عناية الإسلام بكبار السن - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         أطعمة غنية بالفسفور: تعرف عليها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          نوبات القلق: دليلك الشامل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          كل ما يهمك عن الخردل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          علاج صداع الجيوب الأنفية: أهم الطرق المنزلية والطبية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          الحساسية عند الأطفال: كل ما تحتاج معرفته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          فوائد البابايا الخضراء: غذاء خارق لصحتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          قصور الغدة الدرقية في المملكة العربية السعودية: بين نقص التشخيص وضرورة التوعية الصحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          فحص tsh: الفحص الأهم لقياس نشاط وصحة الغدة الدرقية! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          كم ساعة نوم يحتاج طفلك؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          أطعمة تسبب حصى الكلى: قلل من تناولها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-05-2024, 06:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,510
الدولة : Egypt
افتراضي عناية الإسلام بكبار السن

عِنايَةُ الإسلامِ بِكبارِ السِّن

د. محمود بن أحمد الدوسري


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: قَالَ اللَّهُ -تَعَالَى-: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ﴾ [الرُّومِ: 54]. لَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ اللَّهِ فِي الْإِنْسَانِ أَنْ يَمُرَّ بِمَرَاحِلَ مُتَعَدِّدَةٍ فِي الدُّنْيَا؛ فَيَبْدَأُ وَلِيدًا ضَعِيفًا، ثُمَّ شَابًّا قَوِيًّا، وَأَخِيرًا شَيْخًا ضَعِيفًا؛ وَلِذَا حَرِصَ الْإِسْلَامُ عَلَى الْعِنَايَةِ بِمَرْحَلَةِ الشَّيْخُوخَةِ، وَجَعَلَهَا مَحَطَّةَ تَكْرِيمٍ وَعِنَايَةٍ خَاصَّةٍ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهَا يَتَّصِفُ بِالضَّعْفِ، وَيَحْتَاجُ إِلَى مَنْ يَخْدِمُهُ فِي هَذِهِ الْمَرْحَلَةِ الْحَرِجَةِ، وَيَقُومُ بِشُئُونِهِ.

وَمِنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ، وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ، وَالْهَرَمِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَيَقُولُ أَيْضًا: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَأَمَّا اسْتِعَاذَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْهَرَمِ، فَالْمُرَادُ بِهِ: ‌الِاسْتِعَاذَةُ مِنَ الرَّدِّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ؛ كَمَا جَاءَ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَهَا، وَسَبَبُ ذَلِكَ مَا فِيهِ مِنَ الْخَرَفِ، وَاخْتِلَالِ الْعَقْلِ، وَالْحَوَاسِّ، وَالضَّبْطِ، وَالْفَهْمِ، وَتَشْوِيهِ بَعْضِ الْمَنْظِرِ، وَالْعَجْزِ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الطَّاعَاتِ، وَالتَّسَاهُلِ فِي بَعْضِهَا).

وَكَبِيرُ السِّنِّ خَيْرُ النَّاسِ - إِذَا حَسُنَ عَمَلُهُ؛ فَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «مَنْ طَالَ عُمُرُهُ، وَحَسُنَ عَمَلُهُ». قَالَ: فَأَيُّ النَّاسِ شَرٌّ؟ قَالَ: «مَنْ طَالَ عُمُرُهُ، وَسَاءَ عَمَلُهُ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ أَحَدٌ أَفْضَلَ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَمَّرُ فِي الْإِسْلَامِ؛ لِتَسْبِيحِهِ، وَتَكْبِيرِهِ، وَتَهْلِيلِهِ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَقَالَ أَيْضًا: «خِيَارُكُمْ أَطْوَلُكُمْ أَعْمَارًا، وَأَحْسَنُكُمْ أَعْمَالًا» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ.

قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (إِنَّ ‌الْأَوْقَاتِ ‌وَالسَّاعَاتِ كَرَأْسِ الْمَالِ لِلتَّاجِرِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَّجِرَ فِيمَا يَرْبَحُ فِيهِ، وَكُلَّمَا كَانَ رَأْسُ مَالِهِ كَثِيرًا كَانَ الرِّبْحُ أَكْثَرَ، فَمَنِ انْتَفَعَ مِنْ عُمُرِهِ - بِأَنْ حَسُنَ عَمَلُهُ؛ فَقَدْ فَازَ وَأَفْلَحَ، وَمَنْ أَضَاعَ رَأْسَ مَالِهِ لَمْ يَرْبَحْ، وَخَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا).

وَالْإِسْلَامُ يَدْعُو إِلَى احْتِرَامِ الْكِبَارِ وَتَوْقِيرِهِمْ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ: إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ» حَسَنٌ – رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. فَعَدَّ ذَلِكَ مِنْ إِجْلَالِ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ، وَتَعْظِيمِهِ لَهُ؛ وَذَلِكَ لِحُرْمَةِ الْكَبِيرِ عِنْدَ اللَّهِ؛ وَلِمَا لَهُ مِنَ السَّابِقَةِ فِي الْإِسْلَامِ؛ وَلِمَا لَهُ مِنَ الْحَقِّ عَلَى غَيْرِهِ.

عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ شَيْخٌ يُرِيدُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَبْطَأَ الْقَوْمُ عَنْهُ أَنْ يُوَسِّعُوا لَهُ؛ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا» صَحِيحٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَفِي رِوَايَةٍ: «مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنَا؛ فَلَيْسَ مِنَّا» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

وَكَانَ الصَّحَابَةُ الْكِرَامُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَعْرِفُونَ لِكِبَارِ السِّنِّ قَدْرَهُمْ؛ قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: (خَرَجَ عُمَرُ لَيْلَةً فِي سَوَادِ اللَّيْلِ فَدَخَلَ بَيْتًا، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ ذَهَبْتُ إِلَى ذَلِكَ الْبَيْتِ، فَإِذَا عَجُوزٌ ‌عَمْيَاءُ ‌مُقْعَدَةٌ. فَقُلْتُ لَهَا: مَا بَالُ هَذَا الرَّجُلِ يَأْتِيكِ؟ فَقَالَتْ: إِنَّهُ يَتَعَاهَدُنِي مُدَّةَ كَذَا وَكَذَا، يَأْتِينِي بِمَا يُصْلِحُنِي، وَيُخْرِجُ عَنِّي الْأَذَى).

وَمِثْلُ هَذِهِ الصُّوَرِ الْمُشَرِّفَةِ فِي مُعَامَلَةِ كِبَارِ السِّنِّ، وَرِعَايَةِ الْمُسِنِّينَ تَأْتِي لِتُبَيِّنَ عَوَارَ الْمُجْتَمَعَاتِ غَيْرِ الْإِسْلَامِيَّةِ؛ حَيْثُ تُطَالِعُنَا الْأَخْبَارُ بَيْنَ حِينٍ وَآخَرَ عَمَّا يَحْدُثُ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُسِنِّينَ هُنَاكَ، وَمَدَى الْعُزْلَةِ الَّتِي يَعِيشُونَ فِيهَا، وَالْإِهْمَالِ الْمُجْتَمَعِيِّ تِجَاهَهُمْ.

وَسِيرَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَلِيئَةٌ بِتَقْدِيرِ كِبَارِ السِّنِّ؛ فَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْمُبَادِرَ لِلذَّهَابِ إِلَيْهِمْ، وَلَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ فَاتِحًا، وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ؛ أَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَبِيهِ أَبِي قُحَافَةَ يَعُودُهُ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «هَلَّا تَرَكْتَ الشَّيْخَ فِي بَيْتِهِ حَتَّى أَكُونَ أَنَا آتِيهِ فِيهِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هُوَ أَحَقُّ أَنْ يَمْشِيَ إِلَيْكَ مِنْ أَنْ تَمْشِيَ أَنْتَ إِلَيْهِ. قَالَ: فَأَجْلَسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ مَسَحَ صَدْرَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: «أَسْلِمْ» فَأَسْلَمَ. حَسَنٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ.

وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحْسِنُ اسْتِقَبَالَهُمْ؛ فَقَدْ أَتَتْهُ عَجُوزٌ - كَانَتْ صَدِيقَةً لِخَدِيجَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَالَ لَهَا: «كَيْفَ أَنْتُمْ؟ كَيْفَ حَالُكُمْ؟ كَيْفَ كُنْتُمْ بَعْدَنَا؟» قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ‌تُقْبِلُ ‌عَلَى ‌هَذِهِ ‌الْعَجُوزِ هَذَا الْإِقْبَالَ! فَقَالَ: «إِنَّهَا كَانَتْ تَأْتِينَا زَمَنَ خَدِيجَةَ، وَإِنَّ حُسْنَ الْعَهْدِ مِنَ الْإِيمَانِ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ الْحَاكِمُ.

وَيُمَازِحُهُمْ أَحْيَانًا؛ فَعِنْدَمَا أَتَتْهُ عَجُوزٌ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُدْخِلَنِي الْجَنَّةَ. قَالَ: «يَا أُمَّ فُلَانٍ، إِنَّ الْجَنَّةَ ‌لَا ‌تَدْخُلُهَا ‌عَجُوزٌ» فَوَلَّتْ تَبْكِي. فَقَالَ: «أَخْبِرُوهَا أَنَّهَا لَا تَدْخُلُهَا وَهِيَ عَجُوزٌ؛ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿ إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا ﴾ [الْوَاقِعَةِ: 35-37]» صَحِيحٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي "الشَّمَائِلِ".

وَيُذَكِّرُهُمْ بِرَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يُقَنِّطُهُمْ مِنْهَا؛ فَعَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْخٌ كَبِيرٌ، يَدَّعِمُ عَلَى عَصًا لَهُ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي غَدَرَاتٍ وَفَجَرَاتٍ [جَمْعُ غَدْرَةٍ وَفَجْرَةٍ، وَالْغَدْرُ ضِدُّ الْوَفَاءِ]، فَهَلْ يُغْفَرُ لِي؟ قَالَ: «أَلَسْتَ تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟» قَالَ: بَلَى، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: «قَدْ غُفِرَ لَكَ غَدَرَاتُكَ وَفَجَرَاتُكَ» صَحِيحٌ بِشَوَاهِدِهِ – رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَفِي رِوَايَةٍ: فَانْطَلَقَ وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا.

الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. إِنَّ كِبَارَ السِّنِّ يُقَدَّمُونَ فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ؛ فَيُقَدَّمُونَ فِي الْكَلَامِ، وَيُقَدَّمُونَ فِي الْإِمَامَةِ، وَيُقَدَّمُونَ فِي الْبَدْءِ بِالسَّلَامِ عَلَيْهِمْ، وَيُقَدَّمُونَ فِي الْإِعْطَاءِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.

وَتُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ؛ كَالِاسْتِنَابَةِ عَنِ الْكَبِيرِ فِي الْحَجِّ – إِذَا ضَعُفَ عَنِ الْحَجِّ بِنَفْسِهِ، وَإِعْفَائِهِ مِنَ الصِّيَامِ فِي الْكَفَّارَةِ لِضَعْفِهِ، وَالِانْتِقَالِ إِلَى الْإِطْعَامِ، وَتُخَفَّفُ صَلَاةُ الْفَرِيضَةِ؛ مُرَاعَاةً لِكِبَارِ السِّنِّ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ؛ فَإِنَّ مِنْهُمُ الضَّعِيفَ، وَالسَّقِيمَ، وَالْكَبِيرَ، وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ؛ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَمِنْ عِنَايَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكِبَارِ السِّنِّ: أَنْ حَذَّرَهُمْ مِنَ الْحِرْصِ عَلَى الْحَيَاةِ، وَجَمْعِ الْمَالِ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَلْبُ الشَّيْخِ شَابٌّ عَلَى حُبِّ اثْنَتَيْنِ: حُبِّ الْعَيْشِ، وَالْمَالِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَفِي رِوَايَةٍ: «قَلْبُ الشَّيْخِ شَابٌّ عَلَى حُبِّ اثْنَتَيْنِ: طُولُ الْحَيَاةِ، وَحُبُّ الْمَالِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالْمَعْنَى: أَنَّ قَلْبَ الشَّيْخِ كَامِلُ الْحُبِّ لِلْمَالِ، مُحْتَكِمٌ فِي ذَلِكَ ‌كَاحْتِكَامِ ‌قُوَّةِ الشَّابِّ فِي شَبَابِهِ. وَمِصْدَاقُهُ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَهْرَمُ ابْنُ آدَمَ، وَتَشِبُّ مِنْهُ اثْنَتَانِ: الْحِرْصُ عَلَى الْمَالِ، وَالْحِرْصُ عَلَى الْعُمُرِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَكَانَ يُذَكِّرُهُمْ بِاللَّهِ لِقُرْبِ أَجَلِهِمْ؛ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَى امْرِئٍ أَخَّرَ أَجَلَهُ حَتَّى بَلَّغَهُ سِتِّينَ سَنَةً» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. يُقَالُ: أَعْذَرَ إِلَيْهِ؛ إِذَا ‌بَلَّغَهُ ‌أَقْصَى ‌الْغَايَةِ فِي الْعُذْرِ، وَمَكَّنَهُ مِنْهُ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ اعْتِذَارٌ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (أَيْ: أَعْذَرَ إِلَيْهِ ‌غَايَةَ ‌الْإِعْذَارِ، ‌الَّذِي لَا إِعْذَارَ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ السِّتِّينَ قَرِيبٌ مِنْ مُعْتَرَكِ الْمَنَايَا، وَهُوَ سِنُّ الْإِنَابَةِ، وَالْخُشُوعِ، وَالِاسْتِسْلَامِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَتَرَقُّبِ الْمَنِيَّةِ، وَلِقَاءِ اللَّهِ تَعَالَى).

وَلِذَا كَانَ الذَّنْبُ مِنَ الطَّاعِنِ فِي السِّنِّ أَعْظَمَ مِنْ غَيْرِهِ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: شَيْخٌ زَانٍ، وَمَلِكٌ كَذَّابٌ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَسَبَبُ الْوَعِيدِ: أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ ‌الْتَزَمَ ‌الْمَعْصِيَةَ الْمَذْكُورَةَ مَعَ بُعْدِهَا مِنْهُ، وَعَدَمِ ضَرُورَتِهِ إِلَيْهَا، وَضَعْفِ دَوَاعِيهَا عِنْدَهُ - وَإِنْ كَانَ لَا يُعْذَرُ أَحَدٌ بِذَنْبٍ، لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَكُنْ إِلَى هَذِهِ الْمَعَاصِي ضَرُورَةٌ مُزْعِجَةٌ، وَلَا دَوَاعٍ مُعْتَادَةٌ؛ أَشْبَهَ إِقْدَامُهُمْ عَلَيْهَا الْمُعَانَدَةَ، وَالِاسْتِخْفَافَ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَصْدَ مَعْصِيَتِهِ، لَا لِحَاجَةٍ غَيْرِهَا.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 54.49 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.86 كيلو بايت... تم توفير 1.63 كيلو بايت...بمعدل (3.00%)]