الفقه بمسألة النهي عن اللعن - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4509 - عددالزوار : 1299823 )           »          تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 774 - عددالزوار : 117953 )           »          المسيح ابن مريم عليه السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 5 - عددالزوار : 3642 )           »          قسمة غنائم حنين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          الوجه المشرق والجانب المضيء لطرد المسلمين من الأندلس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          القرآن يذكر غزوة حنين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          مشاهد من معركة حنين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          غزوة هوازن "حنين" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          الإمام الأوزاعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          ليلة هي من أقسى ليالي الدنيا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 03-01-2020, 06:14 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,138
الدولة : Egypt
افتراضي الفقه بمسألة النهي عن اللعن

الفقه بمسألة النهي عن اللعن
صلاح عامر

عن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه -، قال: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (( لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلاَ اللَّعَّانِ وَلاَ الفَاحِشِ وَلاَ البَذِيءِ) (1) وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رضي الله عنه -: " سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: (( إِنَّ اللَّعَّانِينَ لَا يَكُونُونَ شُهَدَاءَ وَلَا شُفَعَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)). (2) وعن سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ - رضي الله عنه -، قَالَ: قَالَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (( لا تَلاَعَنُوا بِلَعْنَةِ اللهِ، وَلا بِغَضَبِهِ، وَلا بِالنَّارِ)) (3) وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( لاَ يَنْبَغِي لِصِدِّيقٍ أَنْ يَكُونَ لَعَّانًا )) (4) وعن عائشة - رضي الله عنها - أن أبا بكر - رضي الله عنه-، لَعَن بَعضَ رَقِيقِهِ فَقال النبيُ - صلى الله عليه وسلم -: (( يا أبا بَكرٍ اللَّعَانُون والصِّديقُون؟ كلاّ ورَبِ الكَعبَة " مَرتَين أو ثلاثًا، فَأعتَق أبُو بَكر - رضي الله عنه - يَومئذٍ بَعضَ رَقِيقهِ، ثُم جَاء النبيَ - صلى الله عليه وسلم -، فَقالَ: لا أَعُود)) (5)

وفي رواية الطبراني: (( الصديقين لعانين؟ )) وعَنْ جُرْمُوز الْهُجَيْمِي - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَوْصِنِي قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: (( أُوْصِيكَ أَنْ لاَ تَكُونَ لَعَّانًا)) (6)
ومن الأدلة أيضًا على حرمة لعن المؤمن، من حديث ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ - رضي الله عنه -، وَكانَ مِنْ أَصْحابِ الشَّجَرَةِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: (( مَنْ حَلَفَ عَلى مِلَّةٍ غَيْرِ الإِسْلامِ فَهُوَ كَما قَالَ، وَلَيْسَ عَلى ابْنِ آدَمَ نَذْرٌ فِيما لا يَمْلِكُ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ في الدُّنْيا عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ، وَمَنْ لَعَنَ مُؤْمِنًا فَهُوَ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ قَذَفَ مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ)).(7)
وقد نقل الإجماع على تحريم لعن المسلم والمؤمن المصون العديد من العلماء نذكر منهم: قال الإمام النووي: اعلم أنَّ لعن المسلم المصون حرامٌ بإجماع العلماء (8) وقال الإمام ابن تيمية: الإجماع منعقدٌ على تحريم لعنة المعيَّن من أهل الفضل (9) وفي هذا الباب قال الإمام النووي- يرحمه الله - في شرحه لصحيح مسلم: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (( لا يَنْبَغِي لِصِدِّيقِ أَنْ يَكُون لَعَّانًا، وَلا يَكُون اللَّعَّانُونَ شُهَدَاء وَلا شُفَعَاء يَوْم الْقِيَامَة))، فِيهِ الزَّجْر عَنْ اللَّعْن، وَأَنَّ مَنْ تَخَلَّقَ بِهِ لا يَكُون فِيهِ هَذِهِ الصِّفَات الْجَمِيلَة؛ لأَنَّ اللَّعْنَة فِي الدُّعَاء يُرَاد بِهَا الإِبْعَاد مِنْ رَحْمَة اللَّه - تعالى -، وَلَيْسَ الدُّعَاء بِهَذَا مِنْ أَخْلَاق الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ وَصَفَهُمْ اللَّه - تعالى -بِالرَّحْمَةِ بَيْنهمْ وَالتَّعَاوُن عَلَى الْبِرّ وَالتَّقْوَى، وَجَعَلَهُمْ كَالْبُنْيَانِ يَشُدّ بَعْضه بَعْضًا، وَكَالْجَسَدِ الْوَاحِد، وَأَنَّ الْمُؤْمِن يُحِبّ لأَخِيهِ مَا يُحِبّ لِنَفْسِهِ، فَمَنْ دَعَا عَلَى أَخِيهِ الْمُسْلِم بِاللَّعْنَةِ، وَهِيَ الإِبْعَاد مِنْ رَحْمَة اللَّه - تعالى -، فَهُوَ مِنْ نِهَايَة الْمُقَاطَعَة وَالتَّدَابُر، وَهَذَا غَايَة مَا يَوَدّهُ الْمُسْلِم لِلْكَافِرِ، وَيَدْعُو عَلَيْهِ، وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيث الصَّحِيح: (( لَعْن الْمُؤْمِن كَقَتْلِهِ))؛ لأَنَّ الْقَاتِل يَقْطَعهُ عَنْ مَنَافِع الدُّنْيَا، وَهَذَا يَقْطَعهُ عَنْ نَعِيم الآخِرَة وَرَحْمَة اللَّه - تعالى-، وَقِيلَ: مَعْنَى " لَعْن الْمُؤْمِن كَقَتْلِهِ " فِي الإِثْم، وَهَذَا أَظْهَر " انتهى.
وقد أصاب- رحمه الله - إلى ما ذهب إليه مما يلحقه في الإثم كقتله، لقوله - تعالى-: ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) (الأحزاب: 58) الدليل على جواز لعن الكافرين والمنافقين والعصاة والمبتدعة من المسلمين على العموم إجماعًا: لقوله - تعالى-: ( فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ) (البقرة: 89) ولقوله - تعالى -: ( أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ) (هود: 18) وقوله - تعالى- في شأن قوم فرعون: ( وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً ) (هود: 99) وَعَنْ عَائِشَةَ، - رضي الله عنها -، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: (( لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ انْبيَائِهِمْ مَسَاجِدَ)) (10) وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (( لَعَنَ اللَّهِ السَّارِقُ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ، فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ، فَتُقْطَعُ يَدُهُ)) (11) وَعَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه -، قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - آكِلَ الرِّبَا، وَمُوكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ. (12) وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، - رضي الله عنهما - قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ ". (13) وفي رواية: " لَعَنَ الْمُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ، وَالْمُتَرَجِّلاَتِ مِنَ النِّسَاءِ.
وعن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - يرفعه: (( لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَهُ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الأَرْضِ)) (14) وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود - رضي الله عنه -، قَالَ: (( لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُتَوَشِّمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ...)).(15)
والأدلة على جواز لعن المعين المستحق لذلك: لعن الكافر المعين: عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ - رضي الله عنه -، وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى الْكَعْبَةِ، وَهُوَ يَقُولُ: وَرَبِّ هَذِهِ الْكَعْبَةِ، لَقَدْ " لَعَنَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فُلَانًا، وَمَا وُلِدَ مِنْ صُلْبِهِ ". (16) وعند البزار ولفظه: "وَرَبِّ هَذَا الْبَيْتِ، لَقَدْ لَعَنَ اللَّهُ الْحَكَمَ وَمَا وَلَدَ، عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - ".
واستدل بعض أهل العلم على جواز لعن الكافر بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أُتي بشارب خمر ليحده قال بعض الصحابة في شأن ها الشارب: " اللَّهُمَّ الْعَنْهُ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (( لاَ تَلْعَنُوهُ، فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ))، (17) قالوا: فدل على أن من لا يحب الله ورسوله يُلعن والله - تعالى -أعلم. (18)
لعن المسلم المجاهر بالمعصية أو البدعة على وجه التعيين: عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها -، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاَنِ فَكَلَّمَاهُ بِشَيْءٍ لاَ أَدْرِى مَا هُوَ فَأَغْضَبَاهُ، فَلَعَنَهُمَا وَسَبَّهُمَا، فَلَمَّا خَرَجَا قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَنْ أَصَابَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا مَا أَصَابَهُ هَذَانِ؟ قَالَ: (( وَمَا ذَاكِ " قَالَتْ: قُلْتُ: لَعَنْتَهُمَا وَسَبَبْتَهُمَا، قَالَ: أَوَ مَا عَلِمْتِ مَا شَارَطْتُ عَلَيْهِ رَبِّى "قُلْتُ: " اللَّهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، فَأَيُّ الْمُسْلِمِينَ لَعَنْتُهُ أَوْ سَبَبْتُهُ، فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَأَجْرًا )) (19) وقوله - صلى الله عليه وسلم - لأم سليم: (( يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، أَمَا تَعْلَمِينَ أَنَّ شَرْطِي عَلَى رَبِّي أَنِّي اشْتَرَطْتُ عَلَى رَبِّي، فَقُلْتُ: إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، أَرْضَى كَمَا يَرْضَى الْبَشَرُ، وَأَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ، فَأَيُّمَا أَحَدٍ دَعَوْتُ عَلَيْهِ، مِنْ أُمَّتِي، بِدَعْوَةٍ لَيْسَ لَهَا بِأَهْلٍ، أَنْ يَجْعَلَهَا لَهُ طَهُورًا، وَزَكَاةً، وَقُرْبَةً، تُقَرِّبُهُ بِهَا مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )) (20)
وأجَابَ الْعُلَمَاءُ بِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا -: الْمُرَادُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ - عز وجل - فِي بَاطِنِ الْأَمْرِ وَلَكِنَّهُ فِي الظَّاهِرِ مُسْتَوْجِبٌ لَهُ فَيُظْهِرُ لَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - اسْتِحْقَاقَهُ لِذَلِكَ بِأَمَارَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَيَكُونُ فِي بَاطِنِ الْأَمْرِ لَيْسَ أَهْلًا لِذَلِكَ وَهُوَ - صلى الله عليه وسلم - مَأْمُورٌ بِالْحُكْمِ الظَّاهِرِ، وَاَللَّهُ - تعالى-يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ.
وسيأتي معنا بيان العلماء في هذه المسألة في " الفصل السابع " وَعَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ - رضي الله عنها -، قَالَتْ: سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ - رضي الله عنه -، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (( إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا لَعَنَ شَيْئًا، صَعِدَتِ اللَّعْنَةُ إِلَى السَّمَاءِ، فَتُغْلَقُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ دُونَهَا، ثُمَّ تَهِبْطُ إِلَى الأَرْضِ، فَتُغْلَقُ أَبْوَابُهَا دُونَهَا، ثُمَّ تَأْخُذُ يَمِينًا وَشِمَالاً، فَإِذَا لَمْ تَجِدْ مَسَاغًا، رَجَعَتْ إِلَى الَّذِي لُعِنَ، فَإِنْ كَانَ لِذَلِكَ أَهْلاً، وَإِلاَّ رَجَعَتْ إِلَى قَائِلِهَا)) (21) وعَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه -: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ عَلَيْهِ حِمَارٌ قَدْ وُسِمَ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ (( لَعَنَ اللَّهُ الَّذِي وَسَمَهُ )) (22) وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (( إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَلَمْ تَأْتِهِ، فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا، لَعَنَتْهَا الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ)) (23)
وجه الدلالة: أن في هذا الحديث لعن معينة إذ الضمير في "لعنتها" يخصُّ المرأة الهاجرة فراش زوجها فلا بدَّ من صفة تُميِّزها، وذلك إما بالاسم نحو: اللهمَّ العن فلانة الممتنعة، أو بالإشارة نحو هذه الممتنعة، والملك هنا هو اللاّعن، وهو معصوم، والائتساء بالمعصوم مشروع، والبحث في جواز لعن المعين وهو الموجود. (24)
وأقول: والدليل أيضًا على ذلك، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (( الْمَلائِكَةُ تَلْعَنُ أَحَدَكُمْ إِذَا أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ، وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ)) (25) وروى الطبراني عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ - رضي الله عنه - " أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: (( مَنْ آذَى الْمُسْلِمِينَ فِي طُرُقِهِمْ؛ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لَعْنَتُهُمْ )) (26) وَعَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ - رضي الله عنه -، قَالَ: شَكَى رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - جَارَهُ، فَقَالَ: (( احْمِلْ مَتَاعَكَ فَضَعْهُ عَلَى الطَّرِيقِ))، فَمَنْ مَرَّ بِهِ يَلْعَنُهُ، فَجَعَلَ كُلُّ مَنْ مَرَّ بِهِ يَلْعَنُهُ، فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: مَا لَقِيتُ مِنَ النَّاسِ، فَقَالَ: (( إِنًّ لَعْنَةَ اللهِ فَوْقَ لَعْنَتِهِمْ ))، ثُمَّ قَالَ لِلَّذِي شَكَى: (( كُفِيتَ)) أَوْ نَحْوَهُ. (27) يقول الشيخ الألباني - رحمه الله -: الشاهدُ هنا: - أن النبيَّ - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أقرّ الناس الذين لعنوا هذا الظالم، وما أنكر ذلك عليهم حينما وصله خبرهم من هذا الظالم حين قال: لعنني الناس، ومن أجل ذلك يقول علماء الأصول:
أن سُّنّة النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
1- سنّة قوليه من كلاِمه.
2- وسنّة فعلية يفعلُها الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم بين أصحابِه.
3- أو تقريره، يرى شيئاً فلا يُنكره، فيصبح هذا الشيء جائزاً في أقل أحواله، ومن هنا حينما رأينا في هذا الحديث الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لم يُنكر على أولئك الناس الذين لعنوا الظالم، بل أقرّهم على ذلك، صار الحديثُ دليلاً على جواز اللعن للشخص بعينه بسبب جُرم يرتكبه بحق أخيه المسلم. وقد يكون الجرم أعظم إذا كان فيه دعاية لجُرمه الذي هو واقعٌ فيه، وعلى ذلك جاء الحديث الصحيح من قوله - صلى الله عليه وسلم -: (( صِنْفَانِ مِنْ أهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَومٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأذْنَابِ البَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلاَتٌ مَائِلاَتٌ، رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ المائِلَةِ، لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا)).
وفي بعض الأحاديث الأخرى الصحيحة: (( إن ريحَ الجنّة توجد من مسيرة مائة عام))، مع ذلِك هذا الجِنس من النساء المتبرجات الكاسيات العاريات يقول - صلى الله عليه وسلم -: (( لا يدخَلن الجنّة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها لتوجد من مسيرةِ مائة عام))، ويقول - صلى الله عليه وسلم - في حديث آخر: (( فالعنوهنّ فإنهنّ ملعونات))، لهِذا يجوزُ لعن الكافر؛ بل والفاسق من بابِ تأديبه، سواءٌ كان ذلك في وجهه أو في غيبته. (28) وَعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه -، عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: (( خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلاَ نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ، فَقَالَ: لاَ، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلاَةَ، وَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ وُلاَتِكُمْ شَيْئًا تَكْرَهُونَهُ، فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ، وَلاَ تَنْزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ)) (29) ومن ذهب إلى جواز لعن المسلم الفاسق المعين مع الكراهة وهو قول معروف عن الإمام أحمد كما بوب البخاري" باب ما يكره من لعن شارب الخمر وأنه ليس خارج من الملة " وذكر ابن حجر في فتح الباري (9/206)
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 97.65 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 95.93 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.76%)]