|
ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم قسم يختص بالمقاطعة والرد على اى شبهة موجهة الى الاسلام والمسلمين |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() صاعد الأندلسي والتأريخ لعلوم الأمم فاطمة حافظ بلغت الحضارة العربية أوج نضجها وازدهارها خلال الفترة ما بين القرن الثالث والخامس، ومن يتصفح المصنفات التي وضعها المسلمون خلال هذه الحقبة يدرك أنهم طرقوا أبواب العلوم والمعارف كافة، وأن ألوان التصنيف لديهم تنوعت وانفتحت على الموروث الإنساني والحضاري للأمم المجاورة، ومن ذلك مصنفاتهم حول خصائص الأمم والأقوام ككتب المسالك والأقاليم، أو مصنفاتهم في تاريخ العلوم عند الأمم ومن أمثلتها كتاب (طبقات الأمم) لصاعد الأندلسي وهو أحد المؤلفات الفريدة في بابه. صاعد الأندلسي وكتابه طبقات الأمم هو أبو القاسم صاعد بن أحمد الأندلسي، ولد في المرية سنة 420ه لأسرة ذات فضل وعلم فقد كان أبوه قاضيا وفقيها، نال تعليمه الأولي في قرطبة حتى إذا بلغ الثامنة عشر من عمره رحل إلى طليطلة التي كانت في ذلك العصر مركزا للحياة الفكرية، واتصل بعلماء عصره وفي مقدمتهم ابن حزم وتتلمذ على يديه وروى عنه، عرف بالنجابة وحسن التحصيل واستطاع الجمع بين العلوم العقلية كالفلك والرياضيات والعلوم النقلية كالحديث والفقه، وذاع صيته لدى أهل العلم والفضل فعينه المأمون بن يحيى قاضيا على طليطلة ومكث في منصبه حتى وفاته عام 462ه، وشاع عنه أنه يقضي بالوثائق والصكوك المخطوطة ويعدها شهادة مخالفا بذلك جل الفقهاء الرافضين للعمل بها، ولذا وصفه ابن بشكوال بأنه “من أهل المعرفة والذكاء، والرواية، والدراية”. ترك صاعد جملة مؤلفات جلها مفقود ذكر صاحب كشف الظنون بعضها كما أشار صاحبنا إلى بعضها الآخر في كتابه طبقات الأمم، أما ما ذكره بنفسه فكتاب (مقالات أهل الملل والنحل) وكتاب (إصلاح حركات النجوم) وكتاب (جوامع أخبار الأمم من العرب والعجم) الذي ذكره كذلك حاجي خليفة بذات الاسم، كما ذكر له كتابا آخر هو (صوان الحكم في طبقات الحكماء) (1). وتكشف مصنفاته عن أن اهتماماته المعرفية شملت: التاريخ والفلك والملل والنحل وتاريخ العلوم. يحتل المصنف الوحيد الباقي لصاعد الأندلسي مكانه في المكتبة التراثية فهو واحد من أوائل المصنفات التي تناولت تاريخ العلوم، وكان محط اهتمام الدارسين فاعتنى به: غازيري، وكارل بروكلمان، ومارتن بلنسير، وهنري بلاشير الذي أعد لمصنفه ترجمة ضمن دائرة المعارف الإسلامية كما ترجم كتابه إلى الفرنسية، كما التفت إليه الأب لويس شيخو الذي قام بتحقيق الكتاب ونشره مسلسلا لأول مرة باللغة العربية في مجلة المشرق عام 1911م، ثم نشره على هيئة كتاب في العام التالي، ثم توالت تحقيقاته ونشراته بعد ذلك. يلقي هذا الاهتمام الضوء على منزلة الكتاب العلمية: فهو من جهة يؤرخ للعلوم في الأمم والحضارات القديمة والمعاصرة له، ويلقي الضوء على إسهاماتها في بناء صرح المعرفة العلمية، ويؤرخ من جهة أخرى للعلم والعلماء في عصره متناولا تاريخ العلوم عند العرب في المشرق وفي المغرب (بلاد الأندلس)، وهو يقوم بذلك متحررا من أي تعصب ديني أو عرقي فنراه يؤرخ للعلوم عند اليهود، ويثني على فلاسفة اليونان الذين أرسوا قواعد الفلسفة والمنطق العقلي، ويرجح أحكام العقل حين يقبل بعض الروايات ويرفض الأخرى استنادا إلى أدلة عقلية ومنطقية، ويبرهن على أهمية الكتاب أن عددا من المصادر اللاحقة اقتفت أثره كما هو الحال لدى ابن العبري في (تأريخ مختصر الدول) الذي اتبع منهجه في تقسيم الأمم إلى أمم عنيت بالعلم وأمم لم تعن به، وابن أصيبعة في (طبقات الأطباء) حيث نقل عنه ترجماته لعدد من الأطباء. معالم المنهج لدى صاعد الأندلسي استنادا إلى هذا فإننا نخالف الأستاذ بلاشير فيما ذهب إليه من أن أهمية الكتاب تنحصر في بعض أجزاء متعلقة باليهود والإغريق والعرب، وأن أسلوبه يتمتع بالاختصار، وأن صاحبه لم يضمنه شرح للمنهج المتبع فيه كما يدعي (2)، لكننا ندعي في المقابل أن عدم التنصيص على المنهج لا يعني بالضرورة خلوه عنه، وإنما يعني أن مؤلفه لم يتوقف أمام التنظير وخاض غمار التطبيق مباشرة، ولعل هذا ما يفسر لنا خلو الكتاب من مقدمة أو خاتمة، ويمكن الإشارة إلى معالم المنهج لديه في النقاط التالية:
ينقسم كتاب طبقات الأمم إلى أربعة أبواب، ولا ندري هل هذا التقسيم من وضع مؤلفه أم من وضع الأب لويس شيخو محققه، لكنه يفتتح بعبارة افتتاحية موجزة نصها: “أعلم أن جميع الناس في مشارق الأرض ومغاربها وجنوبها وشمالها وإن كانوا نوعا واحدا يتمايزون بثلاثة أشياء: بالأخلاق والصور [العوائد] واللغات”، وفيها إشارة إلى وحدة الأصل الإنساني.
وبالجملة يعكس كتاب طبقات الأمم إجلال الحضارة الإسلامية للعلم وإن تعددت مصادره وأجناسه، وانفتاحها على الحضارات الإنسانية على مر الزمان، واعتبارها العلم إرثا إنسانيا عاما. 1- سهير محمد علي، صاعد الأندلسي وإحصاء العلوم والأمم، القاهرة: مجلة رسالة المشرق، مج 7، 1998، ص 664-665. 2- موجز دائرة المعارف الإسلامية، الشارقة: مركز الشارقة للإبداع، 1998، ج22، ص 915.2- 3- أحصت له الأستاذة سهير محمد علي أكثر من مائة مرجع ذكرها في كتابه. 4- طارق أبو الوفا محمد، صاعد الأندلسي ومنهجه في كتابه (طبقات الأمم)، القاهرة: الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، ع 55، 2021، ص 68.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |