|
هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() التفسير التربوي لسورة الدخان د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري سورة الدخان سورة مكية، لم يصح شيء مما ورد في فضل قراءتها عن نبينا - صلي الله عليه وسلم -، وقد تناولت: 1- ذكر نزول القرآن، وإرسال الرسول. 2- ثم انتقلت لذكر ما لاقاه النبي - صلي الله عليه وسلم - من دعوة قومه. 3- ثم انتقلت للماضي فذكرت قصة فرعون وإغراقه، وأشارت لقصة قوم تبع. 4- ثم انتقلت لذكر المستقبل؛ واليوم الآخر من يوم الفصل، والنار، وما فيها من شجرة الزقوم، والجنة، وما فيها من النعيم. ﴿ حم ﴾ (1) حرفان من الحروف العربية التي بها أنزل الله تعالى هذا القرآن العظيم. ﴿ وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴾ (2) أقسم الله تعالى بالكتاب المبين لكل ما يحتاجه الإنسان؛ من بيان وإرشاد. ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ ﴾ (3) جواب القسم، وكان إنزال القرآن في ليلة القدر إلى السماء الدنيا جملة واحدة، ثم نزل به جبريل على النبي - صلي الله عليه وسلم - مفرقًا؛ لإنذار الناس وتذكيرهم بما ينفعهم وما يضرهم. ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾(4) وفي هذه الليلة أيضًا يفصل ويبين ويفرق من اللوح المحفوظ إلى صحف الملائكة ما سيحصل للناس في سنتهم من أرزاق وآجال وأقدار، ومن كل أمر محكم لا يُغير ولا يُبدل. ﴿ أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ﴾ (5) أمرًا شرعيا أو أمرًا قدريًا أنزله الله تعالى في هذه الليلة المباركة، وأرسل به رسله، ومن حكمة إنزال الكتاب وإرسال الرسول: ﴿ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ (6) 1- أن الله تعالى يرحم بذلك عباده في الدنيا والآخرة. 2- ولأنه سبحانه هو السميع لحاجاتهم العليم بما يصلحهم. ﴿ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ ﴾ (7) 3- ولأنه سبحانه هو خالق الكون ومدبره والمتصرف فيه بما شاء عز وجل. فمن أيقن بذلك لزمه اتباع الوحيين، وفاز بالسعادة في الدارين. ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ﴾ (8) وغاية إنزال الكتاب وإرسال الرسول تقرير حقيقة أنه لا معبود بحق إلا الله عز وجل، فهو: 1- الذي يملك الإحياء والإماتة، وكل الخلق يموتون، فكيف يعبدون!. 2- وهو ربنا ورب من قبلنا، فكيف يكون من الخلق إلهٌ لقوم كانوا من قبله!. ﴿ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ ﴾ (9) فإذا كان المتعين بالإيقان بذلك، فعجب حال قوم كانت قلوبهم منه في شك، وجوارحهم تجاهه في لعب. ثم توعدهم الله وتهددهم: ﴿ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ ﴾ (10) انتظر يا محمد يوم يأتي الدخان، واختلف في المراد بالدخان في هذه الآية على قولين: 1- قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: هو الدخان الذي تخيلته قريش لما دعا عليهم الرسول - صلي الله عليه وسلم - بالقحط، فأكلوا من شدة الجوع العظام والميتة، وتخيلوا أن السماء فوقهم كهيئة الدخان، فناشدوا الرسول - صلي الله عليه وسلم - بالرحم أن يدعو الله، فيكشفه عنهم، فدعا لهم الله، فلما كشفه الله عنهم عادوا للكفر؛ كما في الصحيحين، واختاره ابن جرير. 2- وقال علي وابن عباس - رضي الله عنهما -: هو الدخان الذي يكون من علامات الساعة آخر الزمان؛ كما في صحيح مسلم، فيتضرع الكافرون والمنافقون وقتها إلى الله أن يكشف عنهم العذاب، واختاره ابن كثير. وإذا تابعنا سياق الآيات نجد أن الدخان وُصِف بثلاثة أوصاف: 1- مبين: أي واضح، وليس مجرد خيال، وهو يقوي القول الأول، ويحتمل أن المراد أنه مبين بحسب ما ظنته قريشٌ وقتها، فقد كان الرجل يكلمه الرجل، فيسمع صوته، ولا يراه من شدة الدخان. ﴿ يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ (11) 2- والصفة الثانية: أن الدخان يشمل الناس ويحيط بهم، وهل ال في الناس للعموم، فتؤيد القول الثاني، أو للعهد، والمقصود بها كفار قريش؛ فتؤيد القول الأول، محتمل. 3- والثالثة: أن الدخان قد خلص وجعه إلى قلوب الناس، فوجدوا منه أشد الألم، فصاحوا: هذا عذاب أليم، وصاروا يستغيثون: ﴿ رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ﴾ (12) ومن الذي يطلب ذلك؟، محتمل: 1- على القول الأول: أن الذي طلبه كفار قريش. 2- وعلى القول الثاني: يطلبه من تقوم عليهم الساعة، وقد رأوا طلوع الشمس من مغربها؛ فآمنوا، ولن ينفعهم وقتها إيمانهم. وأي إيمانٍ هذا الذي جاء وقت رؤية العذاب: ﴿ أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ ﴾ (13) كيف ينفعهم التذكر والإيمان يومها!، وقد جاءتهم أعظم ذكرى؛ رسول مبين – هو محمد - صلي الله عليه وسلم - – ومعه الآيات العظيمة والقرآن الكريم فلم يؤمنوا به، بل كان موقفهم: ﴿ ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ ﴾ (14) 1- أعرضوا عن اتباعه؛ بقلوبهم وجوارحهم. 2- واتهموه بألسنتهم بأنه: أ- يعلمه هذا القرآن بشرٌ. ب- وأنه مجنون؛ لا يعقل، وهذا من تناقضهم، فكيف يكون متعلمًا ومجنونًا في ذات الوقت!. وهذا السياق يؤكد أن المراد بالدخان ما ذكره ابن مسعود - رضي الله عنه -؛ لأن هذا إنما كان صنيع قريش برسولنا - صلي الله عليه وسلم -. ﴿ إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ ﴾ (15) وهذا الذي جرى من قريش، فبعد أن كشف الله تعالى عنهم العذاب عادوا لكفرهم، وهو حال المعرضين في كل أمة؛ كما قال تعالى: ﴿ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾، فكشفه الله عنهم قليلًا لإقامة الحجة عليهم، وأخبر أنهم سيعودون لكفرهم. ﴿ يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ ﴾ (16) 1- قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: يوم البطشة الكبرى يوم بدر؛ لأن الخطاب لقريش. 2- وقال ابن عباس - رضي الله عنه -: هو يوم القيامة، والأقرب الأول؛ لما اخترناه أن السياق كله لقريش. ﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ ﴾ ونحو هذا الاختبار الذي اختبر الله به كفار قريش وقع نحوه لفرعون وقومه، فاختبرهم الله بالطوفان، والجراد، والقمّل، والضفادع، والدم، فدعوا الله وأعلنوا الإيمان، فلما كشفها الله عنهم عادوا لكفرهم، فانتقم الله منهم ببطشة كبرى؛ كما قال تعالى: (فأهلكنا أشد منهم بطشاً)، فصّلتها الآيات التالية: ﴿ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (17) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾ (18) أرسل الله إليهم نبيًا كريمًا، أمينًا في إبلاغ رسالة الله تعالى؛ هو موسى عليه السلام، فدعاهم إلى أمرين: 1- أن يرسلوا معه قومه بني إسرائيل الذين استعبدوهم ظلمًا، وهم عباد لله، ليس لفرعون وقومه عليهم عبودية؛ كما في قال تعالى: (أن أرسل معنا بني إسرائيل). ﴿ وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ﴾ (19) 2- أن أطيعوا الله تعالى، وآمنوا به، ولا تتكبروا عن طاعته، وتستكبروا على عباده. ومع أمانة هذا الرسول وحسن خلقه، فمعه من الآيات والحجج الظاهرة الواضحة ما يدعوهم لاتباعه. ﴿ وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ ﴾ (20) ومعه كذلك الحفظ من الله تعالى، فلا تستطيعون أن تقتلوه أو ترجموه بالحجارة، كيف وقد استعاذ بربه فأعاذه سبحانه؛ كما قال تعالى: (﴿ وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (14) قَالَ كَلَّا ﴾)، وفي الآية الأخرى: (﴿ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا ﴾). وإن كان الله حمى موسى عليه السلام وهو في المهد، ورباه في حجر عدوه، فكيف لا يحميه بعد أن جعله رسولاً! ﴿ وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ ﴾ (21) ولكم مع دعوتي ثلاث مراتب: 1- الإيمان بي، وهو مقصود دعوتي. 2- تركي أدعو إلى الله، ومسالمتي، فلا تتعرضوا لي. 3- أو تُعادوني؛ فأدعو الله عليكم أن يهلككم. ﴿ فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ ﴾ (22) فأجرموا، وحاربوه، وظلموا اتباع دينه، فدعا الله عليهم؛ كما قال تعالى: (وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم. قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما). ﴿ فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ﴾ (23) فاستجاب الله له، وبدأت رحلة إهلاك فرعون وقومه: 1- أمر الله موسى أن يسرِ مع قومه عامة الليل، وأخبره أن فرعون وقومه سيتبعونهم. ﴿ وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ ﴾ (24) 2- فرق الله لموسى وقومه البحر، وأمر موسى بعد أن نجا وقومه أن يترك البحر على هيئته؛ حتى يدخل فيه فرعون قومه، وأخبره أنه تعالى سيغرقهم فيه. ﴿ كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ﴾ (27) 3- هلك فرعون وترك من ورائه بساتين بديعة، وعيون عذبة، وزروع وأقوات، ومساكن فخمة أنيقة، ونعم وفواكه كثيرة، كانوا فيها متنعمين فرحين. ﴿ كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ ﴾ (28) 4- انتقلت هذه النعم إلى القوم المستضعفين الذين آمنوا بالله، واتبعوا رسوله؛ كما قال تعالى: (وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ)، وقال: (وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها). ﴿ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ﴾ (29) 5- وكان فرعون وقومه أهون على الله من أن تبكي عليهم السماء والأرض، أو يبكي عليهم وعلى ذهاب مملكتهم أحد ممن هو فيهما؛ لحقارتهم وهوانهم عند الله، بل استبشر الكل بهلاكهم؛ لأنهم بكفرهم أحلوا على أنفسهم لعنة الله والمخلوقات أجمعين. 6- ولم يمهلوا، أو تؤخر عنهم العقوبة، بل عالجتهم بغتة؛ لشدة كفرهم وفسادهم. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |