خطبة: بركات النبي صلى الله عليه وسلم - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4962 - عددالزوار : 2067150 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4538 - عددالزوار : 1336108 )           »          في آخر الزمان تصبح السنة بدعة والبدعة سنة (اخر مشاركة : عبد العليم عثماني - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 606 - عددالزوار : 339563 )           »          فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 379 - عددالزوار : 156475 )           »          {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ}ا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 394 - عددالزوار : 92532 )           »          السَّدَاد فيما اتفقا عليه البخاري ومسلم في المتن والإسناد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 64 - عددالزوار : 14145 )           »          الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 68 - عددالزوار : 53422 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 84 - عددالزوار : 47088 )           »          درر وفوائـد من كــلام السلف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 15503 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-06-2021, 04:34 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,002
الدولة : Egypt
افتراضي خطبة: بركات النبي صلى الله عليه وسلم

خطبة: بركات النبي صلى الله عليه وسلم (1)
أحمد بن عبد الله الحزيمي






الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى سَابِغِ نِعَمِهِ، وَبَالَغِ مِنَنِهِ، أَكْرَمَنَا بِخَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، سَيِّدُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، شَرَحَ اللَّهُ تَعَالَى صَدْرَه، وَرَفَع ذِكْرَهُ، فاللهمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.


أَمَّا بَعْدُ:
فأوصيكُم -عِبَادَ اللَّهِ- وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ، قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحديد: 28].


عِبَادَ اللَّهِ، هَلْ سَمِعْتُمْ بِأَعْظَمِ وَأَفْضَلِ وأَنبَلِ وَأَجْدَرِ وأَمجَدِ وَأَجَلِّ وَأَرْقَى وأسمَى رَجُلٍ فِي التَّارِيخِ؟
إنَّهُ صَاحِبُ الْحَوْضِ الْمَوْرُودِ، وَاللِّوَاءِ الْمَعْقُودِ، وَالْمَقَامِ الْمَحْمُودِ، صَاحِبُ الغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ، الْمَذْكُورُ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ، المؤيَّدُ بِجِبْرِيلَ، خَيْرُ الْخَلْقِ فِي طُفُولَتِهِ، وَأَطْهَرُ الْمُطَهَّرِينَ فِي شَبَابِهِ، وأنجبُ الْبَشَرِيَّةِ فِي كُهولَتِهِ، وَأزْهَدُ النَّاسِ فِي حَيَاتِهِ، وَأَعْدَلُ الْقُضَاةِ فِي قَضَائِهِ، وَأَشْجَعُ قَائِدٍ فِي جِهَادِهِ؛ اخْتَصَّهُ اللَّهُ بِكُلِّ خُلُقٍ نَبِيلٍ؛ وَطَهَّرَهُ مِنْ كُلِّ دَنَسٍ وَحَفِظَهُ مِنْ كُلِّ زَلَلٍ، وَأَدَّبَهُ فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهُ وَجَعَلَهُ عَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ؛ فَلَا يُدَانِيهِ أَحَدٌ فِي كَمَالِهِ وَعَظَمَتِه وَصِدْقِهِ وَأَمَانَتِهِ وَزُهْدِهِ وَعِفَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


وَالْيَوْمَ -أَيُّهَا الْكِرَامُ- نَسْعَدُ ونَشرُفُ أَنْ نَتَحَدَّثَ عَن جَانِبٍ مِنْ حَيَاتِه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فسَنُشِيرُ بإلماحَةٍ يَسِيرَةٍ عَنْ شَيْءٍ مِنْ بَرَكَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


فَقَدْ كَانَ أَعْظَمَ الْبَشَرِ بَرَكَةً، فَكَانَتِ الْبَرَكَةُ فِيهِ وَمَعَه وَعِنْدَه، وَقَد بَارَكَ اللَّهُ لَهُ فِي سِنِي عُمْرِهِ، وَبَارَكَ اللَّهُ لَهُ فِي دَعْوَتِهِ، وَفِي كُلِّ أُمُورِهِ.


تَبْدَأُ بَرَكَاتُ هَذَا النَّبِيِّ الْخَاتَمِ فِي حَمْلِهِ وولادَتِهِ؛ فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ أُمَّهُ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ لَمْ تَجِدْ فِي حَمْلِهَا مَا تَجِدُهُ النِّسَاءُ عَادَةً مِنْ أَلَمٍ وَضَعْفٍ، بَلْ كَانَ حَمْلًا سَهْلًا يَسِيرًا مُبَارَكًا.


