باب المغاربة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 65 - عددالزوار : 52052 )           »          الحرص على الائتلاف والجماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 80 - عددالزوار : 45838 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 196 - عددالزوار : 64229 )           »          فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 374 - عددالزوار : 155272 )           »          6 مميزات جديدة فى تطبيق الهاتف الخاص بنظام iOS 18 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          إيه الفرق؟.. تعرف على أبرز الاختلافات بين هاتف iPhone 12 و Google Pixel 9 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          برنامج الدردشة Gemini متاح الآن على Gmail لمستخدمى أندرويد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          كيفية حذف صفحة Word فى 3 خطوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          خطوات.. كيفية إعادة ترتيب الأزرار وتغيير حجمها في مركز التحكم بـiOS 18 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-09-2022, 06:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,565
الدولة : Egypt
افتراضي باب المغاربة

باب المغاربة
السيد شعبان جادو






ودَّ أن يُخبِرَهم بشيء كانوا يجهلونه عنه، آن له اليوم أن يحكيَه، فيما مضى اختزَن أسراره مثلما يتقوَّت النملُ في مساكنه حبَّات القمح، أغلق عليها فوَّهة بئرٍ عميقة، لم يكن من أهل هذا البلد، جاء إليه متدثرًا باسمٍ قرَّبه إليهم، فالمعجم يتَّسع لكل المعميات، تضخَّم بفعل التهرُّؤ، لكنه صامت فالكلمات فيه منتزعة من سياق الحياة، سَحنة وجهِه لا تشبه أحدًا هنا، حتى لُكْنة لسانه اجتهد كثيرًا ألا تظهر في ثنايا كلامِه، كل هذا لسرٍّ خفي، منكم مَن سيقول: لم جاء إلى هذا المكان النائي؟ بعض التأويلات: هروبًا من ثأر، البعض ستخالطه الظنون: فرارًا من فقر، والآخرون ربما حدَّثوا بمهارة: إنه هرب من القيد.

كل ذلك وهمٌ، فهو من بلاد بعيدة، ترصَّدَته العيون في ولع بالتشفِّي، أبوه ذلك المرتحل في الزمان، تركه وحيدًا، ألقى به حيث متاهةٌ لا نجاة منها، تدثَّرت بثياب تشبه الأسمال العتيقة، أحلامه، بل وأوهامه سواء، الصمت في هذه اللحظة يُعجِّل بموته قبل أن تتخطَّفه تلك الأنياب الموغلة في القهر، البوح بأسراره يقينًا يُخفِّف آلام ساعة الرحيل، حدق في أولادِه الذين تجمعوا حول فراشٍ يُنذِر بالموت، استعاد خريطةً تثنت في ردهات ممرِّ النسيان، جوار البحر الذي مات يومًا، قال لهم: أنتم مثل هؤلاء الذين اجتمعوا هناك من أيام، جوار البحر الميت كانوا هم الموتى، خُشُب مسندة، أحدهم هبَط من الطائرة كبرًا فزلَّت قدمه، وأما العماد، فقد سقط على أم رأسه!
رغم أن المسافة بينه وبين المدينة المباركة مد البصر، فإن عيونَهم سملت بألف إبرةٍ صَدِئة.

أعلم أن أجسادكم ترهَّلت مثلهم، صرتم أشبهَ بالثيران الهجينة، سمنت رقابكم، احمرت خدودكم، هذه الأرض رغم ما بها من ثراءٍ ظاهر هي وخمة أثقلت خطوكم، حتى أنا نسيت لم جئتُ هنا؟
السنوات التي كتب عليَّ أن أنزوي هنا، انقضى أجلُها، لا أتذكر جيدًا كم هي؟


ما تمسكه ذاكرتي بعض معالم باهتة تشير إلى تلك البقعة المباركة من الوادي الأيمن، منذ تلك النكبة الكبرى، ارتحل بي أبي جاء بي إلى هذا المكان، التخفِّي أرهقه، الأقاويل تبعَتْه مثل وشم في وجنة البدو؛ ولأنه كان ممن رفعوا البندقية لم يساوموا عليها، حكى لي أنه وجدي حفرَا نفقًا سريًّا قبالة باب المغاربة، امتلأ بهؤلاء الأوغاد، كان يساعده عزرائيل في مَهمَّته!

أبي كان السقا، يحمل قِرْبته، يدور في الأزقَّة، يتشمَّم الأخبار ثم يعطيها للحسيني، هذه هي صورته، تلك التي احتفظتُ بها، جعلتها ورق ثبوتيتي، ذلك المفتاح هو للباب المطعَّم بمقبض صلاح الدين، لست واهمًا، أراكم تعجَّبتم، نعم تلك هي مطوية سري الذي أخفيتُه عنكم، ربما تصعد روحي اليوم، ستُخفون موتي، وصيتي إليكم أن تضعوا جسدي هناك!

ربما سيقفُ الجنود المختالون بالثوب العربي في وجوهكم، بل ستبثُّ الإذاعة العربية نبأ العثور على الهارب، سيُطعِمون الأسماك بقايا رجلٍ تخفَّى ستين عامًا.

تداعَت إليه صورة أمه، لم يرَها، حكت له جدته أنها كانت بارعة الجمال، ذلك الدفء في حضن لم يُعوِّضه عنه ما جمعه من أموال النفط، عمل وسيطًا في كل شيء، مارجريت سرقت منه عمرَه، وجوههم الشقراء، ذلك البرود في عواطفهم، المكر الذي تغلل في ثناياهم، ليتَه عقم فلم يخرجوا من نطفته، الآن هم أنكَروه، ما عاد بهم حنين لباب المغاربة، لم يتعطَّروا يومًا بزيت الزيتون.

كانت تحتفظُ في خزانتها بذلك الوشم، لم تكن مصادفةً أن التقاها في الطائرة، في المقعد المجاور له، كانت في زينتِها، أغراه حديثُها، مشاعرها المنسابة بين وجهٍ يعرف ألف قناعٍ، عرَّفها بنفسه: عودة أبو الجود وسيط نفط، أما هي، فمارجريت ديل، باحثة في التاريخ، تجيد العربية، وتخفي رموز عبرية في محبرة سريَّة.


كانت ماهرةً في تتبع الخفايا، ضللتُ إذ هممت بها، سرقت مني مِفتاح ذاكرتي، تسربت من خلالي إلى أولاد الحسيني، كنت البعيرَ العربي في ضلالة الزمن المكتسي بالخيبة.

دلَّست حتى على ذاتي، تعاطيت الوهم أن نقتسم النهر، بَشِمَت بتلك الكلمات الجوفاء، وكلما تعايشت معها غاصت قدماي في الوَحَل، سخرت من الشيخ القعيد، صوَّرته لكم شيطانًا، عجزت أن أكون مثله؟
يملك مِفتاح بيته، أولاده لم ينخر السوس أبوابهم، لم تكن أمهم مارجريت، وجب عليَّ أن أقول لكم: الخطوات التي سِرْتُها معها باعدت بيني وبين باب المغاربة.

دخل حفيده ماجد، احتضَنه، قبَّله مِن وجنتَيْه، أسرَّ إليه: الشيخ يبلغك سلامه، غدًا سأكون عند باب المغاربة، طيفًا إلى الجنة!

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 48.54 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 46.88 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.44%)]