|
|
ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم قسم يختص بالمقاطعة والرد على اى شبهة موجهة الى الاسلام والمسلمين |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
من فتوح الباري على فتية الكهف
من فتوح الباري على فتية الكهف عبدالرحمن محمد أحمد الحطامي ﴿ إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ﴾ [الكهف: 10]. ١- الخوف على النفس من ضياع الدين، وفوات الرشد من الأمر وقت اشتداد الفتن، يستوجب الإيواء الإيماني في طلب الرحمة من الله تعالى، وتفويضه سبحانه في إرشادهم. ٢- كما يستوجب الإيواء المكاني والزمني، وفيه تضمين للصبر والمصابرة؛ ولذلك استغاثوا فقالوا: ﴿ رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ﴾. ٣- الدعاء والاستغاثة بالله تعالى هو سلاح المؤمن الذي لا يستغني عنه في كل أحواله وأوضاعه، في قوَّتِه وضعفه، وفقره وغِناه، وأمْنِه وخوفه. ٤- طلبُ الرحمة والرشد من الله يُعبِّرُ عن رشدهم وقوة إيمانهم ورحمة الله بهم أن وفَّقهم لتبرئة أنفسهم وافتقارهم لله وحده، وهذا من تمام وكمال التوحيد الذي كانوا عليه. ٥- طلبُ الرحمةِ والرشد في الأمور بداية الدعاء وبداية الأعمال المشروعة مُستحب، ولعلَّها من موجبات استجابة الدعاء. ﴿ فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا ﴾ [الكهف: 11]، جاءت الإجابة فوريَّة ﴿ فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ ﴾؛ أي: أنمناهم سنين عديدة، ﴿ عَلَى آذَانِهِمْ ﴾؛ لأنها أداةُ السَّمْع، فجعلهم نيامًا لا تعمل أسماعهم؛ ليخلُدُوا في نومهم الطويل فلا يُوقِظُهُمْ شيء، وهُنَا الدَّرسُ أن الله تعالى سريعُ الإجابة لمن آوى إليه ودعاه وفوَّضَ أمْرَهُ وحالَهُ لربِّه ﴿ رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ﴾. ﴿ ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا ﴾ [الكهف: 12]، بعد سنين من النوم الطويل بعثَهم الله سبحانه؛ أي: أيقظهم من نومهم، وجاءت لفظة البعث؛ لطول فترة نومهم وتشبُّهِهم بالموتى حال نومتهم. وحتىٰ يُظهر الله ضعف البشر وعجزهم أيقظَ الفتيةَ ليعلمَ المتنازعون في الله كم لبثوا نيامًا وهل يُقَدِّرُونَ تحديدًا كم لبثوا؟! ﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ﴾ [الكهف: 13]، ومع ما نالهم من الكرامات الربانية يشهد الله لهم بالإيمان، ويفيضُ عليهم هُداهُ لهم زيادة، لك ولأمتك قصَصْنا عليكم نبأ هؤلاء الفتية المؤمنة الذين تجردوا لله ربهم عن كل شيء؛ حفاظًا على دينهم وتوحيد ربهم. ﴿ وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ﴾ [الكهف: 14] ربط الثقةِ به وربط الطُّمَأْنينة وربط الثباتِ، والشُّعُور بواجبِ القيامِ ببلاغِ التوحيدِ، وإفراد الله بالعبوديةِ ونَبذ الشرك، وغيرُ ذلكَ إنَّما هو عبثٌ وباطلٌ وظُلْم. ﴿ هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴾ [الكهف: 15]، ومن البلاغ التصريحُ والتبرؤ من شركِ قومهم، وتقديمُ البراهينِ التي تدحض افتراءهم على اللهِ بالشركِ، وأنَّهُ ظلمٌ وكذب. ﴿ وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا ﴾ [الكهف: 16]، إنه البُعْد ومُجافاة قومهم والتنحي عنهم لمَّا عبدوا غير الله تعالى وأرادوا فتنتهم عن عقيدتهم وتوحيدهم، وفضلوا الارتحال عنهم، ليتخذوا من الكهف مأوًى لهم؛ فكافأهم الله في نشر رحمته بهم ولهم ما داموا قيامًا على توحيدهم لربهم، وتُوحي لفظة النشر بالبسط والتوسعة والبركة والنماء، ومع نشر رحمته بهم وعدهم أن يجعل حياتهم ومعيشتهم وأمرهم مهيَّأةً ميسورةً يتجلَّى رِفْقُ اللهِ بهم ولهم كما تُوحي لفظة ﴿ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ ﴾ ولفظة ﴿ مِرْفَقًا ﴾ إلى الوُدِّ والرأفة، واللطف واليُسْر واللين. هكذا يكونُ شأن المؤمن الفتي فيما يتعلقُ بعقيدته ودينه، وهكذا يُجازي اللهُ بالإكرام والفَضْل والتفضيل من استوجب ذلك، فللهِ دَرُّهُم من فتيةٍ آمنوا بربِّهم، وزادهم ربُّهم هُدًى. ﴿ وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا ﴾ [الكهف: 17]، بعد أن ضرب الله على آذانهم فناموا تكفَّل الله تعالى برعايتهم حتى من حرارة الشمس، فكأنك تراهم وهم نيام تميلُ عنهم الشمس حال طلوعها؛ لِئلا تُؤذيهم بِحَرِّها وتُجاوزهم حال غروبها، وجاء التعبير ﴿ وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ ﴾؛ لأن طلوع الشمس وهو سطوعها تُلفتُ الرائي والمُشاهد حال ازْوِرارِها عن الكهف إلى رعاية الله وعنايته وقُدرته المُطلقة، وجاء التعبير وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ}؛ لأن الغروب للشمس يعني ذهابها وانقطاع ضوئها ﴿ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْه ﴾؛ أي: داخل الكهف، وذات اليمين وذات الشمال وطلوع الشمس وازورارها مع انقراضها حال غروبها آيات الله الظاهرة الجلِيَّة التي يهتدي بها وبمثلها من أراد الله له الهداية والرعاية، ومن هداهُ الله فلا مُضِلَّ له، ومن أضَلَّهُ الله فلا هاديَ له، ولن تجدَ لهُ مُناصرًا ولا واعظًا أو مُناصِحًا. هذه الخُلاصة الهامة لمسيرة الفتية المؤمنة المهتدية بهداية الله المسترشدة بوحدانية الله التي آوت واعتزلت مجتمع الشرك إلى كهف تجاوزوا فيه دنياهم وشهواتهم ورغباتهم وأهواءهم، فاكتنفتهم رحمات الله وهيَّأ لهم من أمرهم رشدًا ومرفقًا.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |