|
ملتقى الإنشاء ملتقى يختص بتلخيص الكتب الاسلامية للحث على القراءة بصورة محببة سهلة ومختصرة بالإضافة الى عرض سير واحداث تاريخية عربية وعالمية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() بلاغة قوله تعالى: ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ ﴾ [البقرة:179]، مع موازنته مع ما استحسنته العرب من قولهم: "القتل أنفى للقتل" غازي أحمد محمد المقصد من تشريع القصاص هي "الزجر" و"الرّدع"، فإقامة قِصاصٌ واحدٌ في المجتمع كفيل بأن يهب للنّاس الحياة. فالإنسانُ إذا هَمَّ بقتل آخر فذكر أنّه إن قتله قُتِلَ به، انزجر وارتدَعَ، فسَلِمَ المهمومُ بِقَتلِه، وصار كأنه استفاد حياة جديدة، وسلم الذي أراد القتل من القصاص، واستُبقي حيا. والآية تفوق قولهم "القتل أنفى للقتل" من وجوه راجعة إلى النظم وأخرى ترجع للمعنى ومنها: (1) أن في تنكير "حياة" دلالة على تعظيم الحياة لمنع ازهاقها، وليس في كلامهم ما يدل على عظمة الحياة. (2) أنه قد نصّ في الآية على علّة القصاص ومقصده وهو حفظ "الحياة" (حفظ النفس)، بخلاف قولهم: "القتل أنفى للقتل" فإنه يدل على حفظ الحياة باللزوم لا بمنطوقه. والنص على المطلوب أعون على القبول من التلويح به. (3) ليس كل قتل يكون نافيا للقتل، وإنما يكون ذلك إذا كان على جهة القِصاص، وفي الآية براعة تشريعية من وجوه: الأول، أنّ الآية تمنع قتل الجماعة بالواحد كما كان حالهم في الجاهلية، فإن القصاص هو قتل القاتل المتعمد الظالم دون غيره، بخلاف كلمتهم فإنها لا تفيد ذلك. فتحصل الحياة الدنيوية للجماعة، كما أن قتل الجماعة بالواحد الذي لا يمنعه قولهم: "القتل أنفى للقتل" يثير الفتن ويقيم الحروب ويزهق الأنفس الكثيرة. فإذا قتل القاتل الظالم وحده شفيت صدور الأولياء الدم ولم تحصل الفتنة. الثاني، أنّ في لفظ "القصاص" ما يمنع قتل واحد آخر من قبيلة القاتل ظلما إذا لم يظفروا بالقاتل أخذا بالجريرة، وهذا لا تفيده كلمتهم الجامعة. الثالث، أن لفظ الاقتصاص فيه معنى استيفاء حق المظلوم، بخلاف استعمالهم لكلمة القتل، فليس فيها استيفاء حق المظلوم. الرابع، أن شفاء القلوب التام لأولياء الدم لا يحصل إلا بالقصاص، بخلاف قتل آخر من قبيلته. (4) أن القصاص جعل في الآية كالمنبع للحياة والمعدن لها بإدخال "في" عليه، فكأن أحد الضدين، وهو الفناء، صار محلا لضده الآخر، وهو الحياة، وفي ذلك ما لا يخفى من المبالغة، وقد نظم أبو تمام معنى ما ورد عن العرب في شطر بيت، فقال: وأخافكم كي تغمدوا أسيافكم... إن الدم المغبر يحرسه الدم". وفي هذا نوع غرابة من حيثُ جعلُ الشيء حاصلا في ضدّه. (5) أن مفهوم المخالفة من الآية "ليس لكم في غير القصاص حياة" وهو صحيح، بيد أن مفهوم القتل أنفى للقتل هو: ترك القتل لا يمنع من القتل: غلط. (6) أن القصاص يشتمل على الضرب والجرح والقتل، كما جاء في قوله: ﴿ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ﴾ [المائدة:45]، وليس خاصا بالقتل، خلافا لما قالوه. (7) أن في الآية تشويقٌ للمخاطب إلى معرفة المبتدأ المؤخر، فعند قوله: و(لكم في القصاص)، يستشعر المخاطب أن تعالى يمتن عليه بشيء، فتتشوف النفس لسماعه فيقول "حياة". وقولهم يخلو منه. (8) خلو الآية من التكرار بخلاف تكرارهم لكلمة "القتل". (9) أن في قولهم تقدير لمحذوف، فتقدير قولهم: القتل أنفى للقتل من ترك القتل أو من غيره من الزواجر، وليس في الآية حاجة لتقدير محذوف. (10) أن في كلامه تعالى محسن لفظي وهو الطباق وهو الجمع بين القصاص والحياة، وهما كالضدين، بخلاف كلامهم. (11) عذوبة اللفظ وسلاسته؛ إذ ليس في قولهم: حرفان متحركان على التوالي إلا في موضع واحد، ولا شك أنه ينقص من سلاسة اللفظ وجريانه على اللسان، وأيضا الخروج من الفاء إلى اللام، أعدل من الخروج من اللام إلى الهمزة لبعد الهمزة من اللام، وكذلك الخروج من الصاد إلى الحاء، أعدل من الخروج من الألف إلى اللام. (12) خلوه عما يوهمه ظاهر قولهم من كون الشيء سببا لانتفاء نفسه، وهو محال.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |