|
ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم قسم يختص بالمقاطعة والرد على اى شبهة موجهة الى الاسلام والمسلمين |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الهجرة النبوية والأمل د. حسام العيسوي سنيد مقدمة: تأتي هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة كل عام، تذكِّرنا بدروس وعِبر كثيرة، من أهم هذه الدروس: الأمل وعدم اليأس؛ فقد كانت الهجرة بداية جديدة، وأملًا متجددًا، بثَّه النبي صلى الله عليه وسلم في نفوس أصحابه، وفي نفوس المسلمين من بعده، لم تكن المرحلة المكية - بآلامها وأحزانها - إلا مرحلة في الحياة مرَّت، وكذلك الشدائد في حياة الإنسان: مرحلة تمر، وذكرى تمضي، ويبقى الأمل وقودًا للمسلم، وسلاحًا ماضيًا، يهوِّن عليه مصائب الحياة وشدائدها. 1- القرآن الكريم ومواقف الأمل: في القرآن الكريم مواقف كثيرة، تُبرز قيمة الأمل، وأهميته، في حياة الإنسان، ومن هذه المواقف: موقف يعقوب عليه السلام: يفقد يعقوب عليه السلام ابنه يوسف، ومن بعده ابنه الآخر، ولم يتخلَّ عن الأمل في العثور عليهم، والاجتماع بهم؛ يقول الله عز وجل: ﴿ يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87]، فالأمل - كما يُفهم من كلام يعقوب - خُلُقٌ للمؤمنين، واليأس من صفات وأخلاق الكافرين. موقف زكريا عليه السلام: يشتاق زكريا للولد، يقيم الله به الدين، ويحمل دعوة المرسلين، ومع ذلك؛ فزكريا كبير في السن، وزوجه عقيم، لم يمنع ذلك زكريا من الأمل فيما عند الله، وعدم اليأس في عطاء الله: ﴿ ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا * قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ﴾ [مريم: 2 - 6]. موقف نوح عليه السلام: مكث نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا، أمله أن يؤمِن قومه، سلاحه – بعد الإيمان بالله والاستعانة به - الصبر والجلَد والاجتهاد: ﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا * ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا * ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا * فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا * مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ﴾ [نوح: 5 - 13]. موقف محمد صلى الله عليه وسلم: يخرج محمد وصاحبه من مكة، مطارَدًا، فيسكن غار ثور، فيأتي المشركون الغار، ويخاف صاحبه، ويسكن قلب محمد صلى الله عليه وسلم باليقين في معية الله، والأمل في نصره وتأييده: ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 40]. هذه بعض مواقف القرآن الكريم في الحثِّ على الأمل، وجعله خُلقًا رئيسًا للمسلم، يعلو به شأنه، وتزداد به كرامته وفضله. 2- مواقف من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم: بالإضافة إلى ما ذكره الله عز وجل عن نبيه صلى الله عليه وسلم في حادثة الهجرة، توجد مواقف كثيرة في حياة رسولنا الكريم وسيرته العطرة؛ ومنها: موقفه صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر: لما طلب النبي صلى الله عليه وسلم مؤازرة الأنصار، ووقوفهم بجواره؛ فقال صلى الله عليه وسلم: ((أشيروا عليَّ أيها الناس، قام سعد بن معاذ وقال: والله لَكأنك تريدنا يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: أجل، قال سعد: لقد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة لك، فامضِ يا رسول الله لما أردتَ، فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضتَ بنا البحر فخُضته لَخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا، إنا لَصُبُرٌ في الحرب، صُدُقٌ عند اللقاء، لعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسِرْ على بركة الله، فسُر النبي صلى الله عليه وسلم، وقال بروح يملؤها الأمل في النصر: سيروا وأبشروا، فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم)). موقفه صلى الله عليه وسلم في بناء المسجد: فقد ساهم صلى الله عليه وسلم في بناء المسجد، فهو النواة في تربية المسلمين، وهو الأمل في تكوين جيل النصر والتمكين؛ يقول صلى الله عليه وسلم لأسيد بن حضير لما تقدم ليحمل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اذهب فاحتمل غيره، فإنك لستَ بأفقرَ إلى الله مني))، ويهتف الصحابة بكل أمل وبشرى في الحياة القادمة: لئن قعدنا والنبي يعمل ![]() لَذاك منا العمل المُضلَّلُ ![]() اللهم إن العيش عيش الآخره ![]() فانصر الأنصار والمهاجرهْ ![]() موقف النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الأحزاب: اشتد الحصار على رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته، وعانوا أشد المعاناة في حفر الخندق، لكن لم يُصِب النبي صلى الله عليه وسلم اليأسُ، وكان سلاحه الأمل؛ يُمسِك النبي صلى الله عليه وسلم مِعوله، ويضرب الصخر الصلب، ويبشرهم – في هذا الجو الملتهب - بقوله: ((أضاء لي في الأولى قصور الحيرة ومدائن كسرى كأنها أنياب الكلاب، وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها، وفي الثانية أضاء القصور الحُمر من أرض الروم كأنها أنياب الكلاب، وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها، وأضاء لي في الثالثة قصور صنعاء كأنها أنياب الكلاب، وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها؛ فأبشروا))، فاستبشر المسلمون، وقالوا: الحمد لله، موعود صادق. 3- بشريات نصر الإسلام: امتلأ القرآن الكريم ببشريات نصر الإسلام ورفعة المسلمين؛ يقول الله تعالى: ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة: 32، 33]. ﴿ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ﴾ [الأنفال: 7، 8]. وقد بشَّر النبي صلى الله عليه وسلم الأمة بذلك في أكثر من حديث: ورد في سنن أبو داود عن خبَّاب، قال: ((أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسِّد بردةً في ظل الكعبة، فشكونا إليه فقلنا: ألَا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟ فجلس محمرًّا وجهه، فقال: قد كان من قبلكم يُؤخذ الرجل فيُحفر له في الأرض، ثم يُؤتى بالمِنشار، فيُجعل على رأسه فيجعل فِرقتين، ما يصرفه ذلك عن دينه، ويُمشط بأمشاط الحديد، ما دون عظمه من لحم وعصب، ما يصرفه ذلك عن دينه، والله ليُتمَّن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب ما بين صنعاء وحضرموت، ما يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم تعجَلون)). وفي مسند الإمام أحمد عن تميم الداري، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لَيبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدرٍ ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعزِّ عزيزٍ أو بذلِّ ذليل، عزًّا يُعز الله به الإسلام، وذلًّا يذل الله به الكفر))، وكان تميم الداري، يقول: "قد عرفت ذلك في أهل بيتي، لقد أصاب من أسلم منهم الخير والشرف والعز، ولقد أصاب من كان منهم كافرًا الذل والصَّغار والجزية". فعلى المسلم أن يستبشر، ويملأه الأمل، ويبتعد عن القنوط واليأس، فهو من صفات الكافرين.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |