|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() خطبة حول الفاتحة الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري الخطبة الأولى إن الحمد لله، نحمَده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضل، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ربي لا شريك له، لا رب لنا سواه، ولا نعبد إلا إياه ولا نثق إلا بما في خزائنه. وأغضُّ طرفي عن سواك فما أرَ ![]() في الكون غيرك من إله يُعبدُ ![]() يا من له عنتِ الوجوه بأسرها ![]() وله جميع الكائنات توحِّدُ ![]() ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]. ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب70 ـ 71]. وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة، بلغها حق البلاغ وحق الأداء. إذا ملوك الورى صفُّوا موائدهم ![]() على شهي الأكلات والأدم ![]() صففت مائدة للروح مَطعمها ![]() هدي من الوحي أو عذب من الكلم ![]() كفاك عن كل قصر شاهق عمد ![]() بيت من الطين أو كهف من العلم ![]() تُبنى الفضائل أبراجًا مشيدة ![]() نصب الخيام التي من أروع الخيم ![]() عباد الله أيها المؤمنون، أوصيكم ونفسي بتقوى الله جل وعلا، فإنه ما فاز إلا أهل التقى. لا فخر إلا فخر أهل التقى ![]() غدًا إذا ضمَّهم المحشر ![]() ليعلمنَّ الناس أن التقى ![]() والبر كانا خيرَ ما يُدَّخر ![]() عباد الله، آيات من القرآن الكريم يتلوها المسلم في يومه وليلته عدة مرات، ولكن المعتبرين والمتدبرين لها قليل، على أن الله جل وعلا يأمرنا بتدبر القرآن عمومًا، فيقول سبحانه: ﴿أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ [محمد: 24]. ومعنى (أم)؛ أي: بل على هذه القلوب أقفال من الرين، بسبب المعاصي والتعلق بالدنيا والغفلة عن ذكر الله، ما جعل هذه القلوب غير متدبرة لكلام الله الواحد القهار، هذه الآيات الكريمة يقول الله تعالى عنها: « قَسَمْتُ الصَّلاَةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِى نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِى مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حَمِدَنِي عَبْدِي وَإِذَا قَالَ ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَثْنَى عَلَىَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾. قَالَ مَجَّدَنِي عَبْدِي - وَقَالَ مَرَّةً فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي - فَإِذَا قَالَ ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾، قَالَ هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ﴾، قَالَ هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ». هذه الآيات الكريمة هي التي أريد أن أتحدث عنها، ليفتح الله عليَّ من خزائنه ولست موفيًا بالمقام، فإن هذه الآيات المباركة هي في سورة من أعظم سور القرآن الكريم، وهي من سورة (الفاتحة) من أم القرآن من السورة التي يقول الله عز وجل عنها: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ المَثَانِي وَالْقُرْآنَ العظِيمَ ﴾ [الحجر: 87]. التي أنزلها الله سبحانه وتعالى من كنز تحت العرش على قلب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ جاء في صحيح البخاري من حديث أبي سعيد بن المعلى رضي الله عنه قال: كنت أصلي في المسجد فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم أُجبه، فقلت: يا رسول الله، إني كنت أصلي فقال: (ألم يقل الله: ﴿ اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾ [الأنفال: 24]، بمعنى أنه كان مطالبًا أن يخرج من الصلاة تلبيةً لنداء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أقبل ما عنفه رسول الله فهو الرحيم الشفيق ذو الرحمة والرأفة لهذه الأمة، ثم قال: (لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن قبل أن تخرج من المسجد)، ثم أخذ بيدي فلما أراد أن يخرج قلت له ألم تقل: (لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن)، قال: ﴿ الحمد لله رب العالمين ﴾، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أُوتيته), هذه هي السورة التي تقرؤونها يا عباد الله ركن من أركان الصلاة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)، وفي رواية: (بأم القرآن)، فالعبد المؤمن يقرأ هذه السورة المباركة من بدايتها ﴿ الحمد لله رب العالمين ﴾ إلى ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾، ثم بعد ذلك يطلب من الله ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ ﴾، هذا يطلبه العبد من ربه - سبحانه وتعالى - صباحًا ومساءً يهتف بهذا الدعاء يا رب ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ ﴾، اهدنا الصراط المستقيم، ثم بعد ذلك يبيِّن ويوضح هذا الصراط الذي يريده ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾. يشترط على الله - سبحانه وتعالى - والله هو الذي علمه إياه، حتى إن علماء النحو واللغة العربية يعربون هذه الآية بعدها عطف بيان؛ لأن عطف البيان يخصص ويوضح متبوعه، بخلاف النعت فإنه لا يخصص ولا يوضح، فإذا قال العبد ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾، فهو يبيِّن هذا الصراط الذي يريده، إننا جميعًا عباد الله نهتف بهذا الكلام، لكن أعمالنا وأقوالنا وتعلقات قلوبنا، وهِممنا الكثيرة منصرفة عن هذا الذي نقوله، وربما كنا نقول: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ ﴾، ثم نطلب صراط الذين أنعم الله عليهم، ثم بعد ذلك نستثني أن يكون هذا هو صراط اليهود والنصارى؛ كما في آخر الآية ﴿ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ﴾، وهم اليهود، ﴿ وَلاَ الضَّالِّينَ ﴾ وهم النصارى، وهذا تفسير من رسول الله، وتفسيره مقدم على غيره إذا جاء سبيل الله بطل نهر معقل كما يقول الأدباء، فصراط الله رب العالمين تنوعت فيه عبارات المفسرين والأئمة المجتهدين، فبعضهم يقول: الإسلام، وبعضهم يقول: الدين كله وبعضهم يقول: الإيمان، وبعضهم يقول: صراط الله المستقيم هي طاعة الله وطاعة نبيه صلى الله عليه وسلم، وكل هذه التفاسير متقاربة في المعنى وإن اختلفت أحرفها وألفاظها، إلا أن ابن قيم الجوزية يقول: صراط الله المستقيم: هو الطريق الواضح الذي رسمه الله لعباده لا اعوجاج فيه ولا انحناء؛ كما قال الشاعر العربي: أمير المؤمنين على صراط ![]() إذا اعوج الموارد مُستقيم ![]() ![]() ![]() استدل على أنه طريق قويم، وبما قاله نبينا صلى الله عليه وسلم، وقد كان بمحفل من أصحابه، ورسم خطًّا مستقيمًا رسمه صلى الله عليه وسلم على التراب، وخطه بعود كان بيده، وقد ذكر البخاري هذا الحديث، ووضع هذا الرسم، وهكذا الإمام النووي في كتابه "رياض الصالحين"، رسم هذا الخط المستقيم كما رسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتلقته الأجيال جيلًا بعد جيل، إلى أن وصل إلينا واضحًا جليًّا في غاية الوضوح والكمال، فلما رسم هذا الخط قال صلى الله عليه وسلم: هذا صراط الله المستقيم، ثم رسم خطوطًا عن جنبتي الصراط يَمنة ويَسرة ثم قال: هذه سبل الشيطان، ما من خط من هذه الخطوط إلا على رأسها شيطان يدعو إليها، ثم قرأ هذه الآية من سورة النحل: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 153]. فيا عبد الله، هل أنت مدرك ما تقول حين تسمع الإمام وتتلفظ أنت بأطيب الكلام ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ ﴾، أو تدري من هم؟ تفسِّر هذه الآية آية من سورة النساء؛ يقول المولى سبحانه: ﴿ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا ﴾ [النساء: 69]. يا عبد الله، يا أمة الله، يا أيها المسلم، إنك صباحًا ومساءً تسأل من الله ذي الجلال والإكرام أن يجعلك على صراط مستقيم طريقة الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، طريقة الأنبياء ابتداءً بآدم وانتهاءً بمحمد صلى الله عليه وسلم، وطريقة المرسلين ابتداءً بسيدنا نوح وانتهاءً برسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، إنك ترجو من ربك الصراط المستقيم لتكون على توحيده كما كان عليه الأنبياء، لتكون على طاعة كما كان عليه الأنبياء، فلقد دعا نوح قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا، وقام إبراهيم مجادلًا أهل الباطل في ذات الله، حتى غضب القوم عليه وقرَّروا إقرار رجل واحد على إحراقه وإزهاق روحه، ولكن الأمور بيد الله. إذا يئست وكاد اليأس يقطعني ![]() جاء الرجاء مسرعًا من جانب ![]() ![]() ![]() إنهم قرَّروا إحراقه؛ لأنه صاحب توحيد، وهم أصحاب شرك وإخلاد إلى الدنيا، فكانت كلمة الله هي العليا، قال الله: ﴿ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾ [الأنبياء: 69]، لقد سلَّمه الله، وهكذا موسى عليه الصلاة والسلام ذو الجدية في باب الدعوة إلى الله وصاحب العفة، دعا أعتى طاغية على وجه الأرض في ذلك الزمان، ومع ذلك نجاه الله ونصره على عدوه، فأنت تسأل من ربك صباحًا ومساءً أن يكون هؤلاء هم القدوة، وأنك يا عبد الله تسأل من ربك أن يهديك الصراط المستقيم؛ لتكون على عفاف كما كان سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام على عفاف وطهر ونفس زاكية، حينما دُعِيَ إلى البغي وإلى فاحشة الزنا، فقال: ﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المُخْلَصِينَ ﴾ [يوسف: 23]. لقد أكرَمه الله وصرف عنه السوء، وفضل دخول السجن من أن يرتكب الحرام، وهكذا العبد دائمًا مراقبًا لله.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |