سورة آل عمران (5) غزوة أحد - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4963 - عددالزوار : 2068183 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4539 - عددالزوار : 1337316 )           »          ما هي أبرز أسباب تأخر النطق عند الأطفال؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          أعشاب تدر الحليب: تعرف عليها! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          أطعمة خالية من اللاكتوز: قائمة بأفضلها! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          علاج هشاشة العظام بالأكل: هل هو ممكن؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          علاج التجشؤ بالأعشاب: 7 أعشاب فعالة ومجربة! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          حمية dna: خطوة نحو تغذية مخصصة لصحتك! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          كيف يتم علاج سوء التغذية؟ دليلك الشامل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          دليلك للأكل الصحي عند الإصابة بالتسمم الغذائي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23-11-2023, 11:26 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,040
الدولة : Egypt
افتراضي سورة آل عمران (5) غزوة أحد

سورة آل عمران (5) غزوة أحد
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَلِيِّ الْمُؤْمِنِينَ، وَجَابِرِ الْمُنْكَسِرِينَ، وَجَامِعِ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ، نَحْمَدُهُ كَمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحْمَدَ، فَهُوَ أَهْلُ الْحَمْدِ كُلِّهِ، وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ، عَلَانِيَتُهُ وَسِرُّهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، يَبْتَلِي عِبَادَهُ بِالسَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَيُضَاعِفُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ الْبَلَاءَ؛ لِيُعْظِمَ لَهُمُ الْجَزَاءَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ جَرَحَهُ الْمُشْرِكُونَ فِي أُحُدٍ، وَشَجُّوا رَأْسَهُ، وَكَسَرُوا رَبَاعِيَّتَهُ، فَكَانَ «يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ» صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَأَقِيمُوا لَهُ دِينَكُمْ، وَأَسْلِمُوا لَهُ وُجُوهَكُمْ. وَاعْلَمُوا أَنَّ الدُّنْيَا دَارُ بَلَاءٍ وَامْتِحَانٍ، وَأَنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ. ﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 185].

أَيُّهَا النَّاسُ: أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِرَاءَةِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، وَأَخْبَرَ أَنَّهَا تُحَاجُّ عَنْ صَاحِبِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَكَفَى بِذَلِكَ دَافِعًا لِقِرَاءَتِهَا وَتَدَبُّرِهَا. وَمِنَ الْمَوْضُوعَاتِ الْمُهِمَّةِ الَّتِي تَنَاوَلَتْهَا السُّورَةُ غَزْوَةُ أُحُدٍ؛ حَيْثُ الِابْتِلَاءُ وَالِامْتِحَانُ، وَأَخَذَتْ هَذِهِ الْغَزْوَةُ مِسَاحَةً كَبِيرَةً مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ.

وَبُدِئَ الْحَدِيثُ عَنْ أُحُدٍ بِمُوَاسَاةِ الْمُصَابِينَ، وَتَأْنِيسِهِمْ بِالْحَدِيثِ عَنِ النَّصْرِ السَّابِقِ، وَالْأَجْرِ الْقَادِمِ، وَأَنَّ جَزَاءَ الصَّبْرِ عَلَى الْبَلَاءِ جَنَّةٌ عَرْضُهَا الْأَرْضُ وَالسَّمَاءُ، مَعَ تَذْكِيرِهِمْ بِالصَّابِرِينَ الثَّابِتِينَ فِي الْأُمَمِ السَّابِقَةِ؛ لِلتَّأَسِّي بِهِمْ، فِي عَشْرِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ كَرِيمَاتٍ يَنْبَغِي لِقَارِئِ الْقُرْآنِ أَنْ يَفْهَمَهَا وَيَتَدَبَّرَهَا: ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ * أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ * وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ * وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ * وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ * وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 139-148].

ثُمَّ بَعْدَ هَذَا الْبَيَانِ الْعَظِيمِ الْبَلِيغِ نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْ طَاعَةِ الْكُفَّارِ؛ لِأَنَّهَا سَبَبُ الْخُسْرَانِ، وَأَنَّ الْكُفَّارَ مَهْزُومُونَ بِرُعْبٍ يُلْقِيهِ اللَّهُ تَعَالَى فِي قُلُوبِهِمْ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ* بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ * سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 149-151].

وَفِي سِيَاقِ الْمُوَاسَاةِ وَالتَّرْبِيَةِ أَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنَّ وَعْدَهُ بِالنَّصْرِ لِلْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَتَخَلَّفْ، لَوْلَا أَنَّ طَائِفَةً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ عَصَوْا أَمْرَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَثَابُوا إِلَى الْغَنِيمَةِ: ﴿ وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 152].

وَلَمَّا كَانَ غَمُّ الْهَزِيمَةِ وَفَوَاتِ الْغَنِيمَةِ مُؤْلِمًا لِلْمُؤْمِنِينَ؛ أَزَالَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ بِغَمٍّ أَشَدَّ مِنْهُ؛ وَهُوَ إِشَاعَةُ مَقْتَلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لِيَفْرَحُوا بِنَجَاتِهِ، وَيَنْسَوْا أَلَمَ الْهَزِيمَةِ، ثُمَّ بِنُعَاسٍ أَلْقَاهُ عَلَيْهِمْ، وَهَذَا مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَحْمَتِهِ بِالْمُؤْمِنِينَ ﴿ إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ* ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 153-154]. وَفَضَحَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُنَافِقِينَ، فَكَشَفَ لِلْمُؤْمِنِينَ ظُنُونَهُمُ السَّيِّئَةَ، وَأَقْوَالَهُمُ الْخَبِيثَةَ، وَرَدَّ عَلَيْهِمْ إِرْجَافَهُمْ وَتَخْذِيلَهُمْ، وَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ حِكْمَتَهُ فِي هَذَا الْبَلَاءِ: ﴿ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَا هُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 154].وَفِي مَقَامٍ آخَرَ نَهَى سُبْحَانَهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنِ التَّشَبُّهِ بِالْمُنَافِقِينَ الْمُخَذِّلِينَ الْمُرْجِفِينَ، وَدَحَضَ مَقُولَاتِهِمْ بِأَنَّ الْقَدَرَ قَدَرُ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ الْحَيَاةَ وَالْمَوْتَ بِيَدِهِ سُبْحَانَهُ، وَأَنَّ الشُّهَدَاءَ مَوْعُودُونَ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ* وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ * وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 156-158].

وَبَشَّرَ سُبْحَانَهُ الطَّائِفَةَ الْفَارَّةَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ بِعَفْوِهِ سُبْحَانَهُ عَنْهُمْ، وَأَنَّهُمْ مَا فَرُّوا إِلَّا بِسَبَبِ ذُنُوبِهِمْ؛ لِيُحَذِّرَ أَهْلَ الْإِيمَانِ مِنَ الْمَعَاصِي؛ فَإِنَّهَا سَبَبُ الْهَزَائِمِ وَالِانْكِسَارِ وَالشُّرُورِ وَالْآثَامِ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 155].

وَطَيَّبَ اللَّهُ تَعَالَى خَاطِرَهُمْ بَعْدَ الْهَزِيمَةِ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَفْوِ عَنْهُمْ وَمُشَاوَرَتِهِمْ فِي أَمْرِ الْحَرْبِ، وَالتَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ النَّصْرَ مِنْ عِنْدِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ* إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 159-160].

وَعَاتَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ عِتَابًا رَقِيقًا مُذَكِّرًا إِيَّاهُمْ بِنَصْرِهِمْ فِي بَدْرٍ، وَأَنَّ مُصَابَهُمْ فِي أُحُدٍ كَانَ بِسَبَبِهِمْ، وَمَا تَخَلَّفَ النَّصْرُ عَنْهُمْ إِلَّا بِمَعْصِيَةِ بَعْضِهِمْ، وَأَنَّ مِنْ حِكْمَةِ هَذَا الْبَلَاءَ كَشْفَ الْمُنَافِقِينَ: ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ* وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ * الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 165-168].

وَأَقُولُ وَقُولِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 200].

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: فِي أَوَاخِرِ الْحَدِيثِ عَنْ غَزْوَةِ أُحُدٍ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى عَاقِبَةَ الشُّهَدَاءِ، وَمَا أَعَدَّ لَهُمْ مِنَ الْكَرَامَةِ: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ* فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ * الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 169- 174]. وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا حَالَ الْمُؤْمِنِينَ فِي ثِقَتِهِمْ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَتَوَكُّلِهِمْ عَلَيْهِ، وَالْيَقِينِ بِوَعْدِهِ لِلْمُؤْمِنِينَ.

وَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ الشَّيْطَانَ يُخَوِّفُ الْمُنَافِقِينَ، وَهُمْ أَوْلِيَاؤُهُ، وَنَهَى الْمُؤْمِنِينَ عَنِ الْخَوْفِ مِنْهُمْ، وَأَنَّ الْكُفَّارَ يَضُرُّونَ أَنْفُسَهُمْ بِكُفْرِهِمْ، وَلَا يَضُرُّونَ اللَّه تَعَالَى شَيْئًا: ﴿ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 175- 178]. وَخُتِمَ الْحَدِيثُ عَنْ غَزْوَةِ أُحُدٍ فِي آلِ عِمْرَانَ بِبَيَانِ حِكْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي تَمْيِيزِ الصُّفُوفِ، وَكَشْفِ الْمُنَافِقِينَ: ﴿ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 179].

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 58.22 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 56.59 كيلو بايت... تم توفير 1.63 كيلو بايت...بمعدل (2.80%)]