قصة السقوط
وتعود بداية سقوط المدينتين تحت الإحتلال الأوربي النصراني إلى تضعضع إمارة بني الأحمر في غرناطة في القرن الخامس عشر الميلادي حين بدأ الخلاف يدب بين أمراء المسلمين في الأندلس \" وصاح فوق كل غصن ديك \" بتعبير لسان الدين بن الخطيب في وصف حالة هذا التهارج والإقتتال بين الأمراء ، فانتهز زعماء قشتالة - إسبانيا حاليا - والبرتغال الفرصة للقضاء على الوجود الإسلامي في هذه البقاع الإسلامية ، فيما سمي بحروب الإسترداد ،وكانت غرناطة آخر هذه القلاع التي سقطت عام 1492م . والمعروف تاريخيا أنه بعد سقوط الأندلس ، أطلق بابا الفاتيكان يد إسبانيا في الساحل المتوسطي للمغرب ، والبرتغال في الساحل الأطلسي. وعلى حين سقطت سبتة في يد البرتغاليين عام 1410م ، بقيت مليلية تقاوم جيوش الإسبان حتى سقطت عام 1497م ، في إطار خطة عامة للإسبان والبرتغاليين لمحاصرة أقاليم الغرب الإسلامي واحتلال أراضيه ، ومن تم تحويلها إلى النصرانية عملا بوصية الملكة \" إزابيلا \" الكاثوليكية المذهب ، والتي نصت على ضرورة قيام الكاثوليك بغزو بلاد المغرب وتحويل المسلمين المغاربة إلى الدين النصراني ، ورفع علم الصليب المسيحي عليه بدلا من أعلام الهلال الإسلامي. وظلت سبتة تحت الإحتلال البرتغالي في يد الإسبان عام 1735م ، فدخلت تحت التاج الإسباني ولم تخرج إلى اليوم .
وقد حاول المغاربة في القرون التالية لاحتلال المدينتين استعادتهما من قبضة الغزو الصليبي النصراني ، وكان أبرز هذه المحاولات محاولة المولى إسماعيل في القرن السادس عشر الميلادي ، حيث حاصر المسلمون في هذه الفترة مدينة سبتة ولم يقدر لهم أن يفتحوها ، وكذلك محاولة المولى محمد بن عبد الله عام 1774م لمحاصرة مدينة مليلية ، ولم يفلح المسلمون في تخليصها من يد الإسبان .وقد بذل سكان المدينتين من المسلمين جهودا كبيرة للتمرد على واقع الاحتلال في نهايات القرن الثامن عشر وبداية القرن العشرين ، وبين عامي 1921و1926م قاد البطل المغربي محمد بن عبد الكريم الخطابي ثورة ضد الإسبان في الشمال المغربي ، لكن إسبانيا تصدت لها بالتحالف مع دول أوربية أخرى بعد أن أشعلت ثورته شرارة الجهاد في المدينتين . وحاول الجنرال فرانكو دغدغة المشاعر القومية لسكان سبتة ومليلية لدعمه في حربه ضد حكومة الجبهة الشعبية ، إذ وعدهم بمنحهم الإستقلال إذا ما تولى السلطة في إسبانيا ، واستطاع بذلك تجنيد الآلاف منهم في الحرب الأهلية الإسبانية عام 1936م دون أن يفي بوعده لهم.
وهكذا ظل هذان الثغران المسلمان يدفعان الثمن باستمرار في كل مرة ، مرة لموقعهما الجغرافي على الواجهة بين أوربا وإفريقيا ، ومرة لوقوفهما مع الجنرال فرانكو ، وثالثة بسبب زحف المسلمين من سبتة نحو شبه الجزيرة الإيبيرية .
لم تنتهي الرواية
إبقوا معنا