|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() إياكم والغلو في الصالحين أحمد الجوهري عبد الجواد إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد أيها الإخوة: فإن المؤمن الحق لا يكون كذلك حتى يدور مع الكتاب والسنة في كل أموره صغيرها وكبيرها، بل حتى يعرض ما في نفسه قبل أن يصير واقعاً وحالاً عليهما، فما وافقهما عمل به وما خالفهما اجتنبه وحذره، سواء في ذلك المألوفات وغيرها، فلا يحتج الإنسان على الشرع بالعادة فهذا شأن الكافرين الذين قال الله تعالى فيهم: ﴿ إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الزخرف: 22]. لذا يجب على العبد النظر في كل ما نشأ عليه ويعرضه على الكتاب والسنة فما وافقهما استمر عليه وما خالفهما نبذه وطرحه، ومما نشأنا عليه فرأينا الناس تفعله وتداوم عليه بل وتصر عليه لمجرد الإلف والعادة مع أنه يخالف كتاب الله وسنة نبينا كل المخالفة ذلك الغلو في الصالحين سواء من الأولياء أو الأنبياء وتعالوا بنا نقرب من واقعنا بلا مزايدة على الحقيقة ولا استكبار عن الإقرار بالواقع نفتح هذا الملف الذي كانت ولا تزال قضيته هي مفتاح كل شرور على الموحدين في الأرض من لدن نوح بل وحتى إلى قيام الساعة كما سنرى الآن سوياً من خلال تطرقنا له. وكما تعودنا فسوف ننظم سلك هذا الموضوع في العناصر المحددة التالية: أولاً: الموحدون يؤمنون بالكرامة للأولياء كما يؤمنون بالمعجزات للأنبياء. ثانياً: مخالفات مرذولة ومبالغات غير مقبولة. ثالثاً: اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم. فأعيروني القلوب والأسماع - أيها الإخوة - والله أسأل أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه. أولاً: الموحدون يؤمنون بالكرامات للأولياء كما يؤمنون بالمعجزات للأنبياء: أيها الإخوة! إن من أصول أهل السنة والجماعة: الإيمان بكرامات الأولياء وإثباتها والتصديق بها واعتقاد أنها حق وذلك باتفاق أئمة أهل السنة والجماعة، وقد دل عليها القرآن في غير موضع والأحاديث الصحيحة والآثار المتواترة عن الصحابة والتابعين وغيرهم، وما كان هذا شأنه كان لابد من الإيمان به واستحال إنكاره، ولذا أودع أئمة أهل السنة والجماعة رحمهم الله تعالى هذا الأصل العظيم في كتبهم كأصل من أصول العقيدة وثوابت الإيمان. قال الإمام الطحاوي في عقيدة أهل السنة والجماعة: "وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من التابعين أهل الخير والأثر وأهل الفقه والنظر لا يذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل، ولا نفضل أحداً من الأولياء على أحد من الأنبياء عليهم السلام ونقول: نبي واحد أفضل من جميع الأولياء، ونؤمن بما جاء من كراماتهم وصح عن الثقات من رواياتهم[1] وقال عبد الواحد التيمي في كتابه الماتع: اعتقاد الإمام المبجل أحمد بن حنبل: وكان يذهب إلى جواز الكرامات للأولياء وينكر على من رد الكرامات ويضلله. [2] وقال الإمام السفاريني في الدرة المضية في عقيدة أهل الفرقة المرضية: وكل خارق أتى عن صالح ![]() من تابع لشرعنا وناصح ![]() فإنها من الكرامات التي ![]() بها نقول فاقف للأدلة ![]() ومن نفاها من ذوي الضلال ![]() فقد أتى في ذاك بالمحال ![]() فإنها شهيرة ولم تزل ![]() في كل عصر يا شقا أهل الزللْ[3] ![]() وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الواسطية: "ومن أصول أهل السنة: التصديق بكرامات الأولياء وما يُجري الله على أيديهم من خوارق العادات في أنواع العلوم والمكاشفات وأنواع القدرة والتأثيرات، كالمأثور عن سالف الأمم في سورة الكهف وغيرها وعن صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين وسائر قرون الأمة وهي موجودة فيها إلى يوم القيامة وقد تواترت نصوص الكتاب والسنة ودلت الوقائع قديماً وحديثاً على وقوع كرامات الله لأوليائه المتبعين لهدي أنبيائهم". [4] وهذا شيخ الإسلام ابن القيم عقد فصلاً كاملاً في كتابه الرائع: "الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام وإظهار محاسن الإسلام"، عقد فصلاً كاملاً في ما ظهر على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم من الكرامات الخارقة للعادات وبين أنها من جملة الآيات والمعجزات التي أيد الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم فإن كل كرامة لولي إنما هي آية للنبي الذي يتبعه ذلك الولي. فلتسمع الدنيا كلها ولتصغ الآذان جميعها، نعم نؤمن بالكرامات ولا ننفيها ونثبت الكرامات ولا نلغيها يثبتها أحمد بن حنبل ويثبتها ابن تيمية وابن القيم ويثبتها محمد عبد الوهاب ويثبتها السنية والسلفية هذا كلامهم - أيها الإخوة - ولم لا؟ وهو كلام ربنا الجليل ونبينا العظيم ونحن المؤمنون بكلام الله وكلام رسول الله. ألم يقل الله تعالى: ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [يونس: 62 - 64] هذه كرامات الأولياء. ألم يقل الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [آل عمران: 33 - 37]. هذه كرامات الأولياء. ألم يقص الله علينا في القرآن قصة أصحاب الكهف وما حدث لهم من الكرامات؟! ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى البخاري عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ " بَيْنَمَا ثَلاَثَةُ نَفَرٍ يَتَمَاشَوْنَ أَخَذَهُمُ الْمَطَرُ، فَمَالُوا إِلَى غَارٍ فِى الْجَبَلِ، فَانْحَطَّتْ عَلَى فَمِ غَارِهِمْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ، فَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ انْظُرُوا أَعْمَالاً عَمِلْتُمُوهَا لِلَّهِ صَالِحَةً، فَادْعُوا اللَّهَ بِهَا لَعَلَّهُ يَفْرُجُهَا. فَقَالَ أَحَدُهُمُ اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ لي وَالِدَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَلِى صِبْيَةٌ صِغَارٌ كُنْتُ أَرْعَى عَلَيْهِمْ، فَإِذَا رُحْتُ عَلَيْهِمْ فَحَلَبْتُ بَدَأْتُ بِوَالِدَيَّ أَسْقِيهِمَا قَبْلَ وَلَدِى، وَإِنَّهُ نَاءَ بِي الشَّجَرُ فَمَا أَتَيْتُ حَتَّى أَمْسَيْتُ، فَوَجَدْتُهُمَا قَدْ نَامَا، فَحَلَبْتُ كَمَا كُنْتُ أَحْلُبُ، فَجِئْتُ بِالْحِلاَبِ فَقُمْتُ عِنْدَ رُؤوسِهِمَا، أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا مِنْ نَوْمِهِمَا، وَأَكْرَهُ أَنْ أَبْدَأَ بِالصِّبْيَةِ قَبْلَهُمَا، وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قدميَّ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبِي وَدَأْبَهُمْ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ لَنَا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ، فَفَرَجَ اللَّهُ لَهُمْ فُرْجَةً حَتَّى يَرَوْنَ مِنْهَا السَّمَاءَ. وَقَالَ الثَّانِي اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَتْ لِي ابْنَةُ عَمٍّ، أُحِبُّهَا كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ، فَطَلَبْتُ إِلَيْهَا نَفْسَهَا، فَأَبَتْ حَتَّى آتِيَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَسَعَيْتُ حَتَّى جَمَعْتُ مِائَةَ دِينَارٍ، فَلَقِيتُهَا بِهَا، فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَتْ يَا عَبْدَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ، وَلاَ تَفْتَحِ الْخَاتَمَ. فَقُمْتُ عَنْهَا، اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى قَدْ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ لَنَا مِنْهَا فَفَرَجَ لَهُمْ فُرْجَةً. وَقَالَ الآخَرُ اللَّهُمَّ إِنِّي كُنْتُ اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقِ أَرُزٍّ فَلَمَّا قَضَى عَمَلَهُ قَالَ أَعْطِنِي حَقِّي. فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَقَّهُ، فَتَرَكَهُ وَرَغِبَ عَنْهُ، فَلَمْ أَزَلْ أَزْرَعُهُ حَتَّى جَمَعْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيَهَا، فَجَاءَنِي فَقَالَ اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تَظْلِمْنِي، وَأَعْطِنِي حَقِّي. فَقُلْتُ اذْهَبْ إِلَى ذَلِكَ الْبَقَرِ وَرَاعِيهَا. فَقَالَ اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تَهْزَأْ بِي. فَقُلْتُ إِنِّى لاَ أَهْزَأُ بِكَ، فَخُذْ ذَلِكَ الْبَقَرَ وَرَاعِيَهَا. فَأَخَذَهُ فَانْطَلَقَ بِهَا، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ مَا بَقِىَ، فَفَرَجَ اللَّهُ عَنْهُمْ ". [5] وهذا من الكرامات وقد ذكرها الله تعالى في قوله: ﴿ أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آَيَاتِنَا عَجَبًا ﴾ [الكهف: 9] وأصحاب الرقيم هم هؤلاء المذكورون في هذا الحديث. ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم : "إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لي وَلِيًّا من عادى أي من آذى أو حارب وليس من عاد من العودة والرجوع إلى الله "فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَىَّ عَبْدِى بشيء أَحَبَّ إِلَىَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِى يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِى يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِى يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ التي يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلَهُ التي يَمْشِى بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شيء أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ ". [6] وهذه أقوال أهل السنة والجماعة قدمناها في إثبات الكرامات للأولياء - أيها الإخوة - وعمليًّا لا تخلو كتب أهل السنة والسلف من كتب الحديث والسيرة وكتب التاريخ والتراجم من ذكر الكرامات عن أولياء الله الصالحين من السابقين واللاحقين ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بَيْنَا رَجُلٌ بِفَلاَةٍ مِنَ الأَرْضِ فَسَمِعَ صَوْتًا في سَحَابَةٍ اسْقِ حَدِيقَةَ فُلاَنٍ، فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ فَأَفْرَغَ مَاءَهُ في حَرَّةٍ فَإِذَا شَرْجَةٌ مِنْ تِلْكَ الشِّرَاجِ قَدِ اسْتَوْعَبَتْ ذَلِكَ الْمَاءَ كُلَّهُ فَتَتَبَّعَ الْمَاءَ فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ في حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الْمَاءَ بِمِسْحَاتِهِ فَقَالَ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ مَا اسْمُكَ قَالَ فُلاَنٌ. لِلاِسْمِ الَّذِى سَمِعَ في السَّحَابَةِ فَقَالَ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ لِمَ تسألني عَنِ اسْمِى فَقَالَ إني سَمِعْتُ صَوْتًا في السَّحَابِ الَّذِى هَذَا مَاؤُهُ يَقُولُ اسْقِ حَدِيقَةَ فُلاَنٍ لاِسْمِكَ فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا قَالَ أَمَّا إِذَا قُلْتَ هَذَا فَإِنّي أَنْظُرُ إِلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ وَآكُلُ أَنَا وَعِيَالِي ثُلُثًا وَأَرُدُّ فِيهَا ثُلُثَهُ ".[7] وها هم الصحابة وهم سادات الأولياء جرت على أيديهم الكرامات الكثيرة ومن ذلك: ما روى البخاري من حديث أنس - رضي الله عنه - أن رجلين خرجا من عند النبي صلى الله عليه وسلم فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، وَإِذَا نُورٌ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا حَتَّى تَفَرَّقَا، فَتَفَرَّقَ النُّورُ مَعَهُمَا. [8] والرجلان - أيها الإخوة - هما الصحابيان الجليلان أسيد بن حضير وعباد بن بشر، وأسيد هذا أيضاً هو الذي تنزلت السكينة لقراءته القرآن ففي مسلم من حديث أبي سعيد الخدري أن أسيد بن حضير - رضي الله عنه - وعن أبي سعيد - بينما هو ليلة يقرأ القرآن في مربده إِذْ جَالَتْ فَرَسُهُ فَقَرَأَ ثُمَّ جَالَتْ أُخْرَى فَقَرَأَ ثُمَّ جَالَتْ أَيْضًا قَالَ أُسَيْدٌ فَخَشِيتُ أَنْ تَطَأَ يَحْيَى فَقُمْتُ إِلَيْهَا فَإِذَا مِثْلُ الظُّلَّةِ فَوْقَ رَأْسِي فِيهَا أَمْثَالُ السُّرُجِ عَرَجَتْ فِي الْجَوِّ حَتَّى مَا أَرَاهَا - قَالَ - فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَيْنَمَا أَنَا الْبَارِحَةَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ أَقْرَأُ فِى مِرْبَدِي إِذْ جَالَتْ فَرَسِى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -" اقرأ ابْنَ حُضَيْرٍ ". قَالَ فَقَرَأْتُ ثُمَّ جَالَتْ أَيْضًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -" اقرأ ابْنَ حُضَيْرٍ ". قَالَ فَقَرَأْتُ ثُمَّ جَالَتْ أَيْضًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -" اقرأ ابْنَ حُضَيْرٍ "، قَالَ فَانْصَرَفْتُ. وَكَانَ يَحْيَى قَرِيبًا مِنْهَا خَشِيتُ أَنْ تَطَأَهُ فَرَأَيْتُ مِثْلَ الظُّلَّةِ فِيهَا أَمْثَالُ السُّرُجِ عَرَجَتْ فِى الْجَوِّ حَتَّى مَا أَرَاهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -" تِلْكَ الْمَلاَئِكَةُ كَانَتْ تَسْتَمِعُ لَكَ وَلَوْ قَرَأْتَ لأَصْبَحَتْ يَرَاهَا النَّاسُ مَا تَسْتَتِرُ مِنْهُمْ ".[9] ومن أروع ما قرأت ما روى أبو نعيم في الحلية عن أبي البختري قال: "بينما أبو الدرداء يوقد تحت قدر له وسلمان رضي الله تعالى عنه عنده إذ سمع أبو الدرداء في القدر صوتاً، ثم ارتفع الصوت بتسبيحه كهيئة صوت الصبي قال ثم ندرت –أى: وقعت- فانكفأت ثم رجعت إلى مكانها لم ينصب منها شيء فجعل أبو الدرداء ينادي: يا سلمان انظر إلى العجب، انظر إلى ما لم تنظر إلى مثله أنت ولا أبوك، فقال سلمان: أما إنك لو سكت لسمعت من آيات الله الكبرى، فكان أبو الدرداء إذا كتب إلى سلمان أو سلمان كتب إلى أبي الدرداء كتب إليه يذكره بآية الصحفة[10] ومن ينابيع الكرامة ما فاض فكثر وتوارد فتواتر على أيدي التابعين وقد كانت حاجتهم إلى ذلك أكثر من حاجة الصحابة إليها فقد رأى الصحابة المعجزات وشهدوا تنزل الآيات فكثرت الكرامات في التابعين عنها في الصحابة لذلك، ومن صحيح ما يروى في كرامات التابعين ما روى مسلم في صحيحه من حديث أسيد بن جابر قال كان عمر بن الخطاب إذا أتى عليه أمداد من أهل اليمن سألهم أفيكم أويس بن عامر حتى أتى على أويس فقال أنت أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ نَعَمْ. قَالَ مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ قَالَ نَعَمْ، قَالَ: فَكَانَ بِكَ بَرَصٌ فَبَرَأْتَ مِنْهُ إِلاَّ مَوْضِعَ دِرْهَمٍ قَالَ نَعَمْ. قَالَ لَكَ وَالِدَةٌ قَالَ نَعَمْ. قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ " يأتي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلاَّ مَوْضِعَ دِرْهَمٍ لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ ". فَاسْتَغْفِرْ لي. فَاسْتَغْفَرَ لَهُ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ أَيْنَ تُرِيدُ قَالَ الْكُوفَةَ. قَالَ أَلاَ أَكْتُبُ لَكَ إِلَى عَامِلِهَا قَالَ أَكُونُ في غَبْرَاءِ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَىَّ. قَالَ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ حَجَّ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِهِمْ فَوَافَقَ عُمَرَ فَسَأَلَهُ عَنْ أُوَيْسٍ قَالَ تَرَكْتُهُ رَثَّ الْبَيْتِ قَلِيلَ الْمَتَاعِ. قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ " يأتي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلاَّ مَوْضِعَ دِرْهَمٍ لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ ". فَأَتَى أُوَيْسًا فَقَالَ اسْتَغْفِرْ لي. قَالَ أَنْتَ أَحْدَثُ عَهْدًا بِسَفَرٍ صَالِحٍ فَاسْتَغْفِرْ لي. قَالَ اسْتَغْفِرْ لي. قَالَ: أَنْتَ أَحْدَثُ عَهْدًا بِسَفَرٍ صَالِحٍ فَاسْتَغْفِرْ لي. قَالَ لَقِيتَ عُمَرَ قَالَ نَعَمْ. فَاسْتَغْفَرَ لَهُ. فَفَطِنَ لَهُ النَّاسُ فَانْطَلَقَ عَلَى وَجْهِهِ. قَالَ أُسَيْرٌ وَكَسَوْتُهُ بُرْدَةً فَكَانَ كُلَّمَا رَآهُ إِنْسَانٌ قَالَ مِنْ أَيْنَ لأُوَيْسٍ هَذِهِ الْبُرْدَةُ [11] ومن الكرامات والشيء بالشيء يذكر ما حدث لعمر - رضي الله عنه - نفسه فيما ذكره ابن الأثير في أسد الغابة عن ابن عمر، عن أبيه: أنه كان يخطب يوم الجمعة على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرض له في خطبته أن قال: "يا سارية بن حصن، الجبل الجبل - من استرعى الذئب ظلم". فتلفت الناس بعضهم إلى بعض، فقال علي: صدق، والله ليخرجن مما قال. فلما فرغ من صلاته قال له علي: ما شيء سنح لك في خطبتك؟ قال: وما هو؟ قال: قولك: "يا سارية، الجبل الجبل، من استرعى الذئب ظلم" قال: وهل كان ذلك مني؟ قال: نعم، وجميع أهل المسجد قد سمعوه. قال: إنه وقع في خلدي أن المشركين هزموا إخواننا، فركبوا أكتافهم، وأنهم يمرون بجبل، فإن عدلوا إليه قاتلوا من وجدوا وقد ظفروا، وإن جاوزوا هلكوا، فخرج مني ما تزعم أنك سمعته. قال: فجاء البشير بالفتح بعد شهر، فذكر أنه سُمع في ذلك اليوم في تلك الساعة، حين جاوزوا الجبل صوت يشبه صوت عمر، يقول: "يا سارية بن حصن، الجبل الجبل" قال: فعدلنا إليه، ففتح الله علينا. [12] ولا زالت الكرامات - أيها الإخوة - في هذه الأمة يتحف الله بها أهلها جيلاً بعد جيل ولا تنقطع إلى قيام الساعة وهذا كله من كرامة الأمة على ربها ومن قبل ذلك من كرامة نبي الأمة صلى الله عليه وسلم على ربه. ومن عجيب ما اطلعت عليه في هذا الصدد ما ذكره الحافظ ابن كثير في التفسير في تفسير سورة الحجرات قال روى ابن جرير: عن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس، قال: لما نزلت هذه الآية: ﴿ لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ ﴾ قال: قعد ثابت بن قيس في الطريق يبكي، قال: فمر به عاصم بن عدي من بني العَجلان، فقال: ما يبكيك يا ثابت؟ قال: هذه الآية، أتخوف أن تكون نزلت فيَّ وأنا صيَّت، رفيع الصوت. قال: فمضى عاصم بن عدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وغلبه البكاء، فأتى امرأته جميلة ابنة عبد الله بن أبي بن سلول فقال لها: إذا دخلتُ بيت فَرَسي فشدّي عَلَيّ الضبَّة بمسمار فضربته بمسمار حتى إذا خرج عَطَفه، وقال: لا أخرج حتى يتوفاني الله، عز وجل ، أو يرضى عني رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وأتى عاصم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فأخبره خبره، فقال: "اذهب فادعه لي". فجاء عاصم إلى المكان فلم يجده، فجاء إلى أهله فوجده في بيت الفَرَس، فقال له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوك. فقال: اكسر الضبة. قال: فخرجا فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما يبكيك يا ثابت؟". فقال: أنا صيت وأتخوف أن تكون هذه الآية نزلت في: ﴿ لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ ﴾. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما ترضى أن تَعِيش حَميدًا، وتقتل شهيدًا، وتدخل الجنة؟". فقال: رضيت ببشرى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولا أرفع صوتي أبدًا على صوت النبي صلى الله عليه وسلم. قال: وأنزل الله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى ﴾. وجاء في بعض الروايات عن أنس قال: فكنا نراه يمشي بين أظهرنا رَجلٌ من أهل الجنة. فماذا حدث له بعد موته؟ جاء في سير أعلام النبلاء عن أنس أن ثابت بن قيس جاء يوم اليمامة، وقد تحنط، ولبس ثوبين أبيضين، فكفن فيهما، وقد انهزم القوم، فقال: اللهم إني أبرأ إليك مما جاء به هؤلاء يعنى المشركين، وأعتذر من صنيع هؤلاء يعنى المسلمين، ثم قال: بئس ما عودتم أقرانكم! خلوا بيننا وبينهم ساعة، فحمل، فقاتل حتى قتل، وكانت درعه قد سرقت، فرآه رجل في النوم، فقال له: إنها في قدر تحت إكاف، بمكان كذا وكذا، وأوصاه بوصايا، فنظروا فوجدوا الدرع كما قال، وأنفذوا وصاياه.[13] فهذا - أيها الإخوة - هو الرجل الوحيد الذى أوصى في المنام بعد موته ونفذت وصيته على يد الصديق أبى بكر رضى الله عنه وعن باقي الأصحاب. واقرأ معي ما حدث للتابعي الجليل أبي مسلم الخولاني - رحمه الله - تعالى فقد ذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء عن عطاء الخراساني، أن امرأة أبي مسلم قالت: ليس لنا دقيق. فقال: هل عندك شيء؟ قالت: درهم بعنا به غزلًا. قال: ابغينيه وهات الجراب، فدخل السوق، فأتاه سائل، وألح، فأعطاه الدرهم، وملأ الجراب نشارة مع تراب، وأتى وقلبه مرعوب منها، وذهب، ففتحته، فإذا به دقيق حوارى [14] أي: أبيض صافي، قال: فعجنت وخبزت، فلما جاء ليلا، وضعت له الطعام، فقال: من أين هذا؟ قالت: من الدقيق، فأكل وبكى. [15] إذاً فالكرامات ثابتة مستقرة لأولياء الله نؤمن بها ونقر، كما أن المعجزات ثابتة مستقرة لأنبياء الله نؤمن بها ونقر، لكن- أيها الإخوة- ينبغي أن توضع هذه الكرامات في مكانها الشرعي الصحيح دون زيادة بها أو نقصان وهذا هو عنصرنا الثاني من عناصر اللقاء: مخالفات مرذولة ومبالغات غير مقبولة: أيها الإخوة! الولي عبد كريم على ربه نال كرامته من عبوديته، فلا ينبغي على الإطلاق أن يزعم ذلك العبد أو يُزعَم فيه ما يهز هذا السبب، لأن باهتزازه حتماً تهتز مكانته التي تبوأها بهذا السبب، فتضيع هذه المكانة، ولذا كان من عقيدة أهل السنة والجماعة أن للكرامة شروطاً حتى تكون فعلاً كرامة وإلا كانت استدراجاً وإهانة، كما في الحديث الذي أخرجه أحمد وغيره بسند صحيح كما في صحيح الجامع من حديث عقبة بن عامر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا رأيت الله يُعْطِي العبدَ من الدنيا على مَعاصيه ما يُحِبُّ، فإنما هو اسْتِدْرَاج". ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾}. [16] نعم للكرامة شروط وآداب حتى تكون كرامة وإلا تحولت إلى استدراج وإهانة فمن شرائط الكرامة ألا تخرج عن الشرع المطهر فلا تحل حراماً أو تحرم حلالًا فمن انقطع عن الصلاة بزعم أنه وصل إلى حد اليقين وأن الله تعالى يقول ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 99] ويقول هذا الذي لم يفهم عن الله مراده: خلاص أنا وصلت إلى حد اليقين ويزعم من هنا أنه أسقطت عنه التكاليف فيترك الصلاة ويشرب الخمر ويزني ويأتي المنكرات ويدع الواجبات ويسمونه ولي، نعم والله يسمونه ولى، لقد صمت أذناي وأنا أسمع رجلاً يشغل أحد أخطر المنصبين الدينيين في بلدنا وهو يحكي قصة شيخ من شيوخه العظام الكبار الذي يسلك عندهم في سلك كبار الأولياء، هذا الولي دخلت عليه امرأة جميلة تسأله وتستفتيه فأشار إليها ذلك الولي إلى حجرة عنده واستجابت المرأة للإشارة فدخلت الحجرة ودخل الولي! وراءها وأغلق الباب وبعد زمان خرجا فلما خرج لم يجد أحداً من طلابه إلا واحداً فقال: أين إخوانك، أين الطلبة؟ قال: ذهبوا جميعاً قال: ولم؟ قال لما دخلت بالمرأة الحجرة وخلوت بها نفروا وذهبوا مغضبين، قال: وأنت ما أجلسك؟ يقول الشيخ القاصُّ: فقال له الطالب: أسخن لك الماء، جلس يسخن له الماء فقال: ولماذا ما ذهبت مع زملائك؟ قال: ما اتبعتك على أنك نبي؟ ثم أردف الشيخ الكبير القصة ليداري ويوارى عوارها بقوله: قيل لعبد القادر: أيزني الولي؟ قال: "وكان أمر الله قدراً مقدورًا"، ثم قال الشيخ الكبير!: وتلميذ المرسي أبي العباس ضبطوه يزني بامرأة فذهبوا ليمسكوه فأفلت فلاحقوه حتى أتى على شاطئ فمشى في البحر على الماء، فما استطاعوا أن يمشوا وراءه وذهبوا إلى المرسي أبي العباس وقالوا: كيف يزني ويمشي على الماء؟ فقال: "إن الكريم إذا وهب ما سلب". أهذا كلام يعقل يا أولي الألباب؟ وهل مثل هذه السخافات تعد كرامات؟ إن الكرامة لا تكون لعاص أبداً، إنما هذه إهانة ومذلة من الله لمن عصاه واستدراج له من الله. فمن شرائط الكرامة أن لاتحل حرامًا ولاتحرم حلالًا، ذلك أن الولى تابع للشرع الذى جاء به النبى صلى الله عليه وسلم . ومن شرائط الكرامة أن تكون لحي يرزق بين الأحياء أو ميت لكن يبلغ بها عن طريق حي، لكن الميت لا يظهر كرامة بنفسه فليس هناك ميت مثلًا يستعصي أو يتأبى على حاملي نعشه يقول بلسان حاله لحامليه: لا تذهبوا بي إلى القبور واذهبوا بي إلى المسجد لتدفنوني فيه، أو يرغمهم بالقوة على ذلك، هذه ليست كرامة وإنما هي حيلة وجريمة شيطانية، إذ كيف تكون كرامة وقد نهى النبي أن تتخذ المساجد قبوراً وأن ندفن فيها موتانا ولعن الذي يفعل ذلك كما روى البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه: "لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". قالت عائشة: يحذر ما صنعوا. [17] وليس هناك نعش يطير في الهواء إنما الميت الكريم على ربه يدفن في الأرض كما دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الخلق وكما دفن الأنبياء والصحابة والأئمة بين قبور المسلمين هذه كلها لا تكون كرامات بل إهانات. ومن شرائط الكرامة أيضاً: أن تكون لحاجة فالكرامة ليست ألعوبة في يد الذي تجري على يديه إنما يعطيها الله إياه في وقت يحتاجها بل في وقت أشد ما يكون حاجة إليها أما ما سوى ذلك فلا؛ كما صاح عمر بن الخطاب رضي الله عنه "يا سارية الجبل الجبل"تلك الصيحة نجت بها جيوش المسلمين من بين فكي أعداء الله الكافرين وكما نجا أبو مسلم الخولاني من نار الأسود العنسي حين كان وحده ولم يكن به طاقة للدفاع عن نفسه. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |