|
|||||||
| ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
النجاةُ من التيهِ: لزومُ المُحكَم واتِّخاذُ الشيطان عدوًّا د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر ملخص: تُبيِّن هذه المقالة أن لله تعالى سننًا لا تتبدَّل في قيام الأمم وسقوطها؛ فمن خالف أمرَه تاه وضلَّ؛ كما في قصة بني إسرائيل، وتؤصِّل لقاعدةٍ قرآنيةٍ منهجية: ردُّ المتشابهات إلى المحكمات، وتبرز مركزيَّة عداوة الشيطان ومنهجه في الإغواء (طولُ الأمل، وتلبيسُ الحقائق)، ثم تقترح برنامجًا عمليًّا مختصرًا للثبات في زمن الفتن والإرجاف. تمهيد: سننٌ لا تتبدَّل: دلَّ القرآن على أن السنن الإلهية ماضيةٌ في الخلق، من أطاعَ اهتدى ومن عصى تاه؛ قال تعالى في شأن بني إسرائيل حين امتنعوا من دخول الأرض المقدسة: ﴿ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ﴾ [المائدة: 24]، فكانت العقوبة: ﴿ قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ﴾ [المائدة: 26]. وهذا التيهُ نموذجٌ يذكِّر بأن مخالفة الأمر الإلهي تُفضي إلى ضياع البوصلة واضطراب الأولويَّات. التيه نوعان: حسيٌّ ومعنويٌّ: التيه الحسي: ضياع الطريق والعجز عن بلوغ الغاية كما وقع تاريخيًّا. التيه المعنوي: اضطراب البوصلة القِيَمية والمنهجيَّة؛ حيثُ تُقدَّم الشبهات والمتشابهات على المُحكمات والبيِّنات، وهو الأخطر على الأفراد والأمَّة. العدوُّ المركزي ومنهجه: أكَّد القرآن عداوة الشيطان: ﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [فاطر: 6]. وأخبر عن قَسَمه: ﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾ [ص: 82، 83]. وكشف أدواته: ﴿ وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ﴾ [الإسراء: 64]. ومن السنة: حديث مسلم في «صحيحه» (2813) عن إبليس أنَّه يضع عرشَه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلةً أعظمُهم فتنةً، وحديث: «يَكْبَرُ ابنُ آدَمَ ويَكْبَرُ معهُ اثْنَانِ: حُبُّ المَالِ، وطُولُ العُمُرِ»؛ أخرجه البخاري (6421)، ومسلم (1047). الخلاصة: طولُ الأمل، والحرصُ، وتلبيسُ الحقائق - منافذُ يدخل منها الشيطان لصناعة التيهِ المعنوي. معيار الهداية: ردُّ المتشابه إلى المحكم: قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 7]، فالمحكماتُ أصولٌ تُرجَع إليها، والمتشابهاتُ تُرَدُّ إليها ولا تُجعل عُمدةً. وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما - من طريق علي بن أبي طلحة - أن المحكم: الناسخ، والحلال والحرام، والحدود والفرائض، وما عُمِل به، ومن أقوال أهل التفسير في هذه الآية أن المحكم ما لا يحتمل إلا معنى واحد، والمتشابه ممَّا يحتمل أوجهًا لغويَّةً لا تصرف المحكم عن بيِّنته. وبيَّنت الآية صنفين: أصحابُ الزيغ يتَّبعون المتشابه ابتغاء الفتنة. والراسخون في العلم يردونه إلى المحكم، ويقولون: ﴿ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ﴾ [آل عمران: 7]. برنامج عملي مختصر للخروج من التيهِ: اتخاذ الشيطان عدوًّا حقيقةً: الحذر من «خطواته»، ولا سيما طول الأمل، وتلبيس المتشابه على المسلمين. التوبة المتجدِّدة: ﴿ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 37]. حراسة اللسان والتثبُّت: «وَهَل يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ على وجوهِهِم أو على مَناخرِهِم إلَّا حَصائدُ ألسنتِهِم»[1]، وكلمةٌ لا يُلقى لها بالٌ قد تُهلك صاحبها. ترتيب الأولويَّات: تقديمُ المحكمات الكليَّة: (التوحيد، الصلاة، بر الوالدين، حقوق المسلمين، مكارم الأخلاق) على قضايا المتشابهات والاصطفافات الإعلامية. نصرة المظلومين بالوسائل المشروعة: الدعاء، والصدقة، وكلمةُ الحق، والجهاد والدعمُ القانوني والإغاثي المنضبط من غير ظلمٍ ولا بغي. خاتمة: التيهُ المعنويُّ ينبتُ حين تُترك المحكمات، وتتصدَّر المتشابهاتُ المشهد، ومفتاحُ النجاة منهجي قبل أن يكونَ عاطفيًّا، وهو معرفةُ العدو، وتحرِّي السُّنن، وردُّ المتشابه إلى المحكم، والالتجاء إلى الله بدعاء الراسخين: ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آل عمران: 8]. وختامه قولُه تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90]. [1] أخرجه الترمذي (2616) بلفظه، وابن ماجه (3973)، وأحمد (22068) كلاهما باختلاف يسير.
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |