
28-05-2025, 12:17 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 154,134
الدولة :
|
|
رد: الصوم ... والتأهيل الحضاري
الصوم ... والتأهيل الحضاري -4-
ماجد الدرويش
المواساة ... وآثارها الحضارية والمواساة المشاركة والمساهمة بالمعاش والرزق.
وقالوا في المواساة: أن ينزل غيره منزلة نفسه في النفع له والدفع عنه. والإيثار: أن يقدم غيره على نفسه فيهما، وهو النهاية في الأخوة.
وقالوا: المواساة: مشاركة نحو الأصدقاء والأقارب فيما بيده من نحو مال.
والحقيقة أن هناك عموم وخصوص من وجه بين المواساة والمشاركة، فالمواساة لا تكون إلا من كفاف. يعني تعطي غيرك مما أنت تحتاجه أصلا، ولكن لأنه أكثر حاجة منك شاركته بما معك، فتكون المواساة مشاركة أصحاب الحاجات مع الكفاف، وبهذا مدح النبي صلى الله عليه وسلم الأشعريين كما في حديث أَبِي مُوسَى الأشعري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا رَمَلُوا فِي الْغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ، جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوا بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي، وَأَنَا مِنْهُمْ).
وبهذا كانت المواساة أخص من مطلق المشاركة، التي يمكن أن تكون مع الكفاف ومع الكفاية، كما في إعطاء الفضل، ويدل عليه حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَتِهِ، قَالَ: فَجَعَلَ يَضْرِبُ يَمِينًا وَشِمَالًا، قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا ظَهْرَ لَهُ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ)، قال: فَذَكَرَ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ مَا ذَكَرَ حَتَّى رَأَيْنَا أَنْ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ منا في فضل. ( صحيح ابن حبان ).
فهذه المعاني من المواساة والمشاركة تحقق البعد الحضاري، وتعطي الإنسانية معانيها.
واليوم، مع ما نعيشه من ضيق وضنك، ندرك كم هذه المعاني مهمة في حياة الأمم، وكم هذه المعاني مهمة في تحقيق الأمن والاستقرار.
ولو استرسلت بالكلام فلن أنتهي لأن معاني العبادات من الصعب أن يحيط بها عقل إنسان، ولكننا يمكن أن نستخلص منها كيف أن الصوم يحقق الكثير من هذه المعاني الحضارية، ويساهم في الكفاية والأمن المجتمعي. وهل الحضارة إلا هذا؟ وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|