من فقه الدين الخاص: الصيام - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 453 - عددالزوار : 124474 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14556 - عددالزوار : 767440 )           »          جمع الصلوات بسبب المرض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          الزكـاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          نصيحة للمتأخرين عن صلاة الفجر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 54 - عددالزوار : 35954 )           »          ديننا.. يتجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          دروس من قصص القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 6551 )           »          الوقف الإسلامي وصنائعه الحضارية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 3529 )           »          يُسر الإسلام وسماحته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > رمضانيات
التسجيل التعليمـــات التقويم

رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 30-01-2020, 02:17 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,313
الدولة : Egypt
افتراضي من فقه الدين الخاص: الصيام

من فقه الدين الخاص: الصيام
أ.د. محمد المختار محمد المهدى*




يتميز كتاب - الدين الخاص – لشيخنا ومؤسس جمعيتنا الشرعية الشيخ محمود خطاب السبكي بمحاربة التعصب المذهبي حيث يذكر آراء المذاهب الأربعة وأدلة كل رأي، وأحياناً يختار ما يرجحه الدليل وأحياناً تستوى عنده الأدلة فيترك الترجيح، فهو إلى الفقه المقارن أقرب، ولما كانت همم الشباب اليوم منصرفة عن إدراك مناقشات العلماء في استنباط الأحكام مما حفل به الكتاب آثرت أن أختصره بذكر الرأي ودليله وما ترجح لدى الشيخ مع الحرص على تفصيل الأحكام التي يدور حولها نقاش لا يخلو من عصبية مذهبية بين شباب اليوم الذي اكتفى بما قرأه في مذهب واحد وما استند إليه هذا المذهب .. كما حرصت على تنحية أي حديث حكم عليه بالضعف أو الإرسال .. وفي هذا العدد نستعرض بالتفصيل كل ما يتعلق بالصيام.
ما لا يفسد الصوم:
1-الأكل والشرب والجماع ناسياً عند الحنفيين والشافعي ؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه(أخرجه السبعة وهذا لفظ مسلم، وقال الترمذي: حسن صحيح). والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، قال أحمد: الأكل والشرب ناسياً لا شيء عليه، أما الجماع ناسياً فعليه القضاء والكفارة، وقالت المالكية: من تعاطى أي: مفطر ناسياً في رمضان عليه القضاء دون كفارة.
2-من احتلم نهاراً وهو صائم لا يبطل صومه إجماعاً.
3-لا يفسد صوم المرأة إذا أدخلت إصبعها في فرجها ولو مبتلاً عند أحمد.
4-من ذرعه القيء لا يبطل صومه ولو كان ملء الفم إذا لم يعد منه شيء إلى الجوف إجماعاً، فإن كان ملء الفم وأعاد شيئاً منه أفطر اتفاقاً.
وعلى الجملة فلا يبطل الصوم بارتكاب شيء من المباح والمكروه فيما تقدم.
ما يفسد الصوم:
منه ما يوجب القضاء، ومنه ما يوجب القضاء والكفارة.
أ-ما يوجب القضاء فقط:
1-المكروه على الإفطار والمخطىء عند الحنفيين ومالك، وعند الشافعي لا يفطر وليس عليه القضاء.
2- وصول ما لا نفع فيه إلى الجوف من منفذه مفتوح أو إلى باطن الرأس عمداً.
3- الحقنة في الدبر أو قبل المرأة.
4- السعوط، وهو إيصال مائع وغيره إلى الجوف عن طريق الأنف.
5- تقطير مائع ولو ماء في الأذن على الصحيح عند الأئمة الثلاثة غير مالك إذا كان عمداً، وعند مالك يفسد ولو كان سهواً أو شاكاً.
6- مداواة الجرح البالغ إلى الجوف أو إلى أم الرأس، لعموم ما ورد أن الفطر مما دخل وليس مما خرج كما في البخاري. هذا إن تحقق الوصول اتفاقاً، أما إذا شك فيه وكان الدواء رطباً فكذالك عند أبي حنيفة ومالك، وقال الشافعي وأحمد وأبو يوسف ومحمد: لا يفسد الصوم بالشك في الوصول، فإن كان يابساً فلا فطر اتفاقاً إذا شك في وصوله.
7- تعمد القيء ولو قليلاً لعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم – "ومن استقاء عمداً فليقض"، وقال أبو يوسف وفي الرواية عن أحمد: تعمد القيء لا يفسد إلا إذا ملء الفم.
8- إنزال المني مباشرة أو بجماع بهيمة أو استمناء بالكف وهو حرام.
9- من تسحر يظن بقاء الليل فتبين طلوع الفجر، وكذلك من أفطر آخر النهار يظن غروب الشمس، يبطل صومه عند الأربعة والجمهور، أما إن شك في طلوع الفجر ولم يتبين الأمر فليس عليه قضاء عند الحنفيين والشافعي وأحمد؛ لأن الآية اشترطت التبيين في: {...حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ...} (البقرة: 187). وقال مالك: يلزمه القضاء.
فائدتان:
الأولى: من جامع قبل طلوع الفجر ثم طلع فإن نزع فوراً لم يفسد صومه عند الحنفيين والشافعي وهو مشهور مذهب أحمد؛ لأنه ترك الجماع فلا يتعلق به حكمه، قال مالك: يفسد صومه ولا كفارة عليه، وإن لم ينزع فسد صومه وعليه القضاء اتفاقاً وكذا الكفارة عند الثلاثة ما عدا الحنفيين.
الثانية: من جامع يظن الفجر لم يطلع وتبين أنه قد طلع فسد صومه وعليه القضاء فقط عند الحنفيين والشافعي، وقال مالك وأحمد: عليه القضاء والكفارة.
10- يفسد الصوم بالأكل عمداً بعد أن أكل ناسياً فظن أنه أفطر فليزمه القضاء اتفاقاً ولا كفارة عليه عند الحنفيين والشافعي وأحمد.
11- يفسد الصوم بالحيض والنفاس إجماعاً وعليهما القضاء فقط.
12- يفسد الصوم بنية الفطر عند الأئمة الثلاثة، وهو ظاهر مذهب أحمد؛ لأنه عبادة وشرطها النية، فيفسد بنية الخروج منه كالصلاة، فغن عاد في نيته ونوى الصيام قبل الزوال أجزأه عند الحنفيين، ولا يجزىء عند من يشترط تبييت النية في الرمضان وعليه الإمساك بقية اليوم والقضاء بعد رمضان.
تأخير القضاء:
قضاء رمضان واجب على التراخي عند الجمهور، لإطلاق الآية ولقول عائشة - رضي الله عنها -: "إن إحدانا لتفطر في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم – فما تقدر على أن تقضيه حتى يأتي شعبان" (أخرجه مسلم). ويتضح من قول عائشة - رضي الله عنها - أن التأخير كان لعذر عدم القدرة، ومع ذلك أجاز الجمهور التأخير لغير عذر إلا إذا لم يبق على رمضان سوى ما يكفي القضاء، فإن كان لعذر صام رمضان الحاضر ثم يقضي الأول ولا فدية عليه عند الجمهور، وإن أخر لغير عذر كان عليه القضاء والفدية عن كل يوم مداً من طعام مع القضاء عند مالك وأحمد وإسحاق، وقال الحنفيون: لا يلزمه إلا القضاء، وهذا هو الراجح إذ لم يثبت في لزوم الفدية شيء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكل ما ورد في ذلك آثار لا حجة فيها.
ب- ما يوجب القضاء والكفارة:
الوطء في نهار رمضان، والكفارة هي عتق رقبة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين ليس فيهما رمضان ولا يوم منهي عن صيامه، فإن لم يستطع الصيام أعطى ستين مسكيناً ما يطعمهم أكلتين مشبعتين أو قيمت ذلك عند الحنفيين، وقال أحمد: يعطي كل مسكين مداً من قمح أو نصف صاع من تمر، ولا يجزئ عند مالك والشافعي أن يغدي المساكين ويعشيهم؛ لأن في الإطعام بهذه الطريقة لا يعرف أن كل مسكين قد استوفى ما يجب له ، وقال الحنفيون: لو أطعم مسكيناً واحداً ستين يوماً كفاه، أما الجمهور فمنعوا ذلك وهو الراجح، وهذه الكفارة تلزم بالجماع في نهار رمضان لانتهاك حرمته وتجب على الفاعل والمفعول به عند الحنفيين ومالك وهو رواية عن أحمد، وقال الشافعي: هي على الفاعل فقط وإن أكرهت المرأة على الجماع فلا كفارة عليها إجماعاً وعليها القضاء عند الحنفيين، وقال مالك: كفارتها على زوجها، ولا تغني الكفارة عن القضاء.
فإن عجز عن العتق والصيام والإطعام كانت الكفارة ديناً عليه فمتى ما ملك يوماً كفَّر، وهذا رأي الجمهور، وظاهر مذهب أحمد، وفي قول للشافعي أنها تسقط بالإعسار.
هذا
هذا إذا كان الجماع عمداً، أما من جامع ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة عند الحنفيين والشافعي، وقال أحمد: عليه القضاء والكفارة .. ومن وطئ في نهار رمضان عامداً وكفَّر ثم وطئ في يوم آخر فعليه كفارة أخرى، وإن لم يكفر عن اليوم الأول فعليه كفارة واحدة عند الحنفيين وهو رواية عن أحمد، وقال مالك والشافعي والليث: عليه كفارتان؛ لأن كل يوم عبادة مستقلة وهو رواية الأخرى لأحمد، وإن جامع في اليوم الواحد مرتين ولم يكفر عن الأولى فعليه كفارة واحدة إجماعاً، وإن كفر عن الأول فلا كفارة ثانية عند الثلاثة، وقال أحمد: عليه كفارة ثانية.
وجملة القول في هذا عند مالك أن الكفارة تتعدد بتعدد الأيام ولا بتعدد المفطر، سواء كفر عن الأول أم لا لبطلان صيامه في ذلك اليوم بالمفطر الأول، أما بالنسبة للمفعول بها فتتعدد فإذا جامع امرأتين أو أكثر في يوم واحد تعددت عليه الكفارة بتعدد المكفر عنه.
والكفارة عن الجماع مرتبة: فالعتق أولاً، فإن عجز الصيام، فإن عجز فالإطعام، هذا قول الحنفيين والشافعي ومشهور مذهب أحمد، وقالت المالكية: الكفارة واجبة على التخيير وهو رواية عن أحمد لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر رجلاً أفطر في رمضان أن يعتق رقبة، أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكيناً" (أخرجه مالك وأحمد ومسلم). ورد الجمهور بأن حرف العطف هنا وهو - أو- ليس مفيداً للتخيير بل هو للتقسيم اعتماداً على الأحاديث الأخرى.
فائدتان:
الأولى: إن تساحقت امرأتان فلم ينزلا فلا شيء عليهما، وإن أنزلتا فسد صومهما والأصح أن لا كفارة عليهما .. . وإن أكره رجل على الجماع فسد صومه ولا كفارة عليه عند مالك والشافعي والحنفيين لحديث رفع التكليف عن المكره، وعند بعض الحنبلية عليه الكفارة؛ لأنه لا يطأ إلا إذا انتشر ولا ينتشر إلا عن شهوة.
الثانية: تناول المفطر عمداً، يجب القضاء والكفارة عند الحنفيين بتناول غذاء تنقضي به شهوة البطن كالأكل والشرب ومنه شرب الدخان وسائر المكيفات، وقالت المالكية: تجب الكفارة بتناول أي مفسد من مفسدات الصوم، وقال الشافعي واحمد وداود الظاهري: لا كفارة في مفطر إلا الجماع، وحملوا الأحاديث المطلقة في الإفطار على المقيدة بالجماع، وقد رد الحنفيون ومالك بأن إيجاب الكفارة كان بالنص عليها في غير الجماع كرواية: شربت في رمضان، ورواية: أفطرت في رمضان من غير مرض ولا سفر، ويشمل ذلك من يتناول مفطراً بعد ظنه إباحة الفطر، كمن ظن أن الغيبة تبطل الصوم، أو أن الحجامة تبطله متأولاً ما ورد ما ورد فيها من الأحاديث، وهذا عند الحنفيين، أما المالكية فقالوا: لا كفارة عليه؛ لأنه تأول تأويلاً قريباً مستنداً لدليل فهو جاهل، ومثله من أفطر ناسياً فظن فساد صومه فأفطر عامداً، ومن أصبح جنباً فظن إباحة الفطر فأفطر عمداً، ومن قدم من سفر ليلاً فظن أنه لا يلزمه صوم صبيحة قدومه فأصبح مفطراً.
فائدتان:
قال ابن رشد: اتفق الجمهور على أنه ليس في الفطر عمداً في نهار رمضان كفارة؛ لأنه ليس له حرمة زمان الأداء وهو رمضان، إلا قتادة فإنه أوجب عليه القضاء والكفارة.
الأعذار المبيحة للفطر:
1-المرض أو خوفه، من دخل عليه المرض أو خاف دخوله بالصوم بغلبة ظن أو إخبار طبيب مسلم حاذق أمين، وعلى هذا أجمعت الأمة.
فإن تحمل المريض وصام فقد فعل مكروهاً للإضرار بنفسه وتركه الرخصة ويصبح صومه ويجزئه كالمريض إذا حضر الجمعة، والصحيح الذي يخشى المرض بالصيام كالمريض الذي يخاف زيادة المرض به.
2- السفر، للمسافر سفر قصر وإن لم يضره الصوم حق الإفطار لحديث عائشة أن حمزة بن عمرو الأسلمي - رضي الله عنه - قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: "أأصوم في السفر؟ فقال: إن شئت فصم وإن شئت فافطر" (أخرجه الجماعة، وقال الترمذي: حسن صحيح)، وليس هذا خاص بصوم التطوع، فقد دلت أحاديث الباب على جواز صوم رمضان وفطره للمسافر، وبهذا قال عامة العلماء، واختلفوا في الأفضل فقال الجمهور: الصوم في السفر أفضل لمن قوى عليه، والفطر أفصل لمن لم يقو عليه، {...وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} (البقرة: 184)، وقال أحمد وإسحاق: الفطر أفضل لحديث جابر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "قال عن رجل صائم قد ظُلل عليه أصحابه: ليس البر أن تصوموا في السفر" (أخرجه أحمد ومسلم). ورد على ذلك بأن الحديث فيمن شق عليه الصوم كما يدل عليه سياق الحديث، ولو صام المسافر عدة أيام ثم ضعف فأفطر فلا شيء عليه حتى لو سبق له أن نوى صوم رمضان كله، كما إذا بيت النية على الصوم فسافر نهاراً أو مرض، وفرق بعضهم بين السفر والمرض؛ لأن المرض يطرأ بلا إرادة على عكس السفر .. ثم إنه لا يحل الفطر للمسافر إلا إذا غادر مساكن البلد وبهذا قال الأئمة الأربعة، وأقل مسافة يباح فيها الفطر للمسافر ثلاثة أميال، وتقدر بـ 5565 متراً عند الظاهرية اعتماداً على ما ورد عن دحية بن خليفة - رضي الله عنه - أنه أفطر في رمضان وأفطر معه ناس في سفر بلغ ثلاثة أميال، وقد خالفه غير واحد من الصحابة، فكان ابن عمر وابن عباس - رضي الله عنهما - لا يريان القصر والإفطار في أقل من أربعة بُرُد وهما أفقه من دحية وأعلم بالسنة، وتقدر تلك المسافة بين 84-89 كيلو متراً.
مدة فطر المسافر:
قال الأئمة الثلاثة: المسافر إذا نوى إقامة أقل من أربعة أيام أفطر، وإن نوى إقامة أربعة أيام غير يومي الدخول والخروج صام، وقد مر ذلك في بحث مدة القصر، ومن لم ينو الإقامة وعزم على الرجوع إلى بلده متى قضى حاجته فإنه يفطر مدة انتظاره قضاء حاجته عند الحنفيين ومالك واحمد وروي عن الشافعي.
انقطاع حكم السفر:
بنية الإقامة بموضع صالح لإقامته مدة خمسة عشر يوماً عند الحنفيين والمزني والليث، وعند الأئمة الثلاثة أربعة أيام فقط كما مرَّ أو بالرجوع إلى المكان الذي ابتدأ منه السفر، أو بنية الرجوع إليه فيل أن يقطع مسافة القصر، فإن حصل واحد مما سبق في اثناء نهار رمضان وهو مفطر لزمه الإمساك، عند الحنفيين والثوري وهو رواية عن أحمد، وقال الشافعي: يستحب الإمساك فإذا أفطر كان له استدامة الفطر.
4،3- الحمل والرضاع، يباح للحامل والمرضعة إذا خافتا على أنفسهما أو ولدهما من حصول الضرر بالصوم كضرر المريض لحديث أنس بن مالك الكعبي - لرضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: "إن الله وضع عن المسافر والحامل والمرضع الصوم أو الصيام" (أخرجه أحمد والأربعة وحسنه الترمذي). وعلى هذا الحديث يباح للحامل والمرضعة الإفطار إذا خافتا على أنفسهما أو ولديهما، ولن قال ابن عباس وابن عمر - رضي الله عنهما -: "عليهما الفدية بلا قضاء". فعن نافع أن ابن عمر - رضي الله عنهما - "سُئل عن المرأة الحامل إذا خافت على ولدها فقال: تفطر وتطعم مكان كل يوم مسكيناً مداً من حنطة" (أخرجه مالك والبيهقي). وقال الحنفييون: عليهما القضاء عند القدرة ولا فدية عليهما، وقال مالك بهذا في الحامل فقط، أما المرضعة فعليهما القضاء والفدية في كل يوم مد، وقال الشافعي وأحمد: يباح لهما الفطر وعليهما القضاء فقط إن خافتا على نفسيهما فقط أو مع ولدهما، أما إن خافتا على الولد فقط فعليهما القضاء والفدية لأنهما تطيقان الصوم.
5- الكبر، يطلب من الشيخ الهرم والمرأة العجوز إذا لحقهما بالصوم مشقة أن يفطرا ويطعما لكل يوم مسكيناً مداً من بر عند الشافعي وأحمد ونصف صاع من بر أو صاعاً من تمر أو شعير أو قيمة ذلك عند الحنفيين إن قدر وإلا استغفر ربه وطلب منه العفو والإقالة، فإن قدر على الصيام بعد الإطعام فعن أحمد روايتان الأول: لا يلزمه؛ لأن ذمته قد برئت بأداء الفدية الواجبة عليه، والثانية: يلزمه القضاء؛ لأن الإطعام شرع لليأس وقد تبين ذهاب اليأس.
6- يباح الفطر للمجاهد لإعلاء كلمة الدين إذا خاف الضعف عن الجهاد.
9،8- يباح الفطر لمن خاف الهلاك أو نقصان عقل أو الضرر من جوع أو عطش شديدين إن لم يفطر لقوله تعالى: {...وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} (الحج: 78). وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا ضرر ولا ضرار" (أخرجه مسلم والنسائي والبيهقي).
تتميم:
من أفطر لعذر مما سبق ومات قبل زواله لا يلزمه قضاء ولا وصية بالفدية؛ لأنه لم يدرك عدة من أيام أخر، وهذا مجمع عليه لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه – أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: "ذروني ما تركتكم، فإنما هلك الذين من قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بالأمر فأتوا منه ما استطعتم" (أخرجه مسلم والنسائي والبيهقي).
ومن أفطر لعذر وزال قبل الموت بقدر ما فاته يلزمه قضاؤه لإدراكه عدة من أيام أخر، فإن كان قضاها فبها وإلا لزمه الوصية بالفدية عن كل يوم يلزمه قضاؤه، والحنفيون يمنعون الصيام عن الميت مطلقاً بل يطعم عنه وليه إن أوصى به، وبذلك قال مالك والشافعي وقال أحمد وإسحاق: من مات وعليه صوم نذر صامه عنه وليه ويطعم عنه عن كل يوم من رمضان مداً.
ورد الجمهور على ذلك بأن الصوم كالصلاة عبادة بدنية لا ينوب أحد عن غيره فيها، والظاهر ما ذهب إليه أحمد من أنه لا يصام عمن مات وعليه صوم رمضان، ويصام عنه في النذر، وبذلك يجمع بين الأحاديث.
الاعتكاف:
هو مكث في مسجد صالح لإقامة الجماعة مع النية.
ودليل مشروعيته: {...وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ...} (البقرة: 187). فقد خصت الآية الاعتكاف بالمسجد وحرمت فيه مباشرة النساء المباحة، وبذلك يكون من القربات، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كان يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً" (أخرجه البخاري وأبو داود وغيرهما).
وحكمة مشروعيته: جمع القلوب على طاعة الله بالخلوة مع الخلو المعدة والتلذذ بالذكر وترك ما يشغل المرء عنه من مشاغل الحياة، وحين يكون في العشر الأواخر من رمضان يرجى أن يدرك المعتكف فيها ليلة القدر، ثم إن المسجد بيت كل تقي، وتكفل الله لمن كان المسجد بيته بالروح والرحمة والجواز إلى الصراط إلى رضوان الله والجنة كما حدث أبو الدرداء - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
حكمه: هو عند الحنفيين ثلاثة أقسام، لكل قسم حكمه:
الأول: سنة مؤكدة في العشر الأخير من رمضان لمواظبة النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه.
الثاني: واجب، وهو ما لزم بالنذر سواء كان مطلقاً كقول الناذر: لله عليَّ أن أعتكف كذا، أم كان معلقاً كقوله: إن شفاني الله لأعتكفن كذا، وذلك لحديث ابن عمر - رضي الله عنه - "أن أباه نذر في الجاهلية أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم – فقال: أوف بنذرك" (أخرجه الستة، وقال الترمذي: حسن صحيح).
الثالث: مستحب من غير ذلك. وهو عند الشافعي والحنبلية سنة إن لم ينذر وإلا كان واجباً، وعند مالك سنة في رمضان مندوب من غيره.
زمنه: أقله عند مالك يوم وليلة، وقيل: ثلاثة، وقيل: عشرة، وقال الحنفييون: أقل النفل منه لحظة غير مقدرة بزمن فيحصل بمجرد المكث في المسجد ولو كان ماراً به من ليل أو نهار، وأقل الواجب يوم. وقالت الشافعية: أقله لحظة وهو مشهور مذهب أحمد، والمستحب ألا ينقص عن يوم خروجاً من خلاف من أوجبه، وعلى ذلك ينبغي لكل جالس في المسجد لانتظار الصلاة أو لأي غرض آخر أن ينوي الاعتكاف فيثاب عليه.
أما أكثره فلا حد له عند الثلاثة، وقال مالك: أكثره شهر ولو نذر الاعتكاف عدداً من الأيام انصرف إلى الأيام والليالي ما لم يحدد الأيام بالنهار فقط، ويرى النووي عكس ذلك، بمعنى أنه إذا نوى اعتكاف يوم لم يلزمه مع اليوم ليلته إلا أن ينويها، أما إذا نذر شهراً فإن الليالي داخلة اتفاقاً.
شروطه:
1-النية عند مالك والشافعي.
2- الطهارة من الحدث الأكبر، فلا يصح من جنب أو حائض أو نفساء عند مالك والشافعي وأحمد، وقال الحنفييون: الخلو من الحيض والنفاس شرط صحة الاعتكاف المنذور دون المسنون، أما الخلوة من الجنابة فشرط لحل الاعتكاف لا صحته، أي: أنه يصح مع الحرمة عند مالك والحنفيين، ولو طرأ الحيض أو الجنابة في أثناء الاعتكاف لزمه الخروج من المسجد، ويحرم اعتكاف المرأة بغير إذن زوجها.
3- الكف عن شهوة الفرج ويفسد اعتكافه بالوطء، ويحرم عليه مقدمات الوطء كاللمس والقبلة بشهوة، ويفسد اعتكافه بالإنزال عن مباشرة في غير الفرج كاللمس والتفخيذ.
4- أن يكون في المسجد تقام فيه الجماعة عند الحنفيين وأحمد، وقال مالك: يصح في كل مسجد ولا يشترط أن يكون جامعاً إلا لمن تجب عليه الجمعة زمن اعتكافه، وقالت الشافعية: لا اعتكاف إلا في مسجد، والأفضل أن يكون جامعاً، وللمرأة أن تعتكف في مسجد لا تقام فيه الجماعة، وليس لها أن تعتكف في بيتها عند مالك والشافعي وأحمد، وقال الحنفييون: يجوز لها ذلك بل هو أفضل؛ لأن صلاتها فيه أفضل .. هذا وسطح المسجد كالمسجد في الاعتكاف وغيره.
5- الصوم شرط عند مالك وروي عن أحمد سواء كان واجباً أم مندوباً، وهو شرط في الواجب دون غيره في ظاهر الرواية عند الحنفيين، وعن القاسم بن محمد ونافع مولى ابن عمر أنه لا اعتكاف إلا بصيام، وهو ما عليه المالكية، وقال الشافعي: الصوم ليس شرطاً لصحة الاعتكاف؛ لأنه يصح لحظة واحدة وهو مشهور مذهب أحمد، والراجح القول باشتراط الصوم في الاعتكاف ولو تطوعاً، فلم يذكر الله الاعتكاف إلا مع الصوم.
ما يستحب للمعتكف:
يستحب له الاشتغال بالصلاة وتلاوة القرآن والذكر بما فيه التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والاستغفار والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم – والدعاء وتدارس القرآن، ويندب مكث المعتكف ليلة العيد لمن نوى اعتكاف العشر ليخرج من المسجد إلى مصلى العيد عند مالك وأحمد وإن خرج بعد غروب شمس آخر رمضان أجزأه.
ما يباح للمعتكف:
يباح له الغسل والحلق والتنظف والتزين والتطيب إلا عند أحمد، وإلا للمرأة، كما يباح له عقد النكاح ومراجعة زوجته وتشميت العاطس ورد السلام وعقد البيع والشراء دون إحضار السلع بالمسجد، ويباح له الأكل والشرب في المسجد على وجه يحافظ فيه على نظافة المسجد، وله الخروج من المسجد لقضاء حاجته كبول وغائط وإزالة نجاسة واغتسال من جنابة باحتلام، أو لخوف على نفسه أو ماله من ظالم، أو لصلاة جنازة وعيادة مريض إن كان اعتكافه تطوعاً، فإن كان نذراً فلا يخرج؛ لأنه لا ضرورة إليه.
ولو مرض أحد أبويه أو هما خرج وبطل اعتكافه.
ما يكره للمعتكف:
يكره له الصمت إن اعتقده قربة إلا أن يكون عن شر، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليسكت" (أخرجه أحمد ومسلم). وكما يكره له الصمت يكره له كذلك كثرة الكلام إلا بما فيه ذكر أو قرآن، فمن كثر كلامه كثر خطؤه، ويكره له الجدال والمراء والسباب، فذلك مكروه في غير الاعتكاف ففيه أولى.
قضاء الاعتكاف:
من اعتاد اعتكاف أيام تطوعاً أو نواها ولم يدخل فيه لعذر أو غيره يستحب له أن يقضيه اتفاقاً لحديث أبي بن كعب - رضي الله عنه - "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، فسافر سنة فلم يعتكف، فلما كان العام المقبل اعتكف عشرين يوماً" (أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة والبيهقي بسند جيد).
ومن دخل في اعتكاف متطوعاً فله إتمامه وله الخروج منه متى شاء، وإن خرج يستحب له قضاؤه عند الشافعي وأحمد وهو ظاهر الرواية عند أبي حنيفة، وقال مالك: يلزمه إتمامه، فإن قطعه لزمه قضاؤه.
ويجب على من نذر اعتكافاً وأفسده بخروج أو غيره أن يقضيه اتفاقاً متى قدر على القضاء جبراً للفوات، ويقضي بالصوم إذا فات مع الصوم.
وبهذا يتم ما رأينا ضرورة الإلمام به من أحكام الصيام والاعتكاف، نسأل الله أن يتم علينا نعمته وأن يختم بالصالحات أعمالنا.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 102.58 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 100.86 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.67%)]