|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() حكم تخليل اللحية وصفته الشيخ دبيان محمد الدبيان (معنى التخليل): جاء في اللسان[1]: الخَلل: مُنْفَرَج ما بين كل شيئين. وخَلَّل بينهما: فَرَّج، والجمع الخِلال مثل جَبَل وجبال، وقرئ بهما قوله عز وجل: ﴿ فترى الوَدْق يخرج من خِلاله ﴾[2]، وخَلَلِه. وخَلَلُ السحاب و خِلالُه: مخارج الماء منه. والخَلَل: الفُرْجة بين الشيئين. والخَلَّة: الثُّقْبة الصغيرة، وقيل: هي الثُّقْبة ما كانت. وخِلالُ الدار: ما حوالَيْ جُدُرها وما بين بيوتها. وتَخَلَّلْتُ ديارهم: مَشَيت خِلالها. وتَخَلَّلتُ الرملَ؛ أَي: مَضَيت فيه. وفي التنزيل العزيز: ﴿ فجاسُوا خِلالَ الدِّيار ﴾[3]، وتَخَلَّل القومَ: دخل بين خَلَلهم وخِلالهم، ومنه تَخَلُّل الأَسنان. هذا معنى التخليل في لسان العرب. وأما التخليل في الاصطلاح: فلا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغوي، فإذا كان معنى التخليل في الأصل: هو إدخال الشيء في خلال الشيء: وهو وسطه، فيكون معنى تخليل اللحية: هو إدخال الماء بين شعرها، حتى يوصل الماء إلى بشرته بأَصابعه. المبحث الأول: في حكم تخليل اللحية: اختلف العلماء في حكم تخليل اللحية في الطهارة الصغرى[4]: فقيل: يستحب تخليل اللحية الكثيفة[5]، وهو مذهب الحنفية[6]، والشافعية[7]، والحنابلة[8]، وقول في مذهب المالكية[9]. وقيل: يكره تخليل اللحية، وهو قول في مذهب المالكية[10]. وقيل: يجب تخليل اللحية مطلقًا كثيفة أو خفيفة، وهو قول ثالث في مذهب المالكية[11]. وعلى القول بالوجوب، فهل ذلك حتى يصل الماء إلى داخل الشعر فقط، أو لا بد من وصول الماء إلى البشرة؟ في ذلك قولان حكاهما المازري[12]. أدلة القائلين باستحباب تخليل اللحية: الدليل الأول: (845-74) ما رواه عبدالرزاق، عن إسرائيل، عن عامر بن شقيق، عن شقيق بن سلمة قال: رأيت عثمان بن عفان توضأ، فغسل كفيه ثلاثًا ثلاثًا، ومضمض واستنشق واستنثر، وغسل وجهه ثلاثًا، وفي آخره قال: "وخلل لحيته حين غسل وجهه قبل أن يغسل قدميه، ثم قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل كالذي رأيتموني أفعل"[13]. [ذكر التخليل منكر في هذا الحديث، وحديث عثمان في الصحيحين وفي غيرهما ليس فيه ذكر التخليل][14]. الدليل الثاني: (846-75) ما رواه أحمد، قال: حدثنا علي بن موسى، قال: أخبرنا عبدالله - يعني: ابن مبارك - قال: أخبرنا عمر بن أبي وهب الخزاعي، قال: حدثني موسى بن ثروان، عن طلحة بن عبيدالله بن كريز الخزاعي، عن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا توضأ خلل لحيته بالماء. [رجاله موثوقون][15]. الدليل الثالث: (847-76) ما رواه ابن أبي شيبة، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عبدالكريم، عن حسان بن بلال، قال: رأيت عمار بن ياسر توضأ، فخلل لحيته، فقلت له، فقال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعله[16]. [إسناده ضعيف][17]. الدليل الرابع: (848-77) ما رواه ابن أبي شيبة، قال: حدثنا زيد بن الحباب، عن عمر بن سليم الباهلي، قال: حدثني أبو غالب، قال: قلت لأبي إمامة: أخبرنا عن وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ فتوضأ ثلاثًا، وخلل لحيته، وقال: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل[18]. [اختلف في رفعه ووقفه، ووقفه أرجح][19]. الدليل الخامس: (849-78) رواه أحمد، قال: ثنا محمد بن عبيد، ثنا واصل، عن أبي سورة، عن أبي أيوب الأنصاري، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا توضأ تمضمض، ومسح لحيته من تحتها بالماء[20]. [إسناده ضعيف][21]. الدليل السادس: (850-79) ما رواه ابن ماجه، قال: حدثنا هشام بن عمار، حدثنا عبدالحميد بن حبيب، حدثنا الأوزاعي، حدثنا عبدالواحد بن قيس، حدثني نافع، عن ابن عمر قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا توضأ عرك عارضيه بعض العرك، ثم شبك لحيته بأصابعه من تحتها[22]. [إسناده ضعيف، وصوب الدارقطني وقفه][23]. الدليل السابع: (851-80) ما رواه أبو عبيد، في الطهور، ثنا مروان بن معاوية الفزاري، عن أبي ورقاء العبدي، عن عبدالله بن أبي أوفى الأسلمي، قال: قال له رجل: يا أبا معاوية، كيف رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ؟ قال: فتوضأ ثلاثًا ثلاثًا، وخلل لحيته في غسل وجهه، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ[24]. [إسناده ضعيف جدًّا] [25]. الدليل الثامن: (852-81) ما رواه البزار كما في مختصر مسند البزار، قال: حدثنا محمد بن صالح بن العوام، ثنا عبدالرحمن بن بكار بن عبدالعزيز بن أبي بكرة، حدثني أبي بكارٌ، قال: سمعت أبي عبدَالعزيز بن أبي بكرة يحدث عن أبيه، قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ، فغسل يديه ثلاثًا، ومضمض ثلاثًا، واستنشق ثلاثًا، وغسل وجهه ثلاثًا، وغسل ذراعيه إلى المرفقين، ومسح برأسه، يقبل بيديه من مقدمه إلى مؤخره، ومن مؤخره إلى مقدمه، ثم غسل رجليه ثلاثًا، وخلل أصابع رجليه، وخلل لحيته. قال البزار: لا نعلمه عن أبي بكرة إلا بهذا الإسناد، وبكار ليس به بأس، وعبدالرحمن بن بكار صالح الحديث[26]. [ضعيف][27]. الدليل التاسع: (853-82) ما رواه الطبراني، قال: حدثنا محمد بن عبدالله الحضرمي، ثنا أحمد بن مصرف بن عمرو اليامي، حدثني أبي مصرف بن عمرو بن السري بن مصرف بن كعب بن عمرو، عن أبيه، عن جده يبلغ به كعب بن عمرو قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ، فمسح باطن لحيته وقفاه[28]. [ضعيف][29]. الدليل العاشر: (854-83) ما رواه ابن عدي، من طريق أصرم بن غياث الخرساني، حدثنا مقاتل بن حيان، عن الحسن، عن جابر، قال: وضأت النبي - صلى الله عليه وسلم - غير مرة ولا مرتين ولا ثلاث ولا أربع، فرأيته يخلل لحيته بأصابعه كأنه أنياب مشط[30]. [ضعيف جدًّا][31]. الدليل الحادي عشر: (855-84) ما رواه الطبراني في الأوسط كما في مجمع البحرين، من طريق نافع بن هرمز، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يتطهر، وبين يديه قدر المد، وإن زاد فقلَّ أن يزيد، وإن نقص فقل ما ينقص، فغسل يديه، وتمضمض واستنشق ثلاثًا ثلاثًا، وغسل وجهه ثلاثًا، وخلل لحيته، وغسل ذراعيه ثلاثًا ثلاثًا، ومسح برأسه وأذنيه مرتين مرتين، وغسل رجليه حتى أنقاهما، فقلت: يا رسول الله، هكذا التطهر؟ قال: ((هكذا أمرني ربي عز وجل))[32]. [إسناده ضعيف جدًّا][33]. الدليل الثاني عشر: (856-85) ما رواه الطبراني في الكبير[34]، والعقيلي[35]، في الضعفاء من طريق خالد بن إلياس، عن عبدالله بن رافع، عن أم سلمة، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ، ويخلل لحيته. [ضعيف جدًّا][36]. الدليل الثالث عشر: (857-86) ما رواه ابن عدي، قال: ثنا إسحاق بن إبراهيم الغزي، ثنا محمد بن أبي السري، ثنا مبشر بن إسماعيل، عن تمام بن نجيح، عن الحسن، عن أبي الدرداء قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ، فخلل لحيته مرتين وقال: ((هكذا أمرني ربي عز وجل))[37]. قال ابن عدي: وهذا الحديث إنما يعرف بتمام عن الحسن، وعامة ما يرويه لا يتابعه الثقات عليه[38]. الدليل الرابع عشر: (858-87) ما رواه الطبراني في الأوسط، قال: حدثنا محمد بن سعدان، ثنا زيد بن أخزم، ثنا أبو أحمد الزبيري، ثنا حنظلة بن عبدالحميد، عن عبدالكريم، عن مجاهد، عن عبدالله بن عكبرة قال: التخلل سنة[39]. [إسناده ضعيف جدًّا] [40]. الدليل الخامس عشر: (859-88) ما رواه ابن جرير الطبري في تفسيره، من طريق سعيد بن سنان، عن أبي الزاهرية، عن جبير بن نفير، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -[41]. [إسناده ضعيف جدًّا] [42]. الدليل السادس عشر: حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: (860-89) أخرجه الحاكم، قال: حدثنا علي بن حمشاذ العدل، ثنا عبيد بن عبدالواحد، ثنا محمد بن وهب بن أبي كريمة، ثنا محمد بن حرب، عن الزبيدي، عن الزهري، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ وخلل لحيته بأصابعه من تحتها، وقال: ((بهذا أمرني ربي))[43]. [رجاله ثقات، إلا ابن أبي كريمة فإنه صدوق، إلا أن الحديث معلول][44]. دليل من قال: يكره تخليل اللحية: قالوا: لم يثبت في تخليل اللحية حديث صحيح، والأحاديث الصحيحة في صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم- لم تذكر تخليل اللحية، كحديث عثمان في الصحيحين، وحديث عبدالله بن زيد فيهما، وحديث ابن عباس في البخاري، وحديث علي رضي الله عنه، وغيرها من الأحاديث الصحيحة، وكون التخليل لا يأتي إلا في حديث ضعيف دليلٌ على عدم ثبوت الحكم؛ إذ لو كان التخليل مشروعًا لجاءت الأحاديث الصحيحة به، كما جاءت في تخليل الأصابع. قال مالك رحمه الله: "تخليلها في الوضوء ليس من أمر الناس، وعاب ذلك على من فعله"[45]. وقال أبو داود - كما في مسائل الإمام أحمد -: قلت لأحمد بن حنبل: تخليل اللحية؟ قال: يخللها، قد روي فيه أحاديث، ليس يثبت فيه حديث - يعني: عن النبي - صلى الله عليه وسلم -[46]. وقال عبدالله بن أحمد: قال أبي: ليس يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في التخليل شيء[47]. وقال مثله ابن أبي حاتم، عن أبيه[48]. دليل من قال: يجب التخليل: لعلهم قاسوا ذلك على غسل الجنابة، بجامع أن كلاًّ منهما طهارة من حدث. والدليل على وجوب التخليل في غسل الجنابة: (861-90) ما رواه البخاري في صحيحه، قال: حدثنا عبدان، قال: أخبرنا عبدالله، قال: أخبرنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه وتوضأ وضوءه للصلاة ثم اغتسل، ثم يخلل بيده شعره، حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته، أفاض عليه الماء ثلاث مرات، ثم غسل سائر جسده. ولعلهم رأوا أن الواجب هو غسل البدن، وإذا طرأ على البدن شعر لم يمنع ذلك من وجوب غسل البدن، حتى يتعذر غسله، والشعر لا يمنع من وصول الماء إلى البدن. ويجاب على ذلك: بأن الطهارة الصغرى مبنية على التخفيف؛ ولذلك جاز فيها المسح على الرأس وعلى الخفين، وكانت على أعضاء مخصوصة، بخلاف الطهارة الكبرى، فإن طهارتها ليس فيها مسح، وتعم جميع البدن، والله أعلم. والراجح - والله أعلم - أن من خلل لحيته لا يقال عنه: مبتدع، وليس التخليل بمثابة الغسلة الثانية والثالثة في الوضوء، ولا بمثابة تخليل الأصابع الذي صح فيه سنن عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأحب إلي أن يترك التخليل، فإن كان لا بد فاعلاً، فليكن نادرًا ولا يداوم عليه؛ لعدم ثبوت ما يدل على سنيته، والله أعلم. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |