مصطلح الخيانة الزوجية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تحريم الحلف بملة غير الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          بلاغة قوله تعالى: (ولكم في القصاص حياة)، مع موازنته مع ما استحسنته العرب من قولهم: "ا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الإسلام كفل لغير المسلمين حق العمل والكسب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          أكثر من ذكر الله اقتداء بحبيبك صلى الله عليه وسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          أينقص الدين هذا وأنا حي؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          خلاصة بحث علمي (أفكار مختصرة) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          موعظة وذكرى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          أعمال يسيرة وراءها قلب سليم ونية صالحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          {هم درجات عند الله} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          نواقض الوضوء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأمومة والطفل
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الأمومة والطفل يختص بكل ما يفيد الطفل وبتوعية الام وتثقيفها صحياً وتعليمياً ودينياً

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24-06-2019, 11:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,770
الدولة : Egypt
افتراضي مصطلح الخيانة الزوجية

مصطلح الخيانة الزوجية
حامد الإدريسي
لست أتكلم هنا عن العلاقة المحرمة التي تحصل بين زوجة لا تخاف الله، ورجل رخيص خبيث. الذي أتكلم عنه هو الغزو الفكري المتمثل في الكثير من جوانب حياتنا الثقافية، وبالخصوص مصطلحاتنا وتعبيراتنا...
قبل جيلين أو أكثر، وقبل أن نصبح أتباعا لكل ناعق، كنا نسمي الزوجة الزانية: ‘‘زوجة زانية’’، واليوم أصبحنا نسمي هذه الآفة العظيمة، والجرم الخطير: ‘‘خيانة زوجية’’، ويا بعد ما بين الكلمتين.
إن خطورة المصطلحات ليست في استبدال كلمة من ثقافتنا وعمق تقاليدنا، بكلمة أخرى مستوردة مجمدة، كاللحم البارد المستورد، فهي ليست كلمة في مقابل كلمة فحسب، ولو كان الأمر كذلك لكان فيه ما فيه من معاني اليد العليا واليد السفلى، وصورة المعطي المتفضل، والآخذ المحتاج، لكن الأمر ليس ثمة فحسب، والخطر ليس هو ذاك فقط، إن الخطر كل الخطر في المصطلحات المستوردة، هو ما تحمله من معان تصاحب المصطلح وتحوم حوله، كما يحوم الإلكترون حول النواة، فتجد الكلمة تساق لمعنى معين يريده المتحدث، لكنها تأتي بمعان كثيرة قد لا يكون المتحدث أرادها ولا قصدها بل لعله لم ينتبه لها ولم يدرك خطرها ودلالاتها وآثارها على السامع.
إن الزنا أمر خطير وشنيع، والكلمة المستخدمة للدلالة عليه، كلمة منفرة مقززة، تبعث شعورا منفرا لدى السامع، تجعله يشمئز من هذا الأمر ويستشنعه، فالتقزز والاشمئزاز كلمات تبعث إليك بمعانيها من حروفها المجعدة المتشابكة، وهي خير مثال على ما نقول، والكلمة العربية قوية بمعناها وبحروفها، وهذا باب في اللغة كبير، وفقه في علم الكلام عجيب، وهو من أبواب الإعجاز في كلام الله عز وجل، فتجده قال عن الزنى : (ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا) فبين لك خبثه وفحشه هو في حد ذاته، وقبح أثره بمقت الله والناس له، وسوء منقلب هذه السبيل التي يسلكها الأراذل والمنحرفون، كل ذلك بكلمات قوية تهز من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
وقد تتبع أحد الباحثين المعاصرين، واسمه إياد حصني، هذا الأمر وأبعد فيه، حتى قال إن لكل حرف معنى محددا، اذا عرف أدى إلى معرفة معنى الكلمة في اللغة العربية.فقال عن حرف الفاء مثلا: إن هذا الحرف يدل على الفراغ أو التفريع المادي أو الحسي، مثل: حفرة، كهف، فتحة، فسحة، فضاء، فوهة، نافذة، فم، أنف وفرج. وأضاف إذا دخل هذا الحرف على كلمات أخرى فرغها من معناها مثل: شر تتحول إلى شرف، وسر تتحول الى فسر، صر تتحول إلى صرف. وأشار الى حرف الشين، وقال: إن الكلمة التي تحويه تشير إلى كل شيء منتشر في الوجود ذي طابع مادي أو حسي، مثل: شمس، شرارة، شعلة، شعر، حشيش، عشب، شجر، بشر، شعب، رش ونشر. وأضاف: معنى حرف الشين مأخوذ من طريقة لفظه، وهو انتشار الهواء في الفم، كما أن الفاء تفرغ الشين من معناها: رش تصبح رشف، شطف، شفط، نشف.[1]
وقد رد بعضهم على هذا الطرح وعارضه بأنه لا ينضبط في كل الكلمات، وهم محقون في ذلك، إلا أن ارتباط الحروف بمعانيها أمر معروف في اللغة العربية، وسر كبير من أسرارها.
هذه جهة من النظر، لكنها ليست الجهة التي نتخوف منها كثيرا، الأخطر من ذلك أن يكون في المصطلح المستورد معنى يخالف المعنى المراد من اللفظ، وهو ما تحمله كلمة الخيانة الزوجية، وذلك بملاحظة ما يلي:
أولا: الخيانة أمر متعلق بالثقة، أي أن الخائن شخص لا يمكن الوثوق به نظرا لأنه لم يف بما عهد به إليه، وهو في الحالة التي نتكلم عنها، لم يف بالعهد الذي بينه وبين زوجه، وخان ذلك الميثاق الذي بينهما.
وهذا معنى موجود في الزنى، لكنه ليس هو المعنى الذي حرم من أجله، واستوجب به صاحبه أن يرجم كما يرجم الكلب، ونحن إذ نثير قضية الثقة ونجعلها القضية الأساسية التي يحملها المصطلح، والتهمة الرئيسية التي نلحقها بالآثم، نكون قد صرفنا اللفظ عن المعنى الأصلي الذي من أجله حرم الزنى، ألا وهو التعدي على الأعراض، وانتهاك حرمات الله، وخلط الأنساب، والإفساد في الأرض بإهلاك النسل، وظلم الزوج والأب والأخ والأهل في عرضهم، وإلحاق العار بهم، كل هذا لم يلتف إليه المصطلح، وإنما التفت إلى هذا العقد الذي بين الزوجين، وجعل الخيانة مرتبطة به، فكل ما في الأمر أن بينهما عهدا وميثاقا لم توف به هذه الزوجة الزانية، وذلك فيه تبسيط للمنكر وتخفيف للجرم.
ولو جاء رجل إلى قاطع طريق، قتل الأبرياء وأخذ أموالهم، وأخاف الآمينين وبث الرعب في البلاد، ومنع الناس من سلوك السبيل خوفا من بطشه، حتى أصبح حديث الناس في المجالس، ثم قال لنا: هذا سارق، لقلنا له إنه ليس سارقا إنه قاطع طريق، مع أن قطع الطريق فيه سلب لأموال الناس، لكن المعاني الموجودة في قاطع الطريق ليست هي المعاني الموجودة في السارق، فهو سارق وزيادة، كذلك الزاني هو خائن وزيادة، ولعل الخيانة هي أقل جرائمه المرتبطة بهذا الفعل القبيح والذي لا تدل عليه إلا كلمة : الزنى.
إذن عندما نسمي الزاني خائنا، والزانية خائنة، نكون كمن سمى قاطع الطريق لصا، وفي هذا قلب للحقائق وتحريف للمعاني.
ثانيا: لقد ربطت الخيانة بالزوجية والزواج، فجعلت خيانة للزوجية، وهي في الحقيقة ليست خيانة للزوجية وحدها، فالزانية لم تخن زوجها فحسب، بل خانت ربها وخانت دينها وخلقها وشرفها بل وشرف أهلها كذلك.
فلماذا حصر المصطلح الخيانة على الزوجية؟
إن الخلفية التي نشأ فيها هذا المصطلح خلفية معقدة تتداخل فيها الكثير من الاعتبارات الدينية والعرفية والاجتماعية، وهي التي ولّدت هذا المصطلح الذي يتوافق مع البيئة التي نشأ فيها.
إن من تقع في الزنى في تلك البلاد، لا تكون خانت إلا زوجها، أما الدين والأسرة والعرض والأهل، فلا علاقة لهم بالموضوع أصلا، إذ لا دين يمنعها من ذلك، ولا حق لأحد في أن يعترض عليها في فعلتها تلك، لا أب ولا أخ ولا قريب، فحريتها الشخصية تبيح لها مضاجعة من شاءت متى شاءت كيفما شاءت، كل من يهمه الأمر هو الزوج نفسه، وما تكون قد انتهكته بفعلتها هو شيء واحد، ذلك العقد الذي بينها وبين زوجها، والذي يمنعها من مضاجعة غيره، لذلك عبر المصطلح تعبيرا دقيقا عن هذه الصورة بأبعادها الاجتماعية وخلفيتها الدينية، لذا فإن كثيرا من النساء تستخدم هذا الأسلوب لمعاقبة زوجها حين تكتشف علاقته بغيرها، وترى أن لها الحق في ذلك، فما دام هو قد خان هذا العقد الرابط بينهما، فلها هي أن ترد بالمثل وتخونه كما خانها، والقياس صحيح بالنسبة إلى طبيعة تلك الشعوب التي تعج بالمخنثين والديوثيين.
ولذلك فإن القانون عندهم ينص على أن من وقعت في الزنى، فإنها تعاقب بالحبس إلا أن يعفو عنها زوجها، ويتنازل عن حقه في العقاب، وهذا القانون معمول به في كثير من الدول التي تنتمي إلى الإسلام، فمتى ما ضبطت الزوجة في حالة فساد، كما يسمونها في قوانينهم، فإنه يتم استدعاء الزوج وإطلاعه بالأمر، فإن تنازل أطلق سراحها، ولا شيء عليها.
فالمصطلح وصف هذا الجرم وصفا دقيقا، لكنه وصفه لقوم آخرين (يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم) فهو متطابق مع حياتهم ومبادئهم ودينهم، لكنه ليس الزنى الذي نتحدث عنه، والذي يكون فيه الجرم مع الله أولا، ومع المجتمع ثانيا، ومع القيم ثالثا، ومع الأب والأبناء والزوج رابعا.
ثالثا: إن إطلاقنا لفظ الخيانة الزوجية على الزنى، يجعل الأمر متعلقا بالخيانة، وهي عدم الإيفاء بالعهد، وهي أمر يحصل في الحياة الزوجية كثيرا، فقد تخون المرأة الرجل في ماله الذي استأمنها عليه، أو تخونه في معاملة أبنائه بغير الطريقة التي عهد بها إليها، أو تخونه في أهله فلا تعاملهم بما أوصاها به، وكل هذه المعاني يمكن أن يطلق عليها خيانة زوجية، أما الزنى فهو أكبر من ذلك بكثير.
لذلك قال الله عز وجل عن امرأة نوح وامرأة لوط: (وضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما) قال المفسرون: إنها الخيانة في الدين، وذلك بكفرهما وإخبار امرأة لوط بضيوف زوجها، وأجمعوا على أنهما لم تكونا فاجرتين، لأن هذا مما لا يمكن أن يبتلى به الأنبياء.
إن الخطورة في مثل هذا المصطلح أنه يهون الزنى ويجعله كالسرقة وكالكذب على الزوج أو إفشاء أسراره أو عدم إنفاذ عهده في غيابه أو التجسس عليه، وككل الخيانات التي قد تحصل في الحياة الزوجية، إما من قبل الزوج وإما من قبل الزوجة، وهي من الأخطاء التي لا يمكن أن نقارنها أبدا بالزنى.
وهذا ما حصل بالضبط في تلك المجتمعات التي تستخدم هذا المصطلح، فقد أصبح الأمر هينا إلى حد أنه بلغ في المجتمع البريطاني أن تزني زوجة من بين خمس زوجات، على حسب ما ذكرته صحيفة الشرق الأوسط[2]، كما ذكرت أن تسعين في المائة من نسائهن قد فكرن في الخيانة وعزمن عليها، لكنهن عدلن عنها.
الآن، وقد عرفت أبعاد هذا المصطلح وأعماقه وخلفياته، فلك أن تستعمله أو تتركه، لكن اعلم أن مصطلح الشريعة خير وأنفع، وكلام الله والاقتداء بتعبير القرآن أبرك وأصلح، قال تعالى: (وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون).


[1] نقلا عن جريدة القبس الكويتية بتاريخ 30-5-2006

[2] العدد 9495 13 شوال 1425

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 51.06 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 49.39 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.27%)]