نار وطين - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 774 - عددالزوار : 117791 )           »          المسيح ابن مريم عليه السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 5 - عددالزوار : 3622 )           »          قسمة غنائم حنين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          الوجه المشرق والجانب المضيء لطرد المسلمين من الأندلس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          القرآن يذكر غزوة حنين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          مشاهد من معركة حنين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          غزوة هوازن "حنين" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          الإمام الأوزاعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          ليلة هي من أقسى ليالي الدنيا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          أحكام فقهية وقعت في مكة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى حراس الفضيلة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى حراس الفضيلة قسم يهتم ببناء القيم والفضيلة بمجتمعنا الاسلامي بين الشباب المسلم , معاً لإزالة الصدأ عن القلوب ولننعم بعيشة هنية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 05-07-2023, 01:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,138
الدولة : Egypt
افتراضي نار وطين

نار وطين


منذ جاءه الأمر، وقلبه يشتعل حسدًا، قد أضمر في نفسه العصيان، وعندما يحين الوقت وفي منظر مهيب، تخِرُّ الملائكة سُجَّدًا؛ استجابة لأمر الله؛ {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} [ص: 71 - 73].

جميعهم ساجد إلا واحدًا بقِيَ منتصبًا، قد انتفخ رأسه كِبْرًا {إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [ص: 74].

{قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف: 12].

{أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ} إبليس معترضًا، كيف يُؤمَر الفاضل بالسجود للمفضول؟
فالنار أشرف من الطين، فيها القوة والنور، والصفاء والتطهير، وغفل المسكين أن حُجَّتَه ينقُض آخرها أولَّها، فمن أمره بالسجود لآدم هو الذي خلقه من نار، ووهبه الفضل الذي يزعمه، عمِيَ قلبه، ولم ينظر إلى الشرف العظيم الذي حباه الله آدمَ؛ {قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [آل عمران: 73]، وهو أنه سبحانه خلقه بيده، {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75]، ونفخ فيه من روحه؛ {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [الحجر: 29]، استكباره منعه من رؤية الأمر على حقيقته، هو يراه كما يتمناه.

ففي النار الخفَّة والطَّيش والاضطراب، والحرق والإتلاف، وهي لا تقوم بنفسها، فخمودها يكون بانطفاء الأجسام الْمُلْهِبة لها، أما الطين، ففيه الثبات والأناة والسكون، فيه يستقر الماء، ومنه يخرج الزرع، فالطين رمزٌ للحياة، والنار رمز للهلاك.

هل غرَّه ما عَرَفه من حِلْمِ الله ورحمته، وهل ظن المسكين أنه بمأمن عن مَقْتِ الله، وبعيد عن غضبه: {مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} [الانفطار: 6]؟

هل كان يتوقع تلك العقوبة من الطرد الأبدي عن رحمة الله، والخلود في نار جهنم؛ {قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ} [ص: 77، 78]؟

هل ظن أنه آمِنٌ مِنْ مكر الله؛ {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: 99]؟

حلَّتِ اللعنة، ونزلت النقمة، وجرى القلم.

لا يُعرَف خذلانٌ أعظمُ من هذا؛ فإبليس من أعلم الخلق بالله، وها هو يدعوه بربويته فيقول: (ربي)، لا ليعفو عنه، بل لينظره إلى يوم الدين، وما كان الحقير ليوفَّق للتوبة، فقد علِم الله منه ذلك قبل أن يخلقه؛ {قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [ص: 79]، ثم يعظُم خذلانه حين يقسم بعزة الله على معصيته، فيقسم أن يغويَ عباده: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [الحجر: 39، 40].

وا عجبًا لنار وطين أوبقت صاحبها في دينه ودنياه!

وا عجبًا لنار وطين أخرجت صاحبها من جنات الخلود!

وا عجبًا لنار وطين نقلت صاحبها من شرف العبادة إلى ذل المعصية، ومن نور الإيمان إلى دياجير الكفر!

وا عجبًا لنار وطين أحلَّت بصاحبها اللعائن وأورثته النقم!

يريد إبليس وأتباعه أن يكون الموضوع موضوع نار وطين، بينما هو في حقيقته كِبْرٌ أردى صاحبه، وعقل أهوى به إلى الهلاك.

ماء وطين ما كانت على عظمها معصيةً مجردة.

حقيقتها عقل طائش صيَّر العبد ندًّا لسيده، وبصيرة عمياء جعلت المخلوق شريكًا لخالقه، يقبل ويرفض، ويُعْرِض ويعترض.

شريعة الله وأوامره الثابتة ليست رأيًا من الآراء، إنها الأمر المبجَّل الذي استمدَّ قدسيته من العزيز الذي شرعه، واستقى عظمته من العظيم الذي أمر به، إنها شريعة الجبار صاحب الكبرياء، والمهيمن الذي لا يَعزُب عن علمه شيء في الأرض ولا في السماء.
__________________________________________________ __
الكاتب: إبراهيم العامر

الشريعة الربانية، والأوامر الإلهية أشرف من أن يخطِّئها حقيرٌ، وأكبر من أن يصوِّبها صغير، وأجلُّ من أن يعيبها غرير.

إنما هي أمر الله العزيز الحكيم، وانصياع العبد أو تمرده، فثواب أو عقاب.

ولا يزال العبد بخير وإن غلبته نفسه، وطغت عليه شهوته، ما دام مقرًّا بذنبه، راجيًا لعفو ربه، متأرجحًا بين معصية وتوبة، ولكن الويل لمن كان لشريعة الله مُخطِّئًا، وبحكمته مشكِّكًا.

{وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} [آل عمران: 28].
منقول








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 61.45 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 59.73 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.79%)]