اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مسلمةl
ما هو الفرق بين (غير) و( إلا) في اللغة العربية؟
|
هذه مسألة شائكة عويصة، اختلف فيها حذاق اللغة، فيصعب على مثلي أن يعقد صلحًا بينهم، و لذلك فالذي يحق له النظر في المسألة يجب أن يكون لغوياً متخصصًا، و لست بذاك.
لكنني أتيت ببعض الفوائد و الأمثلة تشرح أظهر الأقوال:
أَصل "إلاَّ" الاستثناء، والصفةُ عارضةٌ،
وأصل "غير" صفةٌ والاستثناء عارضٌ
نفهم من هذه القاعدة أن الأداتين كليهما تنفعان صفة و استثناءً بشكل أصلي أو عارض.
إلا:
-قد يكون أصلها (إنْ لا): فهذه تعمل مثل "إن" و هذه تلي الأَفعال المُسْتَقْبَلَة فتجزمها،
كما في قوله عز وجل: {إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} (73) سورة الأنفال
- أَما "إلاَّ" التي هي أداة إستثناء:
تكون بمعنى (غَيْر، وسِوَى، ولَكِن، ولَمّا) و قد تكون بمعنى الاستثناء المَحْضِ: قال أبو العباس ثعلب:
إذا اسْتَثْنَيْتَ بـ "إلاَّ" من كلامٍ ليسَ في أَوّله جَحْدٌ فانصب ما بعد "إلا"،
وإذا استثنيت بها من كلام أَوّلُه جحدٌ فارفع ما بعدها،
وهذا أَكثر كلام العرب وعليه العمل، ومثاله:
قوله عز وجل: {...فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ...} (249) سورة البقرة، فنصبَ "قليلاً" لأَنه لا جحد في أَوّل الكلام،
وقال جل ثناؤه: {... مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ ...} (66) سورة النساء، فرفعَ "قليلٌ" لأن في أَوّل الكلام جحد.
وقد يُوصفُ بـ "إلاَّ" فإن وصَفْتَ بها جَعلْتَها وما بعدها في موضع "غير"، وأَتبعتَ الاسم بعدها ما قبله في الإعراب، فقلت: جاءني القومُ إلا زيدٌ، كقوله تعالى {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ...} (22) سورة الأنبياء ، وقال عمرو بن معديكرب:
وكلُّ أخٍ مُفارِقُه أَخُوه ... لَعَمْرُ أَبِيكَ إلاَّ الفَرْقدانِ
كأَنه قال غيرَ الفَرْقَدَيْنِ
غير:
وهي كلمة يوصف بها ويستثنى، وأصلها الوصف، فإِن وصفتَ بها أَتبعتها إِعراب ما قبلها، وإِن استثنيتَ بها أَعربتها بالإِعراب الذي يجب للاسم الواقع بعد "إلاَّ"
- وقد تكون بمعنى "لا" فتنصبها على الحال، كقوله تعالى: {... فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ ...} (173) سورة البقرة، كأَنه تعالى قال فمنِ اضطرّ خائفاً لا باغياً وكقوله تعالى {... غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ ...} (53) سورة الأحزاب.
وقال الفراء معنى "غير" معنى "لا" ولذلك رُدّت عليها "لا" كما تقول فلان غيرَ محسِن ولا مُجْمِل.
-"غير" تكون استثناء مثل قولك: هذا درهم غيرَ دانق، معناه إِلا دانقا
- وتكون "غير" اسماً، تقول مررت بغيرِك وهذا غيرُك، وفي التنزيل العزيز {... غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ ...} (7) سورة الفاتحة، خفضت "غير" لأَنها نعت للذين.
هذا ما استطعت انتقاءه، فالشروح كثيرة، و الآراء مختلفة، و الصداع هو النهاية، عافانا الله و إياكم.