امرأة غريبة ومجهولة ؟؟

[زارع المحبة]

بسم الله الرحمن الرحيم.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هذا القسم (قسم الحوارات) أحبه كثيرا, فاسمحوا لي أن أحدثكم هذا الحديث حتى وإن كان ليس للحوار والنقاش.

هذه المرأة تزينت بأبهى زينتها وتجملت بأجمل وأحلى حُلتها وأتت رجلا فقيرا معدَما , طلبت منه أن يوافق على زواجه منها.

تحيَّـر الرجل من هذا الموقف ولم يدر أفي منام هو أم في يقظة .

لذلك طلب منها أن تعيد ما قالت , فلعله لم يسمع !

فقالت ـ وبوضوح تام ـ أريد أن تتزوجني, فإن قبلتَ نذهب غدا صباحا إلى الكاتب فنكتب عقد زواجنا .

لم ينم الرجل تلك الليلة من شدة الفرح , وظل ينتظر الصباح .

ومع مجيئ الصباح ذهب مبكرا إلى الكاتب , غير أنه وجدها هناك قد سبقته ( يظهر أنها جادة في طلبه , ولم تكن تمزح )!

ولكن المشكلة هي أنها حين رآها الكاتب أُعجِب بها وأرادها لنفسه , فلذلك دفع الفقير بعيدا وقال له ابتعد عنها , هي لا تناسبك , أنا مَـن أستحقها .

إلا أن الفقير لم يُسَــلم لهذا الواقع ولم يرض بهذا الظلم ولم يقبل أن يتبخر حلمه الجميل دون مقاومة , فتخاصما طويلا وتعاركا ثم قررا أن يتوجها إلى شيخ البلد ليصلح بينهما وينهي خصومتهما وليقول لهما من هو الأحق بهذه المرأة .

ولكن شيخ البلد حين رآها أعجِـب بها هو الآخر, فدفعهما معا وقال لهما أنتما قد تخاصمتما لأجلها فلا حق لأحدكما فيها , هي لي أنا .

وهنا كبرت الخصومة حتى وصلت إلى القاضي ليفصل في هذه القضية المعقدة .

لكن القاضي حين رآها أعجب بها وأرادها لنفسه فحاول دفع الجميع خارج الباب , فكبرت الخصومة أكثروأكثر فرفعت إلى من هو أعلى منه رتبة ... أعجب بها فطرد الجميع وأبعدهم عنها بما فيهم القاضي .....

وهكذا حتى وصلت إلى الحاكم الأعلى ولم تنتهي الخصومة بل في كل مرة تزداد تعقيدا , فكل من رآها أعجب بها واشتهاها وتمناها حتى اجتمع حولها خلق كثير الكل مستعد للموت لأجلها وعدم التفريط فيها مهما كان الثمن .

عندما رأت هي الأمر كذلك قالت سوف اشترط عليكم شرطا ومن استطاع تنفيذه فهو مَـن سأتـزوجه .

قالوا جميعا : وما هو شرطك ؟

قالت الأمر بسيط ـ بسيط جدا ـ سوف أبدا بالركض ومن وصل إليّ أولا أو استطاع الإمساك فأنا له .

وشمّرت بالفعل عن عن ساقيها وأطلقت شعرها للريح وشرعت في الركض .......

شمروا هم أيضا ليلحقوا بها وشرعوا في الركض خلفها بكل قـوة ...

لكن لم يستطع الأمساك بها أو اللحاق بها أحد مع أنهم يرونها قريبة أمامهم .

كان بعضهم يركض حافيا على قدميه وبعضهم منتعل وبعضهم يركب حمارا وبعضهم على بغل وبعضهم على حصان ...الكل يجري بأقصى طاقته ؛ البعض تعثر وسقط , والبعض كان يلهث مثل الكلب أو أكثر, ولكن لم يلحق أحد حتى كادت الشمس أن تغرب .

عندها قالوا لها ـ متعبين يائسين ـ قفي ـ قفي فقط نسألك ـ من أنتِ ؟؟؟!!!

قالت : الم تعرفوني بعد ؟

لا تعرفوني وتركضون خلفي بهذه الطريقة ؟

أنا " الدنيا ! "

نعم هي الدنيا ! الكل يتمنى أن يحوزها ويضمها إليه , الكل (مهما كانت درجته ومهما كان مستواه) يريدها لنفسه وله وحده .

الكل يخطب ودها ويجري خلفها ويخاصم لأجلها ويعادي كل الناس ويضيع عمره في اتباعها .... ولكن لم ولن ينالها أحد.

وصدق الله العظيم حيث قال :ـ

" اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ

وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُور !ِ

أتمنى أن تكونوا قد استمتعتم استفدتم.

دمتم في رعاية الله وحفظه .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

أمضاء : الزارع (كركور)