ندوة العدد .. رؤية إصلاحية تربوية.. منظومة التعليم في الكويت بين التحديات والفرص المتاحة
- الخلل في مخرجات التعليم على مختلف مراحله يرجع بدرجة كبيرة إلى غياب الرؤية الواضحة لاحتياجات سوق العمل
- غياب التدريب قد يؤدي إلى إخفاقات في البيئة المدرسية والمبنى التعليمي ومجمل العملية التربوية لذا ينبغي أن يكون التدريب الإداري مستمرا لا أن يتوقف عند حد معين
- الاقتصار على الأسلوب التقليدي يحد من قدرات الطالب بينما تنمية مواهبه العقلية والرياضية والفنية والحركية تفتح أمامه آفاقًا واسعة وتضع الكويت على طريق التميز العالمي
- الناشي: الهدف من التعليم يتجاوز مجرد توفير الكوادر الوظيفية ليشمل بناء كفاءات قادرة على المساهمة في تنمية المجتمع من خلال اكتساب المهارات اللازمة لسوق العمل وتحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي المستدام
- د. الحسينان: نحن بحاجة إلى إيجاد مسارات مهنية متخصصة حيث توجد مدارس تجارية وصناعية وفنية ودينية وتقنية فالطالب يختار مساره بحسب ميوله واهتماماته داخل بيئة تعليمية متخصصة تمنحه في النهاية شهادة أكاديمية معتمدة
- غابت الجامعات الكويتية عن التصنيفات العالمية المرموقة لأسباب كثيره أبرزها ضعف الإنتاج البحثي وعدم وجود حوافز تشجعية وغياب التعاون الأكاديمي والبحثي مع الجامعات الخليجية المتميزة والجامعات الدولية
- عدم الإلمام بالإدارة التربوية عقبة كبرى تعيق العملية التعليمية بأسرها إذ قد يتولى شخص منصب مدير وهو يفتقد أبجديات الإدارة بينما الأصل أن يتلقى تدريبًا وتأهيلاً إداريا قبل وصوله إلى هذا الموقع القيادي
- تدنى مؤشر الجودة في التعليم الكويتي بسبب الاستمرار في النهج التقليدي القائم على التلقين بينما تتجه النظم الحديثة إلى توظيف الذكاء الاصطناعي والمهارات الحركية والكشف عن المواهب والابتكارات
- د. العجمي: الدوام المدرسي ليس مجرد حضور جسدي بل منظومة متكاملة من المعرفة والمهارات والخبرات وأي خلل فيه ينعكس على العملية التعليمية والاستثمار في المعلم هو أعلى استثمار يمكن أن تقوم به الدولة
- نحن بحاجة أن تكون المدرسة بيئة جاذبة ولن يحدث ذلك إلا بوجود حوافز للطلبة وتفعيل دور الأسرة عبر ربط أولياء الأمور بالمدرسة إلكترونيا لضبط الحضور والسلوك والدرجات وإعادة النظر في الجدول الدراسي التقليدي
- من أهم الحلول لمعالجة ظاهرة التسرب الدراسي أن يُفتح المجال أمام الطالب لاختيار تخصصه المناسب وليس فقط الاختيار بين (العلمي) و (الأدبي) ليواصل تعليمه في هذا الاتجاه منذ البداية مع توفير بيانات واضحة عن فرص العمل بعد التخرج
- تقاعد القياديين زاد في السنوات الأخيرة لغياب الرؤية المستقبلية في النظام التعليمي، إداريا وماليا، وعدم وضوح الخطة المستقبلية؛ الأمر الذي خلق أسئلة بلا أجوبة في الميدان، وعندما تتراكم التساؤلات من دون إجابات مقنعة، يختار بعض القياديين التقاعد المبكر
- علينا أن نُرجع الهيبة الاجتماعية للمعلم فهو الذي يتخرج على يديه الأطباء والمهندسون وسائر التخصصات فينبغي أن يحظى باحترام المجتمع لذا فاستثمارنا في المعلم هو استثمار في الوطن
- من المهم وجود منصة رقمية تعليمية وطنية رسمية تشمل المناهج والاختبارات وتكون أداة وقائية تكشف مؤشرات السلوك قبل تفاقمها وتعطي إشارات مبكرة حول انخفاض التحصيل العلمي
- الأرقام العالمية المتعلقة بترتيب الكويت في مؤشرات الجودة التعليمية يجب أن تكون نقطة انطلاق نحو الإصلاح وليس محطة للتسليم بالأمر الواقع
- الاستثمار في المعلم هو أعلى استثمار يمكن أن تقوم به الدولة فينبغي أن يشمل تطويره معرفيا ومهاريا ورقميا مع التركيز على الوسائل الإبداعية في التدريس
إعداد: سالم الناشي - وائل سلامة
تأتي هذه الندوة ضمن الاهتمامات المستمرة لمجلة الفرقان بدور التربية والتعليم في بناء مجتمع قيمي، وسعيًا منها لتحقيق الهدف العام للتعليم في الكويت من خلال: (تهيئة الفرص المناسبة؛ لمساعدة الأفراد على النمو الشامل المتكامل، روحيًا وخلقيًا وفكريًا واجتماعيًا وجسميًا، إلى أقصى ما تسمح به استعداداتهم وإمكاناتهم، وذلك في ضـوء طبيعـة المجتمع الكويتي، وفلسفته وآماله، وعلى ضـوء مبادئ الإسلام، والتراث العـربي، والثقافة المعاصرة؛ بما يكفل التوازن بين تحقيق الأفراد لذواتهم، وإعدادهم للمشاركة البناءة في تقدم المجـتمع الكويتي خصوصًا؛ والمجتمع العـربي والعالمـي عمومًا؛ فمن الأهداف الدينية والقيمية أيضا: غرس مبادئ العقيدة الإسلامية الصحيحة في نفوس التلاميذ، وتنمية السلوك الأخلاقي المستمد من القيم الإسلامية والمجتمع الكويتي، وتعويد الطفل على ممارسة العبادات بطريقة مبسطة تتناسب مع عمره. ومن هذا المنطلق عقدت مجلة الفرقان يوم الاثنين الماضي 7 من ربيع الآخر 1447هـ، الموافق 29 من سبتمبر 2025م، ندوة بعنوان: (واقع التعليم في الكويت بين التحديات والفرص المتاحة)، واستضافت فيها عددًا من المختصين في العملية التربوية والتعليمية وهم: الخبير التربوي والموجه الفني: د.سالم يوسف الحسينان، والموجه الفني د.سعود حسن العجمي، وعضو مجلس إدارة جمعية المعلمين -الأسبق- م.سالم أحمد الناشي.

محاور الندوة:
وقد ناقشت الندوة عددًا من المحاور المهمة التي تسلط الضوء على واقع التعليم في الكويت وهي: المحور الأول حول: مقومات التعليم في الكويت، والمحور الثاني: الواقع التعليمي في الكويت، واشتمل هذا المحور على عدد من النقاط وهي: (نظرة عامة على النظام التعليمي، وأهم السياسات والبرامج التي اعتمدتها وزارة التربية في السنوات الأخيرة لتطوير التعليم، وحجم الاستثمار في التعليم، ومخرجات التعليم)، فيما كان المحور الثالث: التحديات وكيفية مواجهتها والفرص وكيفية استثمارها، وأما المحور الرابع فكان حول: موقع الكويت في المؤشرات الدولية والإقليمية لجودة التعليم، وتحليل أسباب التراجع في المؤشرات العالمية. مقومات التعليم
الهدف من التعليم
- في بداية الندوة طرح م. سالم الناشي سؤالاً افتتح به الندوة وهو: ما الهدف من التعليم؟، وذكر أنَّ الهدف من التعليم يتجاوز مجرد توفير الكوادر الوظيفية، ليشمل بناء كوادر قادرة على المساهمة في تنمية المجتمع، من خلال اكتساب المهارات اللازمة لسوق العمل، وتعزيز القدرة التنافسية، وتحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي المستدام، مع أهمية ربط التعليم بالاحتياجات المتغيرة للعالم.
السياسات التعليمية
- وعن السياسات والبرامج التي تعتمدها الوزارة قال د.سعود العجمي: إن هذه السياسات مثل المثلث؛ فالضلع الأول: تطوير المناهج، والضلع الثاني: إدخال التكنولوجيا والتحول الرقمي، والضلع الثالث: تدريب المعلمين وتأهيلهم، غير أن المشكلة تكمن في التحديات التي تواجه تطبيق هذه السياسات على أرض الواقع؛ إذ يختلف التنفيذ من إدارة إلى أخرى، فتتسع الفجوة بين ما يُقرَّر وما يُنفَّذ، كما أن هناك كوادر تربوية تقاوم التغيير أو تؤخر تنفيذه، وهو ما يتطلب وقتًا وجهدًا لإقناعها؛ لأن المعلم في النهاية هو الناقل المباشر للفكر والمنهج إلى الطالب.
الواقع التعليمي
التحولات التاريخية في التعليم
- ثم تحدث د. سالم الحسينان عن التحولات التاريخية في التعليم الكويتي قائلاً: مرّ التعليم في الكويت بمحطات بارزة؛ بدءًا من المدرسة المباركية (النظامية)، وصولًا إلى مرحلة البعثة الفلسطينية، ثم تبنّي (التعليم بالأهداف)، فـ(التعليم بالكفايات)، واليوم تبنّت وزارة التربية (التعليم بالمعايير)، وأُلفت الكتب وفقًا لذلك، ويُعدّ هذا المنهج نقلة نوعية في الميدان التربوي.
تنوع مسارات التعليم
- في البداية تحدث د. سعود العجمي عن واقع التعليم في الكويت، مبينًا أن هيكل التعليم في دولة الكويت، متنوع المسارات؛ فقد وفّرت الدولة أنماطًا متعددة من التعليم العام والخاص والنوعي، فضلًا عن التعليم العالي الحكومي والأهلي، وذلك في إطار سعيها إلى تحقيق خدمة مجتمعية شاملة، وقد أفرز هذا التنوع بدوره تفاوتًا ملحوظًا في مستويات الجودة وضبطها، سواء في التعليم العام أو في التعليم العالي، وهو ما أحدث فجوة واضحة بين التعليم الحكومي والخاص والنوعي، وقد انعكس هذا التفاوت على مخرجات النظام التعليمي وأثّرت في تكوين الطلبة عند انتقالهم إلى المرحلة الجامعية.
نقاط القوة في التعليم
- ثم تحدث د. الحسينان عن نقاط القوة في التعليم الكويتي وذكر عددًا منها ومن ذلك:
1- الدعم الحكومي والتمويل: حيث تمتلك وزارة التربية أكبر ميزانية بين مؤسسات الدولة، ما يتيح تمويلًا ضخمًا للمدارس والمعلمين. 2- البنية التحتية الواسعة: حيث تنتشر شبكة كبيرة من المدارس في مختلف المناطق؛ حتى أصبحت المدارس تُنشأ حتى قبل بناء المساكن الجديدة، ما يعكس أولوية التعليم. 3- مبادرات الإصلاح: فعلى الرغم من وجود بعض القصور، إلا أن وزارة التربية تطرح مبادرات إصلاحية متجددة. 4- توجيه سوق العمل: تسعى الدولة عبر قوانين القوى العاملة إلى إلزام المؤسسات العامة والخاصة بتوظيف الكوادر الكويتية، وهو عنصر قوة مهم في ربط التعليم بسوق العمل. نقاط الضعف
- ثم تحدث عن نقاط الضعف في التعليم الكويتي وذكر من ذلك:
1- القصور في المهارات العملية والمهنية: فلا يزال التركيز الأكبر على المعرفة النظرية، بينما يعاني الجانب المهاري والحرفي من ضعف واضح. 2- ضعف المواد التقنية: مثل مادة الحاسوب، التي تُعامل بوصفها مادةً ثانوية رغم الحاجة الملحّة إليها في هذا العصر الرقمي. 3- الفجوة بين المناهج وسوق العمل: فالطالب الكويتي لا يخرج مهيَّأً بالقدر الكافي لمتطلبات السوق. 4- تفاوت الجودة بين التعليم العام والخاص. 5- مقاومة التغيير: يواجه الميدان التربوي صعوبة في تقبّل التحديثات، مثل تطبيق رخصة المعلم. الدوام المدرسي والتسرب
- وعن أبرز الإشكاليات المؤثرة في جودة التعليم تحدث الناشي عن قضية الدوام المدرسي والتسرب من التعليم وتساءل قائلاً: هل السنة الدراسية -من حيث عدد الأيام- مناسبة ومتوافقة مع الأنظمة التعليمية الخليجية أو العربية؟ وما مدى التزام الطلبة بالدوام المدرسي؟ وهل هناك التزام بالحضور؟ أم تأخير وغياب عن بعض الساعات الدراسية؟ وما تأثير ذلك؟ وكذلك موضوع التسرب الذي يعد من أهم القياسات في جودة التعليم؛ فلابد أن ندرس أسباب ذلك التسرب؟ وفى أي المراحل يعدّ مهما هل في المرحلة المتوسطة أم الثانوية أم في التعليم الجامعي؟
منظومة متكاملة
- ثم تحدث د. سعود العجمي عن مفهوم الدوام المدرسي قائلاً: الدوام المدرسي ليس مجرد حضور جسدي؛ بل منظومة متكاملة من المعرفة والمهارات والخبرات، وأي خلل فيه ينعكس على العملية التعليمية، وقد يؤدي ذلك إلى زيادة نسب التسرب؛ فتجد الطالب يلجأ إلى مجالات أخرى؛ لذلك نحن بحاجة إلى أن تكون المدرسة بيئة جاذبة، ولن يحدث ذلك إلا بوجود حوافز للطلبة تقلل من نسب الغياب، ووجود ضوابط، وتفعيل دور الأسرة عبر ربط أولياء الأمور بالمدرسة إلكترونيا؛ لضبط الحضور والسلوك والدرجات، وإعادة النظر في الجدول الدراسي التقليدي؛ كما ينبغي تعزيز الأنشطة الحركية والرياضية والتقنية، وإعطاء التربية الإسلامية والقيم مساحة أكبر، وإدخال مواد مهنية وأخلاقية وتقنية يحتاجها المجتمع وتخدم مستقبل الطلبة.
نظام المقررات أم النظام الحالي؟
- ثم تساءل الناشي أيهما أفضل: نظام المقررات أم النظام الحالي؟ وعقَّب قائلا: لا شك أن نظام المقررات كان نظامًا متميزًا؛ حيث يتخرج الطالب متميزا في تخصصه، سواء في العلوم أو الرياضيات أو حتى في تخصص الشريعة؛ لذلك فإن عدم توافق المسارات الدراسية مع التخصصات الجامعية يضعف الإبداع؛ فطالب العلوم إذا التحق بكلية العلوم يبدع؛ لأنه يسير في مساره الطبيعي، وكذا طالب الشريعة إذا واصل دراسته في كلية الشريعة، لكن الواقع يشهد عزوفًا عن هذا التدرج الطبيعي، كما إن الجامعة لا تضع نسبًا مختلفة لقبول خريجي كل مسار؛ ما يؤدي إلى انحراف الطلاب عن مجالات تميزهم.
- ثم طرح الناشي سؤالاً جوهريًا: ماذا لو وُجد طالب لا يميل إلى التخصص (الأدبي)، ويصعب عليه التخصص (العِلمي)؟ هنا الحل الأمثل أن يُمنح حرية اختيار التخصص المناسب من خلال آلية اختيار، يشارك فيها خمسة أطراف: الطالب نفسه، وولي الأمر، والأخصائي التربوي والمرشد العلمي، وإدارة المدرسة، مع التأكيد على اختياره من خلال اختبارات القدرات والميول.
مسارات مهنية متخصصة
- وأضاف الحسينان، كذلك نحتاج إلى إيجاد مسارات مهنية متخصصة، كما هو الحال في بعض الدول مثل مصر؛ حيث توجد مدارس تجارية وصناعية وفنية ودينية وتقنية، بل وحتى مدارس رياضية، فالطالب يختار مساره بحسب ميوله واهتماماته، ويمارس شغفه داخل بيئة تعليمية متخصصة تمنحه في النهاية شهادة أكاديمية معتمدة، وهذه الفلسفة تُبرز الدوام المدرسي بأنه ليس مجرد حضور يومي، بل هو منظومة فكرية متكاملة تتيح للطالب تنمية هواياته وقدراته بما يخدم مستقبله.
استثمار إمكانات الكويت الخارجية
- وعقّب الناشي على هذه النقطة قائلاً: لماذا لا يتم استثمار إمكانات الكويت من خلال الشركات التي تستثمر فيها الكويت في الخارج؛ فبإمكان الدولة أن توفّر فرصًا لتدريب الكوادر الوطنية في تلك الدول من خلال مشاريعها وشركاتها الاستثمارية، تخيّل -مثلًا- طالبًا كويتيا خريج هندسة، يُبتعث إلى شركة عالمية تصنّع السيارات ليلتحق بها ببرنامج دبلوم تطبيقي هناك؛ كيف سيكون مستوى تأهيله وفرصه المستقبلية؟ وأضاف، لقد كان هذا النهج معمولًا به في السابق؛ إذ كانت بعض معاهد التدريب ترسل المدربين إلى اليابان وألمانيا لفترات تتراوح بين ستة أشهر وسنة، فيعودون بخبرات متقدمة تنعكس إيجابًا على واقع العمل.
مخرجات التعليم التطبيقي
- وأضاف الناشي: أنه من خلال دراسة أجريت حول مخرجات التعليم التطبيقي، تبين أن أفضل الكوادر التزامًا بسوق العمل هم خريجو المعاهد التطبيقية التي تدرب فيها الطلبة على تخصصات محددة ولمدة لا تقل عن سنتين؛ مما يكسبهم كفاءة عالية ويجعلهم متمكنين من مهنتهم، وقد استمر كثير منهم في مجالاتهم، بل صار بعضهم أصحاب ورش خاصة، يستوردون المعدات من الخارج، ويقدمون خدمات فنية داخل الكويت، ومع ذلك، فإن التعليم التطبيقي والتدريب يقوم بدور مهم في رفد سوق العمل بالأيدي الماهرة في المجالات المختلفة. وكذلك هم بحاجة إلى تخصصات تواكب سوق العمل.
بداية مرحلة التخصص
- ثم عقب على ذلك د. سعود العجمي قائلاً: الآن تخصص الطلبة - علميا وأدبيا- يبدأ من الصف الحادي عشر، وبعض الطلبة يقول أنا تخصصي أدبي لكن أنا بالصف العاشر ومع ذلك أدرس مواد كالأحياء والكيمياء والفيزياء والجيولوجيا، وأنا في هذه المرحلة لا أحتاج مثل هذه المواد، فهنا يجد الطلاب أنفسهم مضطرين في الصف العاشر لدراسة مواد لا تنسجم مع ميولهم؛ مما يدفعهم إلى التحول إلى المسار الأدبي في وقت متأخر، وقد يؤدي ذلك إلى التسرب الدراسي؛ لذا فإن الأنسب أن يبدأ التخصص من الصف العاشر، مع تنظيم ندوات تعريفية للطلبة، تستمر يومًا أو يومين، تُعرض فيها تفاصيل التخصصات المتاحة، بما يتيح لهم اتخاذ قرار مبكر وصحيح يوفر عليهم سنوات من القلق والهدر الدراسي.
خطة المحاور الستة..
ثم أشار الناشي إلى خطة وزارة التربية الأخيرة في اعتماد ستة محاور رئيسية وهي: المحور الأول: الإداري والمالي: الذي يستهدف إصدار دليل الجودة وتقليل الهدر في الميزانية، وتوجيه الصرف لتطوير التعليم وتدريب المعلمين. والمحور الثاني: المتعلق بالمعايير الدولية للتعليم (المناهج): بهدف تعزيز التنسيق مع المنظمات الخليجية والعربية والدولية في مجالات التربية والتعليم. وأما المحور الثالث فهو متعلق بتطوير التعليم: الذي يستهدف الاستفادة من التجارب العالمية في الدول المتقدمة في التعليم (فنلندا وسنغافورة وكوريا الجنوبية)، وإنشاء «المجمع الرياضي سباير»، وإصدار رخصة المعلم وإنشاء مكتب الفائقين. والمحور الرابع هو المحور الهندسي: ويستهدف بناء مدارس وفصول ذكية وتهيئتها، وإصلاح المدارس القديمة وتأهيلها. والمحور الخامس يتعلق بميكنة الوزارة: ويستهدف تطوير التواصل الإلكتروني بين أولياء الأمور والمعلم والطالب وتطوير التعليم الإلكتروني. وأخيرا المحور السادس المتعلق بالمبادرات بهدف التحول إلى المدارس الذكية. حلول مقترحة لمعالجة التسرب
- وبيّن الناشي أن من أهم الحلول لمعالجة ظاهرة التسرب الدراسي، أن يتم تشجيع المسارات الطبيعية! فمن يدرس مثلا في المعهد الديني بوصفه مسارا دينيا، فالمناسب له أن يستمر في التخصص ذاته، ويتم تشجيعه للدراسة في كلية الشريعة أو أي تخصص قريب من تخصصه في المرحلة الثانوية، وقد نلجأ إلى تخفيض نسبة القبول للطلبة الذين يختارون تخصصا متوافقا مع المسار الطبيعي، وهكذا المجالات العلمية والرياضيات والعلوم، وكذا الطالب ذو الميول الفنية أو التقنية، فيُفتح المجال أمامه ليواصل تعليمه في هذا الاتجاه منذ البداية، مع توفير بيانات واضحة عن فرص العمل بعد التخرج؛ فالخلل في مخرجات التعليم - على مختلف مراحله- يرجع بدرجة كبيرة إلى غياب الرؤية الواضحة لاحتياجات سوق العمل، وهذا يجعلنا نفكر جديا في إعادة (نظام المقررات) إلى المرحلة الثانوية؛ حيث إن هذا النظام يحدد مبكرا اهتمامات الطالب، وهناك تخصصات عدة (تشعيبات) يمكن للطالب الاختيار منها، بالتعاون مع المرشد التربوي ومن خلال اختبار القدرات، وهذه التشعيبات هي: الإسلامية واللغة العربية والعلوم والرياضيات والصناعي والتجاري والاجتماعيات.
حوافز مديري المدارس
- ثم تساءل الناشي عن الحافز الذي يقدم لمديري المدارس هل هو مُجزٍ؟ فردّ د. سعود العجمي إنه غير مجزٍ مقارنة بالمهام الكبيرة التي يكلف بها، فمنصب مدير المدرسة من أثقل المناصب التربوية وأكثرها مسؤولية؛ إذ يتعامل المدير مع مئات أولياء الأمور، ويشرف على عشرات المعلمين، ويتابع شؤون مئات الطلاب، ويحتاج في سبيل ذلك إلى خطط إدارية ومالية وصيانة مستمرة، فضلاً عن طاقة ذهنية عالية. في الماضي كان مدير المدرسة يعمل لساعات طويلة في فترات مسائية أو في أعمال الكنترول، أما اليوم فمع نظام البصمة انحسر جانب كبير من الجهد التطوعي، وأصبح العمل محصورًا في الجانب الرسمي، وهنا تبرز الحاجة إلى توفير تقدير مادي ومعنوي يوازي حجم المهام الملقاة على عاتق مدير المدرسة.
التحديات والفرص
الجهل بالإدارة التربوية
- ثم عقب د. سعود العجمي على ذلك قائلاً: لا شك أنَّ الجهل بالإدارة التربوية عقبة كبرى تُعيق العملية التعليمية بأسرها؛ إذ قد يتولى شخص منصب مدير أو مساعد مدير، وهو يفتقد إلى أبجديات الإدارة، بينما الأصل أن يتلقى تدريبًا وتأهيلاً إداريا قبل وصوله إلى هذا الموقع القيادي، فغياب التدريب قد يؤدي إلى إخفاقات في البيئة المدرسية والمبنى التعليمي ومجمل العملية التربوية؛ لذا فالتدريب الإداري ينبغي أن يكون مستمرا، لا أن يتوقف عند حد معين، تمامًا كما يُدرَّب المعلم في تخصصه.
يتبع