عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 23-06-2009, 07:47 PM
الصورة الرمزية درة الأقصى
درة الأقصى درة الأقصى غير متصل
مشرفة ملتقى الأقصى الجريح
 
تاريخ التسجيل: Apr 2007
مكان الإقامة: في قلب الغالية فلســـــ ♥ القدس ♥ ـــــطين
الجنس :
المشاركات: 4,334
الدولة : Palestine
افتراضي رد: ..|| النقد ||.. في العصر الجاهلي .."تعريف" .."تفسير" ..

ويلاحظ أن غالبية هذه الآراء والأحكام تتسم بالبساطة والبعد عن التعليل ..


وهي في مجملها احكام عامة تعتمد على الذوق الفطري .. ويغلب عليها الطابع التأثري ..


فربما أطلق على شاعر .. أنه أشعر العرب ,, أو اشعر الناس .. أو أشعر الإنس والجن


لمجرد بيت واحد نظمه وأحسن القول فيه ..



ومثال ذلك ..


أن الحطيئة سُئل مرة : من أشعر العرب؟؟ فقال : الذي يقول :

( ومن يجعل المعروف دون عرضه *** يفره ومن لا يتَّقِ الشتمَ يُشْتَمِ )


ثم سئل: ثم من؟؟ قال: الذي يقول :

(من يسألِ الناسَ يحمِدوه *** وسائلُ اللهِ لا يخيبُ)


((يعني عبيد بن الأبرص))



ويروى عن لبيد بن أبي ربيعة قوله :

(( أشعر الناس ذو القروح .. يعني امرأ القيس ))


وكان ينصب للنابغة الذبياني قبة حمراء من أدم "أي جلد" بسوق عكاظ ..


فتأتيه الشعراء تعرض عليه أشعارها .. وممن عرض عليه شعره فأشاد به .. الأعشى والخنساء التي أنشدته قصيدتها في رثاء أخيها صخر فقال لها :
والله ما رأيت أنثى أشعر منك !! فقالت له : والله ولا رجلاُ !!


وأنشده حسان بن ثابت الأنصاري مفتخراً ..


لنا الجَفناتُ الغرُّ يلمعْنَ بالضًّحى *** وأسيافنا يَقطُرْنَ من نجدةٍ دما
ولَدْنا بني العنقاء وابنيْ محرِّق *** فأكرِم بنا خالاً وأكرِم بنا ابنما
$ الجفنات $ .. أوعية الطعام
$ الغر $ .. البيض .. لكثرة ما فيها من الشحم .. وكثرته دليل على الكرم ..
$ العنقاء $ .. جد الخزرج الأول ..
$ محرّق $ .. الحارث بن جبلة الغساني ..

فقال له الذبياني : (( أنت شاعر ولكنك أقللت جفانك وأسيافك .. وفخرت بمن ولدت . ولم تفخر بمن ولدك ))


وهو نقد سديد .. إذ يتناول الذبياني مسألتين : إحداهما لفظية والأخرى معنوية ..


أما اللفظية .. فإن حساناً لم يجمع الجفنات والأسياف جمعا يدل على الكثرة .. والعرب تستحب المبالغة في مثل هذا الموقف حين يفخر الشاعر بالكرم والشجاعة في قبيلته ..


أما المسألة المعنوية .. ففخره بمن ولدته نساؤهم !!
والعرب لا تفتخر بالأبناء .. وإنما تفخر بالآباء ..



وفي هذا كله ما يدل على أن النقد كان عرفا دارجا .. أو عادة مألوفة في الجاهلية ..
مما أسهم في نهضة الشعر ورقيه ..
وربما كان ذلك هو السبب في نزول القرآن الكريم على رسول الله -- صلى الله عليه وسلم – بصورته المعجزة المعروفة ..
فقد تحداهم على مالهم من بلاغة وفصاحة وبيان أن يأتوا بمثله ..
وكانوا حين يسمعونه يبهرهم جماله .. ويظهرون إعجابهم به في عبارات تدل على أنه كان لديهم ذوق راقٍ ..
وملكة مكَّنتهم من تحسُّسِ مواطن الجمال في الكلام الأدبي الرفيع ..
__________________
يا أقصى .. والله لن تهون

ترقبوا
.. العرس الفلسطيني الأكبر ..
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.76 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.14 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.18%)]