تراثنا دائم التجديد ذاتي النقد - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         5 زيوت طبيعية تساعدك في إزالة رائحة اللحوم من اليدين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 96 )           »          حلول وخطوات فعالة للتخلص من رائحة الأضحية فى المنزل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 80 )           »          أفضل طريقة لتنظيف الممبار فى منزلك بخطوات سريعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 71 )           »          5 تريكات عشان تستمتع بمكسرات العيد طازة ولذيذة.. من الشراء للتخزين والتقديم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 107 )           »          خطبة عيد الأضحى: العيد وثمار الأمة الواحدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 99 )           »          خطبة العيد فرح وعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 78 )           »          كتاب مداخل إعجاز القرآن للأستاذ محمود محمد شاكر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 25 - عددالزوار : 1538 )           »          الآلئ والدرر السعدية من كلام فضيلة الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 75 )           »          المرأة والأسرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 68 - عددالزوار : 10010 )           »          تحت العشرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 68 - عددالزوار : 11801 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى الحوارات والنقاشات العامة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27-05-2024, 05:57 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,535
الدولة : Egypt
افتراضي تراثنا دائم التجديد ذاتي النقد

تراثنا دائم التجديد ذاتي النقد






كتبه/ شحات رجب بقوش


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فإن التراث الإسلامي هو نتاج حراك علمي ضخم استمر عبر القرون منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، وعبر بقعة جغرافية واسعة امتدت مِن أقاصي آسيا شرقًا وحتى الأطلنطي غربًا، مع توغلها في جنوب أوروبا وأواسط إفريقيا، وساهم في بناء هذا التراث الكثير من العلماء، والعديد من المدارس والمساجد، إلى أن أصبح هذا التراث يزين كل مكتبات الدنيا خارج بلاد الإسلام وداخلها، وظل هذا التراث محل اهتمام الدوائر العلمية في بلاد الغرب لعدة قرون، ينهلون من علوم المسلمين من ناحية، ويتعرفون على سمات هذا الدين وأهله من ناحية أخرى تمهيدًا للانقضاض عليهم.

وهذا التراث تراث متنوع ومتكامل، يشغل معظمه علوم الشريعة واللغة، وفيه أيضًا نسبة كبيرة مِن التراث العلمي في الفلك، والرياضيات، والطب، والنبات، والحيوان، والتاريخ والجغرافيا.

ومع ذلك تجد مع هذه الميزات في التراث الإسلامي أن هناك مَن ينادي بإعدامه، وبعضهم يترقق في عدوانه على التراث فيطالب بتجديده ودراسته دراسة ناقدة، زعمًا منهم لأمرين:

الأول: أنه تراث قديم لا يناسب الحياة المعاصرة؛ فيجب تجديده.

ثانيًا: أنه تراث من جهد البشر فيه الصحيح والسقيم فيجب نقده.

والواقع أن كل هذه الدعوات لا تعرف طبيعة تراثنا ولم يقم أصحابها بدراسة التراث الإسلامي دراسة متأنية قبل إصدار هذه الأحكام الخاطئة، فإن الذي ينظر للتراث نظرة إنصاف يجد أنه دائم التجديد، وذاتي النقد، لا ينتظر نظريات وضوابط يضعها الغرب أو تستورد من حضارات مغايرة لحضارتنا الإسلامية فنخضع تراثنا لأحكامها، وفيما يلي نناقش هاتين القضيتين:

أولًا: التجديد المستمر للتراث:

إن الذي يتابع الدورة التراثية لكتابٍ ما يجد أن معظم هذه الكتب في حالة تجديد مستمر، فإن كثيرًا مِن الكتب التي هي عمدة في بابها تمر بدورة تراثية طويلة تهدف على التجديد المستمر لها، فالكتاب بعد ما يتركه مصنفه ويمر عليه مدة تجد عالمًا محبًّا للتجديد يأتي إلى هذا الكتاب فيشرح ما غمض من ألفاظه ليقربه إلى أهل عصره بعد ما مضى على مؤلفه زمانًا، ثم بعد الشارح يأتي المحشي فيستدرك في حاشيته ما فات الشارح من بيانٍ لكلام المصنف مما دعت الحاجة لبيانه مع مرور الزمان واختلاف الثقافة، وقد يأتي مَن يستدرك مباحثًا قد فات المصنف ذكرها في كتابه؛ ربما لعلم أهل زمان المصنف بها.

فلما تغيرت الثقافة والمستويات العلمية، أصبح من التجديد ذكر هذه الاستدراكات، وقد يأتي عالم متأخر ويرى تغير المزاج العلمي لأهل عصره وإعراضهم عن هذا الكتاب أو الباب مِن العلم، فيلجأ إلى التجديد فينظم الكتاب شعرًا يتغنى به طلاب العلم، أو يختصر الكتاب المطول ليسهل على الطلاب حفظه واستحضار أبوابه ومسائله.

ثم يأتي عالم آخر مجدد فيستفيد من دورة الكتاب السابقة في صياغة كتابٍ جديدٍ متضمنًا فحوى المتن وشروحه وحواشيه واستدراكاته ونظمه ومختصراته في مصنفٍ يناسب أهل زمانه، ويدرج فيه ما استجد من نوازل ومسائل كخطوة أخرى في طريق التجديد، وسرعان ما يخضع الكتاب الجديد لدورة تراثية جديدة كسابقه.

ومثال للكتب التي مرت بدورات التجديد، كتاب: مقدمة ابن الصلاح (ت: 643هـ) قال عنه ابن حجر (ت: 852هـ): "إِلى أَنْ جاءَ الحافِظُ الفقيهُ تقيُّ الدِّينِ أَبو عَمْرٍو عُثْمانُ بنُ الصَّلاحِ عبدِ الرحمنِ الشَّهْرَزُوريُّ -نزيلُ دمشقَ- فجَمَعَ -لما وَلِيَ تدريسَ الحديثِ بالمدرَسَةِ الأشرفيَّةِ- كتابَه المَشهورَ، فهَذَّبَ فنونَهُ، وأَملاهُ شيئًا بعدَ شيءٍ؛ فلهذا لمْ يَحْصُلْ ترتيبُهُ على الوضعِ المُناسِبِ، واعتنى بتصانيفِ الخَطيبِ المُتفرِّقةِ، فجمَعَ شَتاتَ مقاصِدِها، وضمَّ إِليها مِن غَيْرِها نُخَبَ فوائِدِها، فاجتَمَعَ في كتابِه ما تفرَّقَ في غيرهِ، فلهذا عَكَفَ النَّاسُ عليهِ وساروا بسَيْرِهِ، فلا يُحْصى كم ناظِمٍ له ومُختَصِر، ومستَدْرِكٍ عليهِ ومُقْتَصِر، ومُعارِضٍ لهُ ومُنْتَصِر" (نزهة النظر).

فكلام ابن حجر يشرح دورة مِن دورات التجديد في التراث الإسلامي، فبعد مصنفاتٍ متفرقةٍ للخطيب البغدادي في أبواب المصطلح يأتي أبو عمرو بن الصلاح فيجمع شتاتها في مصنفٍ مستقلٍ يطير الناس به، ويدخل في دورات مِن دورات التجديد.

فعمد إليه الناظمون يجعلون معانيه شعرًا لا تصيب قارئها بالسآمة، فنظمها الحافظ زين الدين العراقي (ت: 806هـ) في ألفيته: "التبصرة والتذكرة في علوم الحديث"، ومِن بعده الحافظ السيوطي (ت: 911هـ) في ألفيته أيضًا.

وأراد بعضهم اختصارها ليسهل حفظها واستحضار أبوابها، فجاء الإمام النووي (ت: 676هـ) فاختصر كتاب ابن الصلاح في "التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير في أصول الحديث"، ثم الحافظ ابن كثير (ت: 774هـ) في كتابه: "اختصار علوم الحديث".

وجاء مِن العلماء مَن تعرض لشرح الكتاب فبيَّن مشكله، وأورد الإيرادات على بعضه وأجاب على بعض ما انتقد عليه، فمن ذلك: "النكت على مقدمة ابن الصلاح" لبدر الدين الزركشي (ت: 794هـ)، و"التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح" لزين الدين العراقي (ت: 806هـ)، و"النكت على كتاب ابن الصلاح" لابن حجر العسقلاني (ت: 852هـ).

ثم تأتي ألفية العراقي التي هي عنصر من عناصر دورة التجديد لكتاب ابن الصلاح فيدخلها العلماء دورة جديدة من التجديد التراثي فيشرحها مؤلفها، ثم ابن حجر، ثم السخاوي (ت: 902 هـ)، ثم الشيخ زكريا الأنصاري (ت: 926هـ).

وإلى يوم الناس هذا ما زالت هذه الكتب وغيرها محل اهتمام وتجديد وتقريب، سواء في الدراسة العامة، أو في الدوائر الأكاديمية يتم تسجيل الرسائل في خدمة هذه الكتب وتجديدها.

ثانيًا: النقد الذاتي للتراث:

وفي جانب آخر: يدندن البعض بضرورة إخضاع التراث الإسلامي للنقد؛ لبيان الأصيل منه والدخيل، وهي دعوة ظاهرها الحسن، وباطنها قبيح؛ إذ يقصد بها دعاتها في الغالب تغيير وتبديل تراثنا الإسلامي بتراث دخيل علينا، ولو خَبُر هؤلاء خصائص المكتبة الإسلامية؛ لوجدوا أن التراث الإسلامي ذاتي النقد، ولا ينتظر مناهج غربية وغريبة عنه لانتقاده.

ومِن صور النقد الذاتي للتراث الإسلامي: "علم الحديث"؛ فأهل الحديث كانوا نقادًا أفذاذًا ينتقدون كل دخيل ويكشفون كل بدعة تُستحدث في الدين؛ فلولاهم لعمت البدع، وشاعت الشبهات، ولذلك قال الحاكم النيسابوري رحمه الله في مقدمة كتابه: "معرفة علوم الحديث": "أما بعد: فإني لما رأيت البدع في زماننا كثرت، ومعرفة الناس بأصول السنن قلَّتْ، مع إمعانهم في كتابة الأخبار، وكثرة طلبها على الإهمال والإغفال؛ دعاني ذلك إلى تصنيف كتاب خفيف يشتمل على ذكر أنواع علوم الحديث…" (معرفة علوم الحديث).

وقبل ذلك قيل لابن المبارك رحمه الله: "هذه الأحاديث المصنوعة؟ قال: تعيش لها الجهابذة" (الكامل في ضعفاء الرجال).

فتبيَّن مِن ذلك أن علم الحديث خير رادع لكل مبتدع في الدين، وقال ابن المبارك: "الإِسْنَادُ مِنَ الدِّينِ، لَوْلا الإِسْنَادُ لَقَالَ مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ".

فكان المحدثون نقادًا، ينقدون المرويات وما نسب للنبي صلى الله عليه وسلم بمنهج علمي رصين، شهد بجودته المستشرقون المنصفون؛ قال القس المستشرق الإنجليزي (دافيد صموئيل مرجليوث) 1858: 1940م: "ليفتخر المسلمون ما شاءوا بعلم حديثهم" (ينظر: المقالات العلمية، نقلًا عن تقدمة العلامة المعلمي اليماني في المعرفة لكتاب الجرح والتعديل).

ولم يكن النقد مقتصرًا على علم الحديث فقط، بل كان في كافة العلوم الإسلامية، ففي الفقه تنوعت المذاهب الفقهية، فنشأ علم الفقه المقارن الذي يناقش أدلة كل مذهب في المواضع المختلف فيها، فيبين الدليل الأقوى والدليل الضعيف، والدليل الضمني والصريح، والقول الراجح والمرجوح في عملية تمحيص ونقد بأسس علمية لم تشهد مثلها أمة من الأمم، فنشأ عن ذلك مكتبة ضخمة من الفقه المقارن؛ ينظر منها كتاب: "مختصر اختلاف العلماء للطحاوي (ت: 321هـ)" اختصره الجصاص الحنفي (ت: 371هـ)، وكتاب "الإشراف على نكت مسائل الخلاف" للقاضي عبد الوهاب المالكي (ت:422هـ)، و كتاب "البيان" للعمراني الشافعي (ت : 558هـ)، وكتاب "إجماع الأئمة الأربعة واختلافهم" لابن هبيرة الحنبلي (ت: 560هـ)؛ كل هذه كتب قامت على نقد الأدلة والأحكام.

إلى جانب ما تقدم، فقد كان هناك ردود علمية وانتقادات بين العلماء باستمرار، منها: "الرد على الجهمية" لأبي سعيد الدارمي السجستاني (ت: 280هـ)، والردود على الجهمية كثيرة تتابع العلماء على الكتابة فيها، والرد على المبتدعة.

بل وأهل السُّنة أنفسهم من العلماء قد ردوا على بعضهم بعضًا ليصنعوا نموذجًا فريدًا مِن النقد الذاتي للتراث، وما كان بين ابن حجر والبدر العيني خير مثال، فقد ألَّف ابن حجر كتاب فتح الباري في شرح صحيح البخاري، فألف معاصره البدر العيني كتابه: "عمدة القاري"؛ ولأنه متأخر عنه انتقد على ابن حجر أمورًا، فجاء ابن حجر فألَّف كتابه الثاني: "انتقاض الاعتراض" ليجيب على اعتراضات العيني.

وكذلك كانت المساجلات العلمية والردود المتبادلة بين الحافظين الكبيرين: السخاوي والسيوطي رحمهما الله.


الخاتمة:

إن مَن ينادي بتجديد التراث أو نقده، إن كان صادقًا في دعواه، فتراثنا امتلك أدوات التجديد المستمر، والنقد الذاتي، وليس بحاجةٍ إلى مناهج تجديد ونقدٍ مِن خارجه، فإن كانت الدعوى للتجديد والنقد تريد استيراد مناهج أجنبية لتطبيقها على التراث؛ فهذا تنكر لتراثنا بهدف هدمه وليس تجديدًا ولا نقدًا، وستخرج هذه العملية بإنتاجٍ مشوهٍ لا يسمن ولا يغني من جوع، فلا يصح إلا نقد التراث بالتراث، وتجديد التراث بالطريقة التي جُدد بها على مرِّ الزمان بخدمته وتقريبه وشرحه بما يوافق العصر.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 54.49 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.82 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.06%)]