرجة الأولى، وتواصلية علائقية في المرتبة الثانية.

فإذا كان طريق التربية طويلا وشاقا، فإنه لمن أخلص نيته لربه ممتع وشيق، فلنعد إلى الله - سبحانه وتعالى - ولنثب إلى شرعه، ولنتمسك بكاتبه وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، ولنبدأ بإصلاح القلوب بتخليصها من عوالق الأدران وعوائق الشرك والأوثان، ونجتهد في تزكية النفوس والترقي بها في مدارج الكمال الإيماني، فما أشبه القلوب بالزجاج من حيث الحساسية، والشفافية، وصدق من قال:
إن القلوب إذا تنافر ودها * مثل الزجاجة كسرها لا يجبرُ
هلم - إذن - فلنستدرك وإياكم التجاوزات والأخطاء التي وقعنا فيها، ونفتح أبواب الحوار البناء، لأجل إحداث فهم مشترك بين الأسرة الواحدة والأشقاء.

هيا نزرع بذور المحبة والتقدير والتعاون في ربوع بيوتنا التي تكهربت بالحقد والغل، وليكن ديدنا العناية الدائمة والرعاية المستمرة لهذا الغرس الجديد حتى يؤتي أكله بثمار يانعة وقت الحصاد - بإذن الله -.

قد يقول قائل: نحن نشقى لأجل أسرنا فنكسب لقمة العيش، ونجهد أنفسنا في ذلك، ألا يكفي كل هذا؟!
والرد على هذا الاستفسار أنه غير كاف، ولذا ينبغي أن نفرق بين الرعاية والتربية، فالأولى تعني الاهتمام بالمأكل والملبس والمشرب والعلاج، والثانية أكبر من ذلك كله، فهي تغرس القيم وتهذب السلوك، وتشبع العاطفة، وتصنع الشخصية.

ينبغي أن يكون التعامل مع الإنسان راقياً وشفافاً، فمزيداً مزيداً من الاهتمام بالاستشارات الوجدانية التي مركزها القلب، والذي محل نظر الرب، قال تعالى: ﴿ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) ﴾ سورة الشعراء.

إن الحب لا يفرز إلا حباً، فحينما تتعانق القلوب وتندمج الأرواح يشعر المتحابون بالدفء الذي يوقد جذوة المحبة، فتذهب عن كل حبيب رعشة الوحشة ولوعة الفراق، وتغدو الحياة - وإن عظم الكرب وجل الخطب - أحلى من العسل المصفى، وأبيض من اللبن النقي، كما كانت الأسرة النبوية التي جمع بين زوجين متحابين متعاونين؛ الصادق الأمين محمد - صلى الله عليه وسلم - والطاهرة أم المؤمنين خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها -.

وختاماً، أحبوا الله، وأحبوا رسوله، واجعلوا في قلوبكم ما يكفيكم من حبكم لأهلكم وأولادكم، ولا يغب عن أذهانكم طرفة عين أنكم تتعامل مع بشر لهم قلوب وعقول وأجساد، راعوا ثلاثية الأبعاد في التواصل مع العباد، فلا تكسروا زجاج القلوب ولا تجرحوا به أنفسكم، فخطره كبير، وشره مستطير، فقد لا يبرأ مدى الدهر، إذاً، فكونوا أهل عطاء ووفاء، واجعلوا عنوانكم الدائم جبر الخواطر وملامسة أعماق المشاعر.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 47.50 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.83 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.51%)]