وَصَحَّ -كما عندَ أحمدَ- أَنَّهَا لَمَّا وَضَعَتْه خَرَجَ مَعَهُ نُورٌ أَضَاءَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، حَتَّى أَضَاءَتْ مِنْهُ قُصُورُ بُصْرَى بِأَرْضِ الشَّامِ وَهُوَ الْمَوْلُودُ بِمَكَّةَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


أَوَّلُ مُرْضِعَةٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ ثُوَيْبَةُ، وَكَانَ إعْتَاقُهَا مِنْ بَرَكَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا، حَيْثُ أَعْتَقَهَا أَبُو لَهَبٍ عِنْدَمَا بَشَّرَتْهُ بِمَوْلِدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


وَأَمَّا مُرضِعَتُهُ الثَّانِيَةُ فَكَانَتْ حَلِيمَةُ السَّعْدِيَّةُ، فَقَدْ رَأَتْ الْعَجَائِبَ مِنْ بَرَكَةِ هَذَا الطِّفْلِ الْمُبَارَكِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ حَيْثُ زَادَ اللَّبَنُ فِي صَدْرِهَا، وَزَادَ الْكَلَأُ فِي مَرَاعِي أغنامِهَا، وَزَادَتِ الْأَغْنَامُ سِمَنًا ولَحمًا ولَبنًا، وَتَبَدَّلَتْ حَيَاةُ حَلِيمَةَ مِن جَفَافٍ وَفَقْرٍ وَمَشَقَّةٍ وَمُعَانَاةٍ إلَى خَيْرٍ وَفِيرٍ وَبَرَكَةٍ عَجِيبَةٍ، فَعَلِمَتْ أَنَّ محمدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ مِثْلَ كُلِّ الأطْفالِ، بَلْ هُوَ طِفْلٌ مُبَارَكٌ، وَاسْتَيْقَنَتْ أنَّهُ شَخْصٌ سَيَكُونُ لَهُ شَأْنٌ كَبِيرٌ، فَكَانَتْ حَرِيصَةً كُلَّ الْحِرْصِ عَلَيْهِ وَعَلَى وُجُودِه مَعَهَا، وَكَانَتْ شَدِيدَةَ الْمَحَبَّةِ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


مِنْ أُولَى بَرَكَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى يَثْرِبَ حِينَ هَاجَرَ إلَيْهَا، أَنَّهَا سُمِّيَتْ بِالْمَدِينَةِ، وحينها كَانَ يُكَدِّرُ حَالَهَا الفُرْقةُ والعَصبيَّةُ، ويُنغِّصُ عَيْشَ أَهْلِهَا الْفَقْرُ وَالْأَسْقَامُ. وَقَدْ دَعَا لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ اجْعَلْ بِالْمَدِينَةِ ضِعْفَيْ مَا جَعَلْتَ بِمَكَّةَ مِنَ البَرَكَةِ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ومُسلِمٌ. فَجَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى بِبَرَكَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلَدًا طَيِّبًا مُبَارَكًا تهفُو إلَيْهَا الْقُلُوبُ، وَخَلَتْ مِنَ الْوَبَاءِ، وَلَا يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلَا الدَّجَّالُ، وَالصَّلَاةُ فِي حَرَمِهَا بِأَلْفِ صَلَاةٍ، وَفِيهَا رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَأَعْظَمُ بَرَكَةٍ فِيهَا مَقَامُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


عَاشَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثاً وَعِشْرِينَ سَنَةً فِي الدَّعْوَةِ، فَإِنَّهُ قَدْ بُعِثَ وَعُمرُهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً، وَتُوُفِّيَ وَعُمُرُهُ ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ، أَي: بَقِيَ فِي الْبِعْثَةِ وَالرِّسَالَةِ ثَلَاثاً وَعِشْرِينَ سَنَةً فَقَطْ، وَمَعَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ السِّنِينَ، فِي هَذِهِ الْفَتْرَةِ الْوَجِيزَةِ حَصَلَ فِيهَا مِنَ الْفَتْحِ وَالنَّصْرِ، وَالنَّفْعِ وَالْعِلْمِ، وَالْإِيمَانِ وَالْإِصْلَاحِ، وَإِخْرَاجِ النَّاسِ مَنْ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ، وَكَثْرَةِ الْأَتْبَاعِ مَا لَا يَقُومُ بِهِ غَيْرُهُ فِي قُرُونٍ ودُهُورٍ، بَلْ حَتَّى الْأَنْبِيَاءُ -عَلَيهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ– مَكَثَ بَعْضُهُمْ فِي دَعْوَةِ قَوْمِهِ مُدَدًا طَوِيلَةً، وَمَا آمَنَ مَعَهُ إلَّا قَلِيلٌ، وَهَذَا مِنْ بَرَكَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَرَكَةِ دَعْوَتِهِ وَاتِّبَاعِهِ، وَهُوَ الْقَائِلُ: "وَإِنِّي لَأَرْجُو أنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ القِيَامَةِ" متفقٌ عليهِ.


أَيُّهَا الإِخوةُ فِي اللَّهِ، أُثِرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكْثِيرُهُ الطَّعَامَ وَالْمَاءَ إذَا مسَّ جَسَدَهُ، وَهَذَا مِنْ بَرَكَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا مسَّتْ يَدُهُ شَيْئًا إلَّا وَضَعَ اللَّهُ فِيهِ الْبَرَكَةَ، فَإِنَّه عِنْدَمَا وَضَعَ أَصَابِعَهُ فِي الْمَاءِ فَارَ الْمَاءُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ حَتَّى سَقَى الْجَيْشَ، ومَلؤوا آنِيَتَهُم وأَسقِيَتَهُم.


وَأَعْجَبُ مِنْ ذلكَ مَا رَآهُ جَابِرٌ فِي يَوْمٍ آخَرَ، وَذَلِكَ يَوْمُ الْخَنْدَقِ، فَقَد رَأَى بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُوعاً شَدِيداً، يَقُولُ: فَانْكَفَأْتُ إِلَى امْرَأَتِي، فَقُلْتُ: هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ؟ فَإِنِّي رَأَيْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمَصًا شَدِيدًا، فَأَخْرَجَتْ إِلَيَّ جِرَابًا فِيهِ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ، وَلَنَا بُهَيْمَةٌ دَاجِنٌ فَذَبَحْتُهَا، وَطَحَنَتِ الشَّعِيرَ.


قالَ: ثُمَّ وَلَّيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ -أي امرأتُه-: لاَ تَفْضَحْنِي بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِمَنْ مَعَهُ (لَقَد خَشِيتْ أَنْ يَدْعُوَ جمْعاً لَا يَكْفِيهِ الطَّعَامُ، فتُفضَحَ بَيْنَ النِّسَاءِ بِعَجْزِهَا عَن إِطْعَامِهِم).


يَقُولُ جَابِرٌ: فجئتُه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسارَرْتُه، فقلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَبَحْنَا بُهَيْمَةً لَنَا وَطَحَنَّا صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ كَانَ عِنْدَنَا، فَتَعَالَ أَنْتَ وَنَفَرٌ مَعَكَ.


يَقُولُ جَابِرٌ: فَصَاحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "يَا أَهْلَ الخَنْدَقِ، إِنَّ جَابِرًا قَدْ صَنَعَ سُورًا، فَحَيَّ هَلًا بِكُمْ". ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجَابِرٍ: "لاَ تُنْزِلُنَّ بُرْمَتَكُمْ، وَلاَ تَخْبِزُنَّ عَجِينَكُمْ حَتَّى أَجِيءَ".


قَالَ جَابِرٌ: فَجِئْتُ وَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْدَمُ النَّاسَ حَتَّى جِئْتُ امْرَأَتِي، فَقَالَتْ: بِكَ وَبِكَ. (لَقَد لِامَتْهُ وقرَّعَتْهُ عَلَى دعوةِ الْعَدَدِ الْكَبِيرِ إلَى طَعَامِهِمُ الْقَلِيلِ، إذ ظَنَّتْ أَنَّهُ أَهْمَلَ ما طَلَبَتْهُ منهُ).
يَقُولُ جَابِرٌ: فقلتُ: قَد فعلتُ الَّذِي قُلتِ لِي.


قَالَ جَابِرٌ: فَأَخْرَجْتُ لَهُ عَجِينَتَنَا فَبَصَقَ فِيهَا وَبَارَكَ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى بُرْمَتِنَا فَبَصَقَ فِيهَا وَبَارَكَ، ثُمَّ قَالَ: «ادْعِي خَابِزَةً فَلْتَخْبِزْ مَعَكِ، وَاقْدَحِي مِنْ بُرْمَتِكُمْ وَلَا تُنْزِلُوهَا» وَهُمْ أَلْفٌ، فَأُقْسِمُ بِاللهِ لَأَكَلُوا حَتَّى تَرَكُوهُ وَانْحَرَفُوا، وَإِنَّ بُرْمَتَنَا لَتَغِطُّ كَمَا هِيَ، وَإِنَّ عَجِينَتَنَا لَتُخْبَزُ كَمَا هيَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.


اللَّهُ أَكْبَرُ.. لَقَد أَطْعَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْفَ رَجُلٍ مِنْ طَعَامٍ لَا يَكَادُ يَكْفِي البضعَ مِنَ الرِّجَالِ.


وَأَعْجَبُ مِنْهُ وَأَعْظَمُ فِي الْبَرَكَةِ، مَا قصَّهُ عَلَيْنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا حِينَ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاَثِينَ وَمِائَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ طَعَامٌ؟»، فَإِذَا مَعَ رَجُلٍ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ أَوْ نَحْوُهُ، فَعُجِنَ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ، بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَيْعًا أَمْ عَطِيَّةً، أَوْ قَالَ: أَمْ هِبَةً؟"، قَالَ: لاَ بَلْ بَيْعٌ، فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً، فَصُنِعَتْ، وَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَوَادِ البَطْنِ أَنْ يُشْوَى، - أي الكبد - وَايْمُ اللَّهِ، مَا فِي الثَّلاَثِينَ وَالمِائَةِ إِلَّا قَدْ حَزَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ حُزَّةً مِنْ سَوَادِ بَطْنِهَا، إِنْ كَانَ شَاهِدًا أَعْطَاهَا إِيَّاهُ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا خَبَأَ لَهُ، فَجَعَلَ مِنْهَا قَصْعَتَيْنِ، فَأَكَلُوا أَجْمَعُونَ وَشَبِعْنَا، فَفَضَلَتِ القَصْعَتَانِ، فَحَمَلْنَاهُ عَلَى البَعِيرِ. متفقٌ عليهِ.


قَالَ النَّوَوِيُّ: "وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَتَانِ ظَاهِرَتَانِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَاهُمَا تَكْثِيرُ سَوَادِ الْبَطْنِ حَتَّى وَسِعَ هَذَا الْعَدَدَ وَالْأُخْرَى تَكْثِيرُ الصَّاعِ وَلَحْمِ الشَّاةِ حَتَّى أَشْبَعَهُمْ أَجْمَعِينَ وَفَضَلَتْ مِنْهُ فَضْلَةٌ حَمَلُوهَا لِعَدَمِ حَاجَةِ أَحَدٍ إِلَيْهَا".


وَفِي يَوْمِ الْحُدَيْبِيَةِ عَطِشَ النَّاسُ وَلَمْ يَجِدُوا مَاءً لِلْوُضُوءِ وَالشَّرَابِ إلاَّ قَلِيلاً بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَكْوةٍ، فَتَوَضَّأَ، فتسَابقُوا إلَى الْمَاءِ لقِلَّتِهِ، فَقَالَ: "مَا لَكُمْ؟" قَالُوا: لَيْسَ عِنْدَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأُ وَلاَ نَشْرَبُ إِلَّا مَا بَيْنَ يَدَيْكَ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الرِّكْوَةِ، فَجَعَلَ المَاءُ يَثُورُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، كَأَمْثَالِ العُيُونِ، فَشَرِبْنَا وَتَوَضَّأْنَا. قالَ الرَّاوِي: قُلْتُ لجَابرٍ: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ: لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا، كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.


اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى محمدٍ...



الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ الأَحدِ الصَّمدِ الذي لمْ يَلِدْ ولمْ يُولَدْ ولمْ يَكُنْ لهُ كُفوًا أَحدٌ. والصَّلاةُ والسَّلامُ على عبدِهِ ورسولِهِ محمدٍ، وعلى آلهِ وصحبِهِ أجمعينَ، أما بعدُ:
أَدْرَكَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْبَرَكَةِ، فَطَمَعَ أَنْ يَنَالَ حَظَّهُ مِنْهَا، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمَرَاتٍ أَوْ بشَعِيرٍ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ لِي فِيهِنَّ بِالْبَرَكَةِ، قَال: فصَفَّهُنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ دَعَا، فَقَالَ لِي: "اجعَلْهُنَّ فِي مِزْوَدٍ –وِعاءٍ-، وَأَدْخِلْ يَدَكَ وَلَا تَنْثُرْهُ" قَال: فَحَمَلْتُ مِنْهُ كَذَا وَكَذَا وَسْقًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَنَأْكُلُ، وَنُطْعِمُ، وَكَانَ لَا يُفَارِقُ حَقْوِي -أي معْقِدَ الإزار-، فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، انْقَطَعَ عَنْ حَقْوِي، فَسَقَطَ. رواه أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وحسَّنه الأَلْبَانِيُّ.


فرثَاه بِقَوْلِه:
لِلنَّاسِ هَمٌّ وَلِيْ فِي الْيَوْمِ هَمَّانِ ♦♦♦ فَقْد الْكَنِيف وَفَقد الشَّيْخِ عُثْمَانِ


لَقَد بَقِيَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَأْكُلُ مِنَ الْجِرَابِ زُهاءَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، كُلُّ ذَلِكَ بِبَرَكَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ليكونَ شاهداً آخرَ عَلَى نُبُوَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


عِبَادَ اللَّهِ: قَدْ بَقِيَ لَنَا فِي الْمَوْضُوعِ بَقِيَّةٌ، لَعَلَّنَا نَأْتِيَ عَلَيْهَا فِي خُطْبَةٍ قادِمَةٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ.


اللَّهُمَّ ابْسُطْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِكَ وَرَحْمَتِكَ وَفَضْلِكَ وَرِزْقِكَ، اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ الْمُقِيمَ الَّذِي لَا يَحُولُ وَلَا يَزُولُ، اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ الْأَمْنَ يَوْمَ الْخَوْفِ، اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْإِيمَانَ وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا، وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ وَاجْعَلْنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ، اللَّهُمَّ تَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ، وَأَحْيِنَا مُسْلِمِينَ، وَأَلْحِقْنَا بِالصَّالِحِينَ غَيْرَ خَزَايَا وَلا مَفْتُونِينَ.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03-06-2021, 04:34 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,002
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خطبة: بركات النبي صلى الله عليه وسلم

خطبة: بركات النبي صلى الله عليه وسلم (2)
أحمد بن عبد الله الحزيمي




إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيِكَ لهُ، وأشْهَدُ أنّ محَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ،﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيِثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الأمُورِ مُحْدَثاتُها، وَكُلَّ مُحْدثةٍ بِدْعَةٌ، وكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ، وكُلَّ ضَلالةٍ فِي النَّارِ.

كانَ الْحَدِيثُ فِي الأُسْبُوعِ الْمَاضِي حَدِيثاً مَاتِعاً عَن بَرَكَاتِ الْحَبِيبِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, كَيْفَ لَا يَكُونُ كذَلِكَ وَهُوَ حَدِيثٌ عَنْ سَيِّدِ الْخَلْقِ وَأَكْرَمِهِمْ وَأَفْضَلِهِمْ وأَمجَدِهِمْ وأَنبَلِهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَالْيَوْمَ نُكْمِلُ شيئاً مِنْ ذَلِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ.

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْكِرَامُ: لَقَد كَثُرَتِ الْأَخْبَارُ وتَكاثرَتْ وَهِيَ تَتَحَدّثُ عَن بَرَكَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَمَلَتْهَا إلَيْنَا الْأَسَانِيدُ الصِّحَاحُ الَّتِي بَلَغَتْ حَدَّ التَّوَاتُرِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: "وقد تَظَاهَرَتْ أَحَادِيثٌ آحادٌ بِمِثْلِ هَذَا، حَتَّى زَادَ مَجْمُوعُهَا عَلَى التَّوَاتُرِ، وَحَصَلَ الْعِلْمُ الْقَطْعِيُّ بِالْمَعْنَى الَّذِي اشْتَرَكَتْ فِيهِ هَذِهِ الْآحَادُ، وَهُوَ انْخِراقُ الْعَادَةِ بِمَا أَتَى بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَكثِيرِ الطعامِ القليلِ الكثرةِ الظَّاهِرَةِ، ونبعِ الْمَاءِ وتكثيرِهِ، وتسبيحِ الطَّعَامِ، وحنينِ الجِذْعِ وغيرِه".

وَمِنْ هَذِهِ الْأَخْبَارِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي تَوَاتَر مَعْنَاهَا: مَا رَوَاهُ لَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا حَيْثُ قَالَ: تُوُفِّيَ أَبِي وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَعَرَضْتُ عَلَى غُرَمَائِهِ أَنْ يَأْخُذُوا التَّمْرَ بِمَا عَلَيْهِ، فَأَبَوْا وَلَمْ يَرَوْا أَنَّ فِيهِ وَفَاءً، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: «إِذَا جَدَدْتَهُ فَوَضَعْتَهُ فِي المِرْبَدِ -مَوضعُ التَّجفِيفِ- آذَنْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، فَجَاءَ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، فَجَلَسَ عَلَيْهِ، وَدَعَا بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ قَالَ: «ادْعُ غُرَمَاءَكَ، فَأَوْفِهِمْ»، فَمَا تَرَكْتُ أَحَدًا لَهُ عَلَى أَبِي دَيْنٌ إِلَّا قَضَيْتُهُ، وَفَضَلَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ وَسْقًا. [أي قُرابةَ أَلفٍ وسَبعِمائةِ كيلو جرام]، رواه البخاريُّ.

قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: "وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رُوِيَ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ، عَنْ جَابِرٍ بِأَلْفَاظٍ كَثِيرَةٍ، وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ بِبَرَكَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدُعَائِهِ لَهُ، وَمَشْيِهِ فِي حَائِطِهِ وَجُلُوسِهِ عَلَى تَمْرِهِ، وَفَّى اللَّهُ دَيْنَ أَبِيهِ، وَكَانَ قَدْ قُتِلَ بِأَحَدٍ، وَجَابِرٌ كَانَ لَا يَرْجُو وَفَاءَهُ فِي ذَلِكَ الْعَامِ وَلَا مَا بَعْدَهُ، وَمَعَ هَذَا فَضَلَ لَهُ مِنَ التَّمْرِ أَكْثَرُهُ فَوْقَ مَا كَانَ يُؤَمِّلُهُ وَيَرْجُوهُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ".

وَمِنْ هَذِهِ الْأَخْبَارِ: مَا رَوَاهُ جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي سَفَرٍ مَعَ أَصْحَابِهِ، فَقَال: «يَا جَابِرُ نَادِ بِوَضُوءٍ» فَقُلْتُ: أَلَا وَضُوءَ؟ أَلَا وَضُوءَ؟ أَلَا وَضُوءَ؟ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا وَجَدْتُ فِي الرَّكْبِ مِنْ قَطْرَةٍ، وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُبَرِّدُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَاءَ فِي أَشْجَابٍ لَهُ (سقاءٍ له)، فَقَالَ لِيَ: «انْطَلِقْ إِلَى فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ الْأَنْصَارِيِّ، فَانْظُرْ هَلْ فِي أَشْجَابِهِ مِنْ شَيْءٍ؟» قَالَ: فَانْطَلَقْتُ إِلَيْهِ فَنَظَرْتُ فِيهَا، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي لَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلَّا قَطْرَةً، قَالَ: «اذْهَبْ فَأْتِنِي بِهِ» فَأَتَيْتُهُ بِهِ، فَأَخَذَهُ بِيَدِهِ فَجَعَلَ يَتَكَلَّمُ بِشَيْءٍ لَا أَدْرِي مَا هُوَ، وَيَغْمِزُهُ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ أَعْطَانِيهِ، فَقَالَ: «يَا جَابِرُ نَادِ بِجَفْنَةٍ» فَقُلْتُ: يَا جَفْنَةَ الرَّكْبِ فَأُتِيتُ بِهَا تُحْمَلُ، فَوَضَعْتُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِيَدِهِ فِي الْجَفْنَةِ هَكَذَا، فَبَسَطَهَا وَفَرَّقَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، ثُمَّ وَضَعَهَا فِي قَعْرِ الْجَفْنَةِ، وَقَالَ: «خُذْ يَا جَابِرُ فَصُبَّ عَلَيَّ، وَقُلْ بِاسْمِ اللهِ» فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ: بِاسْمِ اللهِ، فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَتَفُوَّرُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ فَارَتْ الْجَفْنَةُ وَدَارَتْ حَتَّى امْتَلَأَتْ، فَقَالَ: «يَا جَابِرُ نَادِ مَنْ كَانَ لَهُ حَاجَةٌ بِمَاءٍ» قَالَ فَأَتَى النَّاسُ فَاسْتَقَوْا حَتَّى رَوُوا، قَالَ: فَقُلْتُ: هَلْ بَقِيَ أَحَدٌ لَهُ حَاجَةٌ؟ فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ مِنَ الْجَفْنَةِ وَهِيَ مَلْأَى. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

قَال الـمُزَنِيُّ: "نَبعُ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْلَغُ فِي الْمُعْجِزَةِ مِن نَبعَةِ الْمَاءِ مِنْ الْحَجَرِ حَيْثُ ضَرَبَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْعَصَا، فتفجَّرتْ مِنْهُ المِيَاهُ؛ لِأَنَّ خُرُوجَ الْمَاءِ مِنْ الْحِجَارَةِ مَعْهُودٌ، بِخِلَافِ خُرُوجِهِ مِنْ بَيْنِ اللَّحْمِ وَالدَّمِ".

وَصَدَقَ الْقَائِلُ:
وَإِنْ كَانَ مُوسَى أَنْبَعَ المَاء بالْعَصَا
فَمِن كَفِّه قَدْ أَصْبَحَ الْمَاءُ يَطفَحُ


وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: "هذه الْمُعْجِزَة تَكَرَّرَتْ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّاتٍ عَدِيدَةً فِي مَشَاهِدَ عَظِيمَةٍ، وَجُمُوعٍ كَثِيرَةٍ، بَلَغَتْنَا بطُرُقٍ صَحِيحِةٍ مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ، وَعَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَجَابِرٍ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ يَحْصُلُ بِمَجْمُوعِ أَخْبَارِهِمُ الْعِلْمُ الْقَطْعِيُّ الْمُسْتَفَادُ مِنْ التَّوَاتُرِ الْمَعْنَوِيِّ، وَبِهَذَا الطَّرِيقِ حَصَلَ لَنَا الْعِلْمُ بِأَكْثَرِ مُعْجِزَاتِهِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِ رِسَالاتِهِ".

عِبَادَ اللَّهِ: قَدْ كَانَ لِأَهْلِ الصُّفَّةِ نَصِيبٌ مَنْ بَرَكَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدْ أَمَرَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَاتَ يَوْمٍ أَنْ يَدْعُوَهُمْ، فَحَضَرُوا جميعاً، ثُمَّ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا هِرٍّ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «خُذْ فَأَعْطِهِمْ» قَالَ: فَأَخَذْتُ القَدَحَ، فَجَعَلْتُ أُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ القَدَحَ، فَأُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ القَدَحَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ القَدَحَ، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَوِيَ القَوْمُ كُلُّهُمْ، فَأَخَذَ القَدَحَ فَوَضَعَهُ عَلَى يَدِهِ، فَنَظَرَ إِلَيَّ فَتَبَسَّمَ، فَقَالَ: «أَبَا هِرٍّ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «بَقِيتُ أَنَا وَأَنْتَ» قُلْتُ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «اقْعُدْ فَاشْرَبْ» فَقَعَدْتُ فَشَرِبْتُ، فَقَالَ: «اشْرَبْ» فَشَرِبْتُ، فَمَا زَالَ يَقُولُ: «اشْرَبْ» حَتَّى قُلْتُ: لاَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، مَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا، قَالَ: «فَأَرِنِي» فَأَعْطَيْتُهُ القَدَحَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَسَمَّى وَشَرِبَ الفَضْلَةَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَمِن دَلَائِلِ نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَارِ بَرَكَتِهِ: مَا يُحْكَى مِنْ خَبَرِ عِتَاقِ سَلْمَانَ مِنْ سَيِّدِهِ الْيَهُودِيِّ، حَيْثُ شَرَطَ الْيَهُودِيُّ لعِتاقِهِ أَنْ يَغْرِسَ نخلاً يَعْمَلُ سَلْمَانُ فِيهَا حَتَّى يُنْتِجَ النَّخْلُ.

قَالَ بُرَيْدَةُ: فَغَرَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّخْلَ إِلَّا نَخْلَةً وَاحِدَةً غَرَسَهَا عُمَرُ، فَحَمَلَتِ النَّخْلُ مِنْ عَامِهَا وَلَمْ تَحْمِلِ النَّخْلَةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا شَأْنُ هَذِهِ؟» قَالَ عُمَرُ: أَنَا غَرَسْتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: فَنَزَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ غَرَسَهَا فَحَمَلَتْ مِنْ عَامِهَا. رَوَاهُ أَحْمَدُ وحسَّنهُ الأَلبَانِيُّ.

وَلَا يَخْفَى أَنَّ النَّخْلَ لَا يُثْمِرُ إلَّا بَعْدَ غَرْسِهِ بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ، وَحَملُ النَّخْلِ فِي سَنَةِ غِرَاسِه مُعْجِزَةٌ ظَاهِرَةٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَلِيلٌ بَاهِرٌ مِنْ دَلَائِلِ نُبُوَّتِهِ.[1]

بَارَكَ اللَّهُ لي ولَكُم..


الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ وَاقْتَفَى أَثَرَهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.. أَمَّا بَعْدُ:

فَمِنَ الْكَرَامَاتِ وَالْمُعْجِزَاتِ الَّتِي أَكْرَمَ اللَّهُ بِهَا نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حُصُولُ الشِّفَاءِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ بِبَرَكَةِ لَمْسِهِ لأِمَاكِنِ مَرَضِهِم أَو إصَابَتِهِم. كَمَا حَصَلَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عِنْدَمَا اشْتَكَى عَيْنَيْهِ فِي يَوْمِ خَيْبَرَ، فأُتي بِهِ وَهُوَ لَا يُبْصِرُ مِنَ الْوَجَعِ، فَبَصَقَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَيْنَيْهِ، وَدَعَا لَهُ فَبَرَأ، حَتَّى كَأنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَكَمَا حَصَل لِسَاقِ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لَمّا أَصَابَتْهُ ضَرْبَةٌ فِي يَوْمِ خَيْبَرَ، فَقَالَ النَّاسُ: أُصِيبَ سَلَمَةُ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَفَثَ فِيهِ ثَلَاثُ نَفَثَات، فَمَا اشْتَكَى مِنْهَا حَتَّى مَاتَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَمِنْ ذَلِكَ مَا حَصَلَ مَعَ الصَّحَابِيِّ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَتِيكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَمَا انْكَسَرَتْ سَاقُهُ فِي طَرِيقِ عَوْدَتِهِ مِنْ قَتْلِ أَبِي رَافِعٍ الْيَهُودِيِّ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ابْسُطْ رِجْلَكَ"، قَال: فَبَسَطتُ رِجْلِي فَمَسَحَهَا، فَكَأَنَّهَا لَمْ أَشتَكِهَا قَطُّ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَكَمَا حدَّثَ جَابِرُ بن عَبْدِاللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما فَقَالَ: دَخَلَ عَلَيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَرِيضٌ لَا أَعْقِلُ، فَتَوَضَّأ فصَبُّوا عَلَيَّ مِنْ وَضُوئِهِ فعَقَلْتُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

أَيُّهَا الْكِرَامُ: وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نَستقصِيَ كُلَّ مَا ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْآثَارِ الصَّحِيحَةِ لبركَاتِهِ الْحِسِّيَّةِ لَطَال بِنَا الْمَقَامُ وَهِيَ بِلَا شَكٍّ مِنْ عَظِيمِ فَضَائِلِهِ وَمِن دَلَائِلِ نُبُوَّتِهِ، لَكِن أَيْنَ نَحْنُ مِنَ الِاهْتِمَامِ بِبَرَكَتِه الْمَعْنَوِيَّةِ؟ الَّتِي هِيَ مُتاحَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ! والمتمَثِّلةُ فِي اتِّبَاعِ هَدْيِهِ وَسُنَّتِهِ وَشَرِيعَتِهِ، وَاقْتِفَاءِ آثَارِه فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَالتَّمَسُّكِ بِسُنَّتِه فَإِنَّهَا النَّجَاةُ وَالْعِصْمَةُ.


نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُوَفِّقَنَا لِطَاعَتِه، وَالتَّمَسُّكِ بِسُنَّةِ نَبِيِّه قولاً وعملاً؛ وَأَنْ يَرْزُقَنَا شَفَاعَتَه، وَوُرُودَ حَوْضِهِ. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

اللهمَّ صلِّ على محمدٍ..



[1] مستفادة من مقال د. منقذ السقار: "تكثير الطعام والشراب والوضوء ببركة النبي صلى الله عليه وسلم" وغيره.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 82.08 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 79.95 كيلو بايت... تم توفير 2.13 كيلو بايت...بمعدل (2.60%)]