|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() من الذي قتل الحسين؟ الشيخ عبدالله بن محمد البصري أَمَّا بَعدُ، فـ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21]. أَيُّهَا المُسلِمُونَ، يَومُ عَاشُورَاءَ يَومٌ عَظِيمٌ، نَصُومُهُ وَنَصُومُ يَومًا قَبلَهُ، شُكرًا للهِ عَلَى مَا نَصَرَ فِيهِ مِنَ الحَقِّ وَمَا دَحَرَ مِنَ البَاطِلِ، وَتَحَبُّبًا إِلَيهِ - تَعَالى - وَاقتِدَاءً بِنَبِيِّنا - صلى الله عليه وسلم - وَطَمَعًا في تَكفِيرِ السَّيِّئَاتِ وَرِفعَةِ الدَّرَجَاتِ. هَكَذَا هِيَ أُمَّةُ الحَقِّ مِن أَتبَاعِ الأَنبِيَاءِ وَالمُرسَلِينَ، إِخلاصٌ وَتَوحِيدٌ، وَطَاعَةٌ وَاقتِدَاءٌ، وَشُكرٌ وَذِكرٌ، وَأَعمَالٌ صَالِحَةٌ تُرفَعُ إِلى اللهِ، وَفي مُقَابِلِ هَذَا الحَقِّ الَّذِي أَكرَمَنَا اللهُ بِهِ، فَإِنَّ ثَمَّةَ نَمُوذَجًا مِنَ نَمَاذِجِ الضَّلالِ وَالبَاطِلِ، قَد تَرَونَهُ أَو تَسمَعُونَ بِهِ، في تِلكُمُ الدِّمَاءِ الَّتي تَسِيلُ، وَذَلِكُمُ الصُّرَاخُ وَالعَوِيلُ، وفي جُيُوبٍ تُشَقَّقُ وَخُدُودٍ تُلطَمُ، وَتَرَانِيمَ وَأَشعَارٍ وَرِثَاءٍ، وَمَآتِمَ وَسُرَادِقَاتٌ وَعَزَاءٍ، وَلَطمٍ لِلخُدُودِ وَضَربٍ لِلرُّؤُوسِ، وَطَعنٍ في الصُّدُورِ وَجَرحٍ لِلظُّهُورِ، في مَشَاهِدَ يُحيِيهَا الرَّافِضَةُ في يَومِ عَاشُورَاءِ مِن كُلِّ عَامٍ؛ إِحيَاءً لِذِكرَى استِشهَادِ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا - يَزعُمُونَ حُبَّهُ وَالانتِصَارَ لَهُ، وَأَنَّهُم أَحَقُّ النَّاسِ بِهِ، وَاللهُ يَعلَمُ إِنَّهُم هُمُ الَّذِينَ غَدَرُوا بِهِ وَبِأَبِيهِ مِن قَبلُ، فَقَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤفَكُونَ. ♦ ♦ ♦ الحُسَينُ بنُ عَليٍّ - أَيُّهَا المُؤمِنُونَ - هُوَ سِبطُ رَسُولِ اللهِ، ابنُ ابنَتِهِ فَاطِمَةَ الزَّهرَاءِ - رَضِيَ اللهُ عَنهَا - وَحِبُّهُ وَرَيحَانَتُهُ، هُوَ الَّذِي سَمَّاهُ بِهَذَا الاسمِ وَعَقَّ عَنهُ، وَفي بَيتِهِ نَشَأَ وَتَرَعرَعَ، في البَيتِ الَّذِي قَالَ اللهُ - تعالى - عَنهُ: " إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيرًا " كَانَ -صلى الله عليه وسلم- يَخطُبُ بِأَصحَابِهِ يَومًا، فَدَخَلَ الحَسَنُ وَالحُسَينُ - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا - عَلَيهِمَا ثَوبَانِ أَحمَرَانِ يَعثُرَانِ فِيهِمَا، فَلَم يَلبَثْ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ الرَّؤُوفُ الرَّحِيمُ حَتَّى قَطَعَ خُطبَتَهُ وَنَزَلَ مِن عَلَى مِنبَرِهِ، وَأَقبَلَ نَحوَهُمَا وَضَمَّهُمَا إِلَيهِ وَصَعِدَ بِهِمَا المِنبَرَ، ثُمَّ قَالَ: " صَدَقَ اللهُ: " إِنَّمَا أَموَالُكُم وَأَولَادُكُم فِتنَة " ثُمَّ قَالَ: " نَظَرتُ إِلى هَذَينِ فَلَم أَصبِرْ " ثُمَّ شَرَعَ في خُطبَتِهِ. وَيَخرُجُ -صلى الله عليه وسلم- في إِحدَى صَلاتَيِ العِشَاءِ وَهُوَ حَامِلٌ حَسَنًا أَو حُسَينًا، فَيَتَقَدَّمُ وَيَضَعُهُ ثُمَّ يُكَبِّرُ لِلصَّلاةِ، فَيَسجُدُ سَجدَةً فَيُطِيلُهَا، فَيَقُولُ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّكَ سَجَدتَ بَينَ ظَهرَانَي صَلاتِكَ سَجدَةً أَطَلتَهَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ قَد حَدَثَ أَمرٌ أَو أَنَّهُ يُوحَى إِلَيكَ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " كُلُّ ذَلِكَ لم يَكُنْ، وَلَكِنَّ ابنِيَ ارتَحَلَنِي، فَكَرِهتُ أَن أُعجِلَهُ حَتَّى يَقضِيَ حَاجَتَهُ " وَيَخَرُجُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - مَرَّةً إِلَى طَعَامٍ دُعِيَ إِلَيهِ، فَيَرَى في طَرِيقِهِ الحُسَينَ يَلعَبُ، فَيَتَقَدَّمُ - صلى الله عليه وسلم - نَحوَهُ وَيَبَسُطُ يَدَيهِ، وَالحُسَينُ يَفِرُّ هَاهُنَا وَهَاهُنَا، وَالنَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يُضَاحِكُهُ، حَتى أَخَذَهُ فَجَعَلَ إِحدَى يَدَيهِ في ذَقنِهِ وَالأُخرَى في رَأسِهِ، ثم اعتَنَقَهُ فَقَبَّلَهُ، ثُمَّ قَالَ: " حُسَينٌ مِنِّي وَأَنَا مِنهُ، أَحَبَّ اللهُ مَن أَحَبَّ الحَسَنَ والحُسَينَ، سِبطَانِ مِنَ الأَسبَاطِ " وَأَمَّا أَعظَمُ وِسَامِ يَتَقَلَّدُهُ الحُسَينُ فَضِيلَةً وَشَرَفًا، فَهُوَ قَولُ جَدِّهِ -صلى الله عليه وسلم-: " الحَسَنُ وَالحُسَينُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهلِ الجَنَّةِ " ♦ ♦ ♦ وَيَمُوتُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- وَالحُسَينُ في السَّادِسَة مِن عُمُرِهِ، ثُمَّ لا يَلبَثُ إِلاَّ سِتَّةَ أَشهُرٍ حَتَّى يُفجَعَ بِوَفَاةِ أُمِّهِ فَاطِمَةَ الزَّهرَاءِ، سَيِّدَةِ نِسَاءِ أَهلِ الجَنَّةِ، وَيَعِيشُ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - بَعدَ وَفَاةِ جَدِّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وَأُمِّهِ حَيَاةَ الإِكرَامِ وَالإِجِلالِ، يُحِبُّهُ أَصحَابُ رَسُولِ اللهِ - رَضِيَ اللهُ عَنهُم - وَيُكرِمُونَهُ؛ إِكرَامًا لِجَدِّهِ وَمَحَبَّةً لَهُ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ أَبُو بَكرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - إِذَا رَآهُ يُقبِلُ عَلَيهِ وَيَبَشُّ لَهُ، وَكَانَ يَقُولُ لِلنَّاسِ: اُرقُبُوا مُحَمَّدًا -صلى الله عليه وسلم- في آلِ بَيتِهِ. بَلْ فَاضَت عَينَاهُ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - مِنَ الدُّمُوعِ وَهُوَ يَقُولُ لِعَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ -: لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَحَبُّ إِلَيَّ أَن أَصِلَ مِن قَرَابَتِي. وَأَمَّا الفَارُوقُ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - فَقَد كَانَ يُجِلُّ الحَسَنَ وَالحُسَينَ، وَيُوَقِّرُهُمَا، حَتَّى إِنَّهُ فَرَضَ لَهُمَا مِنَ العَطَاءِ كَمَا كَانَ يَفرِضُ لِأَهلِ بَدرٍ؛ إِكرَامًا لَهُمَا وَإِجلالاً، وَلَمَّا فَتَحَ المُسلِمُونَ بِلَادَ فَارِسٍ، وَجِيءَ بِبِنتِ يَزدَجِردَ مَلِكِ الفُرسِ إِلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - وَكَانَت مِن أَجمَلِ النِّسَاءِ، أَهدَاهَا إِلَى الحُسَينِ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - فَتَزَوَّجَهَا وَأَنجَبَت لَهُ عَلِيَّ بنَ الحُسَينِ المُسَمَّى بِزَينِ العَابِدِينَ، وَهُوَ الوَحِيدُ الَّذِي بَقِيَ مِن نَسلِهِ. ♦ ♦ ♦ وَيَبقَى الحُسَينُ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - مُكَرَّمًا بَينَ المُسلِمِينَ، حَتَّى سَنَةِ سِتِّينَ لِلهِجرَةِ، إِذْ بُويِعَ يَزِيدُ بنُ مُعَاوِيَةَ بِالخِلَافَةِ، فَلَم يُبَايِعْهُ الحُسَينُ؛ لأَنَّهُ كَانَ يَرَى أَنَّ هُنَاكَ مَن هُوَ أَحَقُّ بِالخِلَافَةِ مِن أَصحَابِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - وسَمِعَ أَهلُ الكُوفَةِ بِذَلِكَ وَكَانُوا أَهلَ فِتنَةٍ وَشِقَاقٍ، وَكَانُوا يُظهِرُونَ المَيلَ لِعَلِيٍّ وَشِيعَتِهِ، فَأَرسَلُوا إِلَيهِ الرَّسَائِلَ وَالكُتُبَ يَدعُونَهُ لِلبَيعَةِ، فَأَرسَلَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - إِلَيهِمُ ابنَ عَمِّهِ مُسلِمَ بنَ عَقِيلٍ لِيَستَوثِقَ الخَبَرَ، فَذَهَبَ مُسلِمٌ وَوَجَدَ النَّاسَ يُرِيدُونَ الحُسَينَ، وَجَعَلَ يَأخُذُ البَيعَةَ لَهُ حَتَّى بَايَعَهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلفًا مِن أَهلِ الكُوفَةِ، وَقِيلَ: ثَلَاثُونَ أَلفًا، ثُمَّ كَتَبَ إِلَيهِ لِيَقدُمَ، وَوَصَلَتِ الأَخبَارُ لِيَزِيدَ بنِ مُعَاوِيَةَ عَن بَيعَةِ أَهلِ الكُوفَةِ، فَأَمَرَ وَالِيَهُ عَلَى البَصرَةِ عُبَيدَاللهِ بنَ زِيَادٍ أَن يَضُمَّ الكُوفَةَ إِلَيهِ، وَأَن يَمنَعَ أَهلَ الكُوفَةِ مِنَ الخُرُوجِ عَلَيهِ مَعَ الحُسَينِ، وَلَم يَأمُرْهُ بِقَتلِ الحُسَينِ، وَعَلِمَ مُسلِمُ بنُ عَقِيلٍ أَنَّ عُبَيدَاللهِ بنَ زِيَادٍ يُرِيدُ ضَمَّ الكُوفَةِ، فَخَرَجَ وَمَعَهُ أَربَعَةُ آلَافٍ مِمَّن بَايَعَهُ مِن شِيعَةِ الكُوفَةِ، وَتَوَجَّهَ بِجَيشِهِ وَحَاصَرَ عُبَيدَاللهِ بنَ زِيَادٍ في قَصرِهِ، وَشَدَّدَ عَلَيهِ الحِصَارَ، لَكِنَّ عُبَيدَاللهِ بنُ زِيَادٍ عَرَفَ بِمَكرِهِ وَدَهَائِهِ كَيفَ يُفَرِّقُ شِيعَةَ الكُوفَةِ عَن مُسلِمِ بنِ عَقِيلٍ؛ فَأَرسَلَ إِلى رُؤَسَاءِ القَبَائِلِ وَأَعطَاهُم مِنَ الأَموَالِ مَا يُخَذِّلُهُم، فَجَعَلَ عُبَّادُ المَالِ يَنفِرُونَ وَيَتَفَرَّقُونَ عَن مُسلِمِ بنِ عَقِيلٍ حَتَّى أَمسَى وَلَيسَ مَعَهُ أَحَدٌ، فَوَقَعَ في قَبضَةِ ابنِ زِيَادٍ فَأَمَرَ بِقَتلِهِ، وَقَد كَتَبَ لِلحُسَينِ يُخبِرُهُ بِخِيَانَةِ أَهلِ الكُوفَةِ، فَقَالَ: اِرجِعْ بِأَهلِكَ، وَلا يَغُرَّنَّكَ أَهلُ الكُوفَةِ؛ فَقَد كَذَبُوني وَكَذَبُوكَ، وَلَيسَ لِكَاذِبٍ رَأيٌ. وَلَم يَعلَمِ الحُسَينُ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - بِمَا حَصَلَ، فَخَرَجَ مِن مَكَّةَ وَمَعَهُ سَبعُونَ مِن أَهلِ بَيتِهِ مِن أَولَادِهِ وَإِخوَانِهِ وَأَبنَاءِ إِخوَانِهِ، وَقَد حَاوَلَ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللهُ عَنهُم - مَنعَهُ وَثَنيَهُ عَنِ الخُرُوجِ فَلم يُجِبْهُم، وَمَضَى إِلَى العِرَاقِ، وَقَبلَ وُصُولِهِ عَلِمَ بِمَقتَلِ ابنِ عَمِّهِ مُسلِمِ بنِ عَقِيلٍ، فَهَمَّ أَن يَرجِعَ، إِلاَّ أَنَّ أَبنَاءَ مُسلِمٍ طَلَبُوا ثَأرَ أَبِيهِم، فَنَزَلَ عَلَى رَأيِهِم وَوَاصَلَ المَسِيرَ، أَمَّا عُبَيدُاللهِ بنُ زِيَادٍ؛ فَقَد أَرسَلَ جُيُوشَهُ لِمَنعِ الحُسَينِ مِنَ الكُوفَةِ، فَالتَقَى الجَمعَانِ في أَرضِ كَربَلَاءَ في العَاشِرِ مِن مُحَرَّمٍ سَنَةَ إِحدَى وَسِتَّينَ لِلهِجرَةِ؛ الحُسَينُ وَمَعَهُ سَبعُونَ مِن أَهلِ بَيتِهِ، وَجَيشُ ابنِ زِيَادٍ وَعَدَدُهُم خَمسَةُ آلافِ رَجُلٍ. وَلَمَّا رَأَى الحُسَينُ عَدَمَ التَّكَافُؤِ بَينَهُ وَبَينَ خَصمِهِ، عَرَضَ عَلَيهِم ثَلَاثَةَ أُمُورٍ: إِمَّا أَن يَترُكُوهُ أَن يَرجِعَ مِن حَيثُ أَتَى، أَو أَن يَنطَلِقَ إِلى ثَغرٍ مِن ثُغُورِ المُسلِمِينَ لِلجِهَادِ، أَو أَن يَترُكُوهُ يَذهَبُ إِلى يَزِيدَ بِالشَّامِ، لَكِنَّهُم أَبَوا عَلَيهِ إِلاَّ أَن يُؤسَرَ وَيَنزِلَ عَلَى حُكمِ عُبَيدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ أَو يُقَاتِلُوهُ؛ فَأبى - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - وَاصطَفَّ الجَيشَانِ وَتَجَهَّزَ الجَمِيعُ لِلقِتَالِ، فَرَفَعَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - يَدَيهِ وَدَعَا عَلَى أَهلِ الكُوفَةِ قَائِلاً: اللَّهُمَّ إِنْ مَتَّعتَهُم إِلى حِينٍ فَفَرِّقْهُم فِرَقًا، وَاجعَلْهُم طَرَائِقَ قِدَدًا، وَلا تُرضِ الوُلَاةَ عَنهُم أَبَدًا؛ فَإِنَّهُم دَعَونَا لِيَنصُرُونَا، ثُمَّ عَدَوا عَلَينَا فَقَتَلُونَا. وَبَدَأَ القِتَالُ وَحَمِيَ الوَطِيسُ، وَكَانَ يَومًا عَصِيبًا عَلَى الحُسَينِ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - فَقَد رَأَى أَهلَ بَيتِهِ يَتَسَاقَطُونَ بَينَ يَدَيهِ صَرعَى وَاحِدًا تِلوَ الآخَرِ، حَتَّى بَقِيَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - وَحدَهُ، فَتَقَدَّمَ إِلَيهِ شِمرُ بنُ ذِي الجَوشَنِ، فَرَمَاهُ بِرُمحِهِ في رَقَبَتِهِ، ثُمَّ طَعَنَهُ فَسَقَطَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - شَهِيدًا مَظلُومًا، وَفَاضَت رُوحُهُ الطَّاهِرَةُ إِلى بَارِيهَا مَغدُورًا به، فَرَضِيَ اللهُ عَن سِبطِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وَرَيحَانَتِهِ، وَجَمَعَنَا بِهِ وَبِجَدِّهِ وَوَالِدِينَا وَالمُسلِمِينَ في جَنَّاتِهِ جَنَّاتِ النَّعِيمِ. ♦ ♦ ♦ أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ " ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2]. أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لم يَقتُلْ أَهلُ السُّنَّةِ وَلا بَنُو أُمَيَّةَ حُسَينًا كَمَا يَزعُمُ الرَّافِضَةُ، وَلَكِنَّ أَهلَ الكُوفَةِ هُمُ الَّذِينَ دَعَوهُ لِلبَيعَةِ ثُمَّ خَانُوهُ وَقَتَلُوهُ، ثُمَّ هَا هُمُ الرَّافِضَةُ مُنذُ ذَلِكَ الوَقتِ لا يَفتَؤُونَ يَشغَلُونَ الأُمَّةَ بِالنِّيَاحَةِ وَلَطمِ الخُدُودِ وَشَقِّ الجُيُوبِ، عَاصِينَ مَن نَهَى عَن ذَلِكَ فَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - كما في الصَّحِيحَينِ: " لَيسَ مِنَّا مَن ضَرَبَ الخُدُودَ وَشَقَّ الجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعوَى الجَاهِلِيَّةِ " وَأَمَّا أَهلُ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - فَيَعُدُّونَ قَتلَ الحُسَينِ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - فَاجِعَةً عَظِيمَةً وَمُصِيبَةً كَبِيرَةً، وَجُرحًا غَائِرًا في جَسَدِ الأُمَّةِ لا يُنسِيهِ تَعَاقُبُ الدُّهُورِ، وَيَرَونَ أَنَّ قَاتِلِيهِ مِن شِرَارِ الخَلقِ وَأَفسَقِهِم وَأَعظَمِهِم جُرمًا، لَكِنَّهُم لا يَضرِبُونَ لِهَذِهِ المُصِيبَةِ خَدًّا، وَلا يَشُقُّونَ لَهَا جَيبًا، وَلا يُحيُونَ مَعَهَا مَعَالِمَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى، وَإِنَّمَا يَتَعَزَّونَ في مُصِيبَتِهِ بِأَنَّهُ عَاشَ حَمِيدًا، وَمَاتَ شَهِيدًا، وَلا يَقُولُونَ إِلاَّ مَا يُرضِي رَبَّهُم: إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ. هَذَا مَوقِفُ أَهلِ السُّنَّةِ مِن قَتلِ الحُسَينِ، وَمِمَّن قُتِلَ قَبلَهُ؛ كَأَبِيهِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ، وَكَعُثمَانَ بنِ عَفَّانَ وَعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عَنِ الجَمِيعِ - وَمِن ثَمَّ فَلْيُعلَمْ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - أَنَّ الرَّافِضَةَ فِي إِحيَائِهِم لِذِكرَى مَقتَلِ الحُسَينِ في عَاشُورَاءَ زَاعِمِينَ أَنَّهُم يَشحَنُونَ القُلُوبَ عَلَى أَعدَاءِ آلِ البَيتِ، لِيُعلَمْ أَنَّهُم في الحَقِيقَةِ هُم أَلَدُّ أَعدَاءِ البَيتِ النَّبَوِيِّ، إذ يُبغِضُونَ أَحَبَّ النَّاسِ إِلى النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ عَائِشَةُ الصِّدِّيقَةُ بِنتُ الصِّدِّيقِ، وَإِنَّمَا تَمَسَّكُوا بِهَذِهِ البِدعَةِ الشَّنِيعَةِ لِيُوقِدُوا جَذوَةَ التَّشَيُّعَ في قُلُوبِ الرَّعَاعِ مِنَ النَّاسِ، وَلِيُحَافِظُوا عَلَى بَقَاءِ مَذهَبِهِمُ وَاتِّقَادِ رُوحِ الثَّورَةِ وَالفَسَادِ وَتَأَجِيجِهَا، وَلِيُحَقِّقُوا بِالبُكَاءِ مَكَاسِبَ سِيَاسِيَّةً؛ بِمَا يُظهِرُونَهُ مِن أَنَّهُم هُمُ المُدَافِعُونَ عَن قَضَايَا الأُمَّةِ وَمُقَدَّسَاتِهَا وَحُقُوقِهَا المَسلُوبَةِ، وَلَكِنَّ المُسلِمِينَ يَعلَمُونَ وَقَد قَرَؤُوا التَّارِيخَ وَوَعَوُا الأَحدَاثَ، أَنَّ الرَّافِضَةَ لم يَكُونُوا يَومًا مَا مَصدَرَ نَصرٍ لِلإِسلامِ وَلا عِزِّ المُسلِمِينَ، إِذْ لم يَفتَحوا أَرضًا، وَلا حَرَّرُوا مُقَدَّسًا، وَلم يَكسِرُوا عَدُوًّا، وَإِنَّمَا هُم خِنجَرٌ يَطعَنُ في جَسَدِ المُسلِمِينَ، يُحيُونَ الشِّركَ وَالخُرَافَاتِ، وَيَسُبُّونَ أَصحَابِ رَسُولِ اللهِ، وَيُؤذُونَ الحُجَّاجَ في بَيتِ اللهِ، وَيُوَالُونَ أَعدَاءَ اللهِ مِنَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَيُخَطِّطُونَ لِهَدمِ الدِّينِ وَخِذلانِ المُسلِمِينَ، وَمَا أَمرُهُم في العِرَاقِ وَالشَّامِ وَاليَمَنِ بِخَافٍ عَلَى كُلِّ ذِي عَينٍ وَبَصِيرَةٍ، فَاتَّقُوا اللهَ- أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَاحذَرُوا البِدَعَ وَأَهَلَهَا، وَأَحيُوا السُّنَنَ وَكُونُوا مِن أَنصَارِ الحَقِّ؛ فَإِنَّهُ مَنصُورٌ بِإِذنِ اللهِ.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |