|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الذِّكر بالعمل الصالح الشيخ الحسين أشقرا الحمد لله رب العالمين، ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 - 3]؛ أما بعد: فإن موضوع الذكر بالعمل الصالح يُدخلنا إلى روضة من رياض الجنة، نتفيأ ظلالها رجاءَ أن نكون من إخوان رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين بشَّر بهم أصحابه، وتمنى وودَّ رؤيتهم، أجرُ واحد منهم مضاعف إلى خمسين من الصحابة. وما أجمل قول من قال: من زار بابك لم تبرح جوارحه ![]() تروي أحاديثَ ما أوليتَ من مِننِ ![]() فالعين عن قرة والكف عن صلة ![]() والقلب عن جابرٍ والسمع عن حسنِ! ![]() وللذكر قيمة جليلة عند الله تعالى؛ فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: "مر الملأ من قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنده صهيب، وخبَّاب، وبلال، وعمار، وغيرهم من ضعفاء المسلمين، فقالوا: يا محمدُ، أرضيت بهؤلاء من قومك؟ أفنحن نكون تبعًا لهم؟ أهؤلاء الذين منَّ الله عليهم؟ اطردهم عنك، فلعلك إن طردتهم اتبعناك، فأنزل الله تعالى في سورة معها سبعون ألف ملك قوله عز وجل: ﴿ وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنعام: 52]". لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مقياسًا للاقتداء، ووحدة أساسية للقياس والاهتداء في حالة السواء، وأغلب من يعيش في عالم اليوم مصاب بالغفلة عن ذكر الله، إلا من حفظه الله بفضله ورحمته، ليأتي قوله سبحانه منبِّهًا: ﴿ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ [سبأ: 13]، فتجد وترى من حولك إلحادًا مزريًا، وطغيانًا مستشريًا، وبدعًا تترى، وفواحشَ تشكو منها الأرض والسماء، فلم يبقَ إلا ثلة من الذين وفقهم الله، فاختاروا العيش على منهج الاقتداء بأسوة البشر، ومن هذه القلة فئة من المحبين لمجالس ذكر العمل الصالح، ومجالس الهدى والعلم، لتحُفَّهم الملائكة، وتطمئنَّ القلوب، وتتنزل عليهم السَّكينة والرحمات، ويباهي بهم رب الأرض والسماوات ملائكتَه من مختلف الدرجات؛ جاء على لسان عطاء بن رباح رضي الله عنه: "مجلس واحد يكفِّر سبعين مجلسًا من مجالس اللهو واللغو"، وفي هذه المجالس يرتقي العبد بروحه عن ملذات صغيرة؛ ملذاتِ البهائم والأنعام، التي تُنسي المنبهرين والمنشغلين بها ربَّهم، فينسَون أنفسهم، إن لذة مجالس الذكر تكمن في الاتصال بالواحد الأحد، المتصف بالعزة والملك، والعظمة والجبروت. وهاكم النموذج للذكر بالعمل الصالح: عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((انطلق ثلاثةُ نفر ممن كان قبلكم، حتى آواهم المبيت إلى غار، فدخلوه فانحدرت صخرة من الجبل، فسدَّت عليهم الغار، فقالوا: إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، فقال رجل منهم: اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنت لا أغبِق قبلهما أهلًا ولا مالًا، فنأى بي في طلب شيء يومًا، فلم أُرِحْ عليهما حتى ناما، فحلبت لهما غَبوقهما، فوجدتهما نائمين، وكرهت أن أغبق قبلهما أهلًا أو مالًا، فلبثت والقدح على يدي، أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر، فاستيقظا، فشربا غبوقهما، اللهم إن كنتُ فعلت ذلك ابتغاء وجهك، ففرِّج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة، فانفرجت شيئًا لا يستطيعون الخروج، قال النبي صلى الله عليه وسلم: وقال الآخر: اللهم كانت لي بنتُ عمٍّ، كانت أحب الناس إليَّ، فأردتها عن نفسها، فامتنعت مني حتى ألمَّت بها سنة من السنين، فجاءتني، فأعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تخلِّيَ بيني وبين نفسها، ففعلت، حتى إذا قدرت عليها، قالت: لا أُحل لك أن تفضَّ الخاتم إلا بحقِّه، فتحرجت من الوقوع عليها، فانصرفت عنها وهي أحب الناس إليَّ، وتركت الذهب الذي أعطيتها، اللهم إن كنت فعلت ابتغاءَ وجهك، فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة، غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: وقال الثالث: اللهم إني استأجرت أُجراء، فأعطيتهم أجرهم غير رجلٍ واحد ترك الذي له وذهب، فثمَّرت أجره حتى كثرت منه الأموال، فجاءني بعد حين فقال: يا عبدَالله، أدِّ إليَّ أجري، فقلت له: كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق، فقال: يا عبدَالله، لا تستهزئ بي، فقلت: إني لا أستهزئ بك، فأخذه كله، فاستاقه، فلم يترك منه شيئًا، اللهم فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة، فخرجوا يمشون)). والنموذج الثاني: يتجلى الانتفاع من الذكر في صور شتى، ومنها حالة فقراء المهاجرين الذين اشتكَوا حاجتهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقولهم: ((يا رسول الله، ذهب أهل الدُّثور بالأجور، يُصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم، قال: أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون؟ إن لكم بكل تسبيحة صدقةً، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهيٌ عن منكر صدقة، وفي بُضع أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام، أكان عليه وِزْرٌ؟ فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر))، والكَيْسُ العاقل من كان لسانه رطبًا بذكر الله، منشغلًا بالعمل الصالح قائمًا وقاعدًا وعلى جنبه، ولا يلتفت لقلة السالكين، ليحظى بالمراتب العالية وليذكره الله في الملأ الأعلى، والموفَّق من وفَّقه الله؛ ليستحضر دومًا قوله تعالى: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 - 3].
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |