سفاجا .. مركز عالمي لعلاج الصدفية

[نااس]

سفاجا..مركز عالمي لعلاج الصدفية

فى: 22 يناير, 2015 , 8:46 م

رصد المسئولون بمنطقة البحر الأحمر في أواخر الثمانينات ظاهرة ملفتة للنظر ، حيث لاحظوا أن العديد من الأجانب القادمين للسياحة في خليج سفاجا لممارسة هوايات الغطس ويعانون من مرض الصدفية الجلدية اختفي المرض من أجسامهم بعد قضائهم فترات تتراوح بين أسبوعين إلي ثلاثة أسابيع بالمنطقة.

قام المسئولون بنقل هذه الملاحظة إلي وزارة البحث العلمي لدراستها« فأصدر وزير البحث العلمي آنذاك قراره بتشكيل فريق طبي متخصص من أساتذة المركز القومي للبحوث لكشف أسرار هذه الظاهرة الفريدة« تم وضع خطة علمية دقيقة لدراسة الموضوع اشتملت علي مرحلتين.. الأولي تضمنت دراسة ميدانية طبية لمنطقة سفاجا والقري المحيطة بها واستمرت لمدة عام تم خلالها توقيع الكشف الطبي علي مئات المرضي الذين يعانون من الأمراض الجلدية وكذلك دراسة الحالات المترددة علي مستشفي سفاجا العام والعيادات الأخري بتلك القري وانتهت الدراسة الي أنه من بين تعداد سكان المنطقة لم تسجل حالة صدفية واحدة مما يعتبر ظاهرة غير عادية .

كانت هذه النتائج دافعا قويا للفريق الطبي للبدء في المرحلة الثانية من المشروع واستمرت لمده عامين ، حيث قامت وزارة البحث العلمي ووزارة السياحة بتمويل هذه المرحلة بالتعاون مع القري السياحية بمنطقة سفاجا وإشراف محافظة البحر الأحمروتضمنت هذه المرحلة اختيار عدد من المرضي يعانون من مرض الصدفية ، وتم مراعاة أن يكون هؤلاء المرضي من الكبار والأطفال والرجال والنساء ، حتي يمكن الحكم علي النتائج بصورة علمية دقيقة وتم تقسيم هؤلاء المرضي علي هيئة أفواج قضي كل فوج حوالي من ثلاثة إلي أربعة أسابيع بمنطقة سفاجا وتم اخضاعهم للعلاج بنظام الاستشفاء البيئي والمقصود بالاستشفاء البيئي استخدام عوامل بيئية معينة مميزة للمنطقة لعلاج مرض معين وذلك دون استخدام أي أدوية أو كيماويات علي الإطلاق ، لذلك كان العلاج يتضمن استحمام المريض في مياه خليج سفاجا عالية الملوحة ثم التعرض لأشعة الشمس فوق البنفسجية في الصباح الباكر وقبل الغروب يوميا ، وفي نهاية فترة العلاج تم اجراء تقييم إكلينيكي للحالات المرضية للوقوف علي درجة التحسن والشفاء من المرض.

بعد الانتهاء من هذه الدراسة الأكلينيكية أجريت دراسة علمية إحصائية لتحليل وتفسير نتائج هذه الأبحاث والتي أثبتت نجاح العلاج بصورة ممتازة وتم نشر هذه الأبحاث في الدوريات العلمية المتخصصة وفي يونيو عقد بسفاجا مؤتمر عالمي وحضر هذا المؤتمر وزراء الصحة والبحث العلمي والسياحة ومحافظ البحر الأحمر ولفيف من العلماء المصريين والاجانب وكذلك ممثلون عن الصحافة العالمية والمحلية ووسائل الاعلام الداخلية والخارجية .

أعلنت خلال المؤتمر النتائج العلمية النهائية للمشروع والتي اثبتت امكانية استخدام هذا العلاج بصورة آمنة وفعالة بعيدا عن مخاطر تناول الأدوية والكيماويات وبديلا للجوء لأجهزة الأشعة فوق البنفسجية ذات الآثار الضارة علي الجلد فقد أظهرت النتائج شفاء المرضي من أعراض المرض وعند مقارنة هذه النتائج بتلك التي تأتي مع استخدام الأدوية ، نجد أنها تؤكد فعالية هذا الاسلوب العلاجي وخلال مدة أقصر مع عدم وجود أي آثار جانبية من تلك التي تسببها الأدوية والكيماويات خاصة وأن معظمها يحتوي علي الكورتيزون اذا كان علاج موضعيا أو مواد مثبطة للجهاز المناعي اذا كانت تؤخذ عن طريق الفم أو بالحقن.

التفسير العلمي لشفاء المرضي من الصدفية بسفاجا ، أنه عند غسيل الجلد المصاب بالمياه المرتفعة في نسبة ملوحتها ثم تعرضها لأشعة الشمس فوق البنفسجية فإن هذين العاملين يلعبان دورا هاما في اختفاء المرض فالاستحمام في تلك المياه ينتج عنه تبادل للأيونات من خارج الجلد وداخله مما ينتج عنه اتزان في انقسام خلايا الجلد كما أن التعرض لأشعة الشمس ينتج عنه إفراز الجلد لفيتامين "د" الذي يلعب دوراً هاماً في ضبط الخلل الموجود في الجهاز المناعي مما ينتج عنه عودة خلايا الجلد لانقسامها الطبيعي وبالتالي اختفاء أعراض المرض

تم وضع منطقة سفاجا علي الخريطة العلاجية العالمية للصدفية« وفي ألمانيا تأسست جميعة أطلق عليها الجمعية الألماينة المصرية لعلاج الصدفية بسفاجا ويشرف علي هذه الجمعية مجموعة من أطباء الجلد الألمان والذين يقومون بانتقاء حالات الصدفية الشديدة وارسالها إلي مصر للعلاج بسفاجا بنظام الاستشفاء البيئي بصورة منتظمة تحت رعاية الأطباء والممرضين المصريين.كما أن كبري مراكز علاج الصدفية بإيطاليا وروسيا والدول الأوروبية ترسل أيضا مرضاها للعلاج بسفاجا.

ويتبادر للذهن دائما سؤال، لماذا منطقة سفاجا بالذات دون غيرها تصلح لعلاج الصدفية؟ تقع منطقة سفاجا علي خليج مائي محاط بمجموعة من الجزر والشعب المرجانية ، مما ينتج عنه انخفاض في سرعة تيار المياه بالمنطقة مما يؤدي إلي زيادة نسبة الملوحة بالمياه كما أن كميات الشعب المرجانية الهائلة بالمنطقة تمثل مصدرا طبيعياً لتلك الأملاح والمعادن، مما ينتج عنه في النهاية نسبة ملوحة عالية هذه الملوحة تمثل العامل الأول في العلاج ، أما العامل الثاني فيتمثل في أشعة الشمس فوق البنفسجية التي تسقط بكميات هائلة علي سطح الارض في تلك المنطقة والذي يرجع لكون المنطقة محاطة تماما بمجموعة من الجبال الشاهقة الارتفاع والتي تكون حائط صد طبيعي ضد الرياح المحملة بالأتربة وذرات الرمال ، مما ينتج عنه خلو المنطقة من تلك الشوائب العالقة بالجو، وكما هو معروف علمياً فإن وجود تلك الشوائب يعمل علي امتصاص وانكسار الأشعة فوق البنفسجية وبالتالي فإن عدم وجودها ينتج عنه نقاء الجوء تماماً فتكون المحصلة كميات كبيرة من الأشعة فوق البنفسجية تسقط علي المنطقة، يضاف إلي ذلك فان مياه سفاجا الهادئة والخالية من الأمواج تعمل كسطح عاكس مثل المرآة لأشعة الشمس وبالتالي نجد كميات مضاعفة من تلك الاشعة تصل إلي الشاطئ، كل تلك العوامل البيئية من ملوحة المياه وأشعة الشمس تكون العلاج الفعال لمرض الصدفية بالمنطقة.

المصدر