رائد المسك
يارائدَ المِسْكِ قدْ عطَّرْتَ أقصانَـا=وكمْ كتبْتَ بذاكِ العَرْفِ عُنْوانـاَ
سالتْ دماؤُكَ تَرْوِي الأرْضَ منْ ظمَأٍ= ليُزْهِرَ المَرْجُ أزهـاراً وَرَيْحَانَـا
ليملأُ الأُفْقَ عِطـْرٌ طَـيِّبٌ عَبـِقٌ = ويَصْبِغُ الكـَوْنَ ألْوانًـا وألوانَـا
للــه دَرُّكَ يامغـوارُ مِنْ بَطـَلٍ = يامَنْ رَفَعْتَ بأرْضِ القُدْسِ آذَانـا
جاشَتْ بِنَفْسِكَ للفردوسِ عاطفةٌ = فقلتَ :امضِي إلى عَلْيَائِهَا الآنـا
أَرْخَصْتَ رُوحَكَ والدُّنْيَا وَمَاوَهَنَتْ = نَفْسُ الأَبـِيِّ ولاعَنْ رَبِّـهِ هَانَـا
يابْنَ الكتائبِ قدْ زَعْزَعْتَ دَوْلَتِهِمْ= وبِتَّ تَنْسِفُ للطغيـانِ أَرْكـَانَـا
لِيَعْلَمَ الجَمْعُ أَنَّ الموتَ مَوْعِدُهُمْ = وَأَنَّ عَصْفَ بَنِي القَسَّامِ قَدْ حَانَـا
هذِي الكتائبُ يَاشَارُونُ غَاضِبَةٌ = فَمَنْ- لُعِنْتَ- يُلاقِي الليْثَ غَضْبَانَا
سيعلمُ الجَمْعُ مِنْ هُودٍ وَمِنْ عَرَبٍ = أنَّا الأسودُ فَمَنْ في الحَرْبِ يَلْقَانَـا
يَلْقَى السّيوفَ عَلَى الأعناقِ مُشْرَعَ = والمـوتَ يُمْطِرُهُ شُهْبـاً وَنِيرَانَـا
إنَّا إلى الحَرْبِ مَنْ تَمْضِي قَوَافِلُهُمْ = كالرِّيحِ نَسْعَى لَهَا شِيْبًـا وَشُبَّانَـا
نُمَزِّقُ الكٌفْـرَ أَشـْلاءً مُمَزَّعـَةً = وَنَفْجُرُ الأَرْضَ بالألْغَـامِ بُرْكـَانَـا
نحنُ الذينَ بَنَيْنَـا بالتُّقَى وَطَنًـا = وَكَمْ بَنَيْنَـا عَلَى الفردوسِ أَوْطَانَـا
للــهِ دَرُّكَ كَمْ أَحْيَيْتَ أَفْئِـدَةً = وَكَمْ نَسَـفْتَ بِذَاكَ اللغـْمِ أَوْثـَانَـا
فَكَمْ قَعِيـدٍ تُمِيتُ الْقَلـْبَ رُؤْيَتـُهُ = وَكَمْ شَهِيـدٍ بِذِكْرِ الْمـَوتِ أَحْيَانَـا
قُلْ للذينَ أَدَانـُوا الحَرْبَ وَيْلـَكُمُ = أَمَـا غَضِبْتُمْ لِظُلْمٍ طـَالَ أَقْصـَانَـا
أَمَا غَضِبْتُمْ لِعِرْضٍ نَـازِفٍ وَدَمٍ = فـي كُلِّ يـَوْمٍ وَأَحْيَانًـا وَأَحْيـَانَـا
فَكَمْ جَرَعْنا كؤوسَ الموتِ فِي رَفَح = وَكَمْ لبسناَ مسوحَ الحزنِ فِي قَـانَـا
أَمَا شَهِدْتُمْ عَلَى جِينِينَ كَمْ قَتَلُوا = أنثـى وَكَمْ ذَبَحُوا شِيبـًا ووُلْدَانَـا
وَكَمْ أَهَانُوا لَنَـا أُنْثَى وَكَمْ ذَكَرٍ = قَدْ أَحْرَقُوهُ عَلَى الأَنْصـَابِ قُرْبَانَـا
وَكَمْ أَذَاقُوا شُعُوبَ الأَرْضِ مِنْ غُصَصٍ = وَكَـمْ أَذَلـُّوا مِنَ الأَحْيـَاءِ إِنْسَانَـا
وَكَمْ أَبَـادُوا لَنَـا كَفْراً وَأَدْيِرَةً = وَكَمْ أَهـانوا مَحَارِيـبًا وَصُلْبَانَــا
وَكَمْ شَهِدْنَا لَهُمْ غَدْراً وَمَذْبَحَةً = وَكَمْ لَقِينَـا مِنَ التَّشْرِيـدِ أَلْوَانَــا
وَكَمْ دَفَنَّا بِبَطْنِ الأرْضِ مِنْ جُثَثٍ = وَكَمْ أَقَلّـَتْ بُطُونُ الطَّيـْرِ قَتْلانَــا
مَنْ ذَا الذِي يَدَّعِي فِي الْحَرْبِ مَكْرُمَةً = وَيَمْـلأُ الكَـوْنَ تَمْتَمـَةً وَإِعْلانَــا؟!
هَذَا الذِي يَدَّعِي بَيْنَ الْوَرَى خُلُقاً = قَدْ كـَانَ بِالأَمْسِ لِلأَحـْرَارِ سَجَّانَـا
وَهْوَ الْعَمِيلُ لِمَنْ دَاسُوا كَرَامَتَهُ = وَمَنْ أَهَالـُوا عَلَيـْهِ الذُّلَّ أَطْنَـانَـا
ذَاكَ الذِي دَعَةُ الْحِمْلانِ ظَاهِرُهُ = وَكَمْ تَبَدَّلـَتِ الذُّؤْبَـانُ حِمْلانــَا
وَكَمْ تَرَاءَى لَنَا فِي الْحَيِّ مِنْ جُرَذٍ = وَالْيوْمَ أَضْحَى بِذَاكَ الْحَيِّ ثُعْبَانَـا
إنَّ الذينَ أَدَانُوا الْحَرْبَ شِرْذِمَةٌ = كَانُوا لِشـَارُونَ أَتْبَاعـاً وَأَعْوَانَـا
القدسُ تَشْهَدُ والتاريخُ يَفْضَحُهُمْ = واللـهُ يَلْعَنُ فِي القُرْآنِ مَنْ خَانَـا
والْمُرْجِفِينَ وَمَنْ نَادَى بِدَعْوَتِهِمْ = وَمَنْ يُبَطِّيءُ جُنْدَ اللــهِ خُذْلانَـا
وَمَنْ تَدَاعَوْا إلى سِلْمٍ وَمَنْ تَخِذُوا = زَعـَانِفَ الْكُفـْر ِرَغْمَ الذُّلِّ خِلاّنَـا
يابْنَ الكتائِبِ زَمْجِرْ وَلْتَكُنْ أَسَدًا = تُصْغِي لَهُ الغَابُ أَسْبَاعـاً وَغِزْلانَـا
فَـلا تَعِيثُ قُرودٌ فِي مَرَابِضـِهِ = وَيُرْجِفُ الرّعْبُ فِئْرانـًا وَجُرْذَانَـا
وَتَفْرُقُ اليومَ مِنْ صَيْحَاتِهِ خِلَقٌ = كمْ أَذْعَنَتْ لنداءِ البَغْـيِ إِذْعَـانَـا
فاضْرِبْ بسيفكَ عَلَّ اللهَ يَنْصُرُنَا = وَيُبْدِلُ الخَوْفَ للأعـداءِ أَحْزَانَــا
وَيَبْسُمُ الفجْرُ مِنْ عَكّا إلى رَفَحٍ = وَيَغْمُرُ النـورُ أَغـْوَاراً وودْيَانَـا
وَيَزْحَفُ الْمَدُّ مِنْ غَزّهْ إلى صَفَدٍ = يُطَهِّرُ الأرضَ أَنْهـَاراً وَشُطْآنَــا
لِيَحكُمَ اللـهُ بالإسـلامِ أُمَتَنَـا = ويفتحَ النصـرُ أقطـاراً وَبُلْدَانَـا
وَيَجْمَع اللهُ حَوْلَ القُدْسِ أَفْئِدَةً = كالسّيْلِ تَتْلُوا عَلَى الآفَـاقِ قُرْآنَـا
لاتَسْتَجِيرُ بِغَيْرِ اللــهِ مُعْلِنـَةً = اللـهُ أكبـرُ في الأرجـاءِ إِعْلانَـا
اللــهُ غايتُنَـا والعَدْلُ رايتُنَـا = والصـَّبْرُ عُدَّتُنَـا والصدقُ دَعْوَانَـا
والعِزُّ مَرْتَعُنَـا والحَقُّ يَرْفَعُنَـا = والْحُبُّ يَجْمَعُنَـا فِي اللـهِ إِخْوانَـا
تمضي قوافلنَـا بالْوِدِّ مُثْقَلَـةٌ = تَنْسَابُ دَعْوَتَنَـا رُوْحـًا وَرَيْحَانَـا
واللهُ يَحْرُسُهَا بِالْهَدْيِ يُؤْنِسُهَا = والصدْقُ يَمْنَحُهَـا أَمْنـًا وإيمَانَـا
إيهٍ كتائبُ عزِّ الدينِ كَمْ رُفِعَتْ = لَكُمْ بُنُـودٌ وَكَمْ أَعْلَـيْتُمُ الشَـانَـا
وَكَمْ أَقَمْتُمْ لِجَوْعَى الفِكْرِ مَأْدُبَةً = وَكَمْ سَقَيْتُمْ بِرُوحِ الدينِ عَطْشَانَـا
وَكَمْ تَجَلَّتْ بِأَرْضِ القُدْسِ رَايَتُكُمْ = حَتَّى أَظَلَّتْ عَرُوسَ الغَـوْرِ بَيْسَانَـا
سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ الضيقِ مُتَّسَعـًا = وَيُصْبِـحَ الدَّمْـعُ والأَنَّاتُ أَلْحَـانَـا