|
ملتقى التنمية البشرية وعلم النفس ملتقى يختص بالتنمية البشرية والمهارات العقلية وإدارة الأعمال وتطوير الذات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() العناية في اختيار القادة خالد بن الوليد رضي الله عنه أنموذجًا واحدة من أهمِّ الخطوات السياسية الإيجابية الناجِحة في إدارة ملف الردَّة في دولة الخليفة الصدِّيق أبي بكر رضي الله عنه، هي العناية الكافية وتوخي الدقَّة والاهتمام البالغ في اختيار قادة الجيوش المكلَّفة لقمع المتمردين والمرتدِّين الخارجين عن سلطان الدولة. لقد كان على رأس أولئك القادة الصَّحابيُّ خالد بن الوليد رضي الله عنه، وفي تسليط الضَّوء على أسباب أنْ يقع اختيار الخليفة أبي بكر رضي الله عنه على خالد بن الوليد رضي الله عنه ليكون رأس الرُّمح في جهاد المرتدِّين دون غيره، فإننا نجد: 1- خالد بن الوليد رضي الله عنه كان واحدًا من خِيرة الرِّجال في الجاهليَّة قبل الإسلام، امتاز بذكائه ودهائه السِّياسي والعسكري، ومكانتِه المرموقة بين قريش، وعقلِه الراجح، يقول صاحب الاستيعاب: (وكان خالد أحدَ أشراف قريش في الجاهلية، وإليه كانت القُبَّة والأعنَّة في الجاهلية؛ فأمَّا القبة فإنَّهم كانوا يضربونها ثمَّ يجمعون إليها ما يجهزون به الجيش، وأمَّا الأعنَّة فإنَّه كان يكون المقدَّم على خيول قريش في الحروب)[1]. 2- على الرغم من تأخُّر إسلامه نسبيًّا؛ حيث إنَّه رضي الله عنه أسلَمَ بعد الحديبيةِ وقبل فتح مكة، وجاء مسلِمًا من مكَّة إلى المدينة فهو من المهاجرين، فعلى الرغم من تأخُّر إسلامه وشدَّة سيفه على المسلمين قبل إسلامه، وخصوصًا في غزوة أُحُد، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يذكره بحديثٍ يجعله يهرُب من الإسلام، أو أن يصبح إسلامه مستحيلًا؛ كأنْ يبيح دمَه أو يلعَنه؛ كما فعل صلى الله عليه وسلم مع غيره، وفي ذلك دلالة على أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينتظر إسلامَ خالد رضي الله عنه؛ فإنَّه من ذلك النوع من الرِّجال الذين يحبُّهم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم؛ لذكائهم وشجاعتِهم وقيادتهم العسكريَّة، وحتى عندما كان خصمًا عنيدًا للدَّولة الإسلامية فقد كان خصمًا شريفًا. وبالفعل فقد سأل عنه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أخاه الوليدَ بن الوليد رضي الله عنه يوم عمرة القضاء، وكان هذا أحد الأسباب التي شجَّعتْه رضي الله عنه ورغَّبتْه في الإسلام، فتجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عن خالد: ((ما مثله جهل الإسلام، ولو كان جعل نكايتَه وجده بالمسلمين على المشركين، كان خيرًا له، ولقدَّمناه على غيره)).[2] وخالد بن الوليد رضي الله عنه هو صاحب العقلِ الرَّاجح، حتى إنَّ أخاه الوليد رضي الله عنه يكتب له في رسالة كتبها إليه قبل أن يسلِم خالد رضي الله عنه يقول له: "فإنِّي لم أرَ أعجب من ذَهاب رأيك عن الإسلام وعقلُك عقلُك، ومثل الإسلام يجهله أحد؟!". وحين قرَّر خالد بن الوليد رضي الله عنه اعتناقَ الإسلام، وقدِم على رسول الله في المدينة، قابَلَه النَّبي محمد صلى الله عليه وسلم بخيرِ ما قابَل به الرِّجال المؤمنين الصادقين، فيقول خالد بن الوليد رضي الله عنه: "فلبستُ من صالِح ثيابي، ثمَّ عمدتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقيني أخي فقال: أسرِعْ؛ فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أُخبر بك فسُرَّ بقدومك وهو يَنتظركم، فأسرعنا المشيَ، فاطلعتُ عليه فما زال يتبسم إليَّ حتى وقفتُ عليه فسلَّمتُ عليه بالنبوَّة، فردَّ عليَّ السَّلام بوجه طلق، فقلتُ: إنِّي أشهد أن لا إله إلا الله وأنَّك رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الحمد لله الذي هداك، قد كنتُ أرى لك عقلًا رجوتُ أن لا يُسلِمَك إلَّا إلى خير))، قلتُ: يا رسول الله، قد رأيتَ ما كنتُ أشهد من تلك المواطن عليك معاندًا عن الحقِّ، فادع اللهَ يغفرها لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الإسلام يجُبُّ ما كان قبله))، قلت: يا رسول الله، على ذلك؟! قال: ((اللهمَّ اغفر لخالد بن الوليد كلَّ ما أوضع فيه مِن صدٍّ عن سبيلك)).[3] ولعلَّ تأخُّر إسلام خالد بن الوليد رضي الله عنه كان فيه خير، من جانب أنَّ خالدًا رضي الله عنه يوم أسلَمَ حمل سيفَه ولم يرمِه حتى توفَّاه الله جلَّ جلاله وهو يجاهِد في سبيل الله؛ إيمانًا بقضيته، ورغبةً صادقة في التعويض عمَّا فاته. 3- صدقه وإخلاصه للإسلام، والبذل في سبيله، وحبُّه للجهاد في سبيل الله تعالى؛ فيروي الإمام ابن حجر العسقلاني رحمه الله قولَ خالد بن الوليد رضي الله عنه: "لقد منعني كثيرًا من القرآن الجهادُ في سبيل الله"، وقال: "ما ليلة يُهدى إلى بيتي فيها عروس أنا لها محبٌّ، أو أُبشَّر فيها بغلام، بأحبَّ إليَّ من ليلة شديدة الجليد في سريَّة من المجاهدين أصبِّحُ بها العدو".[4] ولما حضرتْ خالدَ بن الوليد رضي الله عنه الوفاةُ، قال: "لقد طلبتُ القتلَ فلم يُقدَّر لي إلَّا أن أموت على فراشي، وما مِن عمل أرجى مِن لا إله إلا الله وأنا متترِّس بها"، ثمَّ قال: "إذا أنا متُّ فانظروا سلاحي وفرسي، فاجعلوه عدَّةً في سبيل الله".[5] وقد زكَّاه رسولُ الله محمدٌ صلى الله عليه وسلم بأنَّه بعد أن أسلم رضي الله عنه صارت قضيَّته هي إسلامه الذي كان حريصًا أن يقدِّم له أعزَّ ما يملِك؛ وهي روحه التي بين جنبيه وقبلها ماله، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: ((وأمَّا خالد، فإنَّكم تَظلمون خالدًا، قد احتبس أدراعَه[6] وأعتُدَهُ في سبيل الله)). [7] 4- كان خالد بن الوليد رضي الله عنه من أُمراء رسول الله بنصِّ قول رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم؛ فعن عوف بن مالك قال: "قتَل رجلٌ من حمير رجلًا من العدو، فأراد سلَبه، فمنعه خالدُ بن الوليد، وكان واليًا عليهم، فأتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عوفُ بن مالك، فأخبره، فقال لخالد: ((ما منعك أن تعطيه سلَبه؟))، قال: استكثرتُه يا رسول الله، قال: ((ادفعه إليه))، فمرَّ خالد بعوف، فجرَّ بردائه، ثمَّ قال: هل أنجزتُ لك ما ذكرتُ لك من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فسمعه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فاستُغضب، فقال: ((لا تُعطِه يا خالد، لا تُعطِه يا خالد، هل أنتم تاركون لي أُمرائي؟ إنَّما مَثَلكم ومثَلهم كمَثَل رجلٍ استُرْعِيَ إبلًا، أو غنمًا، فرعاها، ثمَّ تحيَّن سقيها، فأوردها حوضًا، فشرعتْ فيه فشربتْ صَفْوَه، وتركتْ كدرَه، فصفوُه لكم، وكدرُه عليهم)).[8] 5- خبرتُه العسكريَّة المتميزة، وحُسن إدارته للأزمات، وحكمته وحُسن تصرُّفه في المواقف الحرجة؛ فقد أثنى عليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في موقفه في معركة مؤتة؛ حيث استلم القيادةَ من غير أن يؤمَّر من رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّ النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم قد أمَّر ثلاثةَ أمراء، فلمَّا استُشهدوا جميعًا، لم يكن لخالد بن الوليد رضي الله عنه إلَّا أن يمسك بزمام المبادرة ويستلم القيادة ويُخرج الجيش من أزمته؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: ((أخَذ الرايةَ زيدٌ فأُصيب، ثم أخذها جعفر فأُصيب، ثم أخذها عبدالله بن رواحة فأُصيب - وإن عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم لتذرفان - ثمَّ أخذها خالد بن الوليد من غير إمرةٍ ففُتح له))[9]، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نعى زيدًا، وجعفرًا، وابنَ رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم، فقال: ((أخَذ الرايةَ زيد فأُصيب، ثم أخذ جعفر فأُصيب، ثمَّ أخذ ابنُ رواحة فأصيب، وعيناه تذرِفان، حتى أخذ سيفٌ من سيوف الله حتى فتح الله عليهم)). [10] 6- كلَّفه رسولُ الله محمد صلى الله عليه وسلم في مهامَّ عسكريَّةٍ مُهمَّة وصعبة، وكانت له صولات وجولات على عهد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، ومن المعارك التي شارك فيها: • معركة مؤتة، وقد ذكرنا حُسنَ تصرُّفه وإنقاذ الجيش الإسلامي. • كان على رأس المجنبة اليمنى لجيش رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكَّة، فدخل مكة من أعلاها من كداء، بعد أن قاتل بني بكر وبعضًا من هذيل وانتصر عليهم. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |