|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() قول الزوج لزوجته: أمرك بيدك الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك قول الزوج لزوجته: أمرك بيدك قوله: "وإن قال لزوجته: أمرُك بيدك، ملكت ثلاثًا، ولو نوى واحدة..." إلى آخره[1]. قال في "المقنع": "وإن قال لامرأته: أمرك بيدك فلها أن تطلق ثلاثًا، وإن نوى واحدةً، وهو في يدها ما لم يفسخ أو يطأ. فإن قال: اختاري نفسك، لم يكن لها أن تُطلق أكثر من واحدة، إلا أن يجعل إليها أكثر من ذلك، وليس لها أن تُطلق إلا ما دامت في المجلس ولم يتشاغلا بما يقطعه إلا أن يجعل إليها أكثر من ذلك، فإن جعل لها الخيار اليوم كله، أو جعل أمرها بيدها فردته، أو رجع فيه أو وطئها بطل خيارها، هذا المذهب[2]. وخرَّج أبو الخطاب في كل مسألة وجهًا مثل حكم الأُخرى، ولفظة الأمر والخيار كناية في حقِّ الزوج تفتقر إلى نية، فإن قبلته بلفظ الكناية نحو: اخترتُ نفسي: افتقر إلى نيتها أيضًا، وإن قالت: طلَّقت نفسي، وقع من غير نية، وإن اختلفا في نيتها فالقول قولها. وإن اختلفا في رجوعه فالقول قوله، وإن قال: طلقي نفسك، فقالت: اخترت نفسي، ونوت الطلاق وقع، ويحتمل ألا يقع، وليس لها أن تطلق أكثر من واحدة، إلا أن يجعل إليها أكثر منها. وإن قال: وهبتك لأهلك، فإن قبلوها فواحدة، وإن ردُّوها فلا شيء، وعنه[3]: إن قبلوها فثلاث، وإن ردوها فواحدة، وكذلك إذا قال: وهبتك لنفسك"[4]. قال في "الحاشية": "قوله: وإن قال لامرأته: أمرك بيدك، فلها أن تُطلق ثلاثًا وإن نوى واحدة، هذا المذهب[5]؛ لأنه كناية ظاهرة، وأفتى به الإمام أحمد مرارًا، رُوي ذلك عن: عثمان وعلي وابن عباس وابن عمر وفضالة بن عبيد، وبه قال سعيد بن المسيب وعطاء والزهري. وعن عمر وابن مسعود: أنها طلقة واحدة، وبه قال عطاء ومجاهد والقاسم وربيعة ومالك[6] والأوزاعي والشافعي[7]. وقال الشافعي[8]: إن نوى ثلاثًا فلها أن تطلق ثلاثًا، وإن نوى غير ذلك لم تطلق ثلاثًا، والقول قوله في نيته، وهو رواية عن أحمد[9]. قوله: "وهو في يدها ما لم يفسخ أو يطأ"، يعني: أنه لا يتقيد بالمجلس، وهذا المذهب[10]؛ لأنه توكيل مُطلق فكان على التراخي كالتوكيل في البيع، رُوي ذلك عن علي، وبه قال الحكم وأبو ثور وابن المنذر، وقال مالك[11] والشافعي[12] وأصحاب الرأي[13]: هو مقصور على المجلس كقوله: اختاري، ولنا: قول علي رضي الله عنه. تنبيه: مثل ذلك في الحكم: لو جُعل أمرها في يد غيرها، كما إذا قال: جعلت أمر امرأتي بيدك، أو جعلت لك الخيار في طلاق امرأتي، و طلِّق، فالجميع سواء في أنه لا يتقيد بالمجلس، وله أن يطلق ما لم يفسخ أو يطأ، وله أن يطلق ثلاثًا وواحدة كالمرأة. قوله: "فإن قال: اختاري..." إلى آخره، هذا المذهب؛[14] وبه قال عمر وابن مسعود وزيد بن ثابت وابن عمر وعائشة، ورُوي ذلك عن: جابر بن عبد الله وعبد الله بن عمرو. وقال أبو حنيفة[15]: هي واحدة بائنة، وهو قول ابن شُبرمة؛ لأن اختيارها نفسها يقتضي زوال سُلطانه، ولا يكون إلا بالبينونة، وقال مالك[16]: هي ثلاث في المدخول بها، لا تبين إلا بالثلاث إلا أن يكون بعوضٍ. ولنا: إجماع الصحابة؛ فإن من سميناهم قالوا: إن اختارت نفسها فهي واحدة هو أحق بها، ويخالف قوله: أمرك بيدك، فإنه للعموم؛ لأنه اسم جنس مُضاف فيتناول جميع أمرها، لكن إن جعل لها أكثر من ذلك بلفظه أو نيَّته فهو على ما نوى، وإن أطلق فواحدة. قوله: "وليس لها أن تُطلق أكثر من واحدة، ولو قال: اختاري، اختاري، اختاري، فإن نوى إفهامها وليس نيته ثلاثًا فواحدة، وإن أراد ثلاثًا فثلاث"، قاله الإمام أحمد[17]، وإن أطلق فواحدة[18]، اختاره القاضي، وبه قال عطاء وأبو ثور، وقال الشعبي والنخعي وأصحاب الرأي[19] ومالك[20]: تطلَّق ثلاثًا. قوله: "وليس لها أن تطلق..." إلى آخره، هذا المذهب[21]، وبه قال أكثر أهل العلم، رُوي عن: عمر وعثمان وابن مسعود وجابر، وبه قال عطاء وجابر بن زيد ومجاهد والشعبي والنخعي ومالك[22] والثوري والأوزاعي والشافعي[23] وأصحاب الرأي[24]. وقال قتادة والزهري وأبو عبيد وابن المنذر ومالك[25] في رواية: هو على التراخي ما لم يفسخ أو يظاهر. ولنا: أنه قول من سمينا من الصحابة، ولم يُعرف لهم مخالف فيكون إجماعًا. فأما "أمرك بيدك" فهو توكيل، والتوكيل يعم الزمان ما لم يقيده بخلاف مسألتنا. قوله: ولم يتشاغلا بما يقطعه، بأن يخرجا عن الكلام الذي كانا فيه إلى غير ذكر الطلاق. قوله: وخرَّج أبو الخطاب... إلى آخره، يعني: من حيث الفورية والتراخي، لا من حيث العدد، فخرَّج في قوله: أمرك بيدك، وجهًا أنها لا تُطلق أكثر من واحدة، وأنها تتقيد بالمجلس بشرط ألا يتشاغلا بما يقطعه. وفي قوله: "اختاري نفسك" أنها لا تتقيد بالمجلس، وأن لها أن تُطلق أكثر من واحدة عند الإطلاق؛ قياسًا لكل واحدة منهما على الأخرى. قوله: ولفظ الأمر والخيار... إلى آخره، فلفظ الأمر كناية ظاهرة، ولفظ الخيار كناية خفية، يفتقران إلى نية، أو كونه بعد سؤالها الطلاق ونحوه، وقد تقدم الخلاف في قدر ما يقع بكل واحدة منهما. قوله: "فإن قبلته بلفظ الكناية..." إلى آخره؛ لأنها موقعة للطلاق بلفظ الكناية؛ فافتقر إلى نيتها كالزوج، فلو قالت: اخترت نفسي، وأنكر وجوده قبل قوله؛ لأنه منكر أشبه ما لو علَّق طلاقها على دخول الدار فادعته وأنكر، فإن نوى أحدهما دون الآخر لم يقع؛ لأن الزوج إذا لم ينو فما فوض إليها الطلاق فلا يصح أن توقعه، وإن نوى ولم تنو فقد فوض إليها الطلاق فما أوقعته، وإن نويا جميعًا وقع ما نوياه، وإن نوى أحدهما أقل من الآخر وقع الأقل. فائدة: إذا خيرها فاختارت زوجها، أو رد الخيار أو الأمر لم يقع شيء، نصَّ عليه[26] في رواية الجماعة، رُوي ذلك عن عُمر وعلي وزيد وابن مسعود وابن عباس، وبه قال مسروق وعمر بن عبدالعزيز وابن شبرمة وابن أبي ليلى والثوري والشافعي[27] وابن المنذر، وعن الحسن: يكون واحدة رجعية، وروي ذلك عن علي رضي الله عنه وهو رواية عن أحمد، ولنا: قول عائشة: خيَّرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أفكان طلاقًا؟![28]. قوله: "افتقر إلى نيتها"، لا يقع بقولها: اخترت، ولو نوت حتى تقول: نفسي، أو أبويَّ، أو الأزواج؛ لأنها أتت بصريح الطلاق. قوله: فالقول قولها؛ لأنها أعلم بنيتها. قوله: وإن اختلفا في رجوعه فالقول قوله، هذا المذهب[29]؛ لأنهما اختلفا فيما يختص به كما لو اختلفا في نيته. فوائد: الأولى: يقع الطلاق بإيقاع الوكيل بصريح، أو كناية بنية، وفي وقوعه بكناية بنية ممن وكل فيه بصريح وجهان[30]، وأطلقهما في "الفروع"، وكذا عكسه، والصواب الوقوع كالمرأة، قاله في "الإنصاف". الثانية: تُقبل دعوى الزوج أنه رجع قبل إيقاع وكيل عند أصحابنا، والمنصوص: أنه لا يُقبل إلا ببينةٍ[31]. قال الشيخ تقي الدين[32]: وكذا دعوى عتقه ورهنه نحوه. الثالثة: من وُكِّل في ثلاث فأوقع واحدة وعكسه فواحدة، نص عليهما[33]. الرابعة: إذا قال: أمرك بيدك أو اختاري، فقالت: قبلت، لم يقع شيء، كما لو قال لأجنبي: أمر امرأتي بيدك، قال: قبلت، وكذا إذا قالت: أخذت أمري ونحوه. الخامسة: لو قال الزوج: اختاري، ولم يقل: نفسك، ولم ينوه، لم تُطلق ما لم يذكر نفسها، ما لم يكن في كلام الزوج أو جوابها[34] لها ما يصرف الكلام إليه. قوله: "وإن قال: طلِّقي نفسك..." إلى آخره، هذا المذهب[35]؛ لأنه فوَّض إليها الطلاق وقد أوقعته، أشبه ما لو أوقعته بلفظ الصريح. فوائد: الأولى: لو قال: طلِّقي نفسك ثلاثًا، طلقت ثلاثًا بنيتها على الصحيح[36]. الثانية: هل قوله: طلِّقي نفسك، مختص بالمجلس كـ: اختاري نفسك، أو على التراخي كـ: أمرك بيدك؟ فيه وجهان[37]: أحدهما[38]: يكون على التراخي، وهو الصحيح، رجَّحه المصنف في "المغني" و"الكافي". الثالثة: قال في "المحرر" وغيره: لو قال ذلك لأجنبي كان على التراخي في الجمعي، يعني: في الأمر والاختيار والطلاق، وحكم الأجنبي إذا وكل حكمها فيما تقدم خلافًا ومذهبًا[39]، إلا في التراخي على ما تقدم. الرابعة: تملك المرأة بقوله: طلاقك بيدك، أو وكلتك في الطلاق، ما تملك بقوله لها: أمرك بيدك، فلا يقع بقولها: أنت طالق، أو أنت مني طالق، أو طلقتك، على الصحيح من المذهب[40]. قوله: "إلا أن يجعل إليها أكثر منها بلفظه أو نيته"، ومع الإطلاق واحدة؛ لأنها اليقين. قوله: "وإن قال: وهبتك لأهلك، فإن قبلوها فواحدة"، أي: رجعية، أما اشتراط القبول: فلأنه تمليك للبضع فافتقر إليه كـ: اختاري، وأما كونه واحدة؛ لأنه محتمل فلا يحمل إلا عليها عند الإطلاق كـ: اختاري. قوله: وعنه[41]: إن قبلوها فثلاث، وإن ردوها فواحدة، وكذلك إذا قال: وهبتك لنفسك، روي عن زيد بن ثابت، والحسن، وعن أحمد: إن قبلوها فواحدة بائنة، وإن ردوها فواحدة رجعية، روي عن: علي والنخعي، وقال ربيعة ويحيى بن سعيد وأبو الزناد ومالك[42]: هي ثلاث على كل حال، قبلوها أو ردوها، وقال أبو حنيفة[43] فيها كقوله في الكنايات الظاهرة، ومثله قال الشافعي[44]؛ بناء على اختلافهما، واختلفا هنا. تنبيه: ثم قال في "الشرح": وقوله: إنها واحدة، محمول على ما إذا أطلق النية أو نوى واحدة، فأما إن نوى ثلاثًا أو اثنتين فهو على ما نوى؛ لأنها كناية غير ظاهرة. تتمة: يجوز أن يجعل أمر امرأته لها بعوض، وحكمه حكم ما لا عوض له في أن له الرجوع فيما جعل لها، وأن يبطل بالوطء، نص عليه"[45]. وقال في "الإفصاح": "واختلفوا فيما إذا قال لها: أمرُك بيدك ونوى الطلاق وطلقت فسها ثلاثًا، فقال أبو حنيفة[46]: إن نوى الزوج ثلاثًا وقعت، وإن نوى واحدةً لم يقع شيء. وقال مالك[47]: يقع ما أوقعت من عدد الطلاق إذا أقرها عليه، فإن ناكرها حلف، وانعقد من عدد الطلاق ما قاله. وقال الشافعي[48]: لا يقع الثلاث إلا أن ينوي بها الزوج، وإن نوى الزوج دون الثلاث وقع ما نواه. وقال أحمد[49]: يقع الثلاث، سواء نوى الزوج الثلاث أو نوى واحدة. واختلفوا فيما إذا قال لها: طلِّقي نفسك واحدةً، فطلقت نفسها ثلاثًا: فقال أبو حنفية[50] [ومالك[51]]: لا يقع شيء. وقال الشافعي[52] وأحمد[53]: يقع واحدة"[54]. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |