|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() قال تعالى: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ } [التوبة:24].
من الأمور التي فطر عليها الإنسان أن يميل لحب أهله وأقاربه، وأن يحرص على تحقيق راحة نفسه، وأن يتعلق قلبه بمظاهر الحياة الدنيا والشهوات، كالمال والمسكن، ومن الشاق عليه بطبيعته البشرية الخوض فيما يسبب له الأذى، فهو يحب الخلود للدعة والراحة، والابتعاد عن التكليفات، ومواطن الشدة والمخاطر: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ } [آل عمران14]. وجاء الإسلام في المقابل بالتكاليف التي قد تشق على النفس، فحث على البذل والعطاء: بذل المال .. بذل النفس .. القيام بتكاليف الدعوة .. القيام بالعبادات وما يترتب عليها من مقاومة لشهوات النفس. "هنا قد يجد المسلم نفسه حائراً .. لا يستطيع التوفيق بين الانجذاب لتكوينه الطيني المادي وإشباع متطلبات جسده من ناحية، وبين الاستجابة لأشواق الروح، وتلبية نداء الرب، والانصياع لواجباته بوصفه يحمل فكرة وعقيدة، ويؤمن بمبدأ مطلوب منه أن يترجمه لواقع ... من ناحية أخرى. ولما كانت متطلبات الجسد أشد إلحاحاً على النفس من متطلبات الروح .. ولما كانت وظيفة المسلم الأولى في الحياة أن ينشر فكره وعقيدته .. جاءت الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة واضحة صريحة تعين المسلم على ترتيب أولوياته، وتحذره من الانجراف وراء شهواته، ونسيان مهمته الحقيقية. من ذلك قوله تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَٱحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُواْ وَتَصْفَحُواْ وَتَغْفِرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ إِنَّمَآ أَمْوَٰلُكُمْ وَأَوْلَـٰدُكُمْ فِتْنَةٌ وَٱللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } [التغابن:14، 15]. فقد ينشغل المسلم بهذه الأشياء عن العبادة والعمل، ويقصر بما أمره الله به، فيستحق العذاب، والغضب من الله تعالى. ومصداقه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الولد ثمرة القلوب، وإنهم مجبنة مبخلة محزنة " وقصة عمر ـ رضي الله عنه ـ مشهورة حين قال للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: والله يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه"، فقال عمر: فأنت الآن والله أحب إليّ من نفسي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الآن يا عمر ". وقال صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين ". وهذا الترتيب في أولويات المسلم ينسجم مع الترتيب المعروف في مقاصد الشريعة، فمع أن الحفاظ على الدين ضرورة، والحفاظ على النفس ضرورة ـ بمعنى أنها مصالح تتوقف عليها حياة الناس، ويختل نظام الحياة باختلالها ـ إلا أن ضرورة الدين مقدمة على ضرورة النفس، فيضحي الإنسان بنفسه للحفاظ على الدين، كما هو مقرر في أصول الفقه. لكن .. هل تطيق النفس مقاومة ما فُطرت على حبه؟ "وما يكلف الله الفئة المؤمنة هذا التكليف، إلا وهو يعلم أن فطرتها تطيقه - فالله لا يكلف نفساً إلا وسعها- وإنه لمن رحمة الله بعباده أن أودع فطرتهم هذه الطاقة العالية من التجرد والاحتمال؛ وأودع فيها الشعور بلذة علوية لذلك التجرد لا تعدلها لذائذ الأرض كلها.. لذة الشعور بالاتصال بالله، ولذة الرجاء في رضوان الله، ولذة الاستعلاء على الضعف والهبوط، والخلاص من ثقلة اللحم والدم، والارتفاع إلى الأفق المشرق الوضيء. فإذا غلبتها ثقلة الأرض، ففي التطلع إلى الأفق ما يجدد الرغبة الطامعة في الخلاص والفكاك". [الظلال] وعودة إلى الآية الكريمة: {قل: إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها، وتجارة تخشون كسادها، ومساكن ترضونها، أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله.. فتربصوا حتى يأتي الله بأمره..} لنقرأ ما خطّه المفسر ابن عاشور رحمه الله تعالى: " ارتقاء في التحذير من العلائق التي قد تفضي إلى التقصير في القيام بواجبات الإسلام، فلذلك جاءت زيادة تفصيل الأصناف من ذوي القرابة وأسبابِ المخالطة التي تكون بين المؤمنين وبين الكافرين، ومن الأسباب التي تتعلّق بها نفوس الناس فيَحول تعلّقُهم بها بينَهم وبين الوفاء ببعض حقوق الإسلام، فلذلك ذكر الأبناءُ هنا لأنّ التعلّق بهم أقوى من التعلّق بالإخوان، وذُكر غيرهم من قريب القرابة أيضاً". ثم قال: "وقد جمعت هذه الآية أصنافاً من العلاقات وذويها، من شأنها أن تألفها النفوس وترغب في القرب منها وعدم مفارقتها، فإذا كان الثبات على الإيمان يجرّ إلى هجران بعضها كالآباء والإخوان الكافرين الذين يهجر بعضهم بعضاً إذا اختلفوا في الدين، وكالأبناء والأزواج والعشيرة الذين يألف المرء البقاء بينهم، فلعلّ ذلك يقعده عن الغزو، وكالأموال والتجارة التي تصدّ عن الغزو وعن الإنفاق في سبيل الله. وكذلك المساكن التي يألف المرء الإقامة فيها فيصدّه إلفها عن الغزو. فإذا حصل التعارض والتدافع بين ما أراده الله من المؤمنين وبين ما تَجُرُّ إليه تلك العلائق وجب على المؤمِن دحضها وإرضاء ربّه. وقد أفاد هذا المعنى التعبير بــــ { أحب } لأنّ التفضيل في المحبّة يقتضي إرضاء الأقوى من المحبوبين، ففي هذا التعبير تحذير من التهاون بواجبات الدين مع الكناية عن جعل ذلك التهاون مُسبّباً على تقديم محبّة تلك العلائق على محبّة الله، ففيه إيقاظ إلى ما يؤول إليه ذلك من مهواة في الدين وهذا من أبلغ التعبير. وخصّ الجهاد بالذكر من عموم ما يحبّه الله منهم: تنويهاً بشأنه، ولأنّ ما فيه من الخطر على النفوس ومن إنفاق الأموال ومفارقة الإلف، جَعله أقوى مظنّة للتقاعس عنه، لا سيما والسورة نزلت عقب غزوة تبوك التي تخلّف عنها كثير من المنافقين وبعضُ المسلمين". .
__________________
روضة عبد الكريم فرعون
ماجستير في تفسير القرآن الكريم وعلومه الجامعة الأردنية http://www.bayan-alquran.net |
#2
|
||||
|
||||
![]() جزاك الله الجنان اختنا القديرة على الموضوع المميز
جعله الله في ميزان اعمالك ونفعنا بمشاركاتك الهامة |
#3
|
|||
|
|||
![]() جزاك الله خيرا
|
#4
|
|||
|
|||
![]() بارك الله فيكي اختي وجزاك الله خيرا
|
#5
|
||||
|
||||
![]() وبارك فيكم جميعاً، سعدت بمروركم.
__________________
روضة عبد الكريم فرعون
ماجستير في تفسير القرآن الكريم وعلومه الجامعة الأردنية http://www.bayan-alquran.net |
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ | جمال الشرباتي | ملتقى القرآن الكريم والتفسير | 2 | 27-02-2007 11:11 PM |
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |