|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() حد المسكر في الإسلام الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك قوله: "باب حد المُسكر، أي: الذي ينشأ عنه السكر، وهو اختلاط العقل، كل شراب أسكر كثيره فقليله حرام، وهو خمر من أي شيء كان؛ لقوله عليه السلام: "كل مسكر خمر، وكل خمر حرام"، رواه أحمد وأبو داود[1]، ولا يُباح شربه للذة ولا لتداو ولا لعطش إلا لدفع لقمة غص بها ولم يحضره غيره، أي: غير الخمر وخاف تلفًا؛ لأنه مضطر..." إلى آخره[2]. قال في "الإفصاح": "باب حد الشرب، واتفقوا على أن الخمر حرام قليلها وكثيرها، وفيها الحد[3]، وكذلك اتفقوا على أنها نجسة[4]. وأجمعوا على أن من استحلها حكم بكفره[5]. واتفقوا على أن عصير العنب إذا اشتد وقذف بزبده فهو خمر[6]، ثم اختلفوا فيه إذا مضى عليه ثلاثة أيام ولم يشتد ولم يسكر: فقال أحمد[7]: إذا مضى على عصير العنب ثلاثة أيام صار خمرًا وحرم شربه، وإن لم يشتد ولم يسكر. وقال الباقون[8]: لا يصير خمرًا حتى يشتد ويسكر ويقذف بزبده. واتفقوا على أن كل شراب يُسكر كثيره فقليله وكثيره حرام، ويُسمى خمرًا، وفيه الحد[9]، سواء كان ذلك من عصير العنب، أو مما عمل من التمر والزبيب والحنطة والشعير والذرة والأرز والعسل والجزر ونحوها، مطبوخًا كان ذلك أو نيئًا، إلا أبا حنيفة[10] فإنه قال: نقيع التمر والزبيب إذا اشتد كان حرامًا قليله وكثيره، ولا يُسمى خمرًا بل نقيعًا، وفي شربه الحد إذا أسكر وهو نجس، يحرم ما فوق الدرهم منه الصلاة في الثوب الذي هو فيه، فإن طُبخا أدنى طبخ حل من شربها ما يغلب على ظن الشارب من أنه لا يُسكره من غير لهو ولا طرب، وإن اشتدا حرم المسكر منهما، ولم يعتبر في طبخهما أن يذهب ثلثاهما، فأما نبيذ الحنطة والذرة والشعير والأرز والعسل والجزر فإنه حلال عنده، نقيعًا ومطبوخًا، وإنما يحرم المسكر منه ويجب به الحد. واتفقوا على أن المطبوخ من عصير العنب إذا ذهب أقل من ثلثه فإنه حرام[11]. واختلفوا في حد السكر: فقال أبو حنيفة[12]: هو ألا يعرف السماء من الأرض، ولا المرأة من الرجل. وقال مالك[13]: إذا استوى عنده الحسن والقبيح فهو سكران، وقال الشافعي[14] وأحمد[15]: هو أن يخلط في كلامه خلاف عادته. واختلفوا في حد الشارب: فقال أبو حنيفة[16] ومالك[17]: ثمانون. وقال الشافعي[18]: أربعون، وعن أحمد[19] روايتان كالمذهبين. وأجمعوا على أن ذلك في حقِّ الأحرار[20]، فأما العبيد فإنهم على النصف من ذلك على أصل كل واحد منهم[21]. واختلفوا فيما إذا مات في ضربه: فقال مالك[22] وأحمد[23]: لا ضمان على الإمام والحق قتله. وأما الشافعي[24] فعنه تفصيل، وذلك أنه قال: إن مات في حد الشرب وكان جلده بأطراف الثياب والنعال لا يضمن الإمام قولًا واحدًا، وإن ضربه بالسوط فإنه يضمن، وفي صفة ما يضمن وجهان: أحدهما: يضمن جميع الدية. والثاني: لا يضمن إلا ما زاد على ألم النعال. وحكى ابن المنذر في "الإشراف[25]" عن الشافعي[26]: أنه قال: إن ضُرب بالنعال وأطراف الثياب ضربًا يحيط العلم أنه لا يبلغ أربعين، أو يبلغها ولا يجاوزها فمات فالحق قتله، وإن كان كذلك فلا عَقْل فيه ولا قَود ولا كفارة على الإمام، وإن ضربه أربعين سوطًا فمات فديته على عاقلة الإمام دون بيت المال، واحتج بحديث ذكره عن علي رضي الله عنه. واتَّفقوا على أن حد الشرب يُقام بالسوط[27] إلا ما روي عن الشافعي[28]: أنه يُقام بالأيدي والنعال وأطراف الثياب. واختلفوا فيما إذا أقرَّ بشُرب الخمر، ولم يوجد منه ريح: فقال أبو حنيفة[29]: لا يُحد، وقال الباقون[30]: يُحد، فإن وجدت منه ريح الخمر ولم يُقر، فقال أبو حنيفة[31] والشافعي[32] وأحمد[33]: لا يلزمه الحد. وقال مالك[34]: يلزمه الحد. واتفقوا على أن من غص باللقمة وخاف الموت ولم يجد ما يدفعها به سوى الخمر فإنه يجوز له أن يدفعها به[35] إلا ما روي عن مالك فإنه قال في المشهور عنه[36]: لا يُسيغها بالخمر على كل حال. واختلفوا، هل يجوز شرب الخمر للضرورة كالعطش أو التداوي؟ فقال مالك[37] وأحمد[38]: لا يجوز فيها شربها بحال. وقال أبو حنيفة[39]: يجوز شربها للعطش فقط دون التداوي. وقال الشافعي[40] في أحد أقواله: لا يجوز فيها بحال كمذهب مالك وأحمد. والقول الثاني[41]: يجوز شرب اليسير منها للتداوي فقط. والثالث[42]: للعطش فقط ولا يشرب إلا ما يقع به الري في حالته تلك كمذهب أبي حنيفة. واتفقوا على أن تحريم الخمر لعلة هي الشدة[43]، إلا أبا حنيفة[44] فإنه قال: هي محرمة لعينها"[45]. وقال ابن رُشد: "باب في شرب الخمر، والكلام في هذه الجناية في الموجب والواجب وبما تثبت هذه الجناية؟ فأما الموجب: فاتفقوا على أنه شرب الخمر دون إكراه، قليلها وكثيرها[46]. واختلفوا في المسكرات من غيرها: فقال أهل الحجاز[47]: حكمها حكم الخمر في تحريمها وإيجاب الحد على من شربها، قليلًا كان أو كثيرًا، أسكر أو لم يسكر. وقال أهل العراق[48]: المحرم منها هو المسكر[49] وهو الذي يوجب الحد، وقد ذكرنا عُمدة أدلة الفريقين في كتاب الأطعمة والأشربة. وأما الواجب: فهو الحد والتفسيق إلا أن تكون التوبة، والتفسيق في شارب الخمر باتفاق[50] وإن لم يبلغ حد السُّكْر، وفي من بلغ حد السُّكْر فيما سوى الخمر. واختلف الذين رأوا تحريم قليل الأنبذة في وجوب الحد، وأكثر هؤلاء على وجوبه، إلا أنهم اختلفوا في مقدار الحد الواجب: فقال الجمهور[51]: الحد في ذلك ثمانون. وقال الشافعي[52] وأبو ثور وداود[53]: الحد في ذلك أربعون، هذا في حد الحُر. وأما حد العبد: فاختلفوا فيه، فقال الجمهور[54]: هو على النصف من حد الحر. وقال أهل الظاهر[55]: حد الحر والعبد سواء، وهو أربعون، وعند الشافعي[56]: عشرون، وعند من قال: ثمانون: أربعون. فعُمدة الجمهور: تشاور عُمر والصحابة لما كثر في زمانه شرب الخمر، وإشارة علي عليه بأن يجعل الحد ثمانين قياسًا على حد الفِرية، فإنه كما قيل عنه رضي الله عنه: إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى[57]. وعُمدة الفريق الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحد في ذلك حدًا، وإنما كان يضربُ فيها بين يديه بالنعال ضربًا غير محدود[58]، وأن أبا بكر رضي الله عنه شاور أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كم بلغ ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم لشراب الخمر؟ فقدَّروه بأربعين[59]. ورُوي عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب في الخمر بنعلين أربعين، فجعل عمر مكان كل نعل سوطًا[60]. ورُوي من طريق عن أبي سعيد الخدري ما هو أثبت من هذا وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب في الخمر أربعين[61]. ورُوي هذا عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريق أثبت[62]، وبه قال الشافعي[63]. وأما من يُقيم هذا الحد فاتفقوا على أن الإمام يقيمه، وكذلك الأمر في سائر الحدود[64]. واختلفوا في إقامة السادات الحدود على عبيدهم: فقال مالك[65]: يُقيم السيد على عبده حد الزنى وحد القذف إذا شهد عنده الشهود، ولا يفعل ذلك بعلم نفسه ولا يقطع في السرقة إلا الإمام، وبه قال الليث. وقال أبو حنيفة[66]: لا يُقيم الحدود على العبيد إلا الإمام. وقال الشافعي[67]: يُقيم السيد على عبده جميع الحدود، وهو قول أحمد[68] وإسحاق وأبي ثور. فعُمدة مالك الحديث المشهور: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن، فقال: "إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها ثم بيعوها ولو بضفير"[69]، وقوله عليه السلام: "إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها[70]". وأما الشافعي: فاعتمد مع هذه الأحاديث ما رُوي عنه صلى الله عليه وسلم من حديث علي أنه قال: "أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم"[71]، ولأنه أيضًا مروي عن جماعة من الصحابة، ولا مخالف لهم، منهم: ابن عمر وابن مسعود وأنس. وعُمدة أبي حنيفة: الإجماع على أن الأصل في إقامة الحدود هو السلطان، ورُوي عن الحسن وعمر بن عبد العزيز وغيرهم أنهم قالوا: الجمعة والزكاة والفيء والحكم إلى السلطان. فصل: وأما بماذا يثبت هذا الحد؟ فاتفق العلماء على أنه يثبت بالإقرار وبشهادة عدلين[72]. واختلفوا في ثبوته بالرائحة: فقال مالك[73] وأصحابه وجمهور أهل الحجاز: يجب الحد بالرائحة إذا شهد بها عند الحاكم شاهدان عدلان، وخالفه في ذلك الشافعي[74] وأبو حنيفة[75]، وجمهور أهل العراق، وطائفة من أهل الحجاز، وجمهور علماء البصرة، فقالوا: لا يثبت الحد بالرائحة. فعمدة من أجاز الشهادة على الرائحة: تشبيهها بالشهادة على الصوت والخط. وعُمدة من لم يثبتها: اشتباه الروائح والحد يُدرأ بالشُّبهة"[76]. وقال في "الاختيارات": "وإذا شككت في المطعوم والمشروب هل يُسكر أو لا؟ لم يحرم بمجرد الشك، ولم يقم الحد على شاربه، ولا ينبغي إباحته للناس؛ إذا كان يجوز أن يكون مسكرًا؛ لأن إباحة الحرام مثل تحريم الحلال، فتكشف عن هذا شهادة من تقبل شهادته، مثل أن يكون طعمه ثم تاب منه، أو طعمه غير معتقد تحريمه، أو معتقدًا حله؛ لتداو ونحوه، أو على مذهب الكوفيين[77] في تحليل يسير النبيذ، فإن شهد به جماعة ممن يتأوله معتقدًا تحريمه فينبغي إذا أخبر عدد كثير لا يمكن تواطؤهم على الكذب أن يحكم بذلك، فإن هذا مثل التواتر والاستفاضة كما استفاض[78] بين الفساق والكفار: الموت والنسب والنكاح والطلاق، فيكون أحد الأمرين: إما الحكم بذلك؛ لأن التواتر لا يُشترط له الإسلام والعدالة، وإما الشهادة بذلك بناءً على أن الاستفاضة تحصل بمِثل ما يحصُل به التواتر. ولنا: أن نمتحن بعض العدول بتناوله لوجهين: أحدهما: أنه لا يعلم تحريم بذلك قبل التأويل[79] فيجوز الإقدام على تناوله، وكراهة الإقدام على الشبهة تعارضها مصلحة بيان الحال. الوجه الثاني: أن المحرمات قد تُباح عند الضرورة، والحاجة إلى البيان موضع ضرورة فيجوز تناولها لأجل ذلك، والحشيشة القنبية نجسة في الأصح، وهي حرام، سكر منها أو لم يسكر، والمسكر منها حرام باتفاق المسلمين[80] وضررها من بعض الوجوه أعظم من ضرر الخمر؛ ولهذا أوجب الفقهاء فيها الحد كالخمر، وتوقف بعض المتأخرين في الحد بها، وأن أكلها يوجب التعزير بما دون الحد فيه نظر؛ إذ هي داخلة في عموم ما حرم الله تعالى، وأكلتها[81] ينشون عنها ويشتهونها كشراب الخمر وأكثر، وتصدهم عن ذكر الله وعن الصلاة[82]، وإنما لم يتكلم المتقدمون في خصوصها؛ لأنها إنما حدث أكلها في أواخر المئة السادسة، أو قريبًا من ذلك، فكان ظهروها مع ظهور سيف بن جنكسخان. ولا يجوز التداوي بالخمر ولا بغيرها من المحرمات، وهو مذهب أحمد[83]، ويجوز شرب لبن الخيل إذا لم يصر مسكرًا، والصحيح في حد الخمر أحد الروايتين[84] الموافقة لمذهب الشافعي[85] وغيره: أن الزيادة على الأربعين إلى الثمانين ليست واجبة على الإطلاق؛ بل يرجع فيها إلى اجتهاد الإمام كما جوزنا لها الاجتهاد في صفة الضرب فيه بالجريد والنعال وأطراف الثياب، بخلاف بقية الحدود، ويقتل شارب الخمر في الرابعة عند الحاجة إلى قتله إن لم ينته الناس بدونه"[86]. وقال عبد الله بن سعدي الغامدي - وفقه الله وغفر له - في كتابه "تحفة البيان في تحريم الدخان": قال الشيخ محمد فقهي العيني الحنفي: يحرم التدخين من أربعة أوجه: أحدها: كونه مضرًا للصحة بإخبار الأطباء المعتبرين، وكل ما كان كذلك يحرم استعماله اتفاقًا. ثانيها: كونه من المخدرات المتفق عليها عندهم المنهي عن استعماله شرعًا؛ لحديث أحمد، عن أم سلمة: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتِّر[87]، وهو مفتِّر باتفاق الأطباء، وكلامهم حُجة في ذلك وأمثاله باتفاق الفقهاء سلفًا وخلفًا. ثالثها: كون رائحته الكريهة تؤذي الناس الذي لا يستعملونه، وعلى الخصوص في مجامع الصلاة ونحوها، بل تؤذي الملائكة المكرمين، وقد روى الشيخان في "صحيحيهما"، عن جابر رضي الله عنه مرفوعًا: "من أكل ثومًا أو بصلًا فليعتزلنا وليعتزل مسجدنا، وليقعد في بيته"[88]، ومعلوم أن رائحة التدخين ليست أقل كراهة من رائحة ما ذكر من الثوم والبصل. وفي "الصحيحين" أيضًا: عن جابر رضي الله عنه: "إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الناس"[89]، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من آذى مسلمًا فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله تعالى"، رواه الطبراني في "الأوسط[90]" عن أنس رضي الله عنه بإسناد حسن. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |