|
الحدث واخبار المسلمين في العالم قسم يعرض آخر الاخبار المحلية والعالمية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الانبهار بحضارة الغرب ذوبان للشخصية و فقدان للهوية في أولي محاضراته لمادة التجارة الخارجية في كلية التجارة – جامعة حلوان للفصل الدراسي الثاني ،فوجئ الطلاب بأستاذهم يكتب التاريخ علي السبورة وهو يقول لهم : "كنا في ابتدائي وإعدادي نكتب التاريخين الهجري والميلادي وكنا نكتب "حاجة في النص" للمسلم والمسيحي، في إشارة لعبارة "بسم الله الرحمن الرحيم"."الآن كل واحد حر في عقيدته وأنا مؤمن جدا بهذه المقولة" . ثم كتب علي السبورة عبارة "باسم أمريكا العظمى" بدلا من "بسم الله الرحمن الرحيم" ، وهو ما اعتبره الطلاب مساسا بالدين الإسلامي ، الأمر الذي أثار استيائهم وحفيظتهم . ولما حاولت إحدى الطالبات الاعتراض على الأستاذ رفض اعتراضها وقال: "ديانتي هي الأمريكية الجديدة وأتمنى أن أكون عبدا لأمريكا " فعندئذ حاول الطلبة الخروج من المحاضرة، لكن الأستاذ أمر عامل المدرج بإغلاق الباب. وبعيدا عن التصريحات التي أثيرت عن مرض الأستاذ النفسي من عدمه – شفا الله الجميع – إلا أن ما فعله الأستاذ يعكس ظاهرة تتمدد و تمتلئ بها مجتمعاتنا العربية والإسلامية إلا وهي ظاهرة : الانبهار بحضارة الغرب , وفكر الغرب, وعادات الغرب, وتقاليد الغرب, وتقاليع الغرب....الخ . وأصبحت هذه الظاهرة من أخطر الأمراض التي تهدد هوية الأمة وثقافتها . و في البداية دعونا - إنصافا - نعترف بأن حضارة الغرب ليست شرا محضا , كما أنها ليست خيرا محضا . فهذه الحضارة بها من المحاسن والإيجابيات ما يجب أن يشمر المجتهدون في النهل منها والعب منها عبا . كما وفيها من المخازي والسلبيات ما يجب أن يفر منه كل عاقل أو لبيب . فليس كل إفرازاتها قابلة للأخذ الكامل أو الترك الكامل .ولنفرض أن هناك طبيبا نجح في إجراء عمليات جراحية معقدة , أو مهندسا نجح في تصميم عمارة رائعة أو صانعا نجح في تصميم آلة متقدمة, ومع ذلك فسلوكهم الشخصي فيه اعوجاج واضح. فيهم من يأكل الخنزير , ومنهم من يشرب الخمر ومنهم من يتعامل بالربا , ومنهم من يسير كاشفا لعورته . فهل إنجازاتهم تمحو خطاياهم؟ أو خطاياهم تمحو إنجازاتهم؟ بالطبع لا. فلا صوابه يصحح خطؤه , ولا خطؤه يلغي صوابه .و العقل يقول : نأخذ منه الصواب الذي توصل إليه لأن الحكمة ضالة المؤمن وجدها فهو أحق الناس بها ". وفي الوقت نفسه لا نقلده في خطئه . (1) أما أن يخرج علينا هؤلاء المنبهرين كل يوم محاولين بث سموم فكرهم المهزوم في الأمة , محاولين تولية وجوه شبابها شطر كل إفرازات الحضارة الغربية . منادين فيهم بأن الحل يكمن في الأخذ عن الحضارة الغربية و اقتفاء آثارها في الكبير والصغير , في الصالح والطالح . فهذا هو الخطر بعينه . أن ظاهرة الانبهار بالحضارة الغربية في تمدد . فلقد سبق هذا الأستاذ المنبهر ( عبد أمريكا الجديد ) أحد كبار المنبهرين السابقين وهو ( زكي نجيب محمود ) والذي أخذ على عاتقه تشكيل عقلية الأمة صوب أن الحضارة الغربية كل لا يتجزأ . فإما أن نأخذها جملة فيكون الآخذ بها متقدما , وإما أن تتركها جملة فيكون تاركها ضعيفا متخلفا . حتى أنه كان يرى ضرورة أن نكتب من اليسار إلي اليمين كما يكتبون. وقد سبقه( طه حسين) بكلام مماثل. وسبق الجميع( مصطفي كمال أتاتورك ) الذي دعا الأتراك أن يأخذوا من الغربيين كل شيء حتى الديدان التي هي في بطونهم . وما أطول قائمة المنهزمين و المنبهرين بحضارة الغرب اليوم في بلادنا وفي مجتمعاتنا وفي منتدياتنا وفي مؤسساتنا الرسمية . وما أكثر تواجدهم. وما أخطر المواقع التي يتبوءونها , والتي منها يطلون علينا ليل نهار يدكون حصون هويتنا , وحضارتنا, وثقافتنا . وهذا يجرنا إلى أن نتساءل : هل الحضارة الغربة بفكرها المادي , وتوجهاتها المبهرة, وإنجازاتها الاستهلاكية هي النموذج الذي يجب أن يُحتذي وتهفو إليه النفوس وتتطلع إليه العقول؟ هل الحضارة الغربية تخرج للبشرية النموذج الحق كما يريده الله وبالتالي نلهث لاقتفاء آثار هذه النماذج ؟ هل هذه الحضارة ساهمت في إيجاد حالة من التوازن سواء عند معتنقيها أو مؤيديها ؟ . هل حياة الإنسان الغربي هي النموذج الذي يجب أن نهرول خلفه ونجاهر بتقليده , ونفاخر باعتناقه ؟ إن أية حضارة تهمل الجوانب الأخلاقية والروحية لا قيمة لكل ما تنجزه في ميزان العقلاء .فالحضارة التي تهمل الجوانب الأخلاقية والروحية إنما تحكم على نفسها بالفناء العاجل أو الآجل .واسألوا التاريخ يخبركم عن كل انهيارات الحضارات الكبرى عبر التاريخ إنما كان مرده إلى إهمال الجوانب الروحية والأخلاقية, فكان التعلق بمباهج الحياة وزخارفها هو القشة التي قسمت ظهر البعير . لقد نسى هؤلاء المنبهرين بحضارة الغرب أن هذه الحضارة أشبه ما تكون بسفينة ضخمة أنيقة جميلة . رتبت فيها أماكن للطعام , وأماكن للنوم, وأماكن للعب, وأماكن للتسلية. وأخذ صانعها يدعو الناس إلى ركوبها . وأخذ يشرح لهم كيف يأكلون , وكيف يشربون, وكيف يرقدون, وكيف يلعبون. حتى إذا سأله أحد الركاب : والى أين تذهب بنا هذه السفينة ؟ أجاب : لا ادري . اركبوا فقط .!!! (2) لا هدف, لا غاية, لا مقصد, و لا مردود حقيقي يعود على ركاب هذه السفينة في هذه الرحلة غير إرضاء الشهوات والغرائز والملذات . وكل ما بعد ذلك فهو مجهول . وأرجو أن تتخيل معي شخصا بسيطا يركب قاربه الصغير رأى هذه السفينة المبهرة . كيف ستكون نظرته إلى هذا البناء المبهر ؟ وكيف ستكون نظرته إلى هذا البناء الهائل ؟ أكيد أنه سينظر إليه بإعجاب وانبهار لا حدود لهما . انبهار لبنائها , و أضوائها , وفخامتها , وضخامتها , وزخارفها , ومباهجها . ولكن هذا المسكين – وهو يجدف في قاربه الصغير - لا يد ري أن هذا البناء المبهر الضخم يسير على غير هدى , وأن مصيره الغرق والدمار لا محالة , و بالتالي هلاك ما فيه ومن فيه . إنه الهلاك , ولكنه الهلاك البطيء . كذلك نظر بعض المنبهرين من أبناء أمتنا إلى قوة حضارة الغرب المادية والعلمية , والصناعية , والاقتصادية , والعسكرية , والسياسية..... الخ بنفس درجة انبهار راكب القارب الصغير للسفينة العملاقة. ونسى هؤلاء أن قوة الغرب المادية في شتى المناحي هي قوة هائلة بلا هدف ولا مردود حقيقي على أبنائها . وكذلك نظر هؤلاء إلى عاداتهم , وتقاليدهم , ونظمهم , وقوانينهم وظنوا - كراكب القارب الصغير- أن الذي حققته حضارة الغرب هو المعيار الذي يجب أن تقاس به الحياة . والحقيقة ليست هكذا
__________________
![]() ![]() | | |
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |