من تحدث في غير فنه أتى بالعجائب - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 859 - عددالزوار : 118573 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 56 - عددالزوار : 40146 )           »          التكبير لسجود التلاوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          زكاة التمر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          صيام التطوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          كيف تترك التدخين؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          حين تربت الآيات على القلوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3096 - عددالزوار : 366864 )           »          تحريم الاستعانة بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه إلا الله جل وعلا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          فوائد ترك التنشيف بعد الغسل والوضوء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 16-01-2020, 09:16 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,235
الدولة : Egypt
افتراضي من تحدث في غير فنه أتى بالعجائب

من تحدث في غير فنه أتى بالعجائب


الشيخ عبدالله بن حمد الشبانة






(حديث إلى ممدوح وغير ممدوح)









يُطالِعنا بين الحينِ والآخر كَتَبَةٌ مستصحفون بكتاباتٍ فجَّة، فيها الكثيرُ مِن الاستعلاء والغطرسة، المُنْبِئَة عن ضعفٍ في العلمِ والثَّقافة، وسقمٍ في العقل، وضحالةٍ في التفكير، وقد غَرَّهم أنَّ صحافةَ اليومِ المختطَفة، المُمْسِك بزِمامِها المتخرِّجون من الأقسام الرِّياضيَّة بشهادات دُنيا، قد فَتَحَتْ لهم أبوابَها، وهَيَّأَتْ لهم صفحاتِها وأعمدتِها؛ ليُشخبطوا فيها، ويملؤوها بشخبطاتهم، تلك التي يُرَدِّدُونها فيها ببغائيَّةٍ مَقِيتَةٍ، مصطلحاتٌ لا يفهمون معانيَها، ولا يُدرِكون كُنْهَها؛ كالإقصاء، والأدلجة، والتَّشدُّد، والتَّطرُّف، وهلُمَّ جرًّا.

مصطلحاتٌ سمعوا بها من أساتِذتِهم الذين سَبَقوهم إلى مَيْدان العداء لكل ما هو دينيّ، فأخذوا على أنفسِهم عهدًا بأنْ يقفوا في وجهِ كلِّ داعٍ إلى هدًى ومعروفٍ وخيرٍ، وصلاحٍ ورشاد، أو نَاهٍ عن منكرٍ وشرٍّ، وضلالٍ وفسادٍ، فَتَراهم يَتَنادَون للقيام بهذه المُهمَّة الشَّيْطانيَّة، ويتواصَون بالعمل في هذا السبيل، بلا كَلَلٍ ولا مَلَلٍ، يكتبون بأسلوبٍ ركيكٍ، ولُغةٍ سَمِجة، كتاباتٍ هشَّةً ضَحْلة، قبيحةَ العبارة والمعنى معًا، ثم لا يَلبَثُ أحدُهم - وقد تَقَيَّأ ما كَتَب - أن تَنْتَفِخَ أوداجُه، ويَتَثَنَّى عِطفاه؛ إعجابًا بما كَتَب، وانتفاخًا وزَهْوًا بما سطَّرتْهُ أنامِلُه في هذه الصحيفة أو تلك، ولَعَمْرُ الحقِّ إنَّ ما كَتَبَه لَشَيءٌ يستحيي منه العقلاءُ، ويَخجلُ منه الأسوياء.

ولكن هؤلاءِ الأُغَيْلِمَةَ المساكينَ يَنقُصُهم الكثيرُ من الأدب: أدب النفس، وأدب الخطاب، وأدب إنزال الناس منازلَهم، ترى الواحدَ منهم يُخاطِبُ شيخًا جليلاً، قد شاب فؤادُه في الإسلام، عُضوًا في هيئة كبار العلماء، وكأنَّه يُخاطِبُ حمَّالاً في سوق الخضار، أو فحَّامًا في سوق الفحم والحطب، يُخاطِبُه بعنجهية وكبرٍ، وانتفاخِ أوداجٍ، غيرِ مقِيمٍ لعلمِه، أو كِبَر سنِّه، أو فضله، أو مكانته الاجتماعية - وزنًا، فهلاَّ تعلَّم أولئك الكَتَبَةُ من غِلمان بلادنا الأدبَ قبل أن يكتبوا حرفًا واحدًا! وكيف تسمح هذه (الجرائد) بإشاعة قلَّة الأدب في مجتمعنا؟! بل كيف تُسهِمُ هي ذاتُها في صناعة قلَّة الأدب تلك، وتعميقها وتجذيرها عن طريق فتح الباب على مصراعيه لهؤلاء الصبية الأحداث؛ ليشخبطوا بها، ويُسوِّدوا صفحاتِها وأعمدتِها بترهاتهم وخزعبلاتهم، وما شئتَ بعدُ من تسميات؟!

لا يكادُ المرءُ يُصدِّقُ ما يَحدُثُ في بلادنا من تَنَكُّر فئةٍ من شبابنا لدينِهم ووطنِهم عبرَ كتاباتٍ مسمومة، لا تَخدمُ إلا أعداءَ دينِنا وبلادِنا، ولا يكادُ المرءُ يُصدِّقُ كذلك ما تنتَهِجُه بعضُ صُحُفِنا وجرائدنا من فكرٍ مناهضٍ لشريعة ربِّنا، ومناقضٍ لهُويَّتِنا، وضاربٍ عُرْضَ الحائط بكل قِيَمِنا وأخلاقِنا الإسلامية العظيمة.

إذ كيف يَحدُثُ هذا في موئل الإسلام ومنبعِه ومشرق نوره؟!


كيف يَحدُثُ هذا في مَعْقِلِ التَّوحيدِ، وبلاد الحرمين، وأرض القداسات؟!

بل إنَّ السؤالَ الأهمَّ هو الذي يقول: كيف يَحدُثُ هذا كلُّه؛ أعنِي: هذا الهزء والسخرية بشعائر الله - تعالى - ومعالم دينه، والصالحين من عبادِه وأوليائه، والدعوة لكلِّ ما لا يَتَّفِقُ مع شريعة الله الغرَّاء، ومَحَجَّتِه البيضاء التي تَرَكَنا عليها رسولُ الله - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - وإظهار الامتعاض والتَّذمُّر من كلِّ خيرٍ ودعوةٍ إليه، ومِن كلِّ معروفٍ وأمْرٍ به، ومِن إبداءِ الإعجابِ بكلِّ مُلحِدٍ صفيقٍ، وعلمانيٍّ مُتَنَكرٍ للدِّين والملة، من أدباءَ وشعراء وَروائِيِّين، وغيرهم، في الوقت الذي يُسَبُّ فيه الأخيارُ والصالحون، المنافحون عن دينهم، المحتسِبون بالدفاع عن شريعتِهم وأخلاقِ مجتمعِهم، الخائفون من غَرَقِ السفينة بِمَن فيها إذا كَثُرَ الخَبَثُ، وقد كَثُر؟!

أَجَل، كيف يَحدُثُ هذا كلُّه في صحافَتِنا، ثم لا يَجِدُ مِن أهلِ الحلِّ والعَقد نكيرًا ولا اعتراضًا؟! إلاَّ ما يكون بين الحينِ والحينِ من نُصحٍ خافِتٍ، وتوجيهٍ غايةٍ في الرِّقَّة؛ خوفًا على أولئك المستصحفين والمُمْسِكِين بزِمامِ (جرائدنا) من أنْ تَنْكَسِرَ قوارِيرُهم، أو تُخْدَشَ نعومتُهم، أو تَتَأثَّر نفسيَّاتُهم.

إنَّ الأمرَ قد بَلَغَ مَدَاه، وهذا التَّنكُّر من صحافَتِنا لقيمِ المجتمع، ومحاولة زجِّه في أتُّون الضَّلال والانحرافِ، والسُّقوط في البُؤَر التي سَقَطَ فيها مَن قَبلَنَا، وذاقوا ويلاتِها، ونَدِموا على السُّقوط فيها - وَلاتَ ساعةَ مندمٍ - مِن اختلاطٍ وسُفورٍ وتبرُّجٍ، وقيادةٍ للسيارةِ من قِبَلِ المرأة، وسينما ومسرحٍ، وما إلى ذلك مِمَّا يَرفُضُه الشَّرعُ الحكيمُ، والعقلُ القويمُ، والنظرُ المستقيمُ - سيؤدي بنا إلى ما لا تُحمَدُ عُقباهُ، من غضب ربِّنا، وسوءِ مُنْقَلَبِنا، وشقاءِ حالنا ومآلنا.

هذه مقدمةٌ لِمَا أُريدُ أنْ أتحدَّثَ عنه هنا بصفةٍ خاصَّةٍ، مما يَدخلُ في باب قلَّة الأدبِ التي أشرتُ إليها في الأسطر السابقة، وهو عبارةٌ عن مقالٍ من العيِّنَة نفسِها المليئة بقلَّة الأدبِ مع عالِمٍ عَلَمٍ، وشيخٍ فاضلٍ، عضوٍ بهيئة كبار العلماء، أَخَذَ ثُلَّةٌ من أُغَيْلِمَةِ صحافتِنَا يُسِيئون الأدبَ معه، ويَسخَرون منه؛ لأنَّه وَقَفَ لإساءَتِهم للدِّين بالمرصاد؛ يَرُدُّ عليهم، ويُفَنِّدُ أضالِيلَهم وضلالاتِهم، ويَرُدُّهُم إلى حِيَاض شريعَتِهم التي تَنَكَّرُوا لها، وجَعَلُوا يُسِيئُون إليها، ومِن هؤلاءِ (ممدوح المهيني) الذي ردَّ على هذا الشيخ الجليل بأسطرٍ ليس فيها شيءٌ من العلم، أو الأدب على الأقلِّ، في جريدة الرياض ص 28، من العدد (14961)، الصادر يوم الأربعاء 17/6/1430.

وقد صدَّرَ (المهيني) ما سمَّاه - وسمَّتْه الجريدةُ معه - ردًّا على فضيلة الشيخ صالح الفوزان، بعبارةٍ مليئةٍ بسوءِ الأدبِ مع هذا الشيخ الفاضل، الذي هو في مَقَام والِدِه؛ حيثُ قال: "ردُّ الشيخ صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء، الذي جاء بعنوان: "الولاء والبراء من أصول عقيدتنا"، على مقالي: "كن فأر تجارب"، كان عبارةً عن رسالة مليئةٍ بالاتهامات، والإقصاء، وسوءِ الفهم، وكلُّ ذلك كان قائمًا على أساسٍ غيرِ صحيح".

ومع ما في هذه العبارات من قلَّة الأدب مع أحد علمائنا الكبار، حيثُ يَصِفُهُ هذا المستصحفُ بسوء الفَهم، إلا أنني سأتجاوزُها إلى ما هو أخطرُ، حيثُ يقولُ: "من المؤسفِ أنْ يَستخدمَ الشيخُ الفوزان ذات الآيات التي يَستخدمُها المتطرفون من أديانٍ أخرى، الذين يصفون الإسلام بدين العنف والكراهية"، إلى أن يقول: "ولكن هناك آيات أكثر بكثير من آيات العداء موجودة في هذه الكتب - وفي القرآن تحديدًا - التي تَحُثُّ على التَّعايُشِ والتَّسامح، والسلامِ وعدم الإكراه، ولكنَّ الشيخَ الفوزان - ولا حتى (جيري فالويل) وغيره - يذكرونها أبدًا.

القراءة التاريخية للآيات القرآنية، تقرأ النصوص الدينية اعتمادًا على وقتها وظرفها، عندما كان هناك عداءٌ بين أصحاب الأديان المختلفة، ولكنَّ كلَّ ذلك انتهى الآن، فالمسلمون يتعايشون مع غيرهم في كلِّ مكانٍ بسلامٍ وأمان".

فهذا (المهيني) يجعلُ الشيخَ الفوزان مع (جيري فالويل، وبوب جونز) في مرتبةٍ واحدة، ويُشبِّهُهُ بهما، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنه يتَقَمَّصُ دورَ العالِم الجهبذ، المفسِّر الفقيه، فيُقَرِّرُ - أصْلَحَه اللهُ - "أنَّ للقرآن الكريم عدةَ قراءاتٍ، ومنها القراءةُ التاريخيَّةُ للآيات القرآنيَّةِ، تقرأ النصوص الدينية اعتمادًا على وقتها وظرفها".

ويَستخلِصُ بناءً على قراءته التاريخيَّةِ تلك: أنَّه لا عداءَ الآن بين أصحاب الأديان المختلفة، فكلُّ ذلك العداءِ انتهى الآن، هكذا بِجرَّة قَلَمٍ أنْهَى (ممدوح المهيني) كلَّ عداءٍ بين الأديانِ المختلفة، وقرَّر أنَّ المسلمين أصبحوا يَتَعايَشُون مع غيرِهم في كلِّ مكانٍ بسلامٍ وأمانٍ، وأنَّ عددَ المسلمين في أوربا - فقط - يقاربُ خمسةَ عَشَرَ مليونًا، وأَوَدُّ أنْ أسألَ هذا (المهيني) عدةَ أسئلةٍ تتعلَّقُ بما قرَّره من انتهاء العداءِ بين المسلمين وغيرِهم؛ عَلَّهُ يتراجعُ عن هذه الأغلوطة الكبرى، التي تدلُّ على أحد شيئين، كلُّ واحدٍ منهما أقبحُ من الآخر: إمَّا الجهلُ المُطبقُ بواقع الحال، بعد الجهل الأكثر إطباقًا بنصوصِ الكتاب العزيز والسُّنَّة المطهَّرة، وإمَّا الانخداعُ بالمكرِ الكُفْرِيِّ المتعاظِمِ، الذي يقلبُ الحقائقَ، ويُزورُ التاريخ، ويُريدُ أن يُحوِّلَنا - نحن المسلمين - إلى قطيعٍ من الأنعام لا نَفْقَهُ كتابًا ولا سُنَّةً، ويَخدَعنا بهذه المسمَّيَات الحمقاءِ الكاذبةِ، كالتَّعايُشِ والتَّسامُحِ، والسلام والمحبة... إلخ.

وإلا فما هي الإجابةُ عن مثلِ هذه الأسئلة؟

هل يدل ما يُمارِسُه الغربُ الكافرُ من التَّقتيل، والاحتلال، والبطش، ونهب الثروات بكثير من الدول الإسلامية؛ كأفغانستان، والعراق، والسودان، والصومال، وغيرِها - على انتهاء العدوان بين المسلمين وأعدائهم؟!

هل يدلُّ ما يُمارِسُه اليهودُ في فِلسطِينَ المحتلةِ بحقِّ إخوتنا الفلسطينيين من قتلٍ، وتدميرٍ، وتجريفٍ، وهدمٍ للمنازل على رؤوسهم صباحَ مساءَ، وتهجيرٍ، وبطش، وتنكيلٍ، يُعِينُهُم الغربُ الكافرُ المتآمرُ بأسلحتِه وقراراتِه، وصمْتِه وسكوتِه على جرائمهم في أقل الأحوال - على انتهاء العدوان بين المسلمين وأعدائهم؟!

هل يدلُّ ما يُمارِسُه الهنادكة في الهند، وكشمير، ونيبال، وغيرِها، ضدَّ إخواننا المسلمين هناك - على انتهاء العدوان بين المسلمين وأعدائهم؟!

هل يدلُّ ما جَرَى لإخوتنا المسلمين في البُوسْنَة والهرسك، وإقليم كوسوفا في وسط أوربا الديمقراطية، من قِبَلِ الصِّرب وحلفائهم الأوربيين النصارى الحاقدين - على انتهاء العدوان بين المسلمين وأعدائهم؟!

ماذا أُعدِّدُ لَكَ أيُّها "العبقريُّ" الذي أنْهَيتَ العدوانَ بين المسلمين وغيرِهم بِجرَّة قَلَم منك، متجاهلاً هذا السيل الدَّفَّاق من دماء المسلمين، التي تسيلُ ليلاً ونهارًا، وتَجري صباحًا ومساءً على أيدي أعدائِهم من كلِّ مِلَّةٍ ودينٍ، بلا رحمةٍ ولا شفقةٍ؟! وصَدَقَ اللهُ العظيمُ الذي وَصَفَهم بقولِه: {لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً} [التوبة: 10].

لكنَّ مصيبَتَنا فيكم أيُّها المستصحفون المُتعالِمُون، الذين تُدْخِلُون أنفسَكم فيما لا علمَ لكم به، أو أنَّكم تَتَعَامَونَ عن هذه الحقائقِ الكبرى الواضحة للعيان؛ إرضاءً لأسيادِكم الذين يَطعنوننا باليَدِ اليمنى، ويَمُدُّون لنا اليدَ اليسرى، من قبيل الضَّحك علينا، والاستغفال لنا.

وهل نسيتَ ذاك الثورَ الهائج الذي سَكَنَ (البيت الأسود) ثماني سنوات، حين كذَّبك وأمثالَك ممن يدَّعِي انتهاءَ العداءِ بين المسلمين وغيرِهم؟! فَقَالهَا صريحةً مُدَوِّيةً في خطابٍ سمِعَهُ الملايينُ بأنها (حربٌ صليبيَّةٌ)، فأين كان سمعُك وقتَذَاك؟! هو يقول: "حربٌ صَليبيَّةٌ"، وأنت تقول: "انتهى العداء بين المسلمين وغيرهم".

إنَّ عجبي لا ينتهي ممن يريدُ أنْ يكونَ غربيًّا أكثرَ من الغربيِّين أنفسِهم، وقبل ذلك كله فإنَّ استمرارَ ذلك العداءِ ثابتٌّ بنصٍّ قرآنيٍّ، هو قولُه - تعالى -: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة: 217].

وأخطرُ من ذلك أيضًا ما تَفَوَّهَ به هذا المستصحفُ من قولِه: "المؤسفُ أنَّ الشيخَ الفوزان ينطلقُ من هذه الرؤية القديمة، التي تَجَاوزها التاريخُ منذُ مدةٍ طويلةٍ، ويريدُ أن يفرضَها علينا، على الرغم من أنَّنا نعيشُ واقعًا مختلفًا جدًّا، وهو لا يتعارضُ مع القراءة الواقعية العقلانيَّة التي نعتمدُها"، يا الله! هل يعِي هذا المسكينُ ما يقول؟! وهل يَفهمُ معنى ما يَتفوَّه به؟! إنه يقولُ كلامًا خطيرًا؛ بل خطيرًا جدًّا؛ لأنه يجعلُ الرؤيةَ التي يَنطلقُ منها الشيخُ الفوزان رؤيةً قديمةً تجاوَزَها الزمنُ، وهل الرؤية التي يَنطلقُ منها الشيخ الفوزان إلا الإسلام؟! إلا الكتاب والسنة؟! هل جاء بشيءٍ من عنده؟! فهل هذه الرؤيةُ المُنطلِقَةُ من الوحيَيْنِ رؤيةٌ قديمةٌ تجاوزها التاريخ؟!

اتَّقِ اللهَ أيُّها الكاتبُ المتعالِمُ المسكينُ، وفكِّرْ جيِّدًا في خطورة ما تقول، واستغفرِ اللهَ منه، وعُدْ إلى رشدِك، ولا يأخُذَنَّك الحماسُ إلى مَهَاوِي الرَّدى، ولا يستجرنَّك الشيطانُ إلى أنْ تقعَ تحتَ طائلةِ ما يَنهَى عنه الرسولُ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - بقوله: ((إنَّ الرجلَ لَيَتَكَلَّمُ بالكلمة مِن سَخَطِ الله لا يُلْقِي لها بالاً - وفي روايةٍ: لا يظن أن تبلغَ ما بلغتْ - يَهْوِي بها في النار سبعين خريفًا))، وفي روايةٍ: ((أبعد مما بين المشرق والمغرب))، أو كما قال - عليه الصلاة والسلام.

ثم مَن قال: إنه يُريدُ أنْ يَفرضَها عليك؟ إنه - حفظه الله - يُبَيِّنُ وجهَ الخطأ في كتابَتِك، ويُوَجِّهُكَ إلى الفهمِ الصحيح لِدِينِك؛ فإن أخذتَ بتوجيهاتِه ونُصحِه، فَبِهَا ونِعْمَتْ، وأنتَ المستفيدُ والمنتفع، وإنْ لم تأخذْ به فلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى، وقد أدَّى فضيلتُه ما عليه من واجبِ النصح والبيان.



يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 92.60 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 90.88 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.85%)]