نحن قوم لا يبرم الامر بدوننا

[احمد مسلم]

نحن قوم لا يبرم الامر بدوننا

برغم كل أنواع الحصار الظالم على شعبنا والهادف إلى تركيعه وفرض أجندة معولمة عليه، وتحكيم ثلة خائنة في مصيره تأتي على ظهر دبابة، وبرغم إصرار فريق أوسلو على الذهاب إلى أنابوليس بأي ثمن على أن يكون متضمناً لحرب حماس، وهذا ما صرح به قادة هذا الفريق أكثر من مرة، فمرة يتحدث حماد مستشار عباس بأن فشل أنابوليس هو تشجيع للإرهاب والمقصود به قطعاً "حماس" ومن والاها، وتارة يطالب عبد ربه بتخليصنا من معضلة حماس والذهاب بأقصى سرعة إلى الحل النهائي!!..
وبرغم قيام رياض "اللامنصور" بفعلته الشنيعة الأخيرة وهي محاولة استصدار قرار في (الأمم المتحدة على الإثم والعدوان) يعتبر حركة جماهيرية عريقة منتخبة من قبل الشعب بأنها مجرد "مليشيا خارجة عن القانون" تماماً كما وصفها المدحور سابقاً بأنها مجرد "عصابة"!
وبرغم أن كثيراً من الأعداء وتُجّار القضية أصبحوا يرون في "الخريف" عامل إنقاذٍ لهم من كابوسٍ مزعج اسمه "حماس"، مع أن المُنَظِّر لهذا المؤتمر والقائم عليه وهما العدو الصهيوني والأمريكي لا يرون فيه مؤتمراً ذا جدوى سيما إذا علموا أن عمّالهم من الجانب الفلسطيني يقدسون جيوبهم!! ولذلك عمدوا إلى النزول بأنفسهم إلى شارع القضية بشخص دايتون لتنظيم مرور المؤامرات وتسهيل انسيابها إلى الشعب عبر قتل واعتقال المقاومين، والإشراف على الخطط الأمنية "الخيانية"!! تمهيداً لتطبيق خطة أوسلو"2" ولكن هذه المرة في الضفة وحدها، وأما غزة فلتمت تحت وطأة الحصار، وليمج شعبها "مليشيا حماس"!! وفي قانون "الغراب" الأمريكي كل شيءٍ جائز!
برغم كل هذه المؤامرات التي باتت أمراً حياتياً بل أساسياً كملح الطعام وسكر الشاي لفريق التنازلات، إلا أن حماس تقول بكل ثقة على لسان القيادي فيها الدكتور: محمود الزهار أن بعد شتاء العواصف سيزهر ربيع المقاومة، ذلك أن حماس لا يبرم الأمر بدونها، فهي الصخرة التي تكسرت وستتكسر عليها المؤامرات، لأنها حركة لم تكتسب شرعيتها فقط من صندوق الاقتراع، والذي أسماه البعض -رغم أنه نتيجة فاضحة لدندنتهم المزعجة- آنذاك: تسونامي، واليوم: انقلاب وإرهاب...! بل إن حماس اكتسبت شرعيتها قبل القانون من الدم الذي اختلط بأرضها الطيبة المباركة فأثمر وأينع كزرع أخرج شطأه فآزره، فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيط بهم الكفار...
حماس أيها الأشقياء لا يبرم الأمر بدونها، ولا تنفذ المخططات بعيداً عنها، ولا حلول نهائية دون دمغتها، فهي الجذر الأصيل غير المهجن لهذه القضية السامقة، وهي التي تمدها بالمعادن الطيبة... كيف لا وهي التي قدمت خيرة قادتها شهداء على الطريق الطويل، كيف لا وهي التي سجن أبطالها ومفكروها ومجاهدوها ضريبة لحياة العزة والكرامة ولحظة التحرير الوطني المشرف غير المستجدى من شرق أو غرب..
هل تريدون أن تقتلعوا حماس؟! أم أوحى إليكم ربكم الأعلى "بوش" أن بمؤتمركم القادم ستزهر فلسطين بالرياحين والورود، وستقفل أبواب الدبابات وتدفن، وستصادر الطائرات وتغرق في البحار؟! وبالتالي فسيفشل مشروع حماس المقاوم!
هلا أتيتم لنا بدليل واحدٍ على صدق وعود أمريكا والصهاينة؟! أم أنكم تقرأون في تجاعيد سرطان بروستاتا أولمرت ملامح نصر مؤزر ودولة هانئة على غرار سنغافورة؟! عجباً..!
إن إبرام الاتفاقيات والتنازلات المزمنة مهما كان شكله سواءً كان لقاءً في رام الله أو في تل الربيع أوفي أنابوليس وسواء قال عنه عريقات أنه "معمق وجدي وفي الصميم" أو لم يقل، فلن يكون له أي قيمة دون الرجوع إلى حماة القضية الذين لم يضعوا السلاح، ولم يرفعوا الراية البيضاء، فضربة صاروخ على مدينة المجدل المحتلة كفيلة ببعثرة أوراق جميع "بهاليل" الأرض ولو اجتمعوا على كلمة واحدة في لقاء واحد ولو صيغت كل بيانات الزور واتهامات الباطل، ولو وصفت المقاومة بالإرهاب، فالأمر لا يبرم مع الصغار، بل مع سادة القوم وعليتهم.. أسمعتم؟!
وهو الأمر الذي يعرفه الصهاينة والأمريكان جيداً، وإنما أرادوا من المؤتمر القادم صورةً تطبيعيةً تجعل القرارات الأمريكية والإسرائيلية الإجرامية بحق المقاومة فيما بعد لاسيما في قطاع غزة مشرعنةً إسلامياً وعربياً كما حدث مع العراق قبل ذلك..! وهو ما يلمح به الصهاينة الآن من أن الاجتياح الكاسح لقطاع غزة سيكون بعد لقاء الخريف! وهو الموت المحتوم لهم بإذن الله..
إنها الحقيقة التي يتجاهلها كثير من أهل الشقاوة، و يستغشون ثيابهم كي لا يسمعوها! وهي أن "المقاومة" المرادفة لاسم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" من تمتلك خيوط اللعبة، وباستطاعتها قلب كل الطاولات على رؤوس أصحابها، فصدور المجالس والقرارات ليس إلا لها، ومن أراد تسوية فليرجع إلى أهل الحل والعقد والتسوية معلومة عندهم بالسيف، فالحق يعلو ولا يعلى عليه، والمجد لا يلحق بالمهجنين، بل يركع للمجاهدين الذين ضحوا بالغالي والنفيس، فهم أهله وعلى عرشه يتربعون، أما اللاهون السامدون اللاحقون التابعون فهم على تضاد وعداء مع كل مرادف للمجد من الأقوال والأفعال..

والمجدُ مرٌّ طَعْمُه لا تحسبنَّ المجْدَ تمرَا
وإِذا كسِلْتَ عن العُلا فانشط لها صَهْباءَ بكْرَا
فنقول لكل من أراد أن ينأى بقراراته عن حماس، ولمن أراد أن يذهب إلى الحل النهائي بسرعة! قولة الأعرابي صاحب الأنفة والعزة والكرامة حين أراد أن يعرِّف عن قومهُ: " نحن قوم لا يبرم الأمر بدوننا...

منقول