|
الملتقى العام ملتقى عام يهتم بكافة المواضيع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الاستثمار الدولي والمخاطر سيف هشام صباح الفخري المقدِّمة يعدُّ الاستثمار الدوليُّ أحد الظواهر الاقتصادية والمالية التي انتشرتْ مع زوال عصر القوميَّات، وظهور العالَم كوَحْدةٍ عالَميَّةٍ مكتملة الملامحِ والقَسَمات، تتداخل فيها أمورُ الاقتصاد والسياسة، والثقافة والاجتماع والسلوك، ويكون الانتماء فيها للعالم، تحولت الدولة من كونها مرْكزًا للاهتمام إلى أسواقٍ عالمية ودولية وقُوى تشارك في تحديد القرار الاقتصادي للدولة، مع انتشار ممارساتٍ ومعايير مختلفةٍ تُخرجها مِنْ محيطها المحليِّ الضيق إلى الخارج، فالتكنولوجيا والاتِّصال وحركة رأس المال التي تَزَامَن ظهورُها في نهاية القرن الثامن عشر، وتطوُّرها السريع في القرن العشرين أثناء الثورة الصناعية في أوروبا، ومن ثَم دخول مجالاتٍ تِقَنِيَّة كثيرة في نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين، كان لهم الدورُ الرئيس في إحداث تغيُّرات عالمية سريعة ومتدفقة، أدَّت إلى ظهور كياناتٍ ضخمة وذاتِ أثر بالغ في الاقتصاد العالمي، كالاستثمار الدولي وصيَغِه البديلة؛ كشركات مُتَعَددةِ الجنسيات. فشهد العصرُ الحديث توسيعَ هذه الاستثماراتِ الدولية؛ حيث إنها تحاول رفعَ مستوى المعيشة للبُلْدان المُضيفة، وذلك من خلال نقل رأس المال والتكنولوجيا، وبالتالي تقود إلى تقاربٍ في المستويات المعيشية العالمية؛ ولذلك تَعمل الدولُ المضيفة على توفير أو تهيئة المُناخ لهذه الاستثمارات، وذلك بتقديم حوافِز لتشْجيعها؛ كالإعفاءات الجمركيَّة، وضمانات الاستثمار الوافد، وأيضًا دراسة الأسلوب الضريبِي، وذلك مِن خلال تخفيضاتٍ في الضرائب على المستثمر الدولي، ومن الملحوظ أنَّ المستثمرين الدوليين، أو هذه الكِيَاناتِ العملاقة، قد تُقْدم على مجازفةٍ ومغامرة نتيجة مواجهتِها لبعض الصعوبات والمخاطر المتعلِّقة بالعائد الاستثماري، أو صعوبات سياسية حاصلة من ناحية عدم توفر الاستقرار السياسي في البلد المضيف. منهجيَّة البحث أهمية البحث: يَستمد البحثُ أهميتَه مِنْ تناوله لموضوع الاستثمار الدولي كنموذج ومحدَّدات، ومن ثَم توضيح المعوِّقات الدولية التي تقف في طريقه، وتزداد أهمية البحث نظرًا لمحدودية تناول هذا الموضوع على مستوى الأبحاث والدراسات، لا سيما أن تقارير مناخ الاستثمار - بعد الأزْمة العالمية - تُؤَكِّد تراجعَ مؤشر النقد والمال في مجال الاستثمار الدولي. مُشكلة البحْث: تَسعى العديدُ من الدولِ جاهدةً إلى تعْزيز الوضْع الاستثماري فيها مِن أجل جذب العديد من الاستثمارات الدولية بأنواعها كافة؛ خاصة في ظِل تنامي دور الخدمات في اقتصاديات البلدان بوَجْه عام، إلا أنَّ طرَفَي المعادلة في الاستثمار الدولي قد يواجهان العديدَ من التحديات والمخاطر في التعامُل مع هذه الاستثمارات، ومن ثَم قد تنعكس الفوائدُ المرجُوَّة والمحتملة التحقُّقِ إلى كلفٍ وإخفاقات، وهذا في حدِّ ذاته يعدُّ من المشاكل الكبيرة التي تواجِه عمليةَ الاستثمار الدولي. فرْضية البحث: استنادًا إلى ما جاء في مشكلة البحث يُمكن صياغةُ الفرضية الآتية: (إنَّ دراسةَ الاستثمارِ الدولي ومخاطره، ووضعَ الأُطُر لحضوره على الساحة العالمية، قد يعمل على إعادة هيكلة الأنظمة الاقتصادية للدول المتعاملة به، مما يجعلها أكثرَ كفاءةً، أو قد تشهد تحقيقَ أولوياتٍ أجنبية على حساب الأولويات المحلية في حالة فشل التعامل معها). هدف البحث: يهدف البحث إلى إعطاء المزيد من التفاعُل مع حالة الاستثمار الدولي، وكيفية الاستفادة الكبيرة التي قد تتحقق منه، في ظِل وجود عالم مُتطور ونامٍ، وتكنولوجيا متقدِّمة جعَلَت من العالم سُوقًا واحدةً. النُّموذج العامُّ للاستثمار الدولي THE MODEL PATTERN OF INTERNATIONAL INVESTMENT مِن شروط النموذج العامِّ للاستثمار الدولي: الوضوحُ والشموليَّةُ، والقابليةُ للتطبيقِ الكَمِّيِّ؛ حيث يهدِفُ الاستثمارُ الدولي إلى تحقيق العائد الأكبر - أي: عائد الصافي المتوقعِ - بعدَ خَصْم معامل المخاطر بأنواعها المختلفة، ويجب مراعاة - ليس فقط أقصى الربحيَّة الصافية - التوازنِ بين أهداف الاستثمار الدولي في المدى القصير، وكذلك أهدافه في المدى الطويل وغاياته، كما يجبُ حسابُ القيمةِ الحالية للتدفُّقات النقدية الخارجة والداخلة، واستقرارية تلك التدفُّقات، وتوقيت الأرباحِ، وحجم المخاطر، والنمو السريع، ومعدَّل العائد البديل. ويخْضع الاستثمار الدولي في التحليل العُنصري إلى المقارَنة بين المزايا التي يُمكن أن تحقِّقَها الدولة المُضيفة، وبين تلك التي سوف يحققُها المستثمِرُ الدولي؛ فالاستثمار الدولي هو الأُسلوب المثالي لتعظيم قيمة عوامل الإنتاج؛ (الأرض - الموادِّ الخام - التكنولوجيا - العِمَالة - الطاقة... وغيرها). من المعروف أنَّ حجمَ المخاطر في الاستثمار الدولي أكبرُ منها في الاستثمار المحلي، ولكنْ يجب حسابُ وتقدير تلك المخاطر مُسبقًا قبل اختيار فرص الاستثمار في دولة ما، ويجب أن تكون تلك المخاطرُ وتكلِفَتُها معقولةً، فالاستثمارُ - سواء كان استثمارًا ماديًّا دوليًّا، أم استثمارًا ماليًّا دوليًّا - استثمارٌ في أصول ملموسة، واستثمارٌ في أوراق مالية، ويأخذ الاستثمار الدولي الجماعيُّ شكلَ محفظة استثمارات دولية، بينما يأخذ الاستثمارُ الدولي الفرديُّ شكلَ صَفَقاتٍ محدودة، غير مُتَكَرِّرة بشكلٍ دوري. أشكال نموذج الاستثمار الدولي[1] 1 - الاستثمار الدولي في ظِلِّ التأكُّد؛ (مثل: حالات الاحتكار المطلق). 2 - الاستثمار الدولي في ظِلِّ نقص بعض المعلومات: (حالات الاستثمار في ظل المخاطرة). 3 - الاستثمار الدولي في حالة غياب المعلومات: (الاستثمار في ظل عدم التأكُّد). 4 - الاستثمار الدولي في ظل تضارب المعلومات الوصفية (غير المحددة). 5 - الاستثمار الدولي في ظل المنازعات والصراعات (بين الحكومة المضيفة والشركاء). ويتوفر لدى المستثمر الدولي حجمٌ هائل من المعلومات عن فرَص الاستثمارات الدولية، من خلال منظَّمات التمويل الدولية، والبورصات، وأسواق المال، والشركات متعددة الجنسيات، ومكاتب المحاسبة الدولية، وشركات شبكات المعلومات، والدِّراسات والبحوث الدَّولية، وإحصاءات البنك الدولي، وصندوق النقْد الدولي؛ حيث لا يتوفَّر هذا الحجمُ أو أنواع المعلوماتِ لدى الدولةِ المضيفة؛ مِمَّا يُضْعِف قدرتَها على التفويض، كما أنَّ توفُّرَ تلك المعلوماتِ يسهِّلُ على المستثمر الدوليِّ حسابَ وتقديرَ مخاطرِ الاستثمار؛ حيث يستطيع شراءَ ضماناتٍ ضدَّ تلك المخاطر، على عكس المستثمر العربيِّ والدولةِ المضيفة التي لا يتوفر لديهم تلك المعلوماتُ الأساسية للاستثمار. ويجب أن يَعتمدَ النُّموذجُ العامُّ للاستثمارِ الدوليِّ على حساب القِيَم المتوقَّعة، وذلك بتقدير احتمالاتِ حُدُوث العائد وقيمة الاستثمار في المستقبَل، واحتمالات توزيع أرباحٍ وَفْقَ كلِّ حالةٍ مِن حالات النَّشاط الاقتصادي، وكذلك حالة الاستثمار المتعدِّد، ويجبُ تحديدُ حجْمِ الاستثمار المخطَّط، ونصيب كلِّ نوع من الاستثمار الدولي، وحساب معاملِ الارتباط بين عائدِ كلِّ نوع من الاستثمار وبين عائد الأنواعِ الأخرى، وكذلك تقْدير تبايُنِ كلِّ نوعٍ من الاستثمار كمقياسٍ لحجْمِ المُخاطَرة المرتفعة، ويُفَضَّل أن يكونَ معامل الارتباط بين كلّ نوعَيْن من الاستثمار أقلَّ ما يمكن (أقلَّ مِن 1 صحيح)؛ لتحقيق أقل مُخاطرة، والعكس صحيحٌ أيضًا؛ حيث إنَّ ارتفاعَ معامل الارتباط يَعني زيادةَ المخاطر، ويمْكِن تطبيق ذلك في المجالات التالية: • حسابُ معاملِ الارتباط بين عوائد عدد الاستثمار في محفظة الاستثمار الدولي؛ لاكتشاف وتحديد أهم مجموعات الاستثمار الدولي ذات أكبر عائد، وأقلِّ مَخاطر. • حسابُ معامل أحسن مجموعةٍ لمواقع الاستثمارات الدولية. • حسابُ معامل الارتباط بين عوائد الاستثمار المادي، وكذلك الاستثمار المالي لتحديد أفضل فُرَصِ الاستثمار الدولي. • التفرقةُ بين المخاطر المنتظِمَةِ للاستثمار وبَيْن المخاطرِ العريضة التي يمكن تجَنُّبُها. تقسيماتُ أنواع نموذج الاستثمار: ويوضح هذا التقسيم لِنُمُوذَجِ الاستثمار الدوليِّ الخصائصَ التاليةَ[2]: • الاستثمارُ في مشْروع واحد، أو تعدُّدُ الاستثمارات. • الاستثمار المشترَكُ، أو تعدُّدُ الجنسيَّة. • استثماراتٌ ماليَّة (أوراق مالية وعملات مصرفيَّة)، واستثمارات مادية؛ أصول ثابثة ومتداولة. • استثمار مؤكَّدٌ ذو مَخاطِر محسوبةٍ محدودةٍ، واستثمارٌ احتماليٌّ. • استثمار يُمْكن فيه تحمُّلُ مخاطرِه، واستثمارٌ يتم فيه تحويلُ مَخاطرِه لغيره. • استثمار ذو ضمانات ضدَّ المَخاطر المختلفة، واستثمارٌ بدون مخاطر. ويُمكن أيضًا تقسيمُ الاستثمار الدولي وفقَ معايير أخرى؛ مثل: الشيك القانوني، وأشكال المِلكية، وصيَغ الاستثمار، وأساليب الغدارة الدولية، وظروف المُناخ الاستثماري، وحجم المزايا التي تقدِّمها الدولة المضيفة، ونوع النشاط الاقتصادي؛ (بترول - بتروكيمياء - صناعات إستراتيجية - معادن - زراعي - صناعات تجميعيَّة - خدمات - تجارة). كما يمكنُ التفرقةُ بين الاستثمار الدولي من حيث مدى تَكْرَار أو تنفيذ المشروع (مرةً واحدةً أو متعددةً)، وهل يَتطلبُ نقْلَ التكنولوجيا أوْ لا؟ ووَفْقَ النظام الاقتصادي للدولة المضيفة، ونوع الرقابة على الاستثمار الدولي، ونوع التمويل الدولي والتسويق الدولي، ودرجة المنافَسة وأساليبها، إذًا هناك عددٌ كبير من متغيِّرات تقسيمِ نموذج الاستثمار الدولي، يجب الأخذ بها لفرْضِ تحقيق أمثَلِيَّة الاستثمار، وتحقيق أقصى صافي عائدٍ بأقلِّ نسْبَةِ مخاطر، وعمومًا يتأثرُ الاستثمارُ الدوليُّ بمحدّداتٍ معيَّنَةٍ. محدَّداتُ الاستثمارِ الدولي[3] DETERMINANTS OF INTERNATIONL INVESTMENT تُشِير الدراساتُ في مَجال الاستثمار الدولي إلى أنَّ جودةَ الاستثمار ذو عَلاقةٍ باقتصاد الدولة المُضِيفة، ولا يجب أنْ يكُونَ الحافزُ للاستثمار الدوليِّ المتدفق لدولةٍ مضيفةٍ مَا، مُجَرَّدَ حاجةِ تلك الدولةِ للاقتِراض لإصلاح الخَلَلِ في مِيزانِ المدفوعات، أو تغطية أعباء الديون الدولية، ولكنْ يَرى البعضُ أنَّ حجْمَ الاستثمار الدولي لدولةٍ ما، يجِبُ أنْ يسانِدَ الإصلاحات الهيكليَّةَ لاقتصادِ تلك الدولةِ. ويجب أنْ تؤدِّيَ مرحلةُ التفاوضِ على الاستثمار الدولي بين الجهة (المستثمر الدولي) والدولة المضيفة، إلى عمليةِ تَعلُّمٍ وثقافةٍ استثماريةٍ دولية راقيَةٍ، تؤدِّي في النهاية إلى تحديد اتجاهِ وكفاءَةِ المشروعِ الاستثماريِّ، وتحقيق المصالح المشترَكَة بعدالةٍ. ويجب على الدولة المضيفة للاستثمار الدولي التفرقةُ بين الإستراتيجيَّات المختلفة للتصنيع ومجالاته المتاحة للمستثمر الدولي. وتلك الإستراتيجياتُ هي: 1 - إستراتيجية إخلالِ الإنتاجِ الصناعيِّ المَحلِّيِّ محل الوارِدات. 2 - إستراتيجيةُ التصنيع بغَرَضِ التصدير. 3 - إستراتيجية الإنتاج الدولي في مناطق الأُفشور[4]. وكذلك يجب أنْ تحدِّدَ الدولةُ المضيفةُ للمستثمِر الدوليِّ الغرضَ والمناخَ المناسبَ للتطبيق الاقتصادي للتكنولوجيا الجديدة والاستخدام الفعال لنتائج البحوث والتطوير، وإذا لم يتمَّ ذلك سوف يَصْعُب في النهاية جَذْبُ الاستثمار الدولي القائم على تِقَنِيَّاتٍ متقدمةٍ. وتفضِّلُ بعضُ الدول المضيفةِ للاستثمار الدوليِّ البحوثَ والتطوير والتكنولوجيا المتقدمةَ في الصناعات التصديرية؛ حتى تستطيعَ مواجهةَ المنافسةِ بالجودة، وليس فقط المنافسة بالأسعار، وتستطيع الشركاتُ الدولية هنا منْحَ بعضِ تراخيص التشغيل وتطبيق التكنولوحيا الحديثة لرجال الأعمال المستثمرين في الدول المضيفة، ويعَدُّ هذا أحَدَ دوافِعِ المستثمِرِ الدولي وأحدَ ركائزِ الملكيَّةِ الدولية للمشروعات. وتوفِّرُ الشركات الدولية خِبْرَاتٍ إداريةً في المجالاتِ المتنوِّعة لإدارة الاستثمارات الدولية في الدولة المضيفة، كما يأخذ شكلَ عقودٍ إدارية، وتُرَاجع الشركاتُ الدولية درجةَ تمَرْكُزِ الصناعات أو النشاط الذي تفضِّله الدولُ المضيفةُ، وعادةً ما يميلُ المستثمِر الدوليُّ إلى تفضيل الصناعات ذات المنافسة الاحتكارية التي تتمتع بفروع ذات انتشار دولي ومركز تنافسي. وتعدُّ دوافعُ الموقع - أو مكان الاستثمار - إحدى محدَّدات الاستثمار الدولي؛ حيث يسعى المستثمرُ الدولي إلى فتْح أسواق جديدة في دولةٍ ما لاعتباراتٍ سياسية، أو اقتصادية، أو غيرِها؛ لذلك تأخذ الدولةُ المضيفة هذا البُعْدَ في المفاوضات التِّجارية واتفاقيَّاتِ الاستثمار. وتشير الدراساتُ إلى أنَّ المخاطرَ السياسية ليست المؤشر الأول في اتجاهِ الاستثمارات الدولية، لكنْ تحتَلُّ المكانةَ الثانيةَ بعدَ تأثيرِ الاعتباراتِ الاقتصاديةِ، ومع ذلك يمكِنُ القولُ بأنَّ عدَمَ الاستقرارِ السياسيِّ مِن أهم المؤشراتِ تجَاهَ تدفُّقِ رأس المال؛ حيث يتمُّ النظرُ إلى كلٍّ مِن سياسةِ الباب المفتوح للاستثمار الدولي أو سياسةِ التقْيِيدِ - على أنَّها مؤشِّراتٌ لعدَمِ جاذبيَّةِ مُناخِ الاستثمار في الدولة، ولذلك يحتاج مناخُ الاستثمار الدولي إلى بَرْمجةٍ بشكلٍ واضحٍ؛ حتَّى تُحقِّقَ الدولةُ المضيفةُ الأهدافَ المخطَّطةَ. تعتمد الإستراتيجيةُ الدوليَّة للاستثمار الدولي على سلسلة القيمة المضافة المحقَّقة مِن المراحل المتعددة التي يسيطِرُ عليها، مما يُضاعِف القدرةَ التنافسيَّةَ، ولكنَّ هناك بعْضَ القيودِ على الاستثمارِ الدوليِّ في سبيل تحقيق تلك الإستراتيجيَّة الدولية، ومن تلك القيود: 1 - الأثرُ التراجعيُّ للاستثمار الدولي في الفروع بالدولة المضيفة؛ بسبب إلغاءِ الضرائب، ومِن ثَم انخفاضِ المركزِ التنافسي. 2 - يؤدِّي دخولُ منافسين جُدُدٍ في الدولة المضيفة إلى التأثيرِ على المركزِ الاحتكارِيِّ لفروعِ الشركةِ الدوليةِ (المستثمِر الدولي). 3 - لَم يُصْبِحِ المركزُ الاحتكاريُّ للتكنولوجيا أحدَ المكوناتِ القَويةِ في إستراتيجيةِ المِلْكِيَّة التي تَسعى إليها الشركاتُ الدوليةُ في التفاوضِ بين المستثمر الدوليِّ والدولةِ المضيفة. خصائصُ تدفُّقاتِ الاستثمارِ الدولي[5] INTERNATIONAL INVESTMENT PROPERTIES يتَّجِهُ الاستثمارُ الدوليُّ للدولة المضيفة، إذا كان العائدُ الصافي على الاستثمارِ في الخارج بعدَ خصْمِ معدَّلِ المَخاطر - أعلى منه على الاستثمار في الداخلِ؛ أيْ: بلَدِ المستثمِر، وفي حالةِ تساوي المعدَّلَين بين دولتين مضيفتين، فسوف يكون القرارُ على أساس المخاطرِ الإضافية، وقيمةِ العُمْلة المحلية، وحريَّةِ تحويلِ الأرباح، واحتمالاتِ التدخُّل الحكومي في الاستثمار الدولي الوافد. المستثمر الدولي يتَّجه للصناعات التصديرية في حالة تدنِّي قيمة العُملة في الدولة المضيفة، كما تزداد قدرتُه التنافسيةُ في السوق العالمي في حالة انخفاض تكاليف الإنتاج المحلية، والسيطرةِ على تكنولوجيا جديدة. تتَّجه الاستثمارات الدولية إلى الدول النامية؛ تجنُّبًا لمشكلات البيئة، والضرائب، والمنافسة الطاحنة في الدول المتقدمة، وتعدُّ المكسيكُ والبرازيل ذاتَ مستقبلِ الاستثمار الدولي؛ لسَعَةِ أسواقها وقرْبِها من أمريكا الشمالية، وتتحرَّك الودائعُ المالية من دولة لأخرى وَفق اعتباراتٍ ضدَّ المخاطرِ، مثال ما حدث في بورصات جنوب شرق آسيا. ومع ذلك تتمَرْكَزُ الاستثماراتُ الدولية في الدول الغربية أكثرَ منها في الدولِ النامية؛ حيث تعدُّ أمريكا أكبرَ مستورِدٍ للاستثماراتِ الدولية، وتعدُّ اليابانُ أكبرَ مصادرِ الاستثمار الدولي في كلٍّ مِن أمريكا وأوروبا ودول جنوب شرق آسيا. وبدأت تنتشر الاستثماراتُ الدولية الجماعيةُ وليست الفرديةَ، مثل: شركاتِ التأمينِ، وشركاتِ إعادة التأمين، وصناديقِ المعاشات التي تستثمر في الأوراقِ المالية، وشركاتِ المقاولات والسيارات والحواسب وتكنولوجيا المعلومات والطائرات والسلاح... وغيرها. لقد شهدت التسعينيات عددًا من التطورات الجديدة في مجال الاستثمار الدولي على المستويات المتعدِّدة والثنائية والإقليمية، في مَنطِقَةٍ ترتبط بالشركاتِ متعددةِ الجنسياتِ، حولَ مقاييسِ الاستثمار ذي العَلاقةِ بالتِّجارة الدولية، وكذلك حقوق الملكيةِ في براءةِ الاختراع، وفي المستوى الإقليميِّ زادَتِ العلاقاتُ الاقتصاديةُ بين دولِ مجموعةِ منظَّمَةِ التنميَةِ والتعاونِ الاقتصاديِّ (OECD)، وعلى مستوى التَّكتُّلاتِ تَمَّ توقيعُ عددٍ من الاتفاقيات بين أمريكا والاتحاد الأوروبي حولَ التعاون والمنافسة وتجنُّبِ الاحتكارات، وتَمَّ التوسُّعُ في إنشاء مناطق التجارة الحُرة، واتفاقية تحرير تجارة الخِدْماتِ؛ حيثُ ظَهرت اتجاهاتُ التحريرِ الاقتصاديِّ في حوالَيْ ثلاثينَ دولةً بجانبِ تبَنِّي برامجَ تخصيصيةٍ في عديدٍ من الدولِ التي تَتوقع تدفُّقاتٍ داخلةً من الاستثمارِ الدوليِّ، وبالتحديدِ نَذكر أهمَّ تلك التحوُّلاتِ: •ENERAL AGREEMENT ON TRADE IN SERVICES GATS. •RADE – RELATED INVESTMENT MEASURES TRAIMS. •RADE – RELATED ASPECTS OF INTELLECTUAL PROPERTY RIGHTS) TRIPS(. ومِن أهَمِّ التكتُّلات الاقتصاديةِ التي نَشأت: 1- الاتحادُ الأوروبيُّ (UNION OF EUROPEAN): في الأول والثاني من تموز 1995 عَرَض اتحادُ البنولوكس، المكوَّنُ مِن بلجيكا وهولندا ولكسمبورغ، مذكِّرَةً حولَ إمكانيةِ تحقيقِ المزيد مِن التعاوُنِ الأوروبيِّ، وكان ذلكَ في مدينة "مينل"، وتقرَّر هناك إعطاءُ الأولويةِ للتكاملِ الاقتصادي لا للتكامل السياسي، ومِن ثَم كان لزامًا أنْ تكُونَ اقتصادياتُ الدولِ الأعضاءِ الأكثرِ رِبَاطًا عَن طريق إقامة مؤسَّسات اقتصاديةٍ، تطبِّق عملةً موحَّدةً وتَخْلُق سوقًا موحَّدة تحقِّق نوعًا مِن الانسجام في السياسة الاجتماعية. ومِن أهمِّ أغراضِه: أ- إزالةُ الرُّسومِ الجمركيةِ بين دول الأعضاء، وكذلك القيود الجمركية على الوارداتِ والصادراتِ مِن السِّلَع، وكل الإجراءات الأخرى المُساوية لها في التأثير، وكل العوائق التي تَحُول دونَ الحركة المتحرِّرة للأشخاص والسلع ورأس المال. ب- إقامةُ تعريفَةٍ جمركيةٍ مشترَكَةٍ تُجاهَ الدولِ غيرِ الأعضاءِ. جـ- تنسيقُ السياسةِ الاقتصادية بما في ذلك المالية. د- إقامةُ بنْكِ استثمارٍ أوروبيٍّ لدعْمِ نمُوِّ الاقتصادِ. 2- اتفاقيةُ النافتا: (NAFTA (North American Free Trade Agreement: كمَنْطِقَةٍ حُرَّةٍ في شمال أمريكا للتجارة الحرة، تمَّ التوقيعُ في جانفي 9914 على اتفاقيةٍ خاصةٍ بإنشاء سوق للتجارة الحرة بين ثلاثِ دولٍ متجاورةٍ جغرافيًّا، وهي: الوِلاياتُ المتحدة الأمريكية، كندا، المكسيك، ويبلغ عددُ سكانِ دولِ هذه السوقِ نحوَ 36 مليون نَسَمةٍ، وحجمُ اقتصادِ دولِ هده السوقِ نحو 7، 5 تريليون دولار كما سبق بيانه، ومما يَجدر ذِكرُه أنَّ المكاسبَ المتوقعةَ من اتفاقيةِ "نافتا" لا تَقِلُّ أهميةً عن "الجات" الجديدة. ومن المقارنة للزاوية القانونية يُمْكن التعرُّضُ لبعض التجمُّعاتِ؛ منها: التروست، الكارتل، الكونزارن، فلقد اخترنا هذه المجموعةَ لدراسةٍ شاملةٍ لمختلِفِ مناطقِ العالَم، ومختلِف التجارِب، وسنُعرِّف كلَّ واحدة كما يلي: أ- التروست TRUST: يُعطَى اسمُ TRUST لتجميع مجموعةِ منشَآتٍ تحتَ إدارةٍ واحدة، حيثُ تفْقدُ المنشآتُ المتجمعةُ والمتحدةُ حريتَها الكاملةَ تمامًا، كذلك يُمكِن أن تُسمَّى مُنشَأةٌ صناعية أو تِجارية بـTRUST إذا استطاعتْ أن تكون جدًّا قويةً في بلَدِها، سواء كانت عدَّةُ القوةِ نابعةً مِن تجميعِ عددٍ من المُنشآت، أو ناتجةً عن توسُّع منشأةٍ واحدة. ب- الكارتل KARTEL: هو عبارة عن اتفاقٍ بين مجموعةِ منشآتٍ، في هذا النوعِ لا تذوبُ المنشآتُ لتَظهر منشآتٌ جديدةٌ، كلُّ منشأةٍ تحافظ على وَحْدَتِها، كما يتمتَّع المنضَمُّون باستقلاليَّتِهم؛ لكن تُقيَّد حريتُهم فيما يتعلَّق ببعضِ (القضايا) التي تَكُون محلَّ اتفاقٍ. والكارتل هو شكل من أشكال الاحتكار، هدفُه يتمثل في الاتفاقِ بين المنظِّمِين على إلغاءِ التنافُسِ فيما بينهم، والسعْيِ وراءَ تحقيقِ احتكارٍ جماعيٍّ في السوق، وهذا النوع من التَّمَرْكُز لا يزالُ يسيطِر على السوقِ الدولية، خاصةً فيما يتعلَّقُ ببعض المنتجات الأساسية؛ كالبترول، والقمح، والقهوة... إلخ. جـ- الكونزرن KONZERN: يُقصد به مجموعة منشآتٍ تشترك في صَيْرُورَةٍ وإنتاجٍ مشترك (صناعات الحديد مثلاً) لها إدارةٌ موحَّدة، لكنَّ المنشآتِ تحتفِظُ بهُويتِها القانونيةِ بشكلٍ منفصِل، ويتم الاندماج عن طريق المشاركة المالية المتقاطِعَةِ، ويَعني ذلك أنَّ المنشأَةَ (أ) تمتلك جزءًا من رأسِ المال في شكل أسهُمٍ في المنشأة (ب)، والعكس صحيح. ونلاحظ أنَّ هذا الشكلَ ذكيٌّ؛ حيث يُستعمل جليًّا لتفادي القوانين التي تحدُّ من الاحتكار. الصيغُ البديلَةُ للاستثمارِ الدولي[6] ALTERNATIVE FORMULATIONS OF INTERNAIONAL INVESTMENT تعرَّضْنا إلى إعطاءِ تعريفٍ للاستثمار الدولي، والذي هو: كل استثمار يتم خارج موطنه؛ بحثًا عن دولة مضيفة؛ سعيًا وراء تحقيق حزمة من الأهداف الاقتصادية والمالية والسياسية، سواءٌ لهدفٍ مؤقَّتٍ، أَمْ لأجَلٍ محدَّد، أمْ لأجيالٍ طويلة. وتأخذ الاستثماراتُ الوافدةُ المباشرةُ صيغًا بديلةً غيرَ الاستثمارِ الدولي، وهي: أولاً: الشركةُ متعددةُ الجنسيةِ: يُطلق عليها أيضًا الشركاتُ العابرةُ؛ حيث يمتلك رأسَ مالِها أكثرُ مِن دولة أو شركة، أو مَزيجٍ من الاثنين، ومن النماذجِ الشائعة في حقلِ الأعمال الدولية من هذا النوعِ من الشركات - ما يلي: شركاتُ البترول وبدائلِ الطاقة، شركاتُ البيتروكمياء، شركاتُ الأدوية، شركاتُ الصناعة في جميع بدائلها ومجالاتِها، شركات المقاولات وموادِّ البناء، البنوكُ وشركات إعادة التأمين، شركات التجارة الدولية والمعلوماتِ... وغيرُها. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |