|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الإسراء والمعراج ذكر الإسراء في القرآن الكريم د. سامية منيسي قال تعالى: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الإسراء: 1]. وفي هذا يقول الإمام السيوطي في تفسير هذه الآيات[1]: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي ﴾ أنزه الله تنزيها وتعجبا من قدرته و﴿ أَسْرَى بِعَبْدِهِ ﴾ جعل البراق يسير بالنبي صلى الله عليه وسلم ليلا ﴿ لِنُرِيَهُ ﴾ لنرفعه إلى السماء فنريهُ ﴿ مِنْ آَيَاتِنَا ﴾، ما فيه من العبر من عجائب الخلق وما فيه من أدلة القدرة الباهرة. فقد أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ثم عرّج إلى ملكوت الله في السموات حتى سدرة المنتهى[2]. متى كان الإسراء؟: ♦ هذا، وقد اختلف في تعيين زمن الإسراء والمعراج، فذكر أنه كان في السنة التي أكرم الله فيها النبي صلى الله عليه وسلم بالنبوة، وهذا ما ذكره الطبري. ♦ وقيل: إنه كان بعد بعثته صلى الله عليه وسلم بخمس سنين، وقد رجح ذلك النووي والقرطبي. ♦ وقيل: إنه كان ليلة السابع والعشرين من رجب من السنة العاشرة من النبوة، وهنا رأى محمد المنصور فوري في كتابه «رحمة للعالمين». ♦ وقيل: قبل الهجرة بستة عشر شهرا، أي في رمضان سنة 12 من النبوة. ♦ وقيل: كان قبل الهجرة بسنة وشهرين، أي في المحرم سنة 13 من النبوة. ♦ وقيل: قبل الهجرة بسنة، أي في ربيع الأول عام 13 من النبوة. وردت الأقوال الثلاثة الأولى بأن خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها توفيت في رمضان سنة عشر من النبوة، وكانت وفاتها قبل أن تُفرض الصلوات الخمس، ولا خلاف أن فرض الصلوات الخمس كانت ليلة الإسراء والمعراج[3]. أما الأقوال الثلاثة الباقية يقول المباركفوري[4]: فلم أجد ما أرجح به واحدا منها، غير أن سياق سورة الإسراء يدل على أن الإسراء متأخر جدا. وفي صفوة الصفوة لابن الجوزي[5] قال: «... فلما أتت له إحدى وخمسون سنة وتسعة أشهر أسري به». حديث الإسراء والمعراج: هذا وقد ذكر ابن هشام في السيرة[6] حديث الإسراء والمعراج عن ابن إسحاق أنه قال: «ثم أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وهو بيت المقدس: إيلياء، وقد فشا الإسلام بمكة في قريش، وفي القبائل كلها». وقد ذكر ابن إسحاق رواة الحديث عن هذا الحدث العظيم، والهدف من الإسراء، فقال: «كان من الحديث فيما بلغني عن مسراه صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن مسعود، وأبي سعيد الخُدري، وعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، ومعاوية بن أبي سفيان، والحسن بن أبي الحسن البصري، وابن شهاب الزُّهري، وقتادة وغيرهم من أهل العلم، وأم هانئ بنت أبي طالب، ما اجتمع في هذا الحديث، كُلّ يحدث عنه بعض ما ذكر من أمره حين أسرى به صلى الله عليه وسلم، وكان في مسراه ما ذكر عنه بلاء وتمحيص، وأمر من أمر الله في قدرته وسلطانه، فيه عبرة لأولي الألباب، وهدى ورحمة وثبات لمن آمن وصدّق وكان من أمر الله سبحانه وتعالى على يقين، فأسرى به كيف شاء، ليريه من آياته ما أراد، حتى عاين ما عاين من أمره وسلطانه العظيم، وقدرته التي يصنع بها ما يريد. وقد أخذ عنه ابن كثير في البداية والنهاية[7] وذكر الآراء المختلفة حول السنة التي تم فيها هذا الحدث الجلل فقال: «ذكر ابن عساكر أحاديث الإسراء في أوائل البعثة وأما ابن إسحاق فذكرها في هذا الموطن بعد البعثة بنحو من عشر سنين، وروى البيهقي عن طريق موسى بن عقبة عن الزهري أنه قال: أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل خروجه إلى المدينة بسنة، قال: وكذلك ذكر ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة. ثم روى الحاكم... عن إسماعيل السدى أنه قال: فرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم الخمس ببيت المقدس ليلة أسرى به قبل مهاجره بستة عشر شهرا، فعلى قول السدى يكون الإسراء في شهر ذي القعدة، وعلى قول الزهري وعروة يكون في ربيع الأول». «وقال أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا... عن جابر وابن عباس قالا: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل يوم الإثنين الثاني عشر من ربيع الأول، وفيه بُعث، وفيه عُرج به إلى السماء، وفيه هاجر، وفيه مات، فيه انقطاع...». هذا، وقد ذكر الله جل وعلا الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وفيه ما يكفينا عن الجدال في هذا الموضوع، فالإسراء مؤكد بالآيات الشريفة في سورة الإسراء والتي سُميت به، والمعراج مؤكد بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه. والإسراء والمعراج هو تكريم للنبي ليعوّضه الله جل وعلا عما لحقه من أذى المشركين وعنتهم في طريقه إلى غايته الكريمة[8]. وفي تفسير القرطبي لسورة الإسراء[9] قال أنه: «ثبت الإسراء في جميع مصنفات الحديث، ورُوى عن الصحابة في كل أقطار الإسلام فهو من المتواتر بهذا الوجه، وذكر النقاش: ممن رواه عشرون صحابيا» ثم أسرد حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في هذا الصدد. وقد روى ابن كثير أحاديث عديدة عن الإسراء والمعراج لجُلة من الصحابة تتفق في مضمونها، وتختلف في تفصيلاتها اختلافا يسيرا[10]. أما ابن إسحاق[11] فقد روى الحديث عن الإسراء والمعراج عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه[12]. فقال: إنه بلغه عن قوله: «أتى رسول الله بالبراق – وهي الدابة التي كانت تُحمل عليها الأنبياء قبله، تضع حافرها في منتهى طرفها – فحُمل عليها، ثم خرج به صاحُبه، يرى الآيات فيما بين السماء والأرض، حتى انتهى إلى بيت المقدس، فوجد فيه إبراهيم الخليل، وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء قد جُمعوا له، فصلَّى بهم. ثم أُتي بثلاثة آنية، إناء فيه لين، وإناء فيه خمر، وإناء فيه ماء. قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فسمعت قائلا يقول حين عُرضت علّي: إن أخذ الماء غرق وعرقت أمتَّه، وإن أخذ الخمر غوى وغوت أمته، وإن أخذ اللبن هُدى وهُديت أمته. قال: فأخذت إناء اللبن، فشربت منه، فقال لي جبريل عليه السلام: هُديت وهُديت أمتك يا محمد». ثم استطرد ابن إسحاق فروى أحاديث جلة من الصحابة كل منهم له حديث عن جانب من جوانب الإسراء والمعراج[13]. أما في الصحيحين فقد روى عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، وعن أنس ابن مالك رضي الله عنه الحديث مجملا فقال أبو ذر الغفاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فُرج عن سقف بيتي وأنا بمكة، فنزل جبريل ففرج عن صدري، ثم غسله بماء زمزم، ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا فأفرغه في صدري ثم أطبقه ثم أخذ بيدي، فعرج بي إلى السماء الدنيا.....» الحديث[14]. كما ورد في الصحيحين[15] عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أُتيت بالبراق وهو دابه فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه، قال: فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التي تربط بها الأنبياء، ثم دخلت فصليت فيه ركعتين» - وفي حديث آخر أنه صلى بالأنبياء إماما. فقد ذكر القرطبي[16]. عند قوله تعالى في سورة الإسراء: ﴿ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ﴾ [الإسراء: 60]. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما وصل إلى المسجد الأقصى «فوجد فيه إبراهيم وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء فأمّهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم ثم أتى بإنائين...» ثم استطرد أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «ثم خرجت فأتاني جبريل بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن، فقال جبريل اخترت الفطرة، ثم عُرج بنا إلى السماء الدنيا...». وعند القرطبي في تفسيره سورة الإسراء[17] أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث عن أبي سعيد الخدري في إسرائه بالبراق من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، قال: «فسمعت نداء عن يميني يا محمد على رسلك حتى أسألك، فمضيت ولم أعرج عليه ثم سمعت نداء عن يساري يا محمد على رسلك فمضيت ولم أعرج عليه، ثم استقبلتني امرأة عليها من كل زينة الدنيا رافعة يديها تقول: على رسلك حتى أسألك فمضيت ولم أعرج ثم أتيت بيت المقدس الأقصى فنزلت عن الدابة فأوثقته في الحلقة التي كانت الأنبياء، وتوثق بها، ثم دخلت المسجد وصليت فيه، فقال لي جبريل عليه السلام: ما سمعت يا محمد؟ فقلت: نداء عن يمين يا محمد على رسلك حتى أسألك فمضيت ولم أعرج. فقال ذلك داعي اليهود ولو وقفت لتهودت أمتك. قال: ثم سمعت نداء عن يساري على رسلك حتى أسألك فمضيت ولم أعرج عليه. فقال: ذلك داعي النصارى أما إنك لو وقفت لتنصرت أمتك. قال: ثم استقبلتني امرأة عليها كل زينة الدنيا رافعة يديها تقول على رسلك فمضيت ولم أعرج عليها. فقال: تلك الدنيا لو وقفت لاخترت الدنيا على الآخرة...». المعراج ومشاهده صلى الله عليه وسلم فيه: ويمضي أنس في حديثه فيقول بعد أن عُرج برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماء الدنيا: «فاستفتح جبريل، فقيل: من أنت؟ قال جبريل. وقيل ومن معك؟ قال: محمد. قيل: أو قد بُعث إليه؟ قال: قد بثعث إليه. ففتح لنا فإذا أنا بآدم عليه السلام. ثم استفتح في السماء الثانية. قال صلى الله عليه وسلم: فإذا أنا بابني الخالة: يحيى وعيسى ابن مريم، فرحبا بي ودعوا لي بخير. ثم عرج إلى السماء الثالثة فذكر مثل الأولى ففتح لنا. ويقول أبو سعيد الخدري في حديثه. فإذا فيها رجل صورته كصورة القمر ليلة البدر، قال: قلت من هذا يا جبريل قال. هذا أخوك يوسف ابن يعقوب. يقول أنس: فرحب بي ودعا لي بخير، ثم عرج بنا إلى السماء الرابعة، فذكر مثله، فإذا أنا بإدريس فرحب بي ودعا لي بخير. يقول أبو سعيد الخدري في حديثه يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا ﴾ [مريم: 57]. ويقول أنس. ثم عرج بنا إلى السماء الخامسة فإذا أنا بهارون، فرحب بي ودعا لي بخير، ويقول أبو سعيد الخدري في حديثه قال صلى الله عليه وسلم: فإذا فيها كهل أبيض الرأس واللحية، عظيم العثنون – أي اللحية – لم أر كهلا أجمل منه؛ قال: قلت: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا المحبب في قومه هارون بن عمران. قال: ثم أصعدني إلى السماء السادسة، فإذا فيها رجل آدم طويل أقنى، كأنه من رجال شنوءة، فقلت له: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا أخوك موسى بن عمران. يقول أنس عنه صلى الله عليه وسلم: فرحب بي ودعا لي بخير. ثم عرج بنا إلى السماء السابعة فذكر مثله فإذا أنا بإبراهيم مسندا ظهره إلى البيت المعمور الذي يدخله كل يوم سبعون ألفا من الملائكة يتعبدون فيه صلاة وطوافا، ثم لا يعودون إليه إلى يوم القيامة، ثم جاوز مراتبهم كلهم حتى ظهر لمستوى يسمع فيه صريف الأقلام، ورفعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سدرة المنتهى وإذا ورقها كأذان الفيلة، ونبقها كقلال هجر، وغشيها عند ذلك أمور عظيمة وألوان متعددة باهرة. فكانت أجمل ما يكون والملائكة فيها على الشجر وفراشها من ذهب، ورأى جبريل هناك عليه السلام له ستمائة جناح ما بين كل جناحين كما بين السماء والأرض؛ ولذلك يقول تعالى: ﴿ وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ﴾ [النجم: 13 – 17]. فرض الصلاة على أمة محمد صلى الله عليه وسلم عند سدرة المنتهى: ثم انتهى إلى ربه، قال صلى الله عليه وسلم: فأوحى الله إلى ما أوحى، ففرض علي وعلى أمتي خمسين صلاة كل يوم وليلة. يقول صلى الله عليه وسلم: فنزلت إلى موسى، فقال: ما فرض ربك على أمتك؟ قلت: خمسين صلاة، فقال موسى: إن الصلاة ثقيلة، وإن أمتك ضعيفة فارجع إلى ربك، فاسأله أن يخفف عنك وعن أمتك. فرجعت فسألت ربي أن يخفف عني وعن أمتي، فوضع عني عشرا، ثم انصرفت فمررت على موسى فقال لي مثل ذلك، فرجعت فسألت ربي، فوضع عني عشرا، ثم لم يزل يقول لي مثل ذلك كلما رجعت إليه، قال: فأرجع، فأسأل، حتى انتهيت إلى أن وضع ذلك عني، إلا خمس صلوات في كل يوم وليلة. ثم رجعت إلى موسى، فقال لي مثل ذلك، فقلت: قد راجعت ربي وسألته، حتى استحييت منه، فما أنا بفاعل. فمن أدّاهن منكم إيمانا بهن، واحتسابا لهن كان له أجر خمسين صلاة مكتوبة[18]. قطوف مما رآه صلى الله عليه وسلم في معراجه أيضا: رأى صلى الله عليه وسلم أشياء كثيرة في معراجه؛ قال تعالى: ﴿ لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ﴾ [النجم: 18]. فرأى الجنة والنار، والملائكة، وجزاء المحسنين، وجزاء الكافرين والظالمي أنفسهم إلى آخر ذلك من الآيات التي رآها صلى الله عليه وسلم. وقد ذكر ذلك عدد من كتب السيرة، وعلى رأسهم ابن إسحاق في السيرة[19]... فقد قال ابن إسحاق: «وحدثني من لا أتهم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لما فرغت مما كان في بيت المقدس، أُتي بالمعراج، ولم أر شيئا قط أحسن منه، وهو الذي يُمد إليه ميتكم إذا حُضر، فأصعدني صاحبي فيه، حتى انتهى إلى باب من أبواب السماء، يقال له: باب الحفظة عليه ملك من الملائكة، يقال له إسماعيل تحت يديه اثنا عشر ألف ملك، تحت يدي كل ملك منهم اثنا عشر ألف ملك – يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حدّث بهذا الحديث: وما يعلم جنود ربك إلا هو...»[20]. وقال ابن إسحاق: حدثني بعض أهل العلم عمّن حدّثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «تلقتني الملائكة حين دخلت السماء الدنيا، فلم يلقني ملك إلا ضاحكا مستبشرا يقول خيرا ويدعو به، حتى لقيني ملك من الملائكة، فقال مثل ما قالوا، ودعا لي بمثل ما دعوا به، إلا أنه لم يضحك، ولم أر منه من البشر مثل ما رأيت من غيره، فقلت لجبريل: يا جبريل من هذا الملك الذي قال لي كما قالت الملائكة ولم يضحك إليّ، ولم أر منه من البشر مثل الذي رأيت منهم؟ قال لي جبريل: أما إنه لو ضحك إلى أحد كان قبلك، أو كان ضاحكا إلى أحد بعدك، لضحك إليك، ولكنه لا يضحك، هذا مالك خازن النار. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت لجبريل، وهو من الله تعالى بالمكان الذي وصف لكم ﴿ مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ﴾ [التكوير: 21]: ألا تأمره أن يُريني النار؟ فقال: بلى، يا مالك، أر محمدا النار، قال: فكشف عنها غطاءها، ففارت وارتفعت، حتى ظننت لتأخذن ما أرى. قال: فقلت لجبريل: يا جبريل، مُره فليردّها إلى مكانها، قال: فأمره، فقال لها: أخبي، فرجعت إلى مكانها الذي خرجت منه، فما شبهت رجوعها إلا وقوع الظلّ. حتى إذا دخلت من حيث خرجت ردّ عليها غطاءها»[21]. وقال أبو سعيد الخدري في حديثه عن المعراج: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لما دخلت السماء الدنيا، رأيت بها رجلا جالسا تُعرض عليه أرواح بني آدم فيقول لبعضها إذا عُرضت عليه خيرا ويُسرّ به، ويقول: روح طيّبة خرجت من جسد طيب، ويقول لبعضها إذا عُرضت عليه: أفّ، ويعبس بوجهه، ويقول: روح خبيثة خرجت من جسد خبيث. قال: قلت من هذا يا جبريل؟ قال: هذا أبوك آدم، تُعرض عليه أرواح ذرّيته، فإذا مرّت به روح المؤمن منهم سُرّ بها، وقال: روح طيبة خرجت من جسد طيب. وإذا مُرت به روح الكافر منهم أفف منها وكرهها، وساء ذلك، وقال: روح خبيثة خرجت من جسد خبيث»[22]. أكلة أموال اليتامى: وقال صلى الله عليه وسلم: «ثم رأيت رجالا لهم مشافر كمشافر الإبل، وفي أيديهم قطع نار كالأفهار[23]، يقذفونها في أفواههم، فتخرج من أدبارهم. فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء أكلة أموال اليتامى ظلما»[24]. أكلة الربا: وقال صلى الله عليه وسلم: «ثم رأيت رجالا لها بطن لم أر مثلها قط بسبيل آل فرعون[25] يمرّون عليهم كالإبل المهيومة - أي العطاش - حين يعرضون على النار، يطؤونهم لا يقدرون على أن يتحولوا من كانهم ذلك. قال: قلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء أكلة الربا»[26]. الزناة: وقال صلى الله عليه وسلم: «ثم رأيت رجالا بين أيديهم لحم ثمين طيب، إلى جنبه لحم غث منتن، يأكلون من الغث المنتن، ويتركون السمين الطيب. قال: قلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يتركون ما أحل الله لهم من النساء، ويذهبون إلى ما حرّم الله عليهم منهن[27]. صفة النساء اللاتي يدخلن على الأزواج ما ليس منهم: وقال صلى الله عليه وسلم: «ثم رأيت نساء معلقات بثديهن، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء اللاتي أدخلن على الرجال من ليس من أولادهم»[28]. أنهار الجنة: كذلك رأى صلى الله عليه وسلم أربعة أنهار في الجنة: نهران ظاهران وهما النيل والفرات، ونهران باطنان، ومعنى ذلك أن رسالته صلى الله عليه وسلم ستتوطن الأنهار الخصبة في النيل والفرات وأن أهلها سيكونون حملة الإسلام، وليس معنى ذلك أين مياههما تنبع من الجنة»، كما رأى صلى الله عليه وسلم في السماء نهرا آخر عليه قصر من لؤلؤ وزبرجد، فضرب بيده فإذا هو مسك أذفر. قال: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الذي خبأ لك ربك. يقول السيوطي هذا أنه كان في السماء الدنيا[29]. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |