سوء الخاتمة أسباب ومسببات - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1329 - عددالزوار : 137782 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 57 - عددالزوار : 42196 )           »          حكم من تأخر في إخراج الزكاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          حكم من اكتشف أنه على غير وضوء في الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          المسيح ابن مريم عليه السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 20 - عددالزوار : 5453 )           »          يا ربيعة ألا تتزوج؟! وأنتم أيها الشباب ألا تتزوجون؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          فضائل الحسين بن علي عليهما السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          سودة بنت زمعة - رضي الله عنها - (صانعة البهجة في بيت النبوة) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          حجة الوداع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          التشريع للحياة وتنظيمها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 30-12-2023, 03:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,090
الدولة : Egypt
افتراضي سوء الخاتمة أسباب ومسببات

سوء الخاتمة أسباب ومسببات
د. محمود بن أحمد الدوسري


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَسُوءُ الْخَاتِمَةِ لَحَظَاتٌ حَرِجَةٌ تُحَدِّدُ مَصِيرَ الْعَبْدِ بَيْنَ "الشَّقَاوَةِ" أَوِ "السَّعَادَةِ"؛ بَيْنَ أَنْ "تَنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ"، أَوْ "تَنْزِلَ إِلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ مَلَائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ"؛ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ لَهُ الْمَلَكُ: "أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ"، أَوْ يَقُولَ لَهُ: "أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوءُكَ". وَفِي الْحَدِيثِ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَالْمَقْصُودُ بِسُوءِ الْخَاتِمَةِ: أَنْ يَمُوتَ الْعَبْدُ عَلَى حَالَةٍ سَيِّئَةٍ؛ مِنْ كُفْرٍ، أَوْ جُحُودٍ، أَوْ شَكٍّ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ لَهُ الْخُلُودَ فِي النَّارِ. وَأَدْنَى مِنْهُ: أَنْ يَمُوتَ وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِمَعْصِيَةٍ، أَوْ مُصِرٌّ عَلَيْهَا بِقَلْبِهِ، وَالْمَرْءُ يُبْعَثُ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ.

وَمِنْ أَهَمِّ الْأَسْبَابِ الْمُؤَدِّيَةِ لِسُوءِ الْخَاتِمَةِ – إِنْ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا:
1- فَسَادُ الْمُعْتَقَدِ، وَالتَّعَبُّدُ بِالْبِدَعِ: فَأَهْلُ السُّنَّةِ هُمْ أَكْثَرُ النَّاسِ ثَبَاتًا عَلَى أَقْوَالِهِمْ وَمُعْتَقَدَاتِهِمْ، وَأَهْلُ الْبِدَعِ هُمْ أَكْثَرُ النَّاسِ شَكًّا وَاضْطِرَابًا عِنْدَ الْمَوْتِ؛ لِسُوءِ مُعْتَقَدِهِمْ، وَفَسَادِ قُلُوبِهِمْ، وَمَرَضِهَا بِالشُّبُهَاتِ وَالشُّكُوكِ، وَقَدْ يَظْهَرُ لَهُمْ مِنْ مُعَايَنَةِ أُمُورِ الْآخِرَةِ - عِنْدَ الْمَوْتِ – مَا يُظْهِرُ فَسَادَ مُعْتَقَدِهِمْ، وَسُوءَ مُنْقَلَبِهِمْ، فَيَدْفَعُهُمْ ذَلِكَ إِلَى الْيَأْسِ وَالْقُنُوطِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ﴾ [الزُّمَرِ: 47]؛ وَقَالَ أَيْضًا: ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾ [الْكَهْفِ: 103-104].

وَكَمْ خُتِمَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْبَشَرِ بِالسُّوءِ؛ بِسَبَبِ مَا ابْتَدَعُوهُ فِي دِينِ اللَّهِ، وَانْحَرَفُوا عَنْ صِرَاطِهِ الْمُسْتَقِيمِ، وَقَلَّ أَنْ يُخْتَمَ لِمُبْتَدِعٍ بِالْإِيمَانِ – نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ وَالْعَافِيَةَ، وَلَا يَنْفَعُ الْعَبْدَ إِلَّا الِاعْتِقَادُ الصَّحِيحُ الْمُطَابِقُ لِكِتَابِ اللَّهِ، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

2- مُخَالَفَةُ الْبَاطِنِ لِلظَّاهِرِ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ - فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ - وَهْوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. فَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ: «فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ» فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ بَاطِنَهُ خِلَافُ ظَاهِرِهِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَسُوءَ خَاتِمَةُ مَنْ صَلُحَ ظَاهِرُهُ وَبَاطِنُهُ.

فَقَدْ يَكُونُ الْعَبْدُ بِظَاهِرِهِ مُطِيعًا لِلَّهِ، وَلَكِنَّهُ يُبْطِنُ النِّفَاقَ، أَوِ الرِّيَاءَ، أَوْ تَكُونُ فِي قَلْبِهِ دَسِيسَةٌ مِنْ دَسَائِسِ السُّوءِ؛ كَالْكِبْرِ أَوِ الْعُجْبِ، فَيَظْهَرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي سَكَرَاتِ الْمَوْتِ، وَيُخْتَمُ لَهُ بِهِ، فَتَكُونُ الْخَسَارَةُ الْأَبَدِيَّةُ، وَالْهَلَاكُ الْأُخْرَوِيُّ؛ كَمَا فِي قِصَّةِ الَّذِي كَانَ يُقَاتِلُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُبْلِي بَلَاءً حَسَنًا، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِلَّهِ تَعَالَى، أَوْ مِنْ أَجْلِ أَنْ تَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا، فَلَمَّا جُرِحَ اسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ فَانْتَحَرَ!

قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: شَهِدْنَا خَيْبَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِرَجُلٍ مِمَّنْ مَعَهُ يَدَّعِي الْإِسْلَامَ: «هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ». فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! صَدَّقَ اللَّهُ حَدِيثَكَ، انْتَحَرَ فُلَانٌ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَقَالَ: «قُمْ يَا فُلَانُ! فَأَذِّنْ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ، إِنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

3- الْإِصْرَارُ عَلَى الْمَعَاصِي: فَمَنْ أَلِفَ الْمَعْصِيَةَ، وَلَمْ يَتُبْ مِنْهَا؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَوْلِي عَلَيْهِ حَتَّى فِي اللَّحَظَاتِ الْأَخِيرَةِ، فَإِذَا أَرَادَ مَنْ حَوْلَهُ أَنْ يُلَقِّنُوهُ الشَّهَادَةَ، طَغَتِ الْمَعْصِيَةُ عَلَى تَفْكِيرِهِ، فَتَكَلَّمَ بِمَا يُفِيدُ اشْتِغَالَهُ بِهَا، وَخُتِمَ لَهُ بِالسُّوءِ.

قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ – فِي سِيَاقِ حَدِيثِهِ عَنْ عُقُوبَاتِ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي: (وَمِنْ عُقُوبَاتِهَا: أَنْ يَخُونَهُ قَلْبُهُ وَلِسَانُهُ - عِنْدَ الِاحْتِضَارِ، وَالِانْتِقَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى -فَرُبَّمَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ النُّطْقُ بِالشَّهَادَةِ؛ كَمَا شَاهَدَ النَّاسُ كَثِيرًا مِنَ الْمُحْتَضَرِينَ أَصَابَهُمْ ذَلِكَ، حَتَّى قِيلَ لِبَعْضِهِمْ: "قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ"، فَقَالَ: "آهْ آهْ، لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقُولَهَا!".

وَقِيلَ لِآخَرَ: "قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ"، فَجَعَلَ يَهْذِي بِالْغِنَاءِ وَيَقُولُ: "تَاتِنَا تِنِنْتَا!"، حَتَّى قَضَى. وَقِيلَ لِآخَرَ ذَلِكَ، فَقَالَ: "وَمَا يَنْفَعُنِي مَا تَقُولُ، وَلَمْ أَدَعْ مَعْصِيَةً إِلَّا رَكِبْتُهَا"، ثُمَّ قَضَى وَلَمْ يَقُلْهَا. وَقِيلَ لِآخَرَ ذَلِكَ، فَقَالَ: "وَمَا يُغْنِي عَنِّي، وَمَا أَعْرِفُ أَنِّي صَلَّيْتُ لِلَّهِ صَلَاةً!" ثُمَّ قَضَى، وَلَمْ يَقُلْهَا. وَقِيلَ لِآخَرَ ذَلِكَ، فَقَالَ: "هُوَ كَافِرٌ بِمَا تَقُولُ!"، وَقَضَى. وَقِيلَ لِآخَرَ ذَلِكَ، فَقَالَ: "كُلَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَقُولَهَا لِسَانِي يُمْسِكُ عَنْهَا!").

4- الِانْكِبَابُ عَلَى الدُّنْيَا، وَالْإِعْرَاضُ عَنِ الْأُخْرَى: فَحُبُّ الدُّنْيَا، وَالرُّكُونُ إِلَيْهَا هُوَ الدَّاءُ الْعُضَالُ الَّذِي أَصَابَ كَثِيرًا مِنَ الْخَلْقِ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ سُوءِ الْخَاتِمَةِ؛ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ الْإِشْبِيلِيُّ – رَحِمَهُ اللَّهُ: (اعْلَمْ أَنَّ لِسُوءِ الْخَاتِمَةِ - أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْهَا - أَسْبَابًا، وَلَهَا طُرُقٌ وَأَبْوَابٌ، أَعْظَمُهَا: الِانْكِبَابُ عَلَى الدُّنْيَا، وَالْإِعْرَاضُ عَنِ الْأُخْرَى، وَالْإِقْدَامُ وَالْجَرْأَةُ عَلَى مَعَاصِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَرُبَّمَا غَلَبَ عَلَى الْإِنْسَانِ ضَرْبٌ مِنَ الْخَطِيئَةِ، وَنَوْعٌ مِنَ الْمَعْصِيَةِ، وَجَانِبٌ مِنَ الْإِعْرَاضِ، وَنَصِيبٌ مِنَ الْجَرْأَةِ وَالْإِقْدَامِ، فَمَلَكَ قَلْبَهُ، وَسَبَى عَقْلَهُ، وَأَطْفَأَ نُورَهُ، وَأَرْسَلَ عَلَيْهِ حُجُبَهُ، فَلَمْ تَنْفَعْ فِيهِ تَذْكِرَةٌ، وَلَا نَجَحَتْ فِيهِ مَوْعِظَةٌ، فَرُبَّمَا جَاءَهُ الْمَوْتُ عَلَى ذَلِكَ، فَسَمِعَ النِّدَاءَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ، فَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ الْمُرَادُ، وَلَا عَلِمَ مَا أَرَادَ، وَإِنْ كَرَّرَ عَلَيْهِ الدَّاعِي وَأَعَادَ). وَصَدَقَ الْقَائِلُ:
فَلَا تَغُرَّنَّكَ الدُّنْيَا وَزِيْنَتُهَا
وَانْظُرْ إِلَى فِعْلِهَا فِي الْأَهْلِ وَالْوَطَنِ
وَانْظُرْ إِلَى مَنْ حَوَى الدُّنْيَا بِأَجْمَعِهَا
هَلْ رَاحَ مِنْهَا بِغَيْرِ الزَّادِ وَالْكَفَنِ


الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. وَمِنْ أَسْبَابِ سُوءِ الْخَاتِمَةِ:
5- الْعُدُولُ عَنِ الِاسْتِقَامَةِ: الِاسْتِقَامَةُ عَلَى دِينِ اللَّهِ، وَالِالْتِزَامُ بِشَرِيعَتِهِ نِعْمَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَالشُّكْرُ قَيْدُ النِّعَمِ، فَمَنْ ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ، وَعَرَفَ طَرِيقَ الرَّحْمَنِ، ثُمَّ تَنَكَّبَهُ، وَأَعْرَضَ عَنْهُ، وَاخْتَارَ طَرِيقَ الضَّلَالِ عَلَيْهِ، وَآثَرَ الْغَيَّ عَلَى الرَّشَادِ، وَالضَّلَالَةَ عَلَى الْهُدَى، وَالْفُجُورَ عَلَى التَّقْوَى؛ كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ سُوءِ الْخَاتِمَةِ.

وَنَحْنُ فِي زَمَنٍ كَثُرَتْ فِيهِ الْفِتَنُ؛ فِتَنُ الشُّبُهَاتِ وَالشَّهَوَاتِ، فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَسْتَمْسِكَ بِدِينِهِ، وَيَأْخُذَ بِأَسْبَابِ الثَّبَاتِ عَلَى الدِّينِ، وَيَحْذَرَ مِنْ وَسَاوِسِ الشَّيَاطِينِ، وَيَجْتَهِدَ فِي الطَّاعَاتِ وَالْعِبَادَاتِ، حَتَّى تَقْوَى شَجَرَةُ الْإِيمَانِ فِي قَلْبِهِ، فَلَا تُزَعْزِعُهُ رِيَاحُ الشُّبُهَاتِ وَالشَّهَوَاتِ، وَحَتَّى يَثْبُتَ عَلَى الْإِيمَانِ فِي الْحَيَاةِ، وَعِنْدَ الْمَمَاتِ، فَقَدْ وَعَدَ تَعَالَى أَهْلَ الْإِيمَانِ بِالتَّثْبِيتِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 27].

6- التَّسْوِيفُ بِالتَّوْبَةِ، وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ: مِنْ أَضَرِّ الْأُمُورِ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَقُولَ: "سَوْفَ أَتُوبُ"، "سَوْفَ أَعْمَلُ صَالِحًا"؛ لِأَنَّ التَّوْبَةَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْفَوْرِ، وَتَأْخِيرَهَا ذَنْبٌ تَجِبُ التَّوْبَةُ مِنْهُ، وَالشَّيْطَانُ مَا يَزَالُ يُوَسْوِسُ فِي صَدْرِهِ وَيَقُولُ: "أَنْتَ مَا زِلْتَ شَابًّا، فَتَمَتَّعْ بِشَبَابِكَ!"، فَيَسْتَمِرُّ عَلَى الْمَعَاصِي، وَرُبَّمَا خَطَفَهُ الْمَوْتُ وَهُوَ فِي رَيْعَانِ الشَّبَابِ، وَكُلَّمَا اسْتَمَرَّ الْعَبْدُ عَلَى الْمَعَاصِي، وَأَكْثَرَ مِنْهَا؛ ازْدَادَتْ رُسُوخًا فِي أَرْضِ قَلْبِهِ، فَتَرْسَخُ الشُّبُهَاتُ وَالشَّهَوَاتُ فِي قَلْبِهِ، حَتَّى يَأْتِيَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ.

وَاللَّهُ تَعَالَى حَذَّرَ عِبَادَهُ؛ لِيَسْتَعِدُّوا لِلْمَوْتِ قَبْلَ نُزُولِهِ بِالتَّوْبَةِ، وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: 99-100].

وَقَدْ سُمِعَ بَعْضُ الْمُحْتَضَرِينَ - عِنْدَ احْتِضَارِهِ يَلْطِمُ عَلَى وَجْهِهِ وَيَقُولُ: ﴿ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ ﴾ [الزُّمَرِ: 56]. وَقَالَ آخَرُ – عَنِ احْتِضَارِهِ: "سَخِرَتْ بِيَ الدُّنْيَا، حَتَّى ذَهَبَتْ أَيَّامِي". وَقَالَ آخَرُ – عِنْدَ مَوْتِهِ: "لَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا؛ كَمَا غَرَّتْنِي".
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 74.17 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 72.45 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.32%)